Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل ساخن في العراق بين وزير المالية والصدريين

علاوي يرفض حضور جلس استضافته باعتبار الاستدعاء "خارج صلاحيات" الزاملي

دعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي إلى إصدار أمر منع سفر بحق وزير المالية علي عبد الأمير علاوي لحين إكمال متطلبات حضوره إلى مجلس النواب (أ ف ب)

أثار رفض وزير المالية العراقي، علي عبد الأمير علاوي، حضوره جلسة استضافته بمجلس النواب العراقي، السبت الماضي، 19 فبراير (شباط)، جدلاً ساخناً على الصعيدين السياسي والشعبي، ومن الأسباب التي أوردها علاوي لرفض الذهاب للبرلمان، وفقاً للرسالة، أن الاستدعاء هو "خارج صلاحيات" حاكم الزاملي النائب الأول لرئيس البرلمان، كما رفض علاوي "إدارة الحكومة تماماً، من خلال تغريدات القادة السياسيين، بغض النظر عن شعبيتهم ومكانتهم"، في إشارة منه إلى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي قدّم في تغريدة، الخميس الماضي، ستة مقترحات بشأن سعر صرف الدولار، من بينها استدعاء وزير المالية ومحافظ البنك المركزي تحت قبة البرلمان، وتنظيم سوق العملة العراقية بصورة مركزية، وسنّ "بعض القوانين التي تزيد في قيمة سعر صرف الدينار العراقي"، كما دعا الصدر إلى النظر في أمر بعض البنوك، مثل بنك الشرق الأوسط القابض والأنصاري، العائدة لبعض الأشخاص المتحكمين بالعملة، وبعض المصارف الأهلية الأخرى.

وكانت الحكومة العراقية قد قررت في ديسمبر (كانون الأول) 2020 سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، في إطار مساعيها لمعالجة العجز المالي الذي يواجه البلد، وشكل قرار رفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي أثراً كبيراً على حركة السوق والأسعار، ما انعكس بشكل سلبي على الواقع المعيشي للشعب، وخصوصاً الطبقة الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود.

الورقة البيضاء

وقالت وزارة المالية العراقية في بيان، إن "تغيير سعر صرف الدينار جاء بالتزامن مع تطبيق مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقت الحكومة العراقية عليه اسم "الورقة البيضاء"، وكان خياراً ضرورياً لإصلاح النظام الهيكلي للاقتصاد العراقي"، مضيفة أن "تغيير سعر الصرف أعطى قوة كبيرة في المفاصل الاقتصادية للبلاد، وهو يتوافق مع تصريحات البنك المركزي التي أكدت أن رفع سعر الصرف أدّى إلى زيادة إمكانية تنافس المنتج المحلي، ولتخفيض ضغط النفقات على وزارة المالية بنسبة 23 في المئة، ما مكَّن وزارة المالية من تجاوز الأزمة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عالمياً خلال 2020 والأشهر الأولى من 2021".

وبيّنت أن إحصاءات المنظمات الدولية المختصة تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تسعة في المئة للنصف الأول من عام 2021، ونمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تزيد على 21 في المئة بالنصف الأول من عام 2021، وهذا يعود لقوة الأداء في قطاعات الخدمات بعد تخفيف تدابير الوقاية من فيروس كورونا المستجد، وقلل هذا الانتعاش التلكؤ في قطاع النفط بنسبة 10 في المئة في النصف الأول من عام 2021، حيث عدل العراق حصته في منظمة "أوبك"، ومنذ ذلك الحين، زادت "أوبك" من حصة إنتاج الدول الأعضاء تدريجياً، ما انعكس على زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ معدل التضخم العام والأساسي في العراق للفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) 2021، حيث بلغ 5.2 في المئة و6.3 في المئة على التوالي، بسبب زيادة الطلب المحلي وعدم كفاية المعروض السلعي على تلبية كامل الطلب المتزايد، إلى جانب تأثر التضخم إيجاباً بسبب انخفاض أسعار الواردات في بعض البلدان المصدرة التي تواجه تدهوراً في قيمة عملاتها المحلية .

منع سفر

ودعا النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي إلى إصدار أمر منع سفر بحق وزير المالية علي عبد الأمير علاوي لحين إكمال متطلبات حضوره إلى مجلس النواب، وحمّل الزاملي وزارة الداخلية والاستخبارات الموجودتين في المطار مسؤولية ذلك، "لحين إكمال متطلبات حضوره إلى مجلس النواب والإجابة عن الأسئلة، بعد ذلك من حقه الاستقالة أو البقاء". وأضاف أن "طلب استضافة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي جاء بعد تواقيع أكثر من 50 نائباً"، مؤكداً في الوقت نفسه أنه "ليس لدينا أي خلاف مع وزير المالية". وأشار الزاملي إلى أن وزير المالية "نقل تجاربه الخاسرة للشركات التي أدارها خارجاً إلى العراق، ولم يقدم أي شيء لهذا البلد، وأسهم بارتفاع ديون العراق إلى 27 تريليون دينار في عام واحد فقط". ونوه إلى أن وزارة المالية "لم ترسل حساباتها المالية حتى الآن، ولم تتخذ أي إجراءات لاستحصال الديون لدى شركات الاتصال، والأموال المهربة والفضائيين". وأكد النائب الأول لرئيس البرلمان في بيان، أن "البنك المركزي هيئة مستقلة تحت إشراف السلطة التشريعية، ونحن مسؤولون عن متابعة السياسة المالية، وواهم كل من يسعى لتعطيل دور البرلمان التشريعي والرقابي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبلغ سعر الصرف الذي حدده البنك المركزي 1450 ديناراً للدولار الواحد، بدلاً من السعر السابق البالغ 1190 ديناراً. وعزت الحكومة العراقية قرار الخفض في حينه إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك"، نتيجة انخفاض أسعار الخام.

وهاجم النائب عن الكتلة الصدرية غائب العميري وزير المالية على خلفية تصريحات للأخير، قائلاً، "نرفض تصريحاتك وردة الفعل غير المتزنة"، مضيفاً، "بدوت خائفاً من الاستقدام". وجاء في بيان صحافي صادر عن مكتب العميري، "نرفض التصريحات المنفعلة وردة الفعل غير المتزنة من علاوي الذي بدا خائفاً من الاستقدام، ومخالفاً الأسس الدستورية في المثول للمؤسسة التشريعية". وخاطب العميري علاوي مضيفاً، "ولتعلم يا هذا، أن الصدريين هم ملح الأرض وأبناء الوطن وإخوة لباقي مكونات الشعب الذي يفترض بك أن تكون خادماً له وعاملاً في سبيل راحته ورفاهيته". وتابع، "فكما أنك تنتمي لعائلة طيبة تفتخر بها، فنحن، الصدريين، أسرة نجيبة وشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء وثمارها خطوات الإصلاح التي ستطيح بكل خرف فاشل أو خائف، حتى يحق الحق ويزدهر الوطن".

خرق دستوري وقانوني

كما طالب الحزب الديمقراطي الكردستاني، بتقديم وزير المالية إلى القضاء، وقال القيادي في الحزب النائب محما خليل علي آغا، في بيان صحافي، إن "على وزير المالية توضيح أسباب تأخير صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، إذ إن هذا التأخير خرق دستوري وقانوني يثير الشكوك والريبة بوجود مصالح خاصة، بجني فوئد مالية جراء هذا التأخير، متسائلاً، "أين تذهب هذه الفوائد المترتبة على تأخير الرواتب البالغة تريليونات الدنانير العراقية". وعدّ علي آغا في بيانه أن "وزير المالية العراقي كبل العراق بالديون، عن طريق الاقتراض من دول العالم وصندوق النقد الدولي، والتي ألقت بظلالها على المواطن"، مشيراً إلى "الشروط التعجيزية التي كبلت العراق التي كان من نتائجها أن 50 في المئة من مشاريع الموازنة العامة لم تنفذ، وهذا خطر أدى إلى تحطيم سعر صرف الدينار العراقي، وعكس السياسة المالية للوزارة في طريقة إدارتها الملف المالي، فلا توجد أي دولة في العالم تقوم بتحطيم سعر عملتها الوطنية باستثناء وزارة المالية العراقية بحجج وذرائع غير مقبولة". وأضاف، "هذه التصرفات تشكل خطراً كبيراً على البلد والمواطن والممتلكات وترقى إلى مستوى الخيانة"، مؤكداً أننا "سنقوم، في الأيام المقبلة، بالتحقيق بانخفاض سعر الدينار مقابل الدولار". وتابع أن "هذه الممارسات المالية أدت إلى هشاشة السوق المالية العراقية على الرغم من رفع العقوبات عن البلاد والقيام بدفع ديون الكويت وارتفاع أسعار النفط ووصوله إلى 90 دولاراً للبرميل الواحد، فضلاً عن استقرار النظام الديمقراطي في العراق والتداول السلمي للسلطة".

ورأى أنه "كان من المفترض أن يرجع الدينار إلى ما قبل فرض العقوبات الدولية في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن إجراءات وزارة المالية الخالية من وجود رؤية اقتصادية واضحة، وبإجراءات فاشلة من قبل الوزير أدت إلى تدمير العملة الوطنية وتأخير رواتب الموظفين والمتقاعدين، وطالب آغا "بتقديم وزير المالية إلى القضاء"، مؤكداً مساندته "موقف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لوقوفه إلى جانب مصلحة البلد، إذ إنه أثبت حرصه على جميع العراقيين، وبخاصة الفقراء". وأضاف، "موقف الصدر أثبت أنه زعيم سياسي، إضافة إلى زعامته الشعبية، فموقفه مقدمة جديرة لمعالجة وحل مشاكل البلاد الاقتصادية وإخراجها من سطوة الشخصيات المتسلطة على الملف الاقتصادي العراقي التي أدت إلى هذه النتائج الكارثية لبلد مثل العراق هو الأغنى بالمنطقة، وشعبه من أفقر الشعوب". وتابع، "سنعمل مع الكتلة الصدرية وبقية النواب لتفعيل الدور الرقابي في البرلمان، وسندعم موقف النائب الأول حاكم الزاملي بمطالبته وزير المالية بالحضور إلى مجلس النواب، وعدم السماح له بالتلاعب بقوت المواطن". وعبر عن قناعته بأن "أصحاب هذه المبادرات سيعززون دور البرلمان الرقابي بالمصادقة على الموازنة".

مجلس القضاء الأعلى ومنع السفر

وسط هذه الأجواء، أكد الخبير القانوني المستشار سالم حواس الساعدي، أن مجلس النواب لا يملك الحق في منع سفر وزير المالية أو غيره من المواطنين إلا بناءً على قرار صادر من القضاء. وقال الساعدي في بيان، إن "كتاب النائب الأول لرئيس مجلس النواب المؤرخ في 2022/2/19 الموجه للادعاء العام بمنع سفر وزير المالية هو مخالف للقانون وأصول المحاكمات الجزائية والمرافعات المدنية وقانون الجمارك والقوانين المختصة". وأضاف أن "مجلس القضاء الأعلى هو الجهة الوحيدة التي تملك الحق في منع سفر وزير المالية أو غيره"، مبيناً أن "الاختصاص القانوني بكل أشكاله قد حدد ذلك وفق قوانين المرافعات المدنية وقانون الجوازات وقانون الجمارك". وتابع أن "أمر الدفاع عن السلامة الوطنية لسنة 2004 يبيح لرئيس مجلس الوزراء منع السفر بشرط حالات الطوارئ، وأيضاً بشرط عرض الأمر على القضاء بكل الأحوال". وأوضح أن "مبررات منع السفر هي لضمان عدم هروب المتهم خارج البلاد كإجراء وقائي صادر عن السلطة القضائية المختصة وضمن إجراءات القضاء المستعجل"، مبيناً أن ذلك يستلزم شرط وجود دعوى جزائية أو مدنية، وقرار بمنع السفر، بحسب قناعة السلطة القضائية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي