Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفيديوهات المنزلية على السوشيال ميديا... مشاركات مرحة أم فضح لأسرار البيوت؟

باحث إعلامي: نوع جديد من التوثيق وتطور طبيعي للتكنولوجيا... أستاذ علم اجتماع: تباهٍ ورغبة في التأثير وسرقة الاهتمام

شهرة فيديوهات الهواة عبر السوشيال ميديا تبدو مغرية لكل من لديه هاتف ذكي (أ.ف.ب.)

أبّ يضبط ابنه متلبساً بالهروب من المدرسة ليدخن النارجيلة "الشيشة" مع أصدقائه، ما المانع أن يبثّ تلك اللقطات في فيديو حيّ عبر الـ"فيسبوك"؟. المشاهدات ترتفع، عشرة آلاف، ثم خمسين ألفاً، تقفز وتقفز، وصلت إلى المليون، والرقم يزيد في كل لحظة. اللعبة تبدو سهلة والشهرة أبسط مما كان يُتخيّل، فما المانع من فيديو آخر، هذه المرة يمكن أن يأتي الأب بباقي الأشقاء والزوجة ويقوم بعمل "مقلب" فيهم، هل الأمر يتخطى حدود المرح؟

شهرة فيديوهات الهواة عبر السوشيال ميديا، سواء المنشورة من خلال الـ"فيسبوك" و"إنستغرام"، وحتى تطبيقات غيرها، مثل "تيك توك"، تبدو مغرية لكل من لديه هاتف ذكي، فلا أسهل من أن ينشر فيديو وهو يطعم حيواناته المنزلية لتقفز بعضها في وجهه، أو وهو ينفّذ حيلة ما في صديقه المقرّب، مع التأكيد على أن تلك المقاطع تبدو طبيعية وتلقائية ولا يشوبها أي تمثيل، إذاً الضحك والإعجاب يكونان مُضاعفين، وكلما زادت علامات الإعجاب ونسبة المشاهدات زادت فرصة الانتقال إلى مرحلة أكثر تقدماً، وهي التربُّح من تلك الفيديوهات عبر طرق عدة، مثل الظهور بالبرامج التلفزيونية أو الحصول على مقابل من الإعلانات على الفيديو.

نجومية لكل أفراد الأسرة

البعض يرى أن الفيديوهات العائلية التلقائية محتوى مرح عفويّ، يتيح للناس حرية التعبير عن مواهبهم، ويجعلهم يتشاركون قصصهم اللطيفة مع الجمهور، وتدريجيّاً قد تحقق مجموعة منهم شهرة كبيرة، ويحصدون أموالا جرّاء تداول تلك المقاطع وارتفاع مشاهدتها خصوصا عبر موقع الـ"يوتيوب". فيما آخرون يجدونها فضحاً وكشفاً لأسرار المنازل، وهو أمر غير مقبول في بعض الأوساط.

الرأي الرافض لمثل هذه النوعية من الفيديوهات يردّ عليه أحد أبطالها، والذي حقق شهرة كبيرة أخيراً بيومياته مع والدته، حيث عُرفت بفيديوهات "ماما سناء"، ويظهر محمد أحمد شاكر، أو "حمو شاكر"، بحسب اسم شهرته، مع السيدة والدته في فيديوهات قصيرة، ودائما تكون حول تحدٍ مرح بينهما، وينتهي غالبا بتفوق الأم التي تحصل على المال من ابنها. يقول أحمد لـ(اندبندنت عربية) "حتى الآن لم أجنِ مالاً من تلك الفيديوهات، والحقيقة أنني ووالدتي نظهر بشكل مقبول اجتماعيا ومحترم جداً، وأنا حريص على أن أحافظ على بيتي وعائلتي، وما أفعله لا يندرج تحت بند كشف أسرار البيوت بالطبع"، ويؤكد "حمو شاكر" أن التعليقات التي تأتيه "تكون دائماً إيجابية، وتتعلق بأن المشاهد مرحة وخفيفة الدم، والمعلقون يطالبونه بالمزيد".

وعن إمكانية ظهور باقي أفراد الأسرة معه مستقبلا، يضيف "في الحقيقة ظهرتْ معي زوجتي من قبل وابني الصغير أيضا، ولكنني الآن أركّز في الفيديوهات مع والدتي، وقد اقتنعتْ بسهولة بالظهور معي لأنها تريد أن تفعل ما يسعدني وتعتقد أن تلك المقاطع تجعلني بحالة جيدة".

يتمنى "حمو شاكر"، الذي درس الخدمة الاجتماعية، أن يدخل فيما بعد مرحلة أكثر احترافية، وأن يظهر في البرامج التلفزيونية وأن تحقق فيديوهاته شهرة أكبر، لافتا إلى أنه حينما تمرّ فترة من دون أن ينشر فيديو جديدا، فإنه يشعر أن هناك ما ينقصه، ويذهب سريعا ليبحث عن فكرة لتنفيذها.

لقطة واحدة تحرّك العالم

فجأة يظهر نجوم فيديوهات لفترة ويختفون، ثم يأتي غيرهم وهكذا، بعضهم يكمل الطريق، ويكون ضيفاً على الإعلام المؤسسي، بل تتغير بعض شروط المحطات الفضائية وتنفتح لتحاول حصد جمهور بعض تلك الفيديوهات. فهل فيديوهات الهواة باتت هي التي تحرّك المحتوى المُقدّم في الإعلام المؤسسي؟

الدكتور محمد سعيد محفوظ، الخبير الإعلامي، يقول لـ"اندبندنت عربية" إن هذا الأمر "يحدث بالفعل بشكل أو بآخر، خصوصا وأن الفيديوهات المنزلية أكثر تلقائية وأكثر سرعة في الوصول، وتكون سابقة للإعلام المؤسسي أو النظامي بالفعل".

ويلفت محفوظ النظر إلى أن الفيديوهات المنزلية "ظاهرة ليست جديدة بالمرة، هي فقط تطورت بفعل الإنترنت وباتت متاحة للجميع، ولكنها ظاهرة موجودة منذ أن بدأ الناس يشترون كاميرات فيديو للاحتفاظ بها في المنزل، يصورون من خلالها يومياتهم"، مشيرا إلى أن "أقل لقطة من خلال كاميرا هاوٍ قد تحرك العالم".

محمد سعيد محفوظ، الذي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام 2012 عن دراسة حول ظاهرة فيديوهات الهواة في مصر بالتزامن مع أحداث 25 يناير 2011، يرى أن فيديوهات المستخدمين على الإنترنت "نوع جديد من الأفلام الوثائقية"، لافتاً إلى أن "الفيديوهات بصورتها الحالية ظاهرة لا يمكن تجاهلها، ونتيجة طبيعيّة لتطور التكنولوجيا، وسوف تتطور أكثر فأكثر بالطبع"، وبحسب ما يشير، "الأمر له سلبيات وإيجابيات، وقد تتماشي تلك الفيديوهات مع التقاليد المجتمعية أو تتناقض".

هوس الفيديوهات... رغبة في التباهي؟

لكن الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، جاء رأيها مغايراً بعض الشيء، حيث وصفت ما يجري بأنه "فوضى"، وفسّرت الاتجاه لصنع فيديوهات منزلية ونشرها بسبب ومن دون سبب، بأنه "هوس ضمن هوس السوشيال ميديا"، وتضيف "لم يعد هناك خصوصية، الأمر بات مبالغاً فيه بشدة، وكلها محاولات لكسب الأهمية، وأن يشعر الشخص بأن لديه تأثير على الجمهور، ولو لم يتلقَ تعليقات إيجابية نجده يتضايق".
وترى أستاذة علم الاجتماع أن الناس تقلّد بعضها البعض، وما يجري في الفيديوهات هو امتداد لفكرة التباهي التي باتت مسيطرة على الكثيرين، وتواصل "بعد التباهي بنوعيات المدارس ونوعيات السيارات، يتابهون بعدد المتابعين وبإمكانات أفراد الأسرة، وأرى أنهم مجموعة من الناس التي لا تمتلك آليات التميّز أصلاً، فيلجأون إلى الظهور في فيديوهات غريبة قد يبتذلون فيها أنفسهم، باختصار هذه طاقات معطّلة وأشخاص لديهم فراغ يريدون لفت النظر وسرقة الاهتمام".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات