Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستعمق نتائج الاستشارة الإلكترونية الأزمة في تونس؟

تضمنت أسئلة حول محاور تتعلق بالشأن السياسي والانتخابي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والتعليمي والثقافي

قوات الأمن وسط العاصمة التونسية (أ ف ب)

وسط جدل حول نسبة الإقبال، يُسدل الستار منتصف ليل اليوم (20 – 3- 2022) على المشاركة في الاستشارة الإلكترونية التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد، وانطلقت في الخامس عشر من يناير (كانون الثاني) 2022، وتضمنت أسئلة حول ستة محاور تتعلق بالشأن السياسي والانتخابي، والشأن الاقتصادي والمالي، والشأن الاجتماعي، والتعليمي والثقافي، والتنمية والانتقال الرقمي، والصحة وجودة الحياة، ويتضمن كل مجال خمسة أسئلة، مع مساحة حرة للتعبير في المجالات الستة. 

500 ألف مشارك

وتجاوز العدد الإجمالي للمشاركين في الاستشارة، 500 ألف مشارك يتوزعون حسب ما صرح به شوقي الشيحي، مدير عام تكنولوجيات الاتصال، بوزارة تكنولوجيات الاتصال، لـ"اندبندنت عربية"، على 351 ألفاً من الذكور، و158 ألفاً من الإناث، أما الفئات العمرية الأكثر مشاركة هي ما بين 30 و39 سنة، بنسبة 25.7 في المئة، وبالنسبة إلى الولايات (المحافظات) الأكثر مشاركة فهي ولايات تونس الكبرى (تونس أريانة بن عروس ومنوبة)، تليها ولاية صفاقس، وأقل الولايات مشاركة في الاستشارة، هي تطاوين وتوزر وقبلي.

ويضيف الشيحي أن "المعطيات والأجوبة التي تتضمنها منصة الاستشارة، ستوضع بداية من منتصف هذه الليلة، على ذمة اللجنة التي ستقوم بصياغة مختلف الأجوبة"، لافتاً أن "الوزارة ستبقى على ذمة اللجنة لتقديم كل المعطيات التي تحتاجها بخصوص الاستشارة".

يذكر أن وزير تكنولوجيات الاتصال، نزار ناجي، تحدث في وقت سابق، في جلسة وزارية، عن أن "عدد المشاركين في الاستشارة سيصل إلى 3 ملايين مشارك".

الاستشارة لا تعكس توجهات التونسيين

في المقابل، يعتبر بالعيد أولاد عبدالله، أستاذ علم الاجتماع، في تصريح خاص، أن "الاستشارة الإلكترونية، فشلت من المنظور العلمي، لعدم احترامها الشروط العلمية للعينة وهي الدلالية والتمثيلية والرمزية، أي يجب أن تكون العينة مختارة من قبل مهندسي الإحصاء وعلماء الاجتماع والمتخصصين في المجال، حتى تكون ممثلة لمجتمع الأصل وهو الشعب التونسي، التي لا تقل عن 15 في المئة، من المجتمع المستهدف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف المتخصص في علم الاجتماع، أن "العينة إذا كانت دالة يجب أن تمثل الشرائح الاجتماعية المستهدفة، فإذا كانت فئة الشباب تمثل 40 في المئة من المجتمع التونسي، لا بد للعينة أن تتضمن 40 في المئة منها من الشباب".

ويشدد أولاد عبدالله، على "الفشل في استهداف جميع الشرائح، بالتالي هذه الاستشارة ليست محددة لاختيارات الدولة، إلا أنه يمكن فقط الاستئناس بها"، داعياً إلى "التأليف بينها وعديد الدراسات والاستشارات الأخرى مع ضرورة إجراء حوار مجتمعي، يفرز نتائج يُوثق بها، ويمكن البناء عليها، لرسم ملامح السياسات العامة للدولة التونسية مستقبلاً".

الاستشارة ليست بديلا عن الحوار

من جهته، اعتبر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أن الاستشارة الوطنية، "لا يمكن أن تكون بديلاً عن حوار وطني يفضي إلى مقررات قادرة على إنقاذ البلاد، والاستجابة لتطلعات الشعب، وتجنيب تونس انتفاضة جديدة".

الاستشارة تكشف توجهات التونسيين

في سياق متصل، يرى حسان قصار، أستاذ علم السكان والعلوم الاجتماعية، في تصريح صحافي، أن "عدد المشاركين في الاستشارة الإلكترونية مقبول، ويمكن الاعتماد عليه لفهم توجهات الشعب التونسي، معتبراً أن العدد يمثل عينة يمكن من خلالها فهم توجهات المجتمع التونسي حول عدد من الملفات التي طرحتها الاستشارة"، مشيراً إلى أنه يمكن "اعتماد عينة من ألف ناخب خلال الانتخابات لفهم توجهات الناخبين".

ويضيف قصار أن "الشعب التونسي لا يهتم كثيراً في الشأن العام، لذلك يتم تسجيل عزوف عن الانتخابات، وهو ما يفسر عدم الإقبال على المشاركة في الاستشارة"، مؤكداً أن رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، سيستأنس بما أفرزته الاستشارة، لمعرفة توجهات التونسيين"، لافتاً إلى وجود خطأ اتصالي من خلال المراهنة على مشاركة ملايين التونسيين في هذه الاستشارة".

عرقلة الاستشارة

يذكر أن وزير التكوين والمهني والتشغيل، الناطق باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، قال "إن هناك أحزاباً وأطرافاً مهيكلة وقفت وراء عرقلة الاستشارة الإلكترونية، وإعاقة كل المسار الذي دخلت فيه تونس بعد 25 يوليو (تموز) 2021".

وكانت حركة النهضة، قد أصدرت بياناً في يناير الماضي، دعت فيه إلى "مقاطعة الاستشارة الإلكترونية، واعتبرتها مواصلة للانحراف بالسلطة وتركيزاً للحكم الفردي الاستبدادي، وضرباً لآليات العمل الديمقراطي، وفي إرادة واضحة لقطع الطريق أمام أي فرصة، لإدارة الأزمة عبر الحوار والتفاوض، كآلية ناجعة في تحقيق الاستقرار السياسي".

ومن جهتها، اعتبرت منظمة "أنا يقظ" (منظمة رقابية) أن فشل الاستشارة نتيجة حتمية لضعف السياسة الاتصالية وغياب التشاركية في صفوف القائمين عليها، وطالبت بتوضيح مآل مخرجات الاستشارة وإلى أي حد سيتم اعتمادها في رسم "المفهوم المشترك لمستقبل تونس" في ظل الإقبال الضعيف لأفراد الشعب التونسي.

التونسيون يفضلون النظام الرئاسي

وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، قال "إن النتائج الأولية للاستشارة الوطنية، تؤكد أن "82 في المئة من التونسيين، يفضلون النظام الرئاسي، فيما صوت 92 في المئة على سحب الثقة من نواب البرلمان المجمدة أعماله، كما عبر 89 في المئة عن عدم ثقتهم في العدالة، ووافق 81 في المئة على نظام الاقتراع على الأفراد النظام القاعدي".

ولاقت هذه النتائج الأولية رفض معارضي قيس سعيّد، الذين اعتبروا أن الاستشارة ليست إلا مطية لتمرير مشروعه السياسي وفرضه على التونسيين.

وسط انقسامات حادة في المشهد السياسي التونسي يُسدل الستار على المشاركة في الاستشارة الإلكترونية، في انتظار صياغة مخرجاتها التي تتباين المواقف في شأنها، فهل ستنجح لجنة الصياغة في بلورة تصورات مجتمعية توافقية ترسم ملامح تونس المستقبل، أم ستعمق تلك التصورات الأزمة السياسية الراهنة؟. 

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي