Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوريس جونسون يتصدر أخبار الاعلام الأميركي ويضر بسمعة بريطانيا

لا يبشر الأمر بالخير للبلاد وثمة تقارير سابقة أفادت عن عدم ثقة بايدن به بسبب علاقته مع ترمب

الجنرال يانس ستولتنبرغ (يمين الصورة)، سكرتير عام حلف الناتو، يرحب ببوريس جونسون أثناء زيارة الأخير إلى مقر قيادة الحلف في بروكسل، بلجيكا، 10 فبراير 2022 (رويترز)

يمكنك التيقن من وجود أزمة في "ويستمنستر" [مقر الحكومة البريطانية] حينما يبدأ الأميركيون في الاهتمام بالموضوع. يوم الاثنين الفائت، نشرت صحيفة "تايمز" افتتاحية بقلم آندرو مار، الذي قد يكون أكبر الصحافيين السياسيين البريطانيين شأناً. ولكن النقطة الأهم في ذلك هي أن الصحيفة المعنية ليست "تايمز" التي تصدر من لندن والمعروفة في كل أرجاء المملكة المتحدة، بل كانت الـ"نيويورك تايمز".

وليس المقال سوى آخر ما نُشر في إطار التغطية الإعلامية السلبية الهائلة التي تلقاها بوريس جونسون في تلك الضفة من المحيط الأطلسي. قياساً إلى معايير الصحافة الأميركية المهتمة بشكل شبه حصري بالحوادث الداخلية، فقد حصلت "فضيحة الحفلة" (بارتي غايت) أو فضائحها، على تغطية موسعة بشكل استثنائي. الأسبوع الماضي، صدمتني تغطية شبكة "سي أن أن" المباشرة لجلسة الأسئلة إلى رئيس الوزراء. ثم أخذ جدي، الأميركي الأرستقراطي المستقر في ولاية "تينيسي"، يطرح عليَّ الأسئلة حول موقف بوريس جونسون بعد متابعته تقريراً بشأن المحن المحيطة به على برنامج "وورلد نيوز تونايت" [حرفياً، أخبار العالم الليلة] الذي تبثه محطة "آي بي سي".

لا يعرف عديد من الأميركيين حتى اسم رئيس الوزراء البريطاني منذ عمل توني بلير على مساعدة جورج دبليو بوش في غزو العراق (وكلنا نذكر كم كانت تلك المساعي موفقة). وقبل أن أتمكن من أن أشرح لجدي التفاصيل الدقيقة، إذا وُجِدَتْ أساساً، عن سبب مشاكل جونسون، تدخلت جدتي، معلنة "إنه شبيه ترمب". ولا يغيب عن أحد مدى نجاح ذلك المشروع أيضاً.

ويستدعي رئيس الوزراء اليميني الشعبوي بشعره الأشقر الأشعث وقناعته بأن القوانين لا تسري عليه، تلك المقارنة. وكل يوم يمر عليه في هذا المنصب تتردى فيه مكانة المملكة المتحدة في العالم، بسبب هذا المهرج المغرور. بعبارات مبسطة، لست على يقين من أن سمعة بريطانيا في العالم قادرة على النجاة من بوريس جونسون.

أتعتقدون بأنني أكذب؟ لقد عنونتْ وكالة "أسوشيتد برس" مقالها الصادر خلال عطلة نهاية الأسبوع "موقف ضعيف لبوريس جونسون من المملكة المتحدة في ختام أسبوع من الفوضى". وفي سياق مماثل، نشرت محطة "فوكس نيوز" اليمينية العنوان التالي "بوريس جونسون في مرمى النيران". أما صحيفة "واشنطن بوست"، فذهبت بتغطيتها إلى حد طرح السؤال التالي "من قد يخلف بوريس جونسون؟" وكأن رئيس الوزراء قد غادر منصبه بالفعل.

ولأنني اشتراكي، سيكون من دواعي سروري أن يُستبدل بجونسون كير ستارمر، بدل أي محافظ رهيب آخر يشبهه. ولكن للصراحة، ما عاد مهماً في هذه المرحلة من يخلف بوريس جونسون طالما سيأتي أي كان بديلاً منه. بات ذلك الرجل أضحوكة حول العالم وعبئاً وطنياً. اسمحوا لي بأن أخبركم شيئاً أيها البريطانيون، إن إدارة بايدن تضحك على بلادكم حرفياً.

إنه أمر لا يبشر بالخير بالنسبة إلى المملكة المتحدة، نظراً إلى التقارير السابقة التي أفادت بانعدام ثقة بايدن بحكومة جونسون بسبب علاقاتها مع ترمب. وقد ظهر ذلك جلياً في قرار بايدن عدم طلب رأي بريطانيا في مسألة الانسحاب من أفغانستان. ومع ما يجري من تلويح روسي بالحرب على الحدود مع أوكرانيا وفي منطقة البلطيق. تحتاج المملكة المتحدة إلى رئيس وزراء لا يأخذه الأميركيون على محمل الجد فحسب، بل يمكنهم احترامه. وفي المقابل، إن انشغال رئيس الوزراء بفضيحته إلى درجة تدفعه إلى تحديد موعد جديد لإجراء اتصال هاتفي بفلاديمير بوتين، لا يستدعي ذلك الاحترام أو تلك الثقة المطلوبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يمكن التعبير بما يكفي عن الضرر اللاحق بمكانة بريطانيا في العالم بسبب هذا الموضوع. فقد عانت المملكة المتحدة أساساً من تشويه صورتها بسبب "بريكست". فيما وجد استطلاع آراء أجرته شركة "يوغوف" في ديسمبر (كانون الأول) 2020 بأن معظم الأميركيين لا يعيرون انتباهاً لـ"بريكست"، وذلك خبر جيد بالنسبة إلى المملكة المتحدة، لا يمكن أن نقول الشيء عينه عن قادة الأعمال والسياسة في الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار، طرحت شبكة "سي أن أن بيزنيس" السؤال التالي في أحد عناوينها السنة الماضية، "ما الذي قد يدفع أي أحد للثقة ببريطانيا مجدداً بعد بريكست؟"، وقد نشرته في أعقاب محاولة جونسون إعادة صياغة اتفاق "بريكست" الذي وقعه قبل ذلك بأشهر قليلة.

واستطراداً، إن ما يدفع تلك الرغبة في إعادة التفاوض في الأساس هو بروتوكول إيرلندا الشمالية، الذي يحكم العلاقة التجارية بين الإقليم وباقي مناطق المملكة المتحدة بعد "بريكست". وقد استرعى ذلك اهتمام الأميركيين. إذ تكمن العلاقة المميزة الحقيقية بين إيرلندا وأميركا، وليس بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وربما يتمثل أفضل برهان على ذلك الأمر في استطلاع آراء جرى في 1998، بعيد توقيع "اتفاق الجمعة العظيمة" [الذي أنهى القتال بين البروتستانت والكاثوليك في إيرلندا الشمالية]. إذ بين أن 50 في المئة من الأميركيين فضلوا إعادة توحيد إيرلندا، بالمقارنة مع 17 في المئة اعتقدوا بأن إيرلندا الشمالية يجب أن تظل في المملكة المتحدة.

ودفعت مفاوضات "بريكست" الكارثية بايدن، المرشح الرئاسي في ذلك الوقت، إلى نشر تغريدة جاء فيها أن "أي اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يجب أن يستند إلى احترام اتفاق (الجمعة العظيمة) ومنع العودة إلى الحدود الفعلية الصلبة [بين إيرلندا وإيرلندا الشمالية]. وهذا أمر محسوم بشكل نهائي". لقد باتت المملكة المتحدة في أمسِّ الحاجة إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، لكن جو بايدن أشار إلى عدم اهتمامه بالتفاوض على هذا الموضوع مع جونسون. ويعود ذلك إجمالاً إلى طريقة تعامله مع مسألة إيرلندا الشمالية، الذي ينفر الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، إذ تعتمد غالبيتهم على أصوات الناخبين الإيرلنديين الأميركيين للفوز بالانتخابات، وكذلك لدى عدد كبير منهم أصول إيرلندية.

من الواضح أن جونسون بدأ عمله من موقع ضعيف. إذ نظر واضعو السياسات الأميركيون إليه نظرة فيها تشكيك منذ البداية، لكنه تحول أضحوكة الآن. وحتى لو لم يكن الشعب الأميركي يعير هذه المسائل أهمية كبيرة في السابق، فإنه يفعل ذلك الآن.

باتت الأعين الأميركية تتابع أخبار "ويستمنستر" الآن بالكثافة نفسها التي كانت حتى الآن محصورة بحفلات الزفاف أو المآتم الملكية. وفيما يسعى جونسون الآن إلى الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، ويتظاهر بجهل القواعد التي كتبها بنفسه، يبدو أنه سيقدم جنازة سياسية كذلك.

ليس للشعب البريطاني سوى الأمل. لقد كانت العلاقات بين الرئيس [بايدن] ورئيس الوزراء [جونسون] باردة أساساً، وباتت الآن مهزلة. لا يمكن لبريطانيا تحمل تبعات الاستمرار في هذا الطريق. من أجل العلاقة الخاصة [بين بريطانيا وأميركا]، ومن أجل البلاد ومكانتها بين دول العالم، لا يحتاج جونسون سوى حفلة واحدة، أي حفلة وداع لرئيس وزراء أخرق، لرجل من الواضح أنه فاقد للسيطرة وفي موقع أكبر منه.

© The Independent

المزيد من آراء