Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاتحاد الأوروبي يشترط تعديل المناهج الفلسطينية لاستئناف التمويل

إسرائيل اعترضت على تغييرات أجريت سابقاً واعتبرتها غير كافية

يعتبر الاتحاد الأوروبي أن المناهج الفلسطينية تحتوي مواداً تحث على العنف (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

منذ عام 2020 لم يرسل الاتحاد الأوروبي أي مساعدات مالية إلى السلطات الفلسطينية النافذة، بعد تخوف برلمانه من المناهج الدراسية التي يتم تلقينها للتلاميذ في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء، والتي يرى الاتحاد أنها "تحرض على العنف وتعظم الأعمال الإرهابية" (أي العمليات التي تقوم بها الفصائل).
ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر مانح للسلطات الفلسطينية، والطرف الوحيد الذي يمول وزارة التربية والتعليم، ويدعمها بميزانية جزء منها يُقدر بقيمة 23 مليون دولار لتطوير المناهج الدراسية. لكن نتيجة تخوفه من وجود مواد تعليمية تحرض على العنف، حجب الاتحاد ملايين اليوروهات المخصصة لمساعدة السلطة الفلسطينية، وربط إرسالها بـ"إصلاح المناهج الدراسية وإجراء تعديلات عليها".
وبدأ تخوف الاتحاد بعدما رأى المشرعون في البرلمان الأوروبي أن هناك "مضامين إشكالية في الكتب التعليمية الفلسطينية، يستغلها المعلمون في توصيل رسائل إلى التلاميذ، تحديداً في غزة، تحرضهم على العنف وتعظيم أعمال إرهابية".


ملاحظات على المناهج

ووفقاً لمسؤولين في وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، فإن الاتحاد الأوروبي علق تمويله بالكامل للفلسطينيين وربط استئنافه بضرورة إصلاح المناهج التعليمية وإخضاع المدرسين لدورات تدريبية حول "طرق توصيل مبدأ السلام والتسامح الذي تدعو إليه الأمم المتحدة".
إلا أن مسؤول الاتصال والمعلومات في مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس، شادي عثمان، نفى ذلك قائلاً إنه "لا يوجد أي قرار بوقف أو تجميد التمويل عن وزارتَي التربية والتعليم (في الضفة وغزة)، ولكن نعلن عن دراسة اختصاصها تقييم المناهج التعليمية الفلسطينية بالنسبة إلى المعايير الدولية الموضوعة من قبل الأمم المتحدة، وهذه المعايير عالمية".
ولا ينفي عثمان وجود بعض الملاحظات على المناهج الفلسطينية التعليمية على الرغم من جودتها العالية، مؤكداً أن "الاتحاد الأوروبي قرر العمل في الفترة الحالية على مناقشة تلك الملاحظات المأخوذة على الكتب، مع الجانب الفلسطيني".
وترى المنظمات الدولية المانحة أن تدخلها في المنهاج الفلسطيني يأتي لـ"ضمان تعزيز مبادئ السلام والتسامح"، في حين أن "التدخلات والتغييرات التي تفرضها غير منطقية" من وجهة نظر القائمين على التعليم في غزة.

نقص في القضايا الوطنية

في المقابل، يعتبر مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، محمود مطر، أن "التدخل في المناهج الدراسية مبني على تبني رؤية إسرائيل التي تحرض على الكتب المدرسية، وتدعي أنها تدعو إلى العنف وتعظم أعمال الفصائل، لكن في الحقيقة، فإن المنهاج الفلسطيني يعاني نقصاً في جانب القيم الوطنية التي لا بد من تقويتها"، مستغرباً "الادعاءات التي تفيد بأنه يحرض على عدم التسامح ونبذ مبدأ السلام أو الحيادية". ويضيف مطر "كل دولة في العالم تقوم بإعداد كتبها الدراسية بما ينسجم مع قضيتها، وخلال المنهج تعرض تاريخها. وهذا المبدأ في إعداد المواد التعليمية أيضاً، تقوم به أوروبا بشكل مستقل، لذلك المنهاج الفلسطيني مستقل ويجب أن يتم إعداده فلسطينياً وفق التوجهات الوطنية، ومن دون أي تدخلات أو شروط".
ويلفت مطر إلى أن "هناك خطوطاً حمراء في المنهاج لا يمكن تجاوزها وهي الثوابت الوطنية، والحقوق المكفولة للفلسطينيين في القانون الدولي وفي قرارات الأمم المتحدة".


تعديلات مطلوبة

ومن الإصلاحات التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي من أجل استئناف الدعم المالي إزالة كل ما يدعو إلى العنف ضد إسرائيل، وتغيير مصطلحات تصف القتيل بكلمة "شهيد"، كما يجري الحديث حول ملفات حقوق الإنسان والثوابت الفلسطينية، ووضع القدس، إذا هي عاصمة فلسطين أو إسرائيل، وحق العودة واللاجئين والأسرى والانتهاكات الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، يوضح مطر أن "هذه التعديلات تتماهى مع التقارير الإسرائيلية التي تحرض ضد المناهج الفلسطينية، واعتمدها الاتحاد الأوروبي وعليه قرر ربط تمويله بإجراء إصلاحات على الكتب الدراسية".
وعلى الرغم من نفي البعثة الأوروبية ربط التمويل بإصلاح المناهج الدراسية، فإن لجنة الميزانيات التابعة للاتحاد الأوروبي أقرت تعديلاً على ميزانيتها لعام 2022، لحجب الأموال المخصصة لدعم السلطة الفلسطينية ورهنها بإجراء مراجعات للمنهج الدراسي.
ويقول مسؤول الاتحاد الأوروبي أوليفر فارهيلي إنه "يجب اعتبار شروط مساعدتنا المالية في قطاع التعليم الفلسطيني على النحو الواجب، بإجراء تعديلات على المناهج بما ينسجم ومعايير الأمم المتحدة ويونسكو، لذلك فرضنا شروطاً أكثر صرامة على المساعدات الأوروبية لقطاع التعليم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رفض "سياسة الابتزاز"

من ناحيتها، وعدت وزارة التربية والتعليم الدول المانحة بمراجعة الكتب المدرسية وإجراء تعديلات عليها. وبالفعل قامت بذلك، وغيرت كل المناهج الدراسية التي تدرسها الطلاب، والتزم قطاع غزة الكتب الجديدة الواردة إليه من الضفة الغربية، كونها آتية من إدارة واحدة، وانطلاقاً من مبدأ أن لا علاقة للتعليم بالخلافات السياسية، فضلاً عن أن الدروس التعليمية تنسجم مع ثوابت القضية الفلسطينية.

التعديل الذي أجري على المناهج الدراسية كان جذرياً، إذ قالت الوزارة حينها إن "الإصدار الجديد للكتب جاء بعد عملية إصلاح شاملة، بما لا يخل بثوابت القضية الفلسطينية وينسجم في ذات الوقت مع مبادئ السلام والتسامح التي تدعو لها الأمم المتحدة".
إلا أن هذه التعديلات لم تعجب إسرائيل، التي قالت إن الكتب الجديدة تحمل القضايا ذاتها التي أثارها الاتحاد الأوروبي، وما زالت تحرض على العنف، والأكثر تلك التي تُدرس في قطاع غزة، بخاصة أن المعلمين هناك لا يلتزمون مبدأ الحياد في توصيل المعلومات إلى التلاميذ، ودائماً يتبنون وجهات نظر سياسية تدعم رؤية الفصائل.
ويقول المدير العام للمناهج في وزارة التربية والتعليم، ثروت زيد، إن "التعديلات أُدخلت على المناهج بما يتناسب وتطورات القضية الفلسطينية وليس استجابةً للضغوط، والدليل أن إسرائيل والاتحاد الأوروبي يقران بأن الكتب ما زالت تحتوي على مواد تعليمية غير مرغوب بها"، مشيراً إلى عدم القبول بـ"سياسة اليورو مقابل تعديل المناهج لأن ذلك يُعد ابتزازاً وليس حيادية".

المزيد من الشرق الأوسط