Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البنوك المركزية تبدأ شد الأحزمة... لا مفر من رفع أسعار الفائدة

أصحاب القروض ومستثمرو السندات الحكومية يتصدرون قائمة الخاسرين من موجة التضخم

قد يبحث البنك المركزي الأميركي رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية خلال مارس المقبل إذا استمر التضخم في الارتفاع (رويترز)

من المتوقع أن يبحث البنك المركزي الأميركي رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية خلال شهر مارس (آذار) المقبل، إذا استمر التضخم في الارتفاع، وفقاً لما قاله رافائيل بوستيك، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية أتلانتا في تصريحات لصحيفة "فاينانشيال تايمز". وتمسك بوستيك بدعوته لزيادة سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة ثلاث مرات في عام 2022، لكنه لم يستبعد نهجاً أكثر تشدداً من قبل البنك المركزي الأميركي إذا لزم الأمر. وكان الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى أنه سيمضي قدماً في رفع أسعار الفائدة في مارس بعد اجتماعه الأسبوع الماضي.
أما في أوروبا، فمن المقرر أن يعلن بنك إنجلترا عن مزيد من التشديد في سياسته النقدية للمرة الثانية في أقل من شهرين في اجتماعه، الخميس المقبل، ليرفع سعر الفائدة الرئيسة إلى 0.5 في المئة في محاولة لكبح جماح التضخم الذي ارتفع لأعلى مستوياته خلال ما يقرب من 30 عاماً.

وفي غضون ذلك، يواصل البنك المركزي الأوروبي عمليات شراء الأصول، ومن المرجح أن يبقي أسعار الفائدة من دون تغيير خلال اجتماعه المقرر في اليوم نفسه، ما يمثل تبايناً متزايداً بين الاقتصادات الرئيسة في ما يخص الجدل الدائر حول التضخم وما إذا كان دائماً أو مؤقتاً، وفق لوكالة "بلومبيرغ"، لكن التضخم الدائم قد يعني عوائد أقل على الأسهم والسندات في المستقبل المنظور، وفقاً لما قاله نيكولاي تانجين، مدير صندوق الثروة السيادية النرويجي، الصندوق السيادي الأكبر في العالم.

هل هناك فائدة للتضخم المرتفع؟

في الوقت نفسه، فإنه لا أحد يحب دفع مزيد مقابل الأشياء، هذا هو السبب في أن التضخم المرتفع، وبخاصة الزيادات الحادة في الأسعار التي شهدناها في الأشهر الأخيرة، تبدو وكأنها كلمة مقززة وغير مقبولة.

ولكن بشكل عام، يمكن أن يكون التضخم شيئاً جيداً للعديد من الناس ضمن الطبقة العاملة الأميركية، بخاصة أولئك الذين لديهم ديون ذات معدل ثابت مثل الرهن العقاري لمدة 30 عاماً، ذلك لأن الأجور آخذة في الارتفاع، الأمر الذي لا يمكّن العمال فحسب، بل يمنحهم مزيداً من المال لسداد الديون، بالإضافة إلى ذلك، وفي حال وجود قرض عقاري، ستكون مدفوعاتك الشهرية هي نفسها، ولكن قيمة منزلك ستزيد.

وكثير من الأشخاص الذين يعلنون استياءهم عندما ترتفع الأسعار، هم أصحاب ثروات أعلى ويملكون الغالبية العظمى من السندات الحكومية، وهؤلاء هم مَن يتأثرون سريعاً بأي تحرك في معدلات التضخم، ويتحول التضخم المرتفع لديهم إلى أزمة كبيرة.

ويقول كينت سميتيرز، أستاذ اقتصادات الأعمال في كلية "وارتون"، "هناك ضوء في نهاية النفق، فقط قد يستغرق عامين"، في إشارة إلى أن التضخم المرتفع سوف يستمر لمدة عامين، ما يعني مزيداً من ارتفاعات الأسعار خلال الفترة المقبلة.

التضخم المرتفع فرصة لأصحاب القروض

وكشف تقرير حديث عن أن الفوائد الفورية للتضخم بالنسبة للناس العاديين أقل واقعية من العيوب، إذ من الممكن أن نشعر بتأثير مباشر عندما ترتفع قيمة فاتورة المشتريات، أو عند شراء الوقود، لكن في المقابل، فإن العبء المتناقص لديونك هو أقل وضوحاً، ولكن لا يزال كبيراً.

ويقول سميترز، "إذا كنت تقترض بسعر ثابت، مثل الرهن العقاري لمدة 30 عاماً، فأنت الفائز مع ارتفاع التضخم، كثيراً ما نفكر في الرهن العقاري لمدة 30 عاماً على أنه تحوط من التضخم"، وهو ما يحدث بالفعل، إذ ترتفع قيمة الأصول العقارية بنسب أكبر من ارتفاعات الأسعار ومعدلات التضخم.

وبعبارة أخرى، "تظل تكلفة الرهن العقاري ثابتة، بينما يرتفع مبلغ المال الذي يتعين عليك دفعه مقابل ذلك. إنه ليس حدثاً متزامناً تماماً، بالطبع، لا ترتفع الأجور على الفور مع التضخم، لكنها في النهاية ترتفع"، كما قال سميترز الذي أشار إلى أن الغالبية العظمى من الرهون العقارية عبارة عن قروض ثابتة لمدة 30 عاماً، وتشكل ما يقرب من 11 تريليون دولار من إجمالي الديون الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية القياسية الحالية البالغة 15 تريليون دولار. وفي غضون ذلك، ترتفع الأجور جنباً إلى جنب مع الأسعار، ما يؤدي بشكل أساسي إلى تقلص القيمة الحقيقية لذلك الدين، وتنطبق مزايا التضخم نفسها على أي شخص يسدد قروض الطلاب الفيدرالية، والتي لها أيضاً معدل فائدة ثابت، ومع زيادة دخلك، تحصل بشكل أساسي على حسم على ما يتعين عليك سداده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن حتى الآن، لم يواكب نمو الأجور على نطاق واسع الزيادات في الأسعار أو موجة الارتفاعات في معدلات التضخم التي سجلت أعلى مستوى في قرابة 40 عاماً، لكن المحللين يقولون إن ذلك قد يتغير في العام الجديد، حيث تبدأ اختناقات الشحن في التراجع.

وكشفت شبكة "سي أن أن"، عن أنه تم تعزيز دخول الأسر من خلال التحويلات الحكومية مثل مدفوعات خطط التحفيز الضخمة وإعانات البطالة، وخلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2021، كانت المداخيل الشخصية، التي تشمل الأجور المكتسبة والمدفوعات الحكومية، أعلى بنسبة 15 في المئة عما كانت عليه في عام 2019، كما يقول دانيال ألبرت، الشريك الإداري في "ويست وود كابيتال"، مضيفاً، "هذه هي مئات المليارات من الدولارات، وكانت بالفعل على رأس المدخرات المتراكمة العالية جداً من قبل الأسر، التي كانت نتيجة عدم وجود ما ينفقونه، لأن الجميع عام 2020 تم حبسهم في منازلهم بسبب إجازات الإغلاق التي تم فرضها خلال مواجهة انتشار فيروس كورونا".

من هم الخاسرون من التضخم المرتفع؟

في المقابل، فإن كل الديون لا تنكمش مع التضخم، إذ ارتفعت أسعار الفائدة على بطاقات الائتمان، والتي لم يتم إصلاحها إلى حد كبير، هذا العام إلى متوسط 17.13 في المئة، وهو رقم أقل بقليل من أعلى مستوى قياسي بلغ 17.14 في المئة تم الوصول إليه في عام 2019، وفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وأي شخص يعيش على دخل ثابت، مثل المتقاعدين، الذين لا يستفيدون من زيادات الأجور التي يشهدها الناس في القوى العاملة، يشعر بألم إضافي مع ارتفاع الأسعار.

وهناك مجموعة أخرى تتعرض للضرر مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم، وهم الأشخاص الذين يتعاملون مع السندات الحكومية، فكر في الأسر التي لديها أكثر من مليون دولار، والتي تستثمر عادة في كل من الأسهم والديون، ويقول سميترز، "من هم الذين سيتضررون من خلال حيازة كثير من السندات لأجل 10 سنوات، أو حتى 30 عاماً، لذلك سيخسرون مع ارتفاع معدلات التضخم"، ذلك لأن حاملي السندات، الذين يقرضون الأموال بشكل أساسي للحكومة، سيتم سدادهم بأموال أقل قوة شرائية. وأضاف، "نحن فقط لا نعرف أي نهاية تنتهي".

جانب نفسي

ومع ذلك، هناك جانب نفسي لزج للتضخم، ما يجعل من الصعب تحديد الرابحين والخاسرين بوضوح، لأنه على الرغم من ارتفاع الأجور ونمو الوظائف بشكل قوي، فإن الأميركيين قلقون بشأن حالة الاقتصاد، وبخاصة أنه لا يوجد ما يشير إلى قرب انتهاء الأزمة على المدى القريب.

وتشير البيانات إلى أن مؤشر ثقة المستهلك انخفض إلى أدنى مستوى خلال عقد من الزمن في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقاً للبيانات التي جمعتها جامعة "ميشيغان". وقال الاقتصاديون في "ويلز فارغو"، إن "تداعيات نوفمبر كتب عليها اسم التضخم"، وقال واحد من كل أربعة أشخاص شملهم الاستطلاع الذي أجرته الجامعة، إن التضخم أدى إلى تدهور مستويات معيشتهم، وأوضح نصفهم أنهم يتوقعون أن يقضي التضخم على مكاسب الأجور التي حصلوا عليها خلال العام الماضي.

وقالت ويندي إيدلبيرغ، كبيرة الزملاء الاقتصاديين في معهد "بروكينغز"، "إحساسي أن الناس مرهقون من مستوى الفوضى التي نعانيها، والتضخم أحد الأعراض، إذاً، لدينا الاقتصاد ينتعش، ولكن إلى متى سيرتفع التضخم، ومن أجل من يرتفع؟ وهل هو يرتفع بطريقة صحية؟ هل الاقتصاد ينتعش بطريقة غير صحية؟". وأضافت، "يبدو التضخم وكأنه مجرد دليل ملموس حقاً على أننا لا نعرف أي غاية ستنتهي".

اقرأ المزيد