Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل رسمت "النقب" الخطوط العريضة لـ"ناتو" شرق أوسطي؟

لم تكتفِ الدول المجتمعة بتلقي التعهدات الأمنية الأميركية بل طرحت هندسة الأمن الإقليمي على كل المستويات

في ختام "قمة النقب" التي جمعت دول "السلام الإبراهيمي" في إسرائيل بحضور أميركي، قال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، إن بلاده "لن تبرح الشرق الأوسط ولن تسمح بالتسلح الإيراني النووي ولن تسمح باستمرار النشاط الإرهابي الإيراني"، مضيفاً حول القضية التي سيطرت على محادثات القمة التاريخية باحتمال سحب اسم الحرس الثوري الإيراني من قائمة منظمات الإرهاب بأنها "ليست ناضجة ولا تدعو للقلق"، وأن بلاده ستفرض على إيران شروطاً حازمة لوقف النشاطات الإرهابية.

إلا أن هذا الحديث الذي أريد منه الطمأنة لم يؤتِ نتائجه على ما يبدو، بل أن جدول القمة الذي تمت برمجته قبل وصول بلينكن رسم بناءً على حسابات تفترض فراغاً أمنياً في المنطقة تخلّفه الولايات المتحدة بسبب التزاماتها النووية تجاه الاتفاق الذي اقتربت إيران من الاتفاق عليه مع دول "5+1".

براً وبحراً وجواً

وإن كانت تصريحات الوزير الأميركي تعطي تصوراً على شكل الالتزامات التي تدعيها أميركا تجاه "الحلفاء التقليديين" بعد الاتفاق المنتظر، فإن حديثاً تداولته صحف إسرائيلية عن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، تعطي تصوراً على ما تنوي دول المنطقة القيام به.

 

فبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن المجتمعين في منتدى النقب (أميركا ومصر وإسرائيل والإمارات والمغرب والبحرين) طرحوا أفكاراً حول الدفع بالتعاون البيني في مجالات الأمن لمواجهة التهديدات الإيرانية، وعنونوا تلك المباحثات بـ"هندسة الأمن الإقليمي"، التي تهدف إلى "بلورة حلول رادعة مقابل التهديدات في الجو والبر والبحر".

ويُقصد بتلك الحلول مواجهة التهديدات الإيرانية المتمثلة بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وتهديد أمن الممرات المائية وتوغلها في الدول العربية.

وأبدى المجتمعون تمسكهم بتحديد عدو مشترك يمكن من خلال المخاوف المشتركة تجاهه أن يتم توحيد الجهود، على الأقل من الجانب الإسرائيلي، إذ شهدت مدينة الخضيرة الواقعة في منطقة حيفا الإسرائيلية عملية تفجير علّق عليها لبيد، قائلاً "إن هدف الإرهابيين تخويفنا وجعلنا نحجم عن بناء علاقات بيننا ولن ينجحوا"، مضيفاً "عدونا المشترك هي إيران ووكلائها، ما نقوم به هنا هو صنع التاريخ وبناء أسس إقليمية تستند إلى التعاون المشترك وهندسة هيكلية جديدة لهذا التعاون تردع إيران وأذرعها. لن ينفع معها سوى القوة والإصرار الذي نبديه هنا".

"ناتو" شرق أوسطي لن يكون من دون أميركا

وبالعودة إلى تقرير صحيفة "هآرتس"، قالت إن إسرائيل باتت لاعبة رئيسة في أي تحرك إقليمي يهدف إلى الوقوف أمام أي نشاطات عدائية ينفذها الحرس الثوري الإيراني وأذرعه، وهو ما يجعل تل أبيب في قلب أي كيان عسكري أو أمني يمكن أن يتبلور في المنطقة.

 

إلا أن هذا ليس كافياً، فعلى الرغم من إدعائها بأن أي "ناتو" شرق أوسطي لن يقوم من دون إسرائيل عطفاً على المبرر السابق، إلا أنها أشارت إلى أنه لا يمكن أن يمر إلا عن طريق واشنطن.

وأضافت "احتمالية التوصل إلى حلف دفاعي إقليمي من دون دعم أميركا هي فكرة ليست حتمية"، وعللت ذلك بأن حجم المخاطر متفاوتة بين إسرائيل ودول الخليج من حيث الضرر الناجم عن المواجهة، وأن أميركا لديها القدرة على إدارة حوار وضمان دعم لهذا التكتل، بخاصة أن إسرائيل لديها القدرة على لعب دور وسيط أكثر مرونة بين واشنطن وأعضاء الحلف في ما يتعلق بالدعم اللوجستي والمعلوماتي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وختمت الصحيفة العبرية تقريرها بأن لا مصلحة لدولة إسرائيل بتصدر صراع إقليمي مع جمهورية إيران، لذلك "إذا كانت إسرائيل تريد تشجيع بناء تحالف عسكري وأمني إقليمي فعليها أولاً الدفع بالولايات المتحدة الأميركية كقائد، والتصرف بشكل متواضع، في حين تنشغل في إنشاء بنية تحتية صلبة لمنطقة إقليمية واسعة".

"ناتو" من دون الدولة الكبيرة؟

وعلى رغم جدية تلك المباحثات التي انعكست على شكل تصريحات متفائلة من قبل "الإبراهيميين"، وأخرى غاضبة من قبل الميليشيات الفلسطينية التي نددت بما لم يتم الإعلان عنه حتى الآن وهو "ناتو عربي - إسرائيلي"، إلا أن تهديداً كبيراً يقف أمام جدوى مثل هذه الخطوة، وهي السعودية.

إذ تبدي الرياض تمسّكها بحل الدولتين بوصفها الوسيلة الوحيدة لتحقيق السلام في المنطقة، وبناء علاقة مع إسرائيل كما تنص المبادرة العربية. وعليه فإن جهود بناء منظومة إقليمية تعنى بحماية أجواء المنطقة من الصواريخ والمسيرات من دون الدولة التي تشكل المساحة الأكبر التي تفصل إسرائيل مع الدول الخليجية ذات العلاقة بها تعد خطوة غير عملية، إضافة إلى أن الممرات المائية الأكثر عرضة للتهديد تتطلب حضور السعودية المطلة على أجزاء كبيرة منها في أي تحرك يهدف إلى حمايتها.

 

ويمكن فهم الموقف السعودي عن طريق ما عبّر عنه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في حواره الأخير مع صحيفة "ذي أتلانتيك"، عندما أكد أن بلاده لا تنظر إلى إسرائيل على أنها عدو بل "حليف محتمل في العديد من المصالح التي يمكن السعي لتحقيقها معاً"، لكن هناك قضايا يجب أن تحل قبل تحقيق ذلك.

وأضاف حول التحركات الأمنية التي يمكن أن تنسقها دول خليجية مع تل أبيب "الاتفاق بين دول مجلس التعاون الخليجي هو ألَّا تقوم أي دولة بأي تصرف سياسي، أمني، اقتصادي من شأنه أن يُلحق الضرر بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، وجميع دول المجلس ملتزمة بذلك"، وما عدا ذلك فإن كل دولة لها الحرية الكاملة في القيام بأي شيء ترغب القيام به بحسب ما ترى.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط