Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو النفط : الأسعار تحلق والأسواق تراقب دخان الحرب

حظر الخام الروسي قد يدفع "برنت" نحو 200 دولار مع نهاية مارس الحالي

قفزت أسعار النفط اليوم الإثنين إلى أعلى مستوياتها منذ العام 2008 لمخاوف متعلقة بالإمدادات، بسبب إعلان الولايات المتحدة أنها تدرس مع حلفائها الأوروبيين فرض حظر على استيراد النفط الروسي واحتمال تأخر عودة الخام الإيراني للأسواق العالمية. وخلال الدقائق القليلة الأولى من التداول وصل خام "برنت" إلى 139.13 دولار، وبلغ خام "غرب تكساس" الوسيط الأميركي 130.50 دولار. وبذلك سجل كلا الخامين القياسيين أعلى مستوياتهما منذ يوليو (تموز) 2008. وقال مسؤول أمني إيراني كبير اليوم الإثنين إن آفاق المحادثات النووية "لا تزال غير واضحة". وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إنه يمكن التوصل إلى اتفاق بسرعة إذا قبلت واشنطن النقاط التي طرحتها طهران.
وأكد محللون إن إيران ستحتاج إلى أشهر عدة لاستعادة تدفقاتها النفطية حتى ولو توصلت إلى اتفاق نووي.

وكانت أسعار النفط، قد صعدت اليوم مبكرا في بداية أسبوع دراماتيكية، لأعلى مستوى منذ عام 2008، بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها تناقش فرض حظر على استيراد النفط من روسيا، ثاني أكبر منتج للخام في العالم، ما أثار مخاوف من حدوث أزمة قاسية في الإمدادات، كما تلقت الأسعار دعماً قوياً بسبب التأخر في اختتام المحادثات النووية الإيرانية، بالتالي التأخير في احتمال عودة الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية التي تعاني بالفعل تعطل الإمدادات الروسية. وبذلك تصل مكاسب النفط منذ بداية العام الحالي بأكثر من 67 في المئة لكل منهما متجاوزة ما حققته في عام 2021 بالكامل بأكثر من 50 في المئة، وتقربه من أعلى مكاسب سنوية في 1999.

حظر الواردات الروسية

في الوقت ذاته أوضح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، إن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين يدرسون حظر واردات النفط الروسية، لكنه شدد في المقابل على أهمية استقرار إمدادات الخام عالمياً. وأضاف، "نجري الآن مناقشات نشطة جداً مع شركائنا الأوروبيين بشأن حظر واردات النفط الروسي إلى بلادنا، بينما نحافظ بالطبع في الوقت ذاته على إمدادات عالمية ثابتة من الخام". وجاءت تعليقات الوزير الأميركي بينما تواصل أسعار النفط صعودها القياسي، بعد أن فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على روسيا في أعقاب غزوها أوكرانيا. ولدى سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة استبعدت أحادياً من جانبها حظر واردات النفط الروسية، قال بلينكن، "لن أستبعد اتخاذ إجراء بطريقة أو بأخرى، بغض النظر عما يفعلونه، في كل خطوة نتخذها تبدأ بالتنسيق مع الحلفاء والشركاء". واستوردت الولايات المتحدة في المتوسط أكثر من 20.4 مليون برميل شهرياً من الخام ومنتجاته المكررة خلال ​​عام 2021 من روسيا، أي نحو ثمانية في المئة من واردات الوقود السائل الأميركية، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طالب منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بزيادة الإنتاج لسد الفجوة المحتملة في إمدادات الطاقة من روسيا التي تقود 10 منتجين من خارج "أوبك" ضمن التحالف النفطي "أوبك+". وحافظ تحالف "أوبك+" في آخر اجتماع وزاري له، مطلع الشهر الحالي، على خطة الزيادة التدريجية بنحو 400 ألف برميل يومياً في أبريل المقبل متجاهلاً الطلب الأميركي، ومؤكداً أن ارتفاع الأسعار ناجم أساساً عن التوتر الجيوسياسي ولا علاقة له بالعرض والطلب.

ووفق محللين فإن أسعار النفط سترتفع أكثر مما هي عليه الآن هذا الأسبوع بسبب تأخر اختتام المحادثات النووية الإيرانية، وبالتالي عدم عودة النفط الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية التي تعاني بالفعل من اضطراب الإمدادات الروسية. في وقت توقعوا أن يدفع قرار حظر النفط الروسي الأسعار نحو مستوى 200 دولارا في وقت تراقب فيه الأسواق دخان الحرب في أوكرانيا .

على صعيد متصل أشارت " بلومبيرغ " إلى أن تجارا أقبلوا على شراء عقود الخيارات مرجحين أن تزيد ارتفاعها بعد بلوغها أعلى مستوى منذ عام 2008، فيما وضع البعض رهانات منخفضة التكلفة على أن العقود الآجلة سترتفع فوق 200 دولار قبل نهاية مارس ( أذار) . 

المخزونات والاستهلاك  

وقال الشريك المؤسس لمعهد أبحاث "إنرجي أسبكتس" أمريتا سين إن "إيران كانت العامل الوحيد الداعم لنزول الأسعار الذي يخيم على السوق، أما إذا تأخر الاتفاق الإيراني الآن فربما نستهلك المخزونات بسرعة أكبر، بخاصة إذا ظل النفط الروسي بعيداً من الأسواق لفترة طويلة". وقال محللون من "جيه بي مورغان" الأسبوع الماضي إن النفط قد يرتفع إلى 185 دولاراً للبرميل مع نهاية هذا العام. وتصدر روسيا حوالى سبعة ملايين برميل يومياً من النفط والمنتجات المكررة، أي ما يعادل سبعة في المئة من الإمدادات العالمية. كما واجهت بعض الصادرات النفطية من كازاخستان التي تستخدم موانئ روسية صعوبات.

وفي الوقت ذاته يؤكد متخصصون أن "إيران ستحتاج أشهراً عدة قبل استعادة التدفقات النفطية، حتى إذا تم التوصل إلى الاتفاق النووي".  وقالت مجموعة "يوراسيا" للأبحاث "إن المطالب الروسية الجديدة قد تعرقل المحادثات النووية على الرغم من أنها أبقت على احتمالات التوصل إلى اتفاق عند 70 في المئة."

200 دولار للبرميل  

وقد ترتفع الأسعار العالمية للنفط الخام إلى 200 دولار للبرميل إذا تم حظر النفط والغاز الروسي كما يحذر الرئيس التنفيذي لشركة "بيونير ناتشورال ريسورسز" سكوت شيفيلد، أكبر مشغل للنفط الصخري في الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن شيفيلد قوله إن "الطريقة الوحيدة لوقف بوتين هي حظر صادرات النفط والغاز". وأضاف، "لكن إذا أعلن العالم الغربي أننا سنحظر النفط والغاز الروسيين فسيرتفع سعر النفط من 150 دولاراً إلى 200 دولار للبرميل بسهولة".   وحذر شيفيلد من أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على استبدال إمدادات الخام من روسيا عام 2022، مؤكداً أن الأمر سيستغرق أشهراً عدة حتى تتمكن رقعة النفط الصخري الأميركية من إحداث التعزيز اللازم لإنتاجها.

النفط الصخري الأميركي   

وقال شيفيلد إن رقعة النفط الصخري في أميركا أعاقتها قيود سلاسل التوريد ومطالب "وول ستريت" بأن يستخدم المشغلون أرباحهم المفاجئة في أسعار النفط بدلاً من حفر مزيد من الآبار، متوقعاً أن يستغرق الأمر أشهراً عدة لتعزيز الإنتاج بشكل حاد. ويبلغ إنتاج النفط الأميركي حالياً 11.6 مليون برميل يومياً، وهو أقل بكثير من ذروة ما قبل الوباء بالقرب من 13 مليون برميل في اليوم، وكانت شركة "بيونير ناتشورال ريسورسز" ومقرها تكساس كشفت في وقت سابق عن خطط لزيادة إنتاج النفط بما لا يزيد على خمسة في المئة هذا العام.

وقال شيفيلد "إن مناطق الصخر الزيتي مثل غرب تكساس ستزيد الإنتاج بنحو 700 ألف برميل في اليوم هذا العام، ويمكن أن يتضاعف معدل النمو إلى 1.4 مليون برميل في اليوم بحلول عامي 2023 و2024". وأضاف، "لا يمكننا التغيير هذا العام"، في إشارة إلى خطط الإنتاج الخاصة بمشغلي النفط الصخري. وتابع، "إنني أتحدث عن خطة من عامين إلى ثلاثة أعوام، فالنفط الصخري الأميركي حتى لو أضاف شخص ما جهاز حفر فسيستغرق الأمر من ستة إلى ثمانية أشهر للحصول على أول إنتاج".  وزاد، "هناك نقص في العمالة وأسطول الحفر والحفارات والرمال".  

معاناة المنتجين

وإلى جانب مخاوف تعطل التدفقات الروسية، قد تضيق أسواق النفط العالمية ومعاناة المنتجين مثل ليبيا من مشاكل الإمداد، وفقاً لمجموعة "فيتول"، أكبر متداول خام مستقل في العالم. وقال مايك مولر، رئيس قسم آسيا في مجموعة "فيتول"، لوكالة "بلومبيرغ"، "لدينا كثير من المنعطفات الحالية والمقبلة في أسواق النفط، بينما أعتقد أن العالم يضع أسعاراً بالفعل في حقيقة أنه سيكون هناك عدم قدرة على استيعاب كمية كبيرة من النفط الروسي في نصف الكرة الغربي، لا أعتقد أننا قمنا بتسعير كل شيء حتى الآن". وأضاف مولر أن السوق قد تشهد "تخلفاً أكثر حدة"، مشيراً إلى نمط صعودي، إذ تكون العقود الآجلة قريبة المدى أغلى من العقود الآجلة، لأن المتداولين الفعليين يندفعون لتأمين الإمدادات في أسرع وقت ممكن.

وقال إيثان هاريس كبير الاقتصاديين في "بنك أوف أميركا" لوكالة "رويترز"، "إذا أوقف الغرب معظم صادرات الطاقة الروسية فسيكون ذلك صدمة كبيرة للأسواق العالمية"، وقدر هاريس أن فقد الأسواق خمسة ملايين برميل من النفط الروسي قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار إلى المثلين إلى 200 دولار للبرميل أيضا .

وتعكس وجهات نظره آراء عديد من صناديق التحوط للسلع الأساسية وبنوك "وول ستريت" مثل "غولدمان ساكس"، التي تقول إن النفط قد يصل إلى 150 دولاراً للبرميل في الأشهر الثلاثة المقبلة.

وتوقع بنك "جيه بي مورغان" في مذكرة أن خام برنت قد ينهي العام عند 185 دولاراً للبرميل إذا استمرت الإمدادات الروسية في التعطل، مضيفاً أن 66 في المئة من النفط الروسي يكافح حالياً للعثور على مشترين. وقال بنك الاستثمار الأميركي إن حجم صدمة المعروض كبير على المدى القصير لدرجة أن أسعار النفط بحاجة إلى الوصول إلى 120 دولاراً للبرميل والبقاء عليها أشهراً عدة، على افتراض أنه لن تكون هناك عودة فورية للخام الإيراني.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز