Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تضع زيارة بلينكن الجزائر على خط الأزمة الأوكرانية؟

واشنطن تضغط بـ"ورقة الحريات" لحل مأزق تزويد أوروبا بالغاز عوضاً عن روسيا

زارت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان الجزائر تمهيداً لزيارة بلينكن (الإذاعة الجزائرية)

بعد أيام من زيارة نائبته، ويندي شارمان، يصل وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجزائر في إطار جولة تشمل أيضاً إسرائيل والضفة الغربية والمغرب، اعتباراً من 26 مارس (آذار) الحالي، ويبدو أن الجزائر دخلت خط الأزمة الروسية - الأوكرانية على الرغم منها، بعد الأحداث المتسارعة التي عرفها غرب البحر المتوسط.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن جولة وزيرها، أنتوني بلينكن، التي تستمر حتى 30 مارس، تهدف إلى "تعميق علاقات واشنطن مع تلك الدول، وتعزيز الأمن الإقليمي، فضلاً عن تعزيز ملف حقوق الإنسان"، وأشارت إلى أن بلينكن سيناقش، خلال جولته، الجهود الرامية إلى مواجهة حرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، "المتعمدة وغير المبررة على أوكرانيا"، مبرزةً أن بلينكن سيلتقي في الجزائر الرئيس عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية، رمطان لعمامرة، لمناقشة الأمن الإقليمي والعلاقات التجارية.

تأويلات الزيارة

ووفق بيان الخارجية الأميركية، فإن واشنطن تسعى إلى حشد التأييد لموقفها من الحرب الروسية على أوكرانيا، والاستمرار في تكريس اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل، غير أن الأمر لا يبدو كذلك مع الجزائر التي تواجه، منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا، بعض الضغوطات حول مسألة تزويد أوروبا بالغاز تعويضاً للغاز الروسي، ولعل ملف حقوق الإنسان والحريات، الذي جاء في بيان مهمة بلينكن، يعتبر الورقة التي خصصتها واشنطن لدفع الجزائر إلى بعض التراجع عن تمسكها بمواقف ترى أوروبا أنها تندرج في سياق التضامن مع موسكو.
وجاء في البيان أن بلينكن سيعقد خلال تواجده في الجزائر العاصمة، اجتماعات مع الرئيس عبد المجيد تبون، ووزير الخارجية، رمطان لعمامرة، لمناقشة الأمن والاستقرار الإقليميين، والتعاون التجاري، وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك، كما سيفتتح رسمياً مشاركة الولايات المتحدة بصفتها ضيف شرف في معرض الجزائر الدولي، أكبر معرض تجاري من نوعه في أفريقيا، وسيلتقي ممثلي هيئات الأعمال الأميركية في البلاد لمناقشة تعميق العلاقات الاقتصادية وتعزيز التجارة والاستثمار بين واشنطن والجزائر، وأكد البيان أن الولايات المتحدة تقف متضامنة مع حكومة وشعب أوكرانيا في مواجهة عدوان الكرملين، وستواصل العمل عن كثب مع حلفائها وشركائها لفرض عقوبات إضافية على بوتين وداعميه إذا لم يغير مساره.

قدوم يقبل احتمالين

في السياق، قال الباحث في العلاقات الدولية، عدنان محتالي، لـ"اندبندنت عربية"، إن الزيارة تأتي امتداداً لعدد من الزيارات الأخرى التي أجراهها المسؤولون الغربيون للجزائر، كوزير الخارجية الإيطالي، دي مايو، ونائبة وزير الخارجية الأميركية، ويندي شارمان، من أجل حث الجزائر على زيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا، في إطار سعي الولايات المتحدة للتخلص من التبعية الطاقوية الأوروبية لروسيا، وهي التبعية التي قلصت من قدرة الولايات المتحدة و"الناتو" على ردع العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتابع محتالي أن "قدوم بلينكن للجزائر يقبل احتمالين، الأول أن الجزائر لحد الآن ترفض التخلي عن حيادها، ما تطلب زيارة شخصية رفيعة وثقيلة لها قدرة وصلاحيات أوسع للتفاوض، أما الثاني فهو من أجل إخراج إسبانيا من الورطة التي توشك على دخولها بسبب تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية حول الصحراء الغربية، خصوصاً بعد تقارير تحدثت عن رفع محتمل لأسعار الغاز الجزائري الموجه نحو إسبانيا، التي تشهد اضطرابات اجتماعية بسبب ارتفاع أسعار الوقود ومعدلات التضخم ونقص بعض المواد الاستهلاكية، وأعتقد أن تغير موقف مدريد جاء تحت ضغط أميركي بعد رفض الجزائر الرضوخ لمطالب الأوروبيين".

استمرارية التزام واشنطن

من جانبها، رأت المتخصصة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، سلمى تيوسارين، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أنه قبل التحدث عن الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الأميركي يجب القول، إن الجزائر ناشطة دبلوماسياً في الفترة الأخيرة، ثم إن الحضور الدبلوماسي الأوروبي في البلاد له بعد مصلحي، فلا بد أن الجانب الأوروبي يسعى لتعزيز المكانة الاستثمارية الاقتصادية في المنطقة، والجزائر بشكل خاص، وشددت على أن زيارة الوزير أنتوني بلينكن، التي وصفتها  أطراف عدة بالمستعجلة، تهدف إلى مناقشة قضايا المنطقة، وبشكل خاص قضية الصحراء الغربية، بعد تغير المواقف التاريخية للطرف الإسباني، كما ستسعى الولايات المتحدة الأميركية، من خلالها تأصيل دورها، لحل القضايا الأمنية الإقليمية والدولية.
وتابعت تيوسارين أن زيارة بلينكن إنما تشير إلى استمرارية التزام واشنطن قضايا شمال أفريقيا ومسؤوليتها في منع توتر الوضع بين الجزائر والمغرب ورفع تسعيرة الغاز الجزائري، كما يمكن إدراج الزيارة في سياق تلميع صورة الولايات المتحدة أمام العالم، وإظهار مقدرتها على القيادة مجدداً، بخاصة بعد الأحداث الأخيرة التي يعرفها العالم من توترات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تصعيد الضغط

إلى ذلك، اعتبر الناشط الحقوقي، عابد نعمان، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن الزيارة غير عادية، لكنها تشير إلى مدى الإصرار الأميركي بعد إرسال نائبة وزير الخارجية في تنقل استكشافي أو لجس النبض إن صح التعبير، وقال إن الزيارة تأتي في سياق تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، خصوصاً في مجال الطاقة، فيما اتخذت الجزائر موقفاً محايداً، كما أنها تتزامن مع تقارير تتحدث عن ضغوط أميركية - أوروبية على الجزائر لزيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا، معتقداً أن وزير الخارجية الأميركي في مهمة تصعيد عملية الضغط الدبلوماسي إلى الدرجة القصوى كمحاولة (لا لكسر، فهذا مستحيل)، بل لتليين الموقف الجزائري.

دعوة للسلام العالمي

وسبقت زيارة وزير الخارجية الأميركية دعوة سفير الجزائر ومندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، نذير العرباوي، خلال الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، والمخصصة للأزمة الأوكرانية، مجلس الأمن الدولي للاضطلاع بمسؤولياته الأساسية لصيانة الأمن والسلم الدوليين، والتعاون من أجل السلام العالمي وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، معرباً عن قلق الجزائر إزاء تدهور الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها على الأوضاع الإنسانية التي أصبحت تشكل واقعاً مأسوياً يفرض، أكثر من أي وقت مضى، على الجميع التقيد بالقواعد والمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني، التي تحدد الالتزامات الدولية في هذا المجال، لا سيما اتفاقيات جنيف لسنة 1949، والبروتوكول الإضافي لسنة 1977، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وختم بأن الجزائر تود التأكيد مجدداً على تمسكها الثابت بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي القائمة على احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامة أراضيها في كنف الاحترام المتبادل للالتزامات الدولية والضمانات الأمنية.

حضور عسكري روسي

كما اجتمع رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، مع مدير الهيئة الفيدرالية للتعاون العسكري التقني الروسية، ديمتري شوغاييف، حيث تم التطرق إلى التعاون العسكري بين البلدين، وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأوضح بيان وزارة الدفاع الجزائرية، أن المسؤول الروسي اختتم زيارة للجزائر بدأت الأربعاء الماضي، لحضور اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية- الروسية، المكلفة التعاون العسكري والتقني بين البلدين.

المزيد من العالم العربي