Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطابات ألغيت... لو كانت ألقيت لغيرت وجه التاريخ

كاتب خطابات بايدن ينشر عدداً من مسودات خطابات الرؤساء وغيرهم

الرئيس الأميركي جون إف كينيدي (الموسوعة البريطانية)

يصدر قريباً كتاب "لم تُقل... الخطب التي لم يسمع بها أحد وكان يمكن أن تعيد كتابة التاريخ" لكاتب الخطابات الديمقراطي المخضرم جيف نوسباوم الذي ترك البيت الأبيض الشهر الماضي. عمل نوسباوم أيضاً مساعداً لنائب الرئيس الأسبق آل غور. يأتي صدور الكتاب في وقت حولت فيه الحرب الروسية في أوكرانيا اهتمام العالم نحو القضايا الجيوسياسية والديمقراطية وخطر الأسلحة النووية.

لذا، فأهمية الخطابات العشرين التي أعدت ولم يلقها أصحابها قد تمثل سياقاً أوسع للوضع الراهن. فكلها خطابات كانت في لحظات تاريخية مهمة وكانت بمثابة قرارات سياسية وعسكرية في غاية الخطورة. وخلاصة ما يمكن استنتاجه من الكتاب أن التاريخ في الأغلب غير قابل للتوقع ولا يصبح كذلك إلا بعد أن تقع الأحداث.

ولأن نوسباوم مولع بالتاريخ، فإن كتابه الذي يضم مسودات نحو 20 خطاباً سياسياً رفيعاً لم ترَ النور يطرح ضمنياً التساؤل "ماذا لو؟". فهو يدعو قارئ كتابه إلى التفكير في شكل مسار الأحداث، وبالتالي التاريخ، لو أن تلك الخطابات كانت ألقيت بالفعل. فمنها خطاب كان سيعلن فيه جون أف كينيدي عام 1962 قصفاً مكثفاً على كوبا كان يمكن أن يؤدي إلى حرب نووية في العالم، وخطاب آخر كان سيحمل اعتذار الجنرال دوايت أيزنهاور عن فشل العملية الأميركية في الحرب العالمية الثانية عام 1944.

حرب نووية

ربما أهم تلك الخطابات ذلك الذي كان سيلقيه الرئيس الأميركي جون أف كينيدي عام 1962. أعد الخطاب كاتب خطابات كينيدي تيد سورينسين وهو معروف بأنه من دعاة السلم وضد الحرب. لكنه في النهاية كان من أعد خطاب شن الغارات الجوية والقصف على كوبا. ويستطرد نوسباوم في محاولة تصور ماذا كان سيحدث لو ألقى كينيدي الخطاب الذي كتبه سورينسين.

لو أن كينيدي استجاب لصقور الحرب في إدارته وأعلن الحرب في خطابه بدلاً من الحظر البحري على السفن الروسية، كي لا تصل إلى كوبا كانت النتيجة انطلاق هجوم من 800 صلية تقصف مواقع الصواريخ النووية السوفياتية في كوبا.

تضمن مسودة خطاب الحرب فراغات بيضاء "يتم ملؤها بتفاصيل التقارير الأولية للعمليات". ويقول مؤلف الكتاب إن تلك الفراغات "كانت ستتضمن وصفاً للمعركة، ومدى ونطاق التدمير ورد فعل الاتحاد السوفياتي على القصف وعدد القتلى وتقديم التعازي والتعاطف مع أرواح الضحايا. ويصف نوسباوم الخطاب الذي لم يلقه كينيدي بأنه شبيه بما يمكن وصفه (رسالة انتحار البشرية)".

يتضمن الكتاب أيضاً ترجمة إنجليزية لخطاب الإمبراطور الياباني هيرو هيتو الذي كان سيعرب فيه عن اعتذاره بعد الحرب العالمية الثانية. وكذلك نسخة من خطاب للرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون كان سيعلن فيه أنه يرفض الاستقالة – بعد فضيحة ووترغيت الشهيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا لو؟

من بين الخطابات التي لم يلقها أصحابها أيضاً، وتندرج تحت سؤال "ماذا لو؟" خطاب الفوز الذي أعد لمرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016 هيلاري كلينتون. طبعاً فاز الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب ولم تلقِ كلينتون خطاب الفوز، لكن كيف كانت ستنهيه؟

يقول جيف نوسباوم إن هيلاري كلينتون كانت ستنهي خطابها الملغى بحوار مع والدتها. كانت ستقول "على الرغم من أنه قد يكون من الصعب تخيل الأمر، فابنتك كبرت وأصبحت رئيسة الولايات المتحدة الأميركية".

من الخطابات التي كان يمكن أن تغير مسار الأحداث التاريخية أيضاً خطاب المناضل الأميركي ضد العنصرية تجاه السود جون لويس، الذي كان يبلغ من العمر 23 سنة في أغسطس (آب) 1963 وكان سيرفض فيه المبادرة التي أصبحت في العام التالي قانون الحقوق المدنية لعام 1964. كان مقرراً أن يلقي الخطاب قبل دقائق من خطاب الدكتور مارتن لوثر كينغ الشهير الذي صك فيه عبارة "لديَّ حلم". وكان لويس سيصف المبادرة بأنها "أقل القليل الذي جاء متأخراً جداً".

هدد أسقف واشنطن باتريك أو بويل بسحب دعمه للحركة إذا استخدم جون لويس تلك اللهجة العدائية. وتدخل مارتن لوثر كينغ أيضاً ليحذف لويس الكثير من خطابه ويعدل لهجته لتصبح معتدلة.

يتضح من ثنايا الكتاب ليس فقط أهمية القرارات السياسية والعسكرية التي تتخذ في لحظة تاريخية محددة، وإنما أيضاً لغة الخطاب السياسي بشكل عام. ولأن مؤلف الكتاب هو كاتب خطابات أساساً فهو يدرك أهمية التفاصيل ودلالاتها وكيف يمكن لكلمة أن تغير مجرى الأحداث في ما بعد.

المزيد من تقارير