Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تشيرنيهيف... مدينة أوكرانية قاومت ببسالة بحاجة ماسة للمساعدة

قُتِلَ مئات المدنيين في المدينة ويُعتقد أن مزيداً من الضحايا مدفونون تحت أنقاض المباني المدمرة، فيما تعيش أسرهم أجواء حداد على أحبائها، يتساءل كثيرون عما سيحصل الآن؟

واجهت تشيرنيهيف أسابيعاً من القصف المتواصل (كيم سنغوبتا)

شوهدت أوكسانا برين تبكي بصمت بينما كانت تستخرج جثة والدها من تحت تراب حديقة منزله. وفيما سارع أحد الجيران إلى إجلاء عائلتها من المنزل بعد العثور في إحدى غرف النوم على قنبلة لم تنفجر، راح جار آخر يحدق في مبنى مدمر كان في ما مضى يسميه منزلاً، متسائلاً كيف نجا هو من القصف على الرغم من تعرض والدته لإصابة بالغة.

هذا هو المشهد في قرية نوفوسيليفكا الأوكرانية بعد أسابيع من القتال والاحتلال على يد القوات الروسية. تحولت معظم القرية إلى خربة، وتُشاهد أكوام كبيرة من الركام والحجارة المحطمة والأخشاب والزجاج على الطرق المليئة بالحفر باتت أشبه بكهوف نتيجة تساقط القنابل الضخمة. وتقع القرية خارج مدينة تشيرنيهيف، وتبعد نحو 45 ميلاً (73 كيلومترا) عن الحدود مع بيلاروس، وتُمثل موقعاً استراتيجياً رئيساً يريد الكرملين السيطرة عليه لتأمين خطوط الإمداد لقواته، والتحضير لإطلاق هجوم شامل على العاصمة الأوكرانية كييف، التي تبعد نحو 91 ميلاً (147 كيلومترا) إلى الجنوب.

وقد تمكنت مدينة تشيرنيهيف المحاصرة والمقصوفة من الصمود، وعادت الآن إلى الحضن الأوكراني، في إشارة قوية إلى أن خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفترضة والهادفة إلى "دق عنق" البلاد - من خلال الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية وإطاحة حكومة فولوديمير زيلينسكي - قد فشلت. لكن تشيرنيهيف، العاصمة الإقليمية التي تم فصلها عن أنحاء البلاد حتى الآن، دفعت ثمناً باهظاً للغاية بسبب المقاومة التي أبدتها. وتشير تقديرات إلى أن نحو 550 مدنياً قد قضوا فيها، فيما يُعتقد أن مئات آخرين دفنوا تحت الأنقاض.

هدم نحو 70 في المئة من المدينة، بما فيها من إرث تاريخي وديني عظيم، وذلك بعد أيام وليال من القصف المتواصل. وقد هرب أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 290 ألفاً، مع تواصل الهجمات بلا هوادة، وقطع الكهرباء والمياه عن المنازل، وتضاؤل مخزون المواد الغذائية.

دمر القصف أيضاً عدداً من الكنائس، إحداها كانت تُستخدم كمأوى للمدنيين، استهدفتها غارات جوية روسية، فيما دكت قوات أوكرانية كنيسةً أخرى، مدعيةً أن الروس كانوا يستخدمونها قاعدةً عسكرية. لكن كاتدرائيتين مشهورتين هما "كاتدرائية التجلي" Cathedral of the Transfiguration وكاتدرائية القديسة كاترينا"St Catherine’s Cathedral ، نجتا من التعرض للأضرار.

مكن قرب المدينة وجود هذه المدينة الأوكرانية بالقرب من مهبط  بيلاروسي للطائرات، أسهم في تمكين القوات الروسية من شن غارات جوية عليها بوتيرة قاتلة - وهو أمر لم تقوَ على القيام به في العمق الأوكراني، بسبب فاعلية الدفاعات الجوية الأوكرانية، التي أسقطت عدداً كبيراً من الطائرات الروسية.


نتج العدد الكبير من الإصابات والوفيات، بسبب استخدام أسلحة جوية غير موجهة، على غرار الدمار الذي أحدثته صراعات أخرى خاضها الكرملين - منها الحرب في سوريا. وشكلت مذبحة حصدت في الثالث من مارس (آذار) 47 شخصاً كانوا متجمعين في الساحة المركزية للمدينة، أحد الأمثلة على القتل في تشيرنيهيف، عندما سقطت عليهم 8 "قنابل طائشة". وكانت هناك مزاعم عدة بأن الروس استخدموا ذخائر عنقودية - وهي عبارة عن قنابل صغيرة تهوي من الجو من على الأرض، وتظل متماسكة في الهواء لتنفجر لحظة ملامستها الأرض وتتطاير شظاياها. وقد كشف أطباء في مستشفيات محلية عن قطع معدنية منشطرة وحادة، اخترقت أجساد الضحايا من مسافة قريبة.

شبه رئيس بلدية تشيرنيهيف فلاديسلاف أتروشينكو ما حصل في مدينته بأحداث وقعت في مكانين آخرين أصبحا مرادفين لوحشية وأسى هذه الحرب. وقال إن "مدينتنا باتت تشبه مدينتي بوتشا وماريوبول. فالمواطنون هنا يتساءلون عما إذا كانوا سيبقون على قيد الحياة حتى اليوم التالي ... لقد عانى كثير من الناس هنا".

تحاول أوكسانا برين السيطرة على حزنها الشخصي في قريتها نوفوسيليفكا. فقد قتل والدها بترو كاسينوك البالغ من العمر 63 سنة في منزله في غارة جوية قبل أسبوعين. وكانت الهجمات في ذلك الوقت من الشراسة، حيث كان من المستحيل نقل جثمانه لدفنه في مقبرة تبعد نحو 400 متر. بدلاً من ذلك، تم دفنه على عجل، في حديقة المنزل.

يوم الأربعاء، جاء مسؤولون من المجلس المحلي في المدينة إلى منزل كاسينوك نصف المهدم ليأخذوا جثمان السيد كاسينوك بعيداً لإعادة دفنه. سيتم دفنه في الجزء المدني من مقبرة القرية. وكان الجنود الروس قد عبروا بدباباتهم فوق القسم العسكري للمقبرة وجرفوه، مما جعله يبدو كأنه حقل محروث مليء بالتوابيت وبشواهد القبور المحطمة.

وتقول السيدة برين بعينين دامعتين مستذكرةً والدها: "كان رجلاً مسناً شديد العناد. توسلتُ إليه مراراً أن يغادر إلى مكان أكثر أماناً، لكنه رفض المغادرة، وناشدته أن ينتقل للعيش معي كي أتمكن على الأقل من رعايته والاطمئنان عليه. كان منزلي هناك، لكنه لم يوافق على ذلك أيضاً".

 "لكن منزلي تعرض للقصف في نهاية المطاف. واضطُررت للاختباء في الطابق السفلي مع ابنتي البالغة من العمر 6 سنوات، بينما احترق منزلنا فوقنا". وأضافت وهي تتنهد باكية تارةً وضاحكة تارةً أخرى: "يمكنني أن أتخيل وابل الشتائم الذي كان سيصبه عليه والدي، لو أذعن إلي وانتقل للمكوث في منزلي، ثم حدث التفجير".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على مسافة أبعد بقليل من المكان، سوت القنابل منزل أنطون رايزيك بالأرض، في سلسلة الضربات الصاروخية المكثفة نفسها، قبل أن تباشر القوات الروسية تقدمها. كان هذا المواطن الأوكراني جالساً مع والدته عندما تم قصف المبنى الكبير الذي يحتوي على عدد من الشقق، حوالى الساعة الثامنة مساء.

نجا السيد رايزيك ابن الثلاث والثلاثين سنة من إصابات طفيفة. لكن والدته سفيتلانا البالغة من العمر 64 سنة، أصيبت بجروح خطيرة، وقد تم إجلاؤها عن المحلة، ونُقلت إلى مستشفى في بلدة نايزين القريبة، حيث خضعت لجراحة طارئة.

ويشير الرجل المنكوب إلى الركام قائلاً: "كان منزلنا في مكان ما هناك. انهال القصف علينا من طائرتين. كان يمكننا سماع هديرهما وهما في طريقهما نحونا. ألقت المقاتلتان قنبلتين، ومن ثم غيرتا مسارهما وحلقتا بعيداً ثم عادتا وألقتا بقنبلتين أخريين. أتذكر أن وهجهما قذف بي في الهواء، لكن بعد الغارة بقليل".

ويتساءل ريزيك قائلاً: "لماذا قاموا بذلك؟ لا أدري، ربما اعتقدوا أن جنوداً أوكرانيين كانوا موجودين في المكان - كان يدور بالتأكيد كثير من النشاط العسكري هنا - أو أنهم ببساطة لم يكونوا يعبأون كثيراً بمن يقتلون".

على بعد منزلين، استنجدت ليليانا روهوفا بالشرطة وبالجيش وبدائرة الإطفاء، لا بل لجأت حتى إلى هيئة الصرف الصحي، لمعرفة ما هي الإجراءات الواجب اتباعها مع وجود قنبلة لم تنفجر، عثرت عليها في غرفة نومها. كان من الصعب اكتشافها تحت كومة الملابس المتكدسة فوقها، لو لم تلحظ ذيل سدادتها متدلياً من أسفل معطفها.

السيدة روهوفا البالغة من العمر 43 سنة، كانت قد نزحت برفقة زوجها أوليكسي وعائلتهما، بعيداً من قرية نوفوسيليفكا، بعد سلسلة من الهجمات الأولية التي تعرضت لها. وتوجه الجميع معاً إلى كوخ يملكونه في بتروشان، وهي إحدى القرى الأخرى في المنطقة. لكن الجنود الروس استولوا لاحقاً على بتروشان أيضاً. وتعلق روهوفا: "في البداية كانوا يعاملوننا بشكل جيد. لكن عندما تفاقمت الأمور بالنسبة إليهم، أخذوا يشتبهون بالجميع ويعتبرونهم جواسيس، وبدأوا باعتقال الناس وضربهم من دون سبب، وترحيلهم بعيداً بحيث لم نعد نراهم أبداً".

وتقول عائلة روهوفا إن أفرادها ظلوا في بتروشان متوارين عن الأنظار قدر الإمكان، قبل عودتهم إلى نوفوسيليفكا، وذلك بعدما استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها.

وتعلق بالقول: "انظروا ما وجدناه. منزل مهدم قضينا 23 عاماً من حياتنا في بنائه، وقنبلة في داخله. سنمكث لدى أقارب لنا في الوقت الراهن. وتتساءل قائلة: "هل يجب أن نعاود بناءه من جديد؟ لكن ما الذي يضمن ألا يعود الروس؟ فهم ما زالوا قريبين جداً. ماذا سيحدث إذا عادوا؟".

لا يساور السيد رايزيك أي شك حيال ما يمكن أن تقوم به القوات الروسية، فهو على يقين من أن "الروس لن يغيروا نهجهم السابق. وهم لم يتوانوا عن إطلاق النار على أشخاص تحت أعذار واهية، ككسر حظر التجوال. ويرى أنهم "كانوا من الوحشية بمكان، إلى درجة أنهم تملكهم الغضب لاضطرارهم إلى المغادرة". وأردف قائلاً: "إلا أننا لن نسمح لهم بالعودة - بدءاً من قوى الجيش، مروراً بوحدات المتطوعين، ووصولاً إلى شعب تشيرنيهيف".

عامل البناء، رايزيك، لا يحمل إلا بندقية صيد. كان لديه سلاح شبه أوتوماتيكي من طراز AK-47، لكنه دُمر في الانفجار. وهو ينتظر، كما يقول، الحصول على سلاح بديل، استعداداً لخوض الجولة المقبلة من القتال.

أما السيد أتروشينكو رئيس البلدية، فيشعر من جانبه بفخر من الدور الذي اضطلع به شعب تشيرنيهيف في مقاومة الاعتداءات الروسية، والصمود الكبير الذي تخطى حدود حماية المدينة، ليشمل توجيه ضربة كبيرة إلى خطة موسكو للاستيلاء على العاصمة الأوكرانية. لكنه يدعو إلى اعتماد الحذر في شأن الافتراض أن الخطر بات ضرباً من الماضي.

ويرى أن "التمكن من النجاة هو إنجاز كبير بحد ذاته". غير أنه يتابع متسائلاً عما قد يحدث بعد ذلك، وما إذا كان لدى الروس نية بشن هجوم آخر، فهم "ما زالوا موجودين في بيلاروس بأعداد كبيرة للغاية". ويتساءل: "هل ستستمر يا ترى الغارات الجوية؟".

وكان رئيس بلدية المدينة قد ناشد مراراً الرئيس فولوديمير زيلينسكي عدم المضي قدماً في اقتراحه الذي يقضي بتبادل طيارين أسرى من الروس مع أسرى الحرب الأوكرانيين، وقال في بيان توجه به إليه: "من فضلك، لا تستعجل مبادلة أولئك الحثالة من الطيارين العسكريين الحمقى. إنهم كانوا يدمرون السكان المدنيين وسكان تشيرنيهيف في وضح النهار، وعلى ارتفاعات منخفضة. لا ضرورة للاستعجال في تبادل أولئك الأوغاد. إن دفاعاتنا الجوية ما زالت قائمة، لكننا ما زلنا جميعاً في دائرة الخطر".

ويبدو أن السيد أتروشينكو يدرك تماماً المخاطر المحدقة به. فهو يعتقد أن الروس حاولوا اغتياله. وقد وجهوا نحوه صاروخين أثناء عمله في مكتبه، ما أدى إلى تحطم النوافذ وتطاير شظايا الزجاج في مختلف أرجاء الغرفة، بينما كان يحاول النجاة بنفسه منبطحاً على الأرض.

وقد لا يكون هذا السيناريو مستبعداً، فقد استهدف الروس عدداً كبيراً من المسؤولين المحليين في أوكرانيا، وقُتل بعضهم، فيما اختُطف آخرون ولم يعد لهم من أثر. ومن بين الجثث التي عُثر عليها في مقابر جماعية بالقرب من قرية بوتشا في وقت سابق من الأسبوع، ظهر جثمان أولغا سوخينكو عمدة بلدة موتزين المجاورة، إضافةً إلى جثتي زوجها وابنها. وكانت أصابعها وذراعاها محطمة، كما أكد عمدة بلدة كوبيليف المتاخمة.

إلى ذلك، تم العثور على عدد من مقابر المدنيين في المناطق المحيطة ببلدة تشيرنيهيف، التي كانت تحت الاحتلال، فيما نُقلت جثث نحو 20 جندياً روسياً إلى المشرحة الرئيسة يوم الثلاثاء. وتم إنشاء مساحة لدفن تلك الجثث من خلال حشر 65 آخرين في خندق في بداية الأسبوع.

يشبه الموظفون في مستشفيات تشيرنيهيف الثلاثة الوضع بعاصفة كاملة أتت على مدينتهم منذ بدء الحرب في الرابع والعشرين من فبراير (شباط). كان الضحايا من مدنيين وعسكريين يتدفقون بأعداد كبيرة كل ساعة، سواء بواسطة سيارات الإسعاف، أو الحافلات، أو السيارات الخاصة، إضافة إلى مصابين كانوا يصلون محمولين. وكان على الأطباء إجراء عمليات جراحية كبيرة من دون كهرباء أو ماء، إلى حين وصول متطوعين وإحضارهم مولدات كهربائية.

استقبل المستشفى الإقليمي الرئيس في تشيرنيهيف عدداً من المرضى يفوق العدد الذي استقبله المستشفيان الآخران مجتمعَين. وكان الطبيبان أوليه لوزان وسفيتيسلاف بافلينكو - وكلاهما رئيس قسم - من العاملين الطبيين الذين كانوا يعيشون في المستشفى منذ ذلك الحين، ولم يكن يتسنى لهم النوم أكثر من ساعات قليلة كل ليلة.

لم يُفاجأ الدكتور لوزان باندلاع الحرب. وقال "لقد تلقينا تحذيرات من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومن دول أخرى بأنها ستقع. أعلم أن هناك أشخاصاً لم يصدقوا ذلك، لكنني أعتقد أن الناس لا يميلون عادةً إلى التفكير بأن الأمور السيئة يمكن أن تحدث".

وأضاف الطبيب: "ما فاجأني هو مدى عشوائية الهجمات وعدد المدنيين الذين كان علينا التعامل معهم. كان كثير من الجرحى يعانون من إصابات بالغة، بينما تُوفي كثير منهم".

أنطونينا بادنيك إحدى المصابات في المستشفى، فقدت ساقها وقد تخسر البصر بإحدى عينيها. يقع منزلها في قطاع ياتسيفا، حيث تعيش مع والدتها البالغة من العمر 80 سنة، وقد تعرضت تلك المنطقة للقصف في الثاني والعشرين من مارس (آذار) الفائت.
 

 

وتقول في وصف ذلك اليوم: "هرعنا إلى قبو المنزل عندما دوى ذاك الانفجار الضخم واهتز كل شيء من حولنا. أخذتُ أشعر بألم في مختلف أنحاء جسمي، وبدأ الدم يسيل مني، كنتُ شديدة القلق على نفسي، لكنني كنت قلقةً أيضاً على والدتي".

تمكنت السيدة بادنيك من أن تجر نفسها وأمها التي تُدعى هي أيضاً أنطونينا، إلى خارج المنزل. عثر عليهما جنود أوكرانيون، وعملوا على تقديم ما أمكن من المساعدة الطبية الطارئة لهما، وطلبوا سيارة إسعاف لأخذ المرأتين إلى المستشفى. لكن حصل فجأة إطلاق نار، فتُركت الأم وابنتها على الرصيف خلف أحد الجدران، في وقت اتخذ فيه الجنود وضعية تتيح لهم الرد على النيران والتعامل معها.

وتضيف السيدة بادنيك: "أعطيتُ حقنةً مسكنة، وكنتُ أفقد وعيي من وقت إلى آخر. كنتُ اسمع أزيز الرصاص من حولي، وخلتُ نفسي أشاهد أحد أفلام الأكشن، أو ربما كان يراودني حلم. توقف القتال بعد فترة من الوقت. فقاموا بنقلي أنا ووالدتي إلى المستشفى في سيارة. صحيح أنني تعرضتُ لهذه الإصابات، لكن الأطباء والممرضات أنقذوا حياتي، ومنحوني فرصةً لأعيش ما تبقى من حياتي".

 أحضرأوليكسي كاليك البالغ من العمر 70 سنة إلى المستشفى في الوقت المناسب. وكان قد أصيب بجروح في صدره في الخامس عشر من مارس أثناء القصف في قطاع رويش وهي منطقة أخرى وقعت في أيدي القوات الروسية. بقي في منزله بلا علاج طبي أياماً عدة، إلى حين استعادت قوات أوكرانية المنطقة.

ويقول في هذا الإطار: "عندما كان الجنود الروس هنا، لم يكن الخروج آمناً حتى عند إصابة أحد ما. فقد كانوا يسارعون إلى فتح النار وكنتُ خائفاً. قلتُ في نفسي، إنني عجوز، وأفضل أن أموت في منزلي بدلاً من التعرض للنار والوفاة على قارعة الطريق. لكن بعد ذلك غادر الروس، والحمد في ذلك لله".

لم يكن لدى الدكتور لوزان شك في أن السيد كاليك حصل على مساعدة طبية في الوقت المناسب. ويقول في هذا الإطار: "في حالته، أخشى أن الأمور كانت ستؤول إلى الأسوأ لو تُرك في المنزل. نحن نتوقع أن يأتي إلينا آخرون مثله من المناطق المحتلة، بالتالي علينا أن نستعد للأمر، وأن نحصل على الإمدادات اللازمة".

كان إيصال إمدادات الطوارئ إلى تشيرنيهيف أصعب بكثير من نقلها إلى المناطق المنكوبة الأخرى. لقد تم تفجير الجسر الرئيس عبر النهر، وآخر فوق أحد المجاري المائية. وتعين على القوافل العبور على متن عوامات، ما أدى إلى أزمة مرور حادة على الطرق الضيقة.

قال النقيب نيكولاي بودنار، وهو عضو في كتيبة تطوعية: "يتعين علينا إصلاح هذه الجسور - فالمدينة تحتاج إلى مساعدة بشكل كبير. إلا أن شيئاً لا يمنع أن يتم تدميرها مرةً أخرى إذا ما حاول الروس العودة. لكن دعونا نأمل أن نكون قد أعدناهم على أعقابهم، وأنهم غادروا إلى غير عودة، وأن يكونوا حقاً قد تعلموا درساً من تشيرنيهيف".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات