Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصبح مستقبل صناعة النفط في روسيا على صفيح ساخن؟

شركات محلية تبحث عن مشترين جُدد في آسيا وسط خطط موسكو لتوسعة خطوط أنابيب حالية تتجه إلى الصين

أسعار الوقود في صعود مع توتر الأزمة الأوكرانية (أ ف ب)

بعد أسبوع من جولة المسؤولين التنفيذيين الغربيين من "إكسون موبايل" و"بريتيش بيتروليوم" و "شل" وغيرها من الشركات التي شجبت هجوم موسكو العنيف على أوكرانيا، يبدو أن الاضطرابات في صناعة الطاقة الروسية قد بدأت للتو. وبعد ثلاثة عقود من رعاية الاستثمارات بعناية، في ما كان دائماً بيئة سياسية صعبة، تستعد الشركات للمُضي قُدماً بسرعة، وفق مجالس إدارتها، لكن ذُروة التدخل الغربي في روسيا مرت منذ سنوات، مدفوعةً جزئياً بالغضب من ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في عام 2014. ومع ذلك من المرجح أن تشهد صناعة النفط الروسية إعادة صياغة مُوجعة حول كيفية عملها في الأسابيع والأشهر وحتى السنوات المقبلة. على المدى القصير، لن يأتِ هذا الحساب المؤلم كثيراً بسبب مغادرة شركات النفط الممتازة، بل لأن النفط والغاز الروسيَين أصبحا فجأة "سامَّين" للعديد من المشترين. 

 معاقبة روسيا

الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن فرض حظر على واردات النفط الروسية إلى الولايات المتحدة، في خطوة تهدف إلى معاقبة روسيا بشكل أكبر. وفي وقت سابق، قالت شركة "شل "، أكبر شركة نفط في أوروبا، إنها ستتوقف عن شراء النفط والغاز في البلاد و "تنسحب من مشاركتها في جميع المواد الهيدروكربونية الروسية. واعتذرت عن شراء النفط الروسي بخصومات في توقيت الاجتياح الروسي لأوكرانيا. 
إلا أنه على الرغم من الغزو، بقي النفط الروسي وقوداً مهماً في أوروبا والأسواق الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث شكل حوالي 7 في المئة من الواردات. والآن، يُباع الخام الروسي المعروف باسم الـ"أورال" إما بتخفيضات كبيرة على خام برنت، وهو المعيار الدولي، أو لا يُباع على الإطلاق. وخارج الولايات المتحدة، تدرس دول أخرى ما إذا كانت ستفرض حظراً على واردات الطاقة الروسية.  السؤال الذي تواجهه الصناعة الروسية الآن هو ما إذا كانت ستُخفًض الإنتاج مرة أخرى، إذ تنتج روسيا حوالي 10 في المئة من إمدادات النفط العالمية. 

 وتقول تاتيانا ميتروفا، الخبيرة في الصناعة الروسية والزميلة في مركز كولومبيا لدراسات الطاقة العالمية لصحيفة نيويورك تايمز: "لا يوجد سبب لإنتاج المزيد من النفط إذا أصبح من الصعب بيعه".  وستقوم الشركات الروسية بالتسوق بحثاً عن مشترين جُدد في آسيا ومناطق أخرى حيث يكون الغضب بشأن أوكرانيا أقل وضوحاً. وقالت ميتروفا إنه بمرور الوقت "سيكون هناك توجه هائل لتدفقات النفط والغاز من الأسواق الأوروبية، أولاً وقبل كل شيء إلى الصين، متوقعة بأن تُسرع روسيا في توسيع خطوط أنابيب النفط والغاز الحالية إلى الصين.  لكن على المدى الطويل، أصبح مستقبل الصناعة الروسية، التي تمول جزءاً كبيراً من ميزانية الحكومة غائماً. فالصين لا تدفع سوى جزء بسيط من سعر الغاز الطبيعي الروسي الذي يدفعه الآن العملاء في الدول الأوروبية الغنية مثل ألمانيا وإيطاليا. وتُعد الحقول الجديدة التي تطورها روسيا حول القطب الشمالي "جديرة بالملاحظة لظروف التشغيل القاسية والتكاليف المرتفعة"، وفقاً لدراسة حديثة أجرتها شركة أبحاث "إنيرجي أسبكتس".  في الماضي، اتخذت الشركات الغربية مشاريع صعبة مثل التنقيب البحري والغاز الطبيعي المسال أو تطوير الغاز الطبيعي المسال، مع ترك المهام البسيطة للمنافسين الروس. 

الصناعة النفطية الروسية ستصاب بالصداع 

وفي 2 مارس (آذار) الحالي قالت شركة "ترافيغ" وهي شركة تجارية مقرها سنغافورة بأنها تمول جزءاً من شركة "فوستوك"، التي تقودها الدولة الروسية تحت مظلة "روسنفت" حيث بدأت "تراجع الخيارات" الآن وذلك في ما يتعلق بحيازتها البالغة 10 في المئة والبالغة قيمتها 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار).   وقد تكون "فوستوك"، وهي مجموعة من المشاريع بحجم بحر الشمال، أمل روسيا في السنوات المقبلة لكن ميتروفا والمتخصصين الآخرين يقولون إن الصناعة الروسية ربما تستمر في العمل لبعض الوقت حتى بعد بيع الشركات الكبيرة أو التخلص منها بطريقة أخرى.   وبالطبع، عندما يغادر المئات من الخبراء التقنيين والمديرين الغربيين المقيمين في روسيا، فسيتم تفويتهم، ويمكن للصناعة الروسية أن تصاب بالصداع في محاولة العثور على قطع غيار عالية التقنية وتحديثات للبرامج.  ومع ذلك، فإن المشاريع التي تشارك فيها شركات غربية لا تمثل سوى حوالى 15 في المئة من إنتاج النفط الروسي، بحسب أرقام ميتروفا. ويقول المحللون "إن روسيا لديها صناعة نفط وغاز كبيرة مع موظفين مُدربين يُمكنهم تشغيل معظم المنشآت". وقال سيركان شاهين، المحلل الذي يتابع النفط الروسي في "إنرجي أسبكتس": "من السهل جداً العثور على فنيين روس للعمل في هذه المشاريع".  فقبل غزو أوكرانيا بفترة طويلة، توقفت الشركات الغربية إلى حد كبير عن اعتبار روسيا جزءاً مهماً من مستقبلها. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وفي عام 2018، أُجبرت "إكسون موبيل" على الانسحاب من مشروعها الروسي الواعد، وهو التنقيب في القطب الشمالي، بسبب العقوبات المفروضة بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. وأعلنت "إكسون" الأسبوع الماضي أنها ستنهي مشاركتها في مشروع نفط وغاز عمره ربع قرن في جزيرة سخالين في الشرق الأقصى الروسي. كما أن شركة "شل" أيضاً أعلنت انسحابها في سخالين، حيث تمتلك حصة أقلية في مشروع للغاز الطبيعي المسال، وقالت أيضاً إنها ستخرج من الاستثمار.  كما كانت شركة "بريتيش بتروليوم" تخرج ببطء من روسيا. وفي عام 2013، تخلت عن مشروع مشترك يسمى "تي أن كي- بي بي" (TNK-BP)، والتي كانت قد شكلتها مع مجموعة نفطية قبل 10 سنوات، وباعتها إلى "روسنفت" الروسية مقابل 12.5 مليار دولار نقداً وحصة تقارب 20 في المئة كان مطلوباً الحصول عليها في شركة تسيطر عليها الدولة.  كما كانت ملكية "روسنفت"، حتى وقت قريب، قيّمة للغاية بحيث لا يمكن الابتعاد عنها  حيث ربطتها شركة "بريتيش بتروليوم" بـ 14 مليار دولار في نهاية عام 2021 بعدد من المشاريع، ولكنها أيضاً غير مربحة بشكل متزايد لعملاق غربي يبتعد عن النفط ومستثمريه.  وقال أوزوالد كلينت، المحلل في شركة بيرنشتاين للأبحاث، "أعتقد أنه كان قراراً سهلاً". 

مشاريع مشتركة

أما الاستثناء الصارخ فكانت "توتال إنيرجيز"، الشركة الفرنسية، التي واصلت الاستثمار في مشاريع الغاز الطبيعي المسال العملاقة في القطب الشمالي الروسي بعد فرض عقوبات القرم.  وتمتلك "توتال إنيرجيز" أيضاً ما يقرب من خُمس شركة "نوفاتيك" الروسية المنتجة للغاز الطبيعي والتي تعد المالك الرئيسي لمنشآت القطب الشمالي. في حين صرحت شركة "توتال إنيرجيز" أخيراً أنها لن تستثمر في مشاريع جديدة في روسيا، ولكن يبدو أنها تبحث في مشاريع الغاز الطبيعي - ومن غير المتوقع أن يبدأ إنتاج أحدها حتى عام 2023.  وهناك بالطبع مسألة ما إذا كانت شركات النفط ستُغادر بالفعل. فهم لم يبيعوا أي شيء بعد، وإذا قرر فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، وقف الحرب وإعادة تأهيلهم، فقد يتم إقناعهم بتغيير رأيهم.

المزيد من البترول والغاز