Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تتجه للتشدد في قضايا الاحتكار بالسجن 10 سنوات ومصادرة الممتلكات

إصدار مرسوم رئاسي يعاقب المضاربين بعقوبات قاسية عقب تفاقم الظاهرة والتلاعب بالأسعار

ينص مشروع مرسوم مقاومة الاحتكار على إقرار عقوبات صارمة سالبة للحرية ومصادرة ممتلكات المضاربين والمحتكرين (اندبندنت عربية)

تستعد تونس للإعلان قريباً عن إصدار مرسوم رئاسي يجرم الاحتكار، ويعاقب بالسجن كل من يتعمد المضاربة بالمنتجات والسلع وإخفائها في خطوة اعتبرها المواطنون مهمة، ومن شأنها وضع حد للمساس بقوت التونسيين، لكنهم أكدوا أن المرسوم جاء متأخراً نسبياً في ظل "تغول" المحتكرين والمضاربين وعجز السلط الرقابية على إيقافهم.

وتشهد مختلف المدن التونسية منذ نحو شهر ونصف الشهر نقصاً كبيراً ولافتاً في المواد الغذائية رافقتها موجة من الاحتقان والغضب من المواطنين الذين انتقدوا أداء الحكومة وعجزها عن التصدي لمحاولات الاحتكار المتنامية التي ألهبت الأسعار، ما تسبب في حال من الهلع لدى المواطنين.

وتداول مواطنون على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر الإقبال الكثيف على شراء المواد الغذائية التي نفدت في بضع ساعات علاوة على ظهور طوابير أمام المخابز، ما جعل أصحابها يحددون عدداً معيناً من الأرغفة لكل موطن.

وينص مشروع مرسوم مقاومة الاحتكار على إقرار عقوبات صارمة سالبة للحرية تصل أقصاها إلى 10 سنوات سجناً ومصادرة كل ممتلكات المضاربين والمحتكرين من منزل ومخازن وسيارات وسلع.

حرب من دون هوادة

ودعا الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء التاسع من مارس (آذار)، إلى شن "حرب من دون هوادة" ضد الاحتكار والمضاربة بالسلع الغذائية، كان ذلك، خلال كلمته في إطار زيارة أجراها لمقر وزارة الداخلية، بالعاصمة تونس، وفق مقطع فيديو نشرته الرئاسة عبر حسابها على "فيسبوك". وقال سعيد، "أريدها حرباً من دون هوادة ضد هؤلاء المحتكرين المجرمين في إطار القانون"، محذراً من أنه سيتم وضع مرسوم يتعلق بمقاومة ما سماه "مسالك التجويع، حتى تتحول إلى مسالك توزيع". وتابع، "لم يحدث هذا الاحتكار في ديسمبر (كانون الأول) 2010 (في إشارة للثورة التونسية)، معنى ذلك أن الاحتكار الذي تواجهه البلاد اليوم هو بفعل فاعل (لم يسمه)، وأن الأمر ليس عادياً"، لافتاً إلى أن الظاهرة التي تعيشها اليوم تونس سيتم التصدي لها، وأنه تم تحديد ساعة الصفر للقيام بالواجب الذي تقتضيه المسؤولية، معتبراً أن من يضارب بقوت المواطنين لا يسعى إلى التجويع والتنكيل بالشعب فقط، بل يسعى إلى ضرب السلم الأهلي".

وأوضح أن "المواد الغذائية تتوفر ويتم تخزينها والمضاربة بها، ثم تضخيم ذلك في بعض وسائل الإعلام، وكان من المفترض أن تقوم تلك الوسائل بتوعية المواطنين بعدم الانسياق وراء الإشاعات والأكاذيب لإدخال الهلع في نفوس المواطنين". واعتبر سعيد أن "هناك من يدبر ويسعى إلى ضرب المجتمع من الداخل"، قائلاً، "هذه طرقهم وهذا ما دأبوا عليه في السابق، ولكن سنتصدى بالقانون لكل هؤلاء المحتكرين والمضاربين الذي لا تعنيهم حياة المواطنين"، من دون تسمية أفراد أو جهات.

ندرة في السلع

وتشهد تونس ندرة في السلع والمنتجات الغذائية، ولا سيما الدقيق والزيوت والأرز والخبز، ما دفع المحال التجارية الكبرى إلى تحديد الكميات الممنوحة من تلك السلع للأفراد.

إصلاح منظومة مسالك التوزيع

بالتوازي، ومع قرب الإعلان عن نشر مرسوم مقاومة الاحتكار، تستعد وزارة التجارة التونسية إلى إصدار مرسوم آخر يهم إصلاح منظومة مسالك التوزيع في تونس التي يعتبرها المتخصصون أنها المتسبب الرئيس في انخرام توزيع المواد الغذائية بشكل عادي وطبيعي.

ويقترح مشروع مرسوم المتعلق بتنظيم مسالك توزيع منتجات الفلاحة والصيد البحري تسليط خطايا مالية يتراوح أدناها بين 1000 ويصل أقصاها إلى 300 ألف دينار (103 آلاف دولار)، وعقوبات سالبة للحرية يصل أقصاها إلى سنة سجناً لكل مخالف لأحكام المشروع، تضاف إليها قيمة البضائع المحجوزة وبالسجن من شهر إلى سنة، أو بإحدى العقوبتين فقط، كما يمكن للوزير المكلف التجارة منع المتدخلين بمسالك توزيع منتجات الفلاحة والصيد البحري المرتكبين لمخالفات من تعاطي النشاط لمدة أقصاها ستة أشهر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق متصل، يمكن للوزير المكلف التجارة اتخاذ قرارات غلق المحلات التي ارتكبت فيها المخالفات نفسها مدة أقصاها ستة أشهر، وخول المشروع الوزير المكلف التجارة الإذن ببيع المنتجات المحجوزة من دون القيام بإجراءات عدلية مسبقة، ويودع محصول البيع بصندوق الخزينة إلى أن يقع البت في شأنه من طرف الوزير المكلف التجارة أو المحكمة المتخصصة.

تلافي النقائص

ويهدف مشروع المرسوم إلى ضمان انتظام التزويد بالمسالك المنظمة وتدعيم شفافية المعاملات بما من شأنه المساهمة في التحكم في الأسعار وإلى الحد من نشاط المضاربين وزجر الممارسات الاحتكارية، ويأتي في إطار تلافي بعض النقائص، ولا سيما إتاحة توجهات عدة من بينها رقمنة مسالك التوزيع، كما يرمي التنقيح إلى وضع ضوابط لعمليات الخزن لتلعب دورها في تعديل السوق علاوة عن تنظيم مسالك تجميع ونقل المنتجات الفلاحية وتشديد العقوبات على المحتكرين.

تعزيز آليات المراقبة

ويرتكز المشروع على تنظيم مسالك توزيع منتجات الفلاحة والصيد البحري بضبط أحكام خاصة لتنظيم المعاملات بالمسالك وأنشطة المتعاملين فيها وتحديد التزاماتهم وتدعيم آليات مراقبة الممارسات الاحتكارية بها وزجرها، لغاية ضمان انتظام التزويد بمسالك التوزيع القانونية لهذه المنتجات وتكريس شفافية المعاملات بها لتكون الأسعار طبقاً لمبدأ المنافسة النزيهة وقاعدة العرض والطلب. وسيرتكز العمل على زجر الممارسات الاحتكارية والمضاربات والتجاوزات المخلة بشفافية المعاملات والأسعار التي من شأنها المساس بتأمين حاجات المستهلكين وبمقدرتهم الشرائية علاوة على تدعيم صلاحيات الهياكل الرقابية لتأمين انتظام التزويد ومراقبة مسالك التوزيع للحد من نشاط الدخلاء.

بالإمكان القضاء على الاحتكار

وهكذا، فإن مرسوم مقاومة الاحتكار في حال تطبيقه بطريقة جيدة، فإنه سيغير العديد من المسائل ويقلب الموازين في معادلة مقاومة الدولة للمضاربين وفق لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك (منظمة مستقلة)، كاشفاً عن أنه بالاطلاع على فحوى المرسوم، فقد تضمن مصادرة وسائل النقل من سيارات وشاحنات يستعملها المحتكرون في تنقلاتهم، ومشيراً إلى أنها تعد ضربة قاصمة للمحتكرين والمضاربين بالمواد الغذائية عند مصادرة وسائل نقل.

وشدد الرياحي على أن العقوبات السجنية الواردة بالمرسوم ستحد بشكل كبير من عمليات الاحتكار، ومن الظاهرة التي استفحلت بشكل مقلق في السنوات الأخيرة ما أدى إلى تغول المحتكرين الذين أضحوا يتاجرون في كل المجالات، كما ألحّ على أهمية تطبيق المرسوم، لا سيما في مسألة العقوبات السالبة للحرية.

حملات واسعة النطاق

وعلى أثر إعلان رئيس الجمهورية الحرب ضد المحتكرين وأن "ساعة الصفر" قد حانت، تحركت مختلف المصالح التونسية من جهاز مراقبة اقتصادية وجهات أمنية عبر حملات أمنية مكثفة، وفي إطار مقاومة الاحتكار والمضاربة ومراقبة مسالك التوزيع للمواد الاستهلاكية والأساسية، قامت مصالح وزارة الداخلية بالتنسيق مع مصالح وزارة التجارة بعدد من الحملات المتزامنة بين وحدات الأمن والحرس الوطني على كامل تراب البلاد، وشملت المطاحن والمخازن المصرح بها والمخازن العشوائية، إضافة إلى مراقبة وسائل نقل البضائع على الطرقات.

وأدت هذه الحملات إلى حجز مواد مختلفة تتمثل في 171 طناً من الدقيق والمعجنات والأرز ومواد مدعمة مختلفة، و31 طناً من السكر المدعم و243 طناً من المعجنات غير الصالحة للاستهلاك، إلى جانب حجز 34 طناً من الخضر والغلال، وأكثر من خمسة آلاف لتر من الزيت النباتي المدعم، ونحو 2400 لتر من الحليب، و227 طناً من حديد البناء، و177 طناً من الحبوب والمواد العلفية، وأكثر من 643 ألف بيضة، وتعكس حصيلة هذه الأرقام تنامي حجم الاحتكار الذي أضحى تجارة مربحة للغاية.

اقرأ المزيد