Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تبدد سريعا آمال تقدم المفاوضات وتركز هجومها شرق أوكرانيا

قصف على تشيرنيهيف وماريوبول وفرار أكثر من 4 ملايين شخص والأمم المتحدة تحذر من "جرائم حرب"

اتهمت السلطات الأوكرانية، الأربعاء 30 مارس (آذار)، روسيا بقصف مدينة تشيرنيهيف ومركز للصليب الأحمر في ماريوبول على الرغم من إعلان موسكو عن خفض الأنشطة العسكرية، وهو ما بدد الآمال بتسجيل تقدم حاسم إثر مفاوضات إسطنبول.

وفي ما يبدو عودة عما أعلنه الروس إثر مفاوضات إسطنبول، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحافيين، "في الوقت الراهن، لا يمكننا الإشارة إلى أي نتائج واعدة جداً أو تقدم من أي نوع. ما زال هناك كثير من العمل".

وشدد على أنه "في الوقت الحالي، لا يمكننا الحديث عن التقدم ولن نفعل ذلك"، لافتاً إلى أن "ليس هناك تقدم" كذلك بشأن تنظيم لقاء محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وتناقض تصريحات بيسكوف تلك التي أصدرها كبير المفاوضين الروس في المحادثات مع أوكرانيا فلاديمير ميدينسكي، الذي قال الأربعاء إن كييف أبدت استعداداً للوفاء بالمطالب الروسية الأساسية، لكن موقف موسكو بشأن منطقة دونباس وشبه جزيرة القرم التي ضمتها لا يزال من دون تغيير.

وأضاف ميدينسكي للتلفزيون الروسي أن أوكرانيا عبّرت كتابةً عن استعدادها للتخلي عن طموحها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتبنّي وضع "عدم الدخول في تحالفات"، فضلاً عن تخلّيها عن الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى والتزام عدم استضافة قوات أو قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها.

وأردف أن أوكرانيا وافقت على ألّا تجري تدريبات عسكرية مع جيوش أجنبية إلا بالاتفاق مع دول ضامنة منها روسيا. وقال ميدينسكي، "هذا هو جوهر وفحوى وأهمية الوثيقة التي وافقت عليها أوكرانيا على... مستوى رفيع. غير أن العمل مستمر والمفاوضات مستمرة".

وعلى أي حال، فقد قوبل بالتشكيك تصريح نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين بأن موسكو ستقلص بشكل جذري نشاطها العسكري على جبهتي كييف وتشيرنيهيف، إذ قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن "ما يُسمّى بـ’انسحاب القوات‘، ربما يكون تناوباً بين وحدات فردية بهدف خداع القيادة العسكرية للقوات الأوكرانية".

المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر صرّحت من جهتها، "يجب أن نكون حذرين للغاية لدى تقييم تقدم المفاوضات"، فموسكو قد تستخدم برأيها المفاوضات "لكسب الوقت". وهو ما عبّر عنه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي الذي اعتبر الأمر مجرد "إعادة تموضع" وليس "انسحاباً حقيقياً".

روسيا تركز على تحرير دونباس

وقالت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء إن قواتها تعيد تجميع صفوفها بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف ومدينة تشيرنيهيف الشمالية من أجل التركيز على مناطق رئيسة أخرى واستكمال "تحرير" منطقة دونباس الانفصالية، حسبما ذكرت وكالات أنباء روسية.

في المقابل، ذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر موتوزيانيك أن القوات الروسية في أوكرانيا تعيد تجميع صفوفها وتستعد لاستئناف العمليات الهجومية.

وأضاف أن الجهود الروسية الرئيسة "تتركز على تطويق القوات الأوكرانية في شرق البلاد"، مشيراً إلى أن موسكو لا تزال تحاول السيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية في الجنوب وبلدتي بوباسنا وروبيجني.

وتابع أن روسيا "تستعد لاستئناف العمليات الهجومية" وأن قيادة القوات المسلحة الأوكرانية رصدت تحركات لوحداتها إلى خارج منطقتي كييف وتشيرنيهيف لكن لا تعتبر هذا انسحاباً شاملاً.

استهداف مبنى للصليب الأحمر

ميدانياً، قالت أمينة المظالم الأوكرانية ليودميلا دنيسوفا، في بيان، "في ماريوبول، استهدف المحتلون مبنى تابعاً للجنة الدولية للصليب الأحمر"، مضيفةً أن المبنى تعرّض لغارات جوية وبالمدفعية على الرغم من أنه يحمل علامة الصليب الأحمر "وذلك يعني وجود جرحى وممتلكات مدنية أو إغاثية" في داخله. لكنها أوضحت أن ليست لديها معلومات عن ضحايا محتملين.

وفي الشمال، أفاد فياتشيسلاف تشاوس، حاكم المنطقة التي تضم تشيرنيهيف، بأن المدينة "تعرضت للقصف طوال الليل" بالمدفعية والطيران، موضحاً أن بنى تحتية مدنية دُمّرت وأن المدينة لا تزال من دون كهرباء ولا ماء.

وبعد ماريوبول في الجنوب، تشيرنيهيف هي المدينة التي تتعرض لأعنف قصف منذ بدء الحرب في 24 فبراير (شباط). وكانت المدينة تعدّ 280 ألف نسمة قبل الحرب.

طريق سريع استراتيجي

وفي كييف والمناطق المحيطة بها، دوّت صفارات الإنذار  مرات عدة خلال الليل. وقال حاكم المنطقة أولاكساندر بافليوك على "تلغرام"، "في الساعات الـ24 الماضية، قصف الروس مناطق سكنية وبنية تحتية مدنية في منطقة كييف 30 مرة"، لا سيما في الشمال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان دوي الانفجارات ما زال يُسمع صباح الأربعاء من جهة إربين الواقعة في الضاحية الشمالية الغربية لكييف، والتي قال رئيس بلديتها أولكسندر ماركوشين، "أعتقد أن ما بين 200 إلى 300 شخص قضوا ويا للأسف" فيها. وأضاف رئيس البلدية في مؤتمر صحافي، "في ذروة المواجهات، وحين كان يسجل قصف طوال اليوم، تم دفن الناس في الحدائق أو المتنزهات".

وقالت الرئاسة في بيان، "منذ المساء وطوال الليل، دوّت صافرات الإنذار من هجمات جوية في عموم أراضي أوكرانيا. لكن الليل كان هادئاً في غالبية المناطق".

كما استعاد الجيش الأوكراني السيطرة على طريق سريع استراتيجي يربط بين خاركيف وتشوغويف في شرق البلاد، بحسب مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء.

وذكر ضابط استخبارات أوكراني، "هناك جثث روسية منتشرة في كل مكان. كانت المعارك ضارية، أحياناً من على بعد عشرة أمتار. لقد استمرت قرابة ثلاثة أيام". وأضاف أن "الجنود الروس كانوا منهكين"، لا سيما "الشباب الذين كانوا يتضورون جوعاً: كانوا ينهبون المنازل".

أربعة ملايين لاجئ و"جرائم حرب"

وأعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف، أنه خلال خمسة أسابيع من الحرب، أجبر أكثر من 4 ملايين أوكراني على الفرار من بلادهم. ولم تشهد أوروبا مثل هذه الموجات من اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي الإجمال، اضطُر أكثر من 10 ملايين شخص، أي أكثر من ربع السكان، إلى مغادرة منازلهم. ووفقاً لمفوضية اللاجئين، خلّف الصراع 1189 قتيلاً مدنياً و1901 جريح.

وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يقدم مساعدات غذائية طارئة إلى مليون شخص في أوكرانيا.

في غضون ذلك، قالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الأربعاء، إن الهجمات الروسية الواسعة النطاق والعشوائية تثير "قلقاً كبيراً"، محذرةً من أنها يمكن أن ترقى إلى "جرائم حرب".

وصرّحت باشليه أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أن "الهجمات العشوائية محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي وقد ترقى إلى جرائم حرب".

وأضافت أن "التدمير الهائل لأهداف مدنية والعدد الكبير للخسائر المدنية يشير بقوة إلى أن المبادئ الأساسية للتمييز (بين الأهداف العسكرية والمدنية) والتناسب والحيطة لم يتم الالتزام بها بشكل كافٍ".

الترحيل القسري إلى روسيا

وفي ماريوبول، ما زال نحو 160 ألف مدني عالقين تحت القصف ويواجهون "كارثة إنسانية" فيما يختبئون في الملاجئ من دون كهرباء وبلا طعام ولا ماء، وفقاً لشهادات جمعتها وكالة الصحافة الفرنسية من أشخاص تمكّنوا من الفرار من المدينة.

وقال مجلس بلدية ماريوبول الأربعاء إن الروس نقلوا مرضى وطاقم مستشفى توليد بشكل قسري إلى روسيا من المدينة المحاصرة. وكتبت البلدية على "تلغرام"، "تم نقل أكثر من 70 شخصاً، نساء وأفراد من الطاقم الطبي، بالقوة".

وأوضحت البلدية أنه تم إجلاء أكثر من 20 ألفاً من ماريوبول "رغماً عن إرادتهم" إلى روسيا، وأن قوات موسكو صادرت أوراقهم وأعادت إرسالهم إلى "مدن روسية بعيدة".

ولم يتسنَّ التأكد من هذه المعلومات من مصدر مستقل، لأن ماريوبول محاصرة منذ نهاية فبراير مع تعطل الاتصالات.

وضمن مبادرة مشتركة مع تركيا واليونان، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إجلاء سكان المدينة بشكل منظم، لكن بوتين اشترط لذلك أن "يوقف المقاتلون القوميون الأوكرانيون كل أشكال المقاومة ويلقوا بأسلحتهم"، بحسب بيان صدر عن الكرملين مساء الثلاثاء.

غروسي في أوكرانيا

وما زال الوضع حول المحطات النووية الأوكرانية يثير القلق أيضاً. وكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الذي زار محطة كونستانتينوفكا الأربعاء على "تويتر"، "من الضروري أن نكون على الأرض لتقديم دعم فاعل في هذه الفترة شديدة الصعوبة".

ومنذ بدء الهجوم الروسي، حذّر غروسي باستمرار من مخاطر هذه الحرب وهي الأولى في بلد لديه عدد كبير من المفاعلات النووية، فضلاً عن عدد من مستودعات النفايات النووية، إذ قال الثلاثاء، "لقد تجنبنا بالفعل حوادث عدة بفارق ضئيل. لا يمكننا إضاعة مزيد من الوقت".

وذكرت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك أن "المحتلين الروس أقاموا مكباً ضخماً للذخيرة في المنطقة المحظورة حول تشيرنوبل. يمكن أن تنفجر في أي وقت (وتسبب) كارثة بيئية هائلة".

المزيد من دوليات