Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النائبة الكردية سروه عبد الواحد: إدارة الأحزاب تشجع الفساد وتعزز الفشل

ترى أن نظام الأغلبية هو الذي يعزز الدور الرقابي البرلماني... و"الجيل الجديد" حركة معارضة بناءة لن تكون مع أي جهة سياسية

النائبة سروه عبد الواحد (اندبندنت عربية)

لعقود طويلة، ظل حزبان فقط في إقليم كردستان العراق، مسيطران على الحياة السياسية، وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأُسس في 16 أغسطس (آب) عام 1946، ويرأسه حالياً مسعود مصطفى بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني المعلن عن تأسيسه في الأول من يونيو (حزيران) 1975 ويرأسه حالياً بافل طالباني، لكن في السنوات الأخيرة تغيرت خارطة الأحزاب في الإقليم مع صعود حركات جديدة معارضة، تقف ضد إدارة الحزبين التقليديين وتحمل رؤى مختلفة لتحريك مياه السياسة الآسنة، ومن بينها حركة الجيل الجديد، التي أُسست في عام 2018، وتمكنت من رفع مقاعدها من ثلاثة في انتخابات 2018 إلى تسعة مقاعد في 2021.

"اندبندنت عربية" التقت النائبة سروه عبد الواحد، رئيسة كتلة حركة الجيل الجديد في مجلس النواب، التي قالت إن سبب نجاح الحركة يعود إلى رغبة الناخب في إقليم كردستان بالتصويت لحزب يحمل رؤى جديدة للإدارة، بعد إخفاق الأحزاب التقليدية منذ ثلاثين عاماً.

سروه، وعلى الرغم من حصولها على الماجستير في اللغة العربية وعملها بمجال الصحافة المقروءة والمرئية لسنوات، دفعها الشغف بالشأن العام لدخول الحقل السياسي، وتمكنت من الحصول على 28 ألفاً و987 صوتاً في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، ولا تستبعد أن تترشح لمنصب رئيسة الجمهورية في المستقبل، لكنها في الوقت نفسه، لم تخفِ خفوت حماسها، بسبب صعوبة الأوضاع الحالية، وتعقّد خريطة التحالفات البرلمانية.

تصف سروه "الجيل الجديد" بأنها حركة سياسية معارضة للسلطة في العراق بشكل عام ولكيفية إدارة البلد من قبل الأحزاب التقليدية بعد عام 2003؛ إذ ترى أن طريقة إدارة الأحزاب الممسكة بالسلطة، أثمرت عن تنامي الفساد وتعزيز الفشل. تقول "نحن حركة معارضة بناءة لا هدامة، وليس لدينا روح الانتقام من الأحزاب الحاكمة على الرغم من خلافنا الكبير معها في التوجهات والرؤى".

بعد نجاح حركة الجيل الجديد في مضاعفة مقاعدها في البرلمان، ترى النائبة أن سبب التصويت لصالح الحركة يعود إلى مواقف الحزب المساندة للناس والمتظاهرين المطالبين بحقوقهم "لأول مرة يشكل حزب في إقليم كردستان وتكون لديه رؤية استراتيجية لخمس سنوات، للاقتصاد والسياسة والبناء والإعمار". بالإضافة إلى أن الأحزاب التقليدية فاسدة وفشلت في إدارة الإقليم مع غياب مبدأ الديمقراطية الحقيقية، وهي أشبه بنموذج الأحزاب في بغداد من ناحية الفساد، مشيرة إلى أن "كل مفاصل الدولة بيد العوائل، وليس لدينا حكم مؤسسات، فعائلة برزاني تحكم في أربيل وعائلة طالباني تحكم في السليمانية".

ضد النظام التوافقي

شكلت حركة "الجيل الجديد" تحالفاً مع "حركة امتداد"، أطلق عليه "تحالف من أجل الشعب"، إذ أن حركة الجيل الجديد التي تطرح نفسها بديلاً عن الأحزاب الحاكمة تسعى إلى التواجد في كل المحافظات، فهي ليست مغلقة على القومية الكردية، مثلما توضح سروه "لدينا مرشحون في كربلاء وبغداد والموصل لكنهم لم يحصلوا على الأصوات الكافية".

وترى سروه أن العملية السياسية والديمقراطية تتطوران بوجود المعارضة والموالاة، قائلة "رفضنا منذ اللحظة الأولى الحصول على المناصب ولن ندخل في أي جبهة من الجبهتين، سواء الإطار التنسيقي أو التيار الصدري، بل سنكون معارضة تشخص مكامن الخلل، ونؤمن في الوقت ذاته بأننا لن نعطل عمل البرلمان، ويجب أن تستمر جلساته بالانعقاد". وتقول  إن النظام التوافقي تسبب في إخفاق العملية السياسية بالعراق، موضحة أن التوافقية بنيت على أساس المحاصصة الحزبية، لا على المحاسبة، مستدركة "لا توجد أجهزة مراقبة حقيقية، نحن أكثر بلد في العالم لديه أجهزة للرقابة، وأكثر بلد في العالم لا يهتم بالرقابة الحقيقية، فهيئة النزاهة لا تراقب بشكل حقيقي، ولا بد من تفعيل ديوان الرقابة المالية، وهو المؤسسة العريقة المهمة التي عطلت، كما أن الادعاء العام لا يعمل، ومكاتب المفتشية في الوزارات هي باب من أبواب الفساد".

وتقترح سروه، في سبيل تخلص البرلمان العراقي من حال الشلل وممارسة دوره الرقابي، إلغاء النظام التوافقي وإقرار نظام الأغلبية، وتمكين المعارضة، بإسناد اللجان المهمة لها، مثل لجنة النزاهة، باعتبارها الأجدر بالمحاسبة والمساءلة، فالموالاة لا يمكن لها أن تحاسب وزيرها.

ليس الآن

ويتمتع إقليم كردستان بصلاحيات واسعة تم تعزيزها بدستور عام 2005، لكن حلم الانفصال ظل يراود الأكراد ففي 25 سبتمبر (أيلول) 2017 أجرى إقليم كردستان استفتاء الانفصال عن العراق، شمل محافظات الإقليم الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك)، بالإضافة إلى كركوك المتنازع عليها مع بغداد، ومناطق أخرى واسعة في كل من محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين، ووافق المصوتون، حسب النتائج الرسمية، على الانفصال، بنسبة فاقت 92 في المئة، لكن الحكومة الاتحادية رفضت الاعتراف بالاستفتاء واتخذت عدة إجراءات لإبطاله ما تسبب في تصاعد حدة الخلاف بين الإقليم والمركز.

وقفت حركة الجيل الجديد ضد موضوع الانفصال، رافعين شعار "ليس الآن"، وتبرر سروه موقف الحركة قائلة "نحن في الجيل الجديد نؤمن بمبدأ المواطنة، فإذا كان هناك ترسيخ لمبدأ المواطنة في العراق والكل يعيش في رفاهية، سيغيب التفكير بالهويات الفرعية. عندما تكون كرامة الإنسان مصانة سيتنامى الشعور بالانتماء للبلد".

وتستدرك "لكن عندما يكون الحاكم كردياً والشعب الكردي يشعر بالإهانة، فالاعتقالات ستكون لأتفه الأسباب، مثل تعليق على (فيسبوك) يحيل صاحبه على محاكمة ومن ثم السجن سنوات طويلة، ومنهم من يقضي سنوات في السجن من دون محاكمة، فضلاً عن الفساد وغياب المساواة والعدالة وعدم توزيع الثروات بشكل عادل، فمن الأولى في هذه المرحلة تحقيق مبدأ المساواة وتعزيز مبدأ المواطنة قبل التفكير بالانفصال".

تضيف سروه "المجتمع الدولي رافض موضوع الاستفتاء، وعليه فإن رفع شعار الاستفتاء حالياً هو ضحك على الشعب الكردي قبل أن يكون على الآخرين، ومع أنني مع حق تقرير المصير، لكن يجب أن يسبق هذا الحق تحقيق العدالة بكل أوجهها".

الأحزاب التقليدية تعنى بالامتيازات فقط

تنتقد النائبة الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان، وتوضح أنهما لا يلتزمان الدستور "ما يعنيهما توزيع المناصب والامتيازات لصالح جهات شخصية وحزبية، أما الجوانب التي تعنى باحترام السيادة واحترام الدستور فلا يلتزم بها الحزبان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ترى سروه عبد الواحد أن مشاكل إقليم كردستان متعددة، تقف على رأسها قضايا الفساد، وتنتقد غياب الشفافية في التعامل مع الملف النفطي، مشيرة إلى أنه لا يمكن معرفة العقود التي أبرمتها حكومة الإقليم في هذا الخصوص والخروقات التي يشهدها هذا الملف، توضح "يدفعون لكل كيلومتر مربع من أنابيب النفط ما يقارب ثمانية دولارات داخل إقليم كردستان، أما في تركيا، وإلى أن يصل الميناء يكون المقابل دولارين"، وتبرر الفرق في السعر، قائلة إن الشركات المحلية المسؤولة عن الملف النفطي تابعة للأحزاب، وهو خلل لا يعلم به إقليم كردستان ولا البرلمان الاتحادي.

وتتابع "سعر برميل النفط وصل الآن إلى 120 دولاراً ولا توجد رواتب للمتقاعدين في الإقليم، والبرلمان لا يناقش الموازنة وليست هناك حسابات ختامية، تتعامل الأحزاب الحاكمة في الإقليم باعتباره مقاطعة لهم، فهم يحتاجون إلى البرلمان، فقط، عند الحاجة لتشريع قانون يخدم مصالحهم".

أدى الفساد المستشري في إقليم كردستان، وبحسب النائبة سروه عبد الواحد، إلى تراجع شعبية الأحزاب التقليدية، فانخفضت أعداد أصواتهم في الانتخابات، فبعد أن كانت تحقق مليون صوت، باتت تجمع 250 و300 ألف صوت فقط، مشيرة إلى أن هذه الأحزاب التي تعتمد على رمزية قادتها لا يمكن لها أن تحقق تقدماً مع وجود أجيال جديدة تؤمن بالبرامج السياسية.

رئاسة الجمهورية

قدمت حركة الجيل الجديد المتحالفة مع حركة امتداد، تحت مسمى "تحالف من أجل الشعب" مرشحاً لرئاسة الجمهورية وهو ريبوار عبد الرحمن، وحول حظوظ هذا المرشح في الحصول على المنصب، تقول سروه "قد يحصل مرشحنا على أصوات المستقلين، لكن ما يهمنا هو محاولة إثبات أننا موجودون، وأن هناك آخرين يمثلون الشعب الكردي ولا يقتصر تمثيله على الأحزاب التقليدية الممثلة بالحزبين: الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني".

وترى سروه أن مشكلة الموافقة على مرشح رئيس الجمهورية ستحل بعد اتفاق الشيعة حول الكتلة الكبرى، مشيرة إلى أن عدم الاتفاق الكردي- الكردي حول مرشح الرئاسة لن يكون مهماً في حال اتفقت الأطراف الشيعية للتصويت على مرشح معين، واستدعت واقعة برهام في عام 2018 "لم يكن هناك تفاهم كردي، وعند الذهاب للبرلمان صوت الشيعة لصالح برهم صالح".

حدد الدستور العراقي لعام 2005 المادة 140 حلاً لمشكلة كركوك وما يسمى المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والمحافظات المجاورة له (نينوى وديالى وصلاح الدين).

وتعرف المناطق المتنازع عليها بأنها "تلك التي تعرضت للتغيير الديموغرافي ولسياسة التعريب على يد النظام السابق".

ونصت المادة 140 على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) 2007، لكن هذه التوقيتات التي وضعت في الدستور العراقي لم يتم الالتزام بها فلم يجرِ الاستفتاء وبقيت مواد هذه المادة حبيسة الأدراج والنصوص المكتوبة فقط.

توضح سروه أن مشكلة كركوك لا بد من حلها من قبل أهلها لا عبر بغداد أو أربيل، قائلة "مشكلة كركوك ليس من يحكم، لكن كيف تدار المحافظة، إذ أديرت من قبل محافظ كردي ولم تكن تجربة ناجحة، وكذلك أنيطت إدارتها بشخص عربي وأيضاً أخفق في حل مشاكلها، وعليه فإن المشكلة في كيفية إدارة المحافظة وليس في الخلفيات القومية لمن يديرها".

ترى النائبة سروه عبد الواحد أن الدستور الحالي هو أفضل دستور في المنطقة لكن المشكلة ليست في مواده، بل في آلية تطبيق بعض المواد، ومن كتبه هم أكثر الناس خرقاً للمواد الدستورية، سواء كان كردياً أو شيعياً، وأكثرهم لا يلتزم مواد الدستور، فقد يكون غير مؤمن بما كتبه أو قد يكون ما كتبه هو محاولة لإرضاء جهات معينة.

المزيد من الشرق الأوسط