Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسواق لا يهمها حقا ماذا يحل ببوريس جونسون

من الصعب دائماً التمييز بين رد الفعل السياسي والقوى الاقتصادية الأوسع، لكن الأسبوع الماضي – وهو أسبوع صعب إلى حد كبير لرئيس الوزراء – سجل الجنيه الاسترليني بالفعل ارتفاعاً بسيطاً

"من المؤكد أن قدراً كبيراً من السلبية قد يكون مرتبطاً بشخصية بوريس جونسون" (رويترز)

لا تهتم الأموال الضخمة كثيراً بما إذا كان بوريس جونسون سيبقى رئيساً للوزراء أم سيُطرَد. ويبدو أن ذلك كان استنتاج الأسواق المالية الأسبوع الماضي.

عادة، عندما تتعرض حكومة ما إلى الضغط، يظهر ذلك في أسواق العملات الأجنبية، ما يفرض ضغوطاً أيضاً على الجنيه الاسترليني. فبعد كل شيء، تكره الأسواق الغموض، ومصير رئيس وزراء المملكة المتحدة الحالي يحتل مرتبة عالية في قائمة الأمور الغامضة. لكن الأسبوع الماضي – وهو أسبوع صعب إلى حد كبير لرئيس الوزراء – سجل الجنيه بالفعل ارتفاعاً بسيطاً. فقد بدأ تداولاته عند أقل من 1.36 دولار أميركي، لكنه أنهاها عند 1.3675 دولار، بزيادة حوالى السنت. وفي مقابل اليورو، ارتفع قليلاً أيضاً.

أو خذوا أسعار الأسهم. حتى الآن هذا العام، ارتفعت أسهم الشركات الكبيرة في المملكة المتحدة، مقاسة بمؤشر "فاينانشال تايمز 100"، بنسبة تقل قليلاً عن أربعة في المئة. كذلك زاد مؤشر "داكس" الألماني بنسبة 2.5 في المئة، في حين تقدمت أسهم الأسواق الناشئة أيضاً. لكن المؤشر الرئيس لأسهم الولايات المتحدة، "ستاندرد أند بورز 500"، انخفض بأكثر من اثنين في المئة، في حين تراجعت قيمة أسهم شركات التكنولوجيا المتقدمة في مؤشر "ناسداك" بنسبة خمسة في المئة.

والآن، من الصحيح تماماً أن هذه التحركات تعكس قلقاً من أن تقدير السوق لقيمة أسهم شركات التكنولوجيا المتقدمة الأميركية أصبح مبالغاً فيه، وربما تعاود الشركات البريطانية والألمانية المتينة شعبيتها بين المستثمرين العالميين. لكن الحقيقة الواضحة تظل أن المملكة المتحدة هي أفضل أسواق الأسهم الخاصة الكبرى أداء حتى الآن هذا العام. لفتت "لونغفيو إيكونوميكس"، وهي شركة استشارية تتخذ من لندن مقراً، الانتباه إلى هذا التحول في المشاعر الأسبوع الماضي، إذ لاحظت أن سوق المملكة المتحدة – "الفاقدة الحظوة إلى حد كبير، والمعرضة لقدر كبير من الانتقادات، وواحدة من أرخص أسواق الأسهم الخاصة في البلدان المتقدمة" – "أغلقت عند أعلى مستوى لها في غضون سنتين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا يعني هذا عن مواقف المستثمرين العالميين إزاء هذه الحكومة، أو العمل السياسي البريطاني عموماً؟ من الصعب دائماً التمييز بين رد الفعل السياسي والقوى الاقتصادية الأوسع. وحقيقة أن أداء أسواق الولايات المتحدة كان طيباً في حين كان دونالد ترمب رئيساً، لا تعني أن المستثمرين الأميركيين تصوروا أنه أعظم زعيم على الإطلاق.

ربما فعل البعض، لكن عدداً منهم لم يفعل. وينطبق الأمر ذاته على جو بايدن. فالقوى التي نفذت التحرك نحو الصعود في أسعار الأسهم الأميركية، ودفعتها إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق نهاية العام الماضي، تمثلت في فيض من الأموال ولّدها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وحزمة التحفيز الضخمة التي مرت عبر الكونغرس، والفطنة والدفع اللذين انتهجتهما شركات التكنولوجيا المتقدمة الأميركية.

وعلى صعيد المملكة المتحدة، يتلخص جزء من السبب وراء ضعف أداء أسواقها حتى وقت قريب في عدم وجود عدد من شركات التكنولوجيا المتقدمة الضخمة في بريطانيا، أو أوروبا حقاً، نسبة إلى عدد الشركات المماثلة في الولايات المتحدة. لكن جزءاً من الظاهرة هو الموضة، وكانت تلك الموضة مدفوعة بشعور مفاده بأن الحكومة عموماً، ورئيس الوزراء خصوصاً، يتميزان بعدم الكفاءة. لذلك عند تلقّي أنباء اقتصادية طيبة، كما حدث الأسبوع الماضي عندما تبين أن اقتصاد المملكة المتحدة نما إلى ما يتجاوز حجمه في نوفمبر (تشرين الثاني) قبل انتشار الجائحة، يأتي ذلك كمفاجأة للمستثمرين الدوليين.

من الصعب أن نحدد ذلك، لكن من المؤكد أن قدراً كبيراً من السلبية لا بد من أن يكون مرتبطاً بشخصية بوريس جونسون. لذلك فقد يترتب على ذلك أن بعض هذه المشاعر السلبية سيتبدد إذا حل محله شخص أكثر تنظيماً. للبريطانيين آراء قوية في شأن رئيس الوزراء، وهو أمر مفهوم. أما المستثمرون الأجانب، فلا يهتمون بهذا، ذلك لأن الأمر لا يعنيهم. وكل ما يريدون أن يروه هو مدى نجاح البلاد في إدارة نفسها. وإذا تصوروا أن أداء الاقتصاد كان طيباً، سيستثمرون، وإن لم يكُن كذلك فلن يفعلوا.

ماذا يحدث بعد ذلك إذاً؟ لا أعتقد بأن أي انتعاش واسع النطاق للثقة بالمملكة المتحدة سيتحقق بينما يظل رئيس الوزراء الحالي في منصبه. وإذا ظل الأداء الاقتصادي إيجابياً إلى حد معقول، ستتحول المشاعر تدريجاً، لكن لا تتوقعوا أي شيء جذري. ولو حل محله شخص معترف به دولياً – بالطبع المرشح الواضح هو [وزير المالية] ريشي سوناك، لأنه أكثر تعرّضاً للمستثمرين العالميين – سيتسارع التعافي في الثقة. ومع وجود مرشح أقل شهرة، سيكون التعافي أبطأ.

لكن الفكرة القاسية هنا تتمثل في أن عدداً من المشاركين في القطاع المالي لم يعودوا يبالون بما إذا ذهب رئيس الوزراء أو بقي. وإلا فما الذي جعل الأسواق تتلقّى بهدوء أسبوعه المروع؟ يبدو أن ما يحدث للاقتصاد أكثر أهمية مما يحدث لبوريس جونسون.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء