Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيل 2020 يدخل المدرسة بلا ذكريات "أول يوم دراسي"

صدم الطلاب الذين بلغوا الصف الثالث الابتدائي هذا العام في السعودية أثناء تعرفهم إلى الفصول للمرة الأولى

استبقت وزارة التعليم السعودية قرار العودة بالإعلان عن برنامج لتهيئة الطلاب من الناحية النفسي (وزارة التعليم السعودية)

تبدو الحياة غير عادلة إلى حد ما بالنسبة لمن التحق بالصف الأول في مقاعد الدراسة عام 2020 -2021، بعد أن داهمت جائحة كورونا العالم وسلبت منهم ذكريات أول يوم دراسي لهم في مسيرتهم التعليمية، فعادة ما يتلهف الطفل لدخول المدرسة عندما يشاهد أشقاءه وأبناء جيرانه وأبناء عمومته يحملون حقائبهم بداخلها دفاتر وكتب وأقلام ملونة ذاهبين إلى المدرسة، وهو ينظر من نافذته كل صباح ليجد الحافلة مليئة بأطفال مقاربين لعمره، في مشهد مبهر لطفل في هذا العمر، فينظر إلى والديه ويطرح السؤال المعتاد متى سأذهب إلى المدرسة؟

جيل كورونا

يعد الأيام والليالي وينتظر هذا اليوم الموعود، لكن الوباء الذي حل بالعالم سلب منه ذكريات لا يمكنها أن تعود لهذا الجيل، وجعله يبدأ مسيرته التعليمية، من خلف الشاشة، فتعرف على شكل المدرسة وقوانينها من غرفته، وتعرف على أول أستاذ له في حياته من خلف اللاب توب، وردد النشيد الوطني دون طابور صباحي، ولم يتسن له أن يعرف ما هي الإذاعة الصباحية، ولم يحظ بتجربة خط الحروف الأولى على السبورة، وفقد لذة لقاء أول صديق، لكن كل هذه الأحداث صنعت منهم جيلاً استثنائياً بذكرى مختلفة تحكى لأجيال الغد.

وسيحظى 23 من يناير (كانون الثاني) بالاعتزاز من قبل عديد من الطلاب السعوديين، باعتباره اليوم الذي سجل أول لقاء لهم بالمدرسة الواقعية حتى لو أنها كانت عودة خجولة بعد إلغاء كثير من الأنشطة المعتادة في اليوم المدرسي.

إذ بدأت تفاصيل الحياة اليومية في المدارس الابتدائية ورياض الأطفال تستعيد جزءاً من عافيتها بعد نحو عامين من الأجواء غير العادية التي فرضها الوباء، وهاهم اليوم يرسمون ذكرياتهم بعد أن أعلنت وزارة التعليم السعودية قرار استئناف عودة الدراسة حضورياً لطلاب وطالبات المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال، ممن هم أقل من 12 عاماً مع الالتزام بتطبيق البروتوكولات والإجراءات الصحية المعتمدة من هيئة الصحة العامة "وقاية".

خسائر التعليم عن بعد

يقف التعليم أمام تحدٍ كبير، حيث يعود إليه طلاب يفتقرون إلى المهارات الأساسية اللغوية والحسابية ومهارات العمل الجماعي، وعلى الرغم من جهود وزارة التعليم في العمل على جودة التعليم عن بعد، إلا أنه لا منجى من خسارة هذه المهارات.

وأكدت تقارير ودراسات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، "وجود مشكلات في تعلم القراءة والحساب لدى الأطفال في العالم، وأن إغلاق المدارس ألحق خسائر كبيرة بالتعليم". وطالبت "بوضع برامج تضمن حصول الطلاب الحاليين على قدر مماثل من التعليم الذي حصلت عليه الأجيال السابقة، على أن تغطي البرامج محاور تعزيز المناهج وتمديد وقت التدريس وتحسين فاعلية التعلم".

وتعليقاً على ذلك، قالت هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لليونيسف "مع استئناف الدراسة في كثير من بلدان العالم، يتجه ملايين التلاميذ إلى السنة الدراسية الثالثة دون أن يخطوا بأقدامهم قاعات الفصل الدراسي، وهذه الخسائر التي يتكبُّدها التلاميذ جراء عدم الانتظام في المدرسة لا يمكن تعويضها مطلقاً".

واستبقت وزارة التعليم السعودية قرار العودة بالإعلان عن برنامج التهيئة للعودة من الناحية النفسية، ولم تعلن عن أي خطط لتعويض الفاقد التعليمي للأطفال حتى الآن.

وأشارت داليا الدهلوي، التربوية والمتخصصة في الطفولة، إن الجائحة "قللت من فرص حصول الأطفال على التعليم الجيد أسوةً بسابقيهم من الزملاء، فمعظم الطلاب كان تعليمهم دون المستوى المطلوب إذا ما قارناه بمستوى من كانوا في مقاعد الفصول الدراسية مع معلميهم وزملائهم".

وتشير الدهلوي إلى "أن المقلق هو امتداد أثر الفاقد التعليمي لطلاب السنوات الأولى، بخاصة عند انتقالهم للمرحلة المتقدمة في التعليم فهم "تحت خطر تقدمهم في المراحل الدراسية دون إتقان المهارات الأساسية في مواد القراءة والكتابة والحساب"، ولتخطي ذلك تطالب الدهلوي المدارس "بإجراء تقييم دقيق لمعرفة نسبة الفاقد التعليمي في الصفوف الأولية".  

وتطالب الدهلوي المعلمين والمعلمات بتجهيز مصادر تعليمية مساندة للطلاب الذين تضرروا أكثر من غيرهم، وكذلك بتفعيل فصول تقوية بعد الدوام المدرسي لمن يحتاج لها لمساعدتهم باللحاق بركب التعليم الذي فاتهم خلال فترة الوباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنوه إلى أمور أخرى من الممكن أن تكون سبباً في تدني مستوى الطلاب وظهور الفاقد التعليمي، وهو تكرار الوالدين لعبارة (أبناؤنا ضحايا كورونا والتعليم عن بعد)، وتضيف "نجد أن الطفل قد تشبّع بفكرة أنه ضحية التعليم عن بعد، ونتيجة لذلك يستسلم ولا يحاول تعويض ما فاته من مهارات علمية، ولا يهتم بعملية متابعة دروسه لأنه هو ضحية الجائحة، والتعليم عن بعد لم يفده في تقوية مهاراته".

تأثيرات في الأطفال

تجاوز أثر التعليم عن بعد الفاقد التعليمي إلى إسهامه الكبير في إضعاف التطور الاجتماعي والعاطفي للأطفال، مما قد يؤثر في مسارهم التعليمي، وبالحديث مع بعض العائلات أبدى كثير منهم قلقهم على أبنائهم اجتماعياً، فلاحظوا فقدانهم لبعض المهارات الاجتماعية والقدرة على مواجهة الغير والحديث مع الآخرين، فنجد كثيراً من هؤلاء الأهالي يبحثون عن مساعدة خارجية سواء عند الأطباء النفسيين أو الخبراء التربويين، لمساعدة أبنائهم لتخطي الآثار السلبية للجائحة في علاقاتهم الاجتماعية وضعف ثقتهم بأنفسهم.

يشير الطبيب عبد الهادي الهباد، استشاري الطب النفسي للأطفال، إلى "أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن المهارات الاجتماعية للأطفال بشكل عام تأثرت بصورة واضحة، تحديداً الأطفال الذين لم تتطور مهاراتهم المعرفية خلال الأزمة، فتأثرت طريقة تواصلهم مع المجتمع بشكل كبير"، يضيف "أن تعامل الوالدين له الفضل الأكبر في تخطي تأثير كورونا أو بقائه".

ويشير استشاري الطب النفسي للأطفال إلى "أن المرحلة التعليمية الأولية متداخلة بين الطفولة المبكرة والطفولة المتوسطة، فمن المهم معرفة خصائص كل مرحلة لأن الطفل في مرحلة الطفولة "ينتقل من محيط وجو الأسرة وتفاعلاته مع أفرادها إلى محيط أكبر وتفاعل أكثر وهو محيط المدرسة، الذي يتميز بوجود النظام والحزم والحاجة للمشاركة والتفاعل مع الآخرين من طلاب ومعلمين، وبدء تحمل المسؤولية والمشاركة الاجتماعية، وزيادة النشاط الحركي والحاجة لتعلم المهارات المتعلقة بالقراءة والكتابة والحساب".

وأضاف "يميل الطفل في هذه المرحلة للتعاون مع الآخرين والمشاركة في المجموعات والاستمتاع باللعب مع المجموعة، وهذا ما افتقده الأطفال بشكل كبير خلال الجائحة، وفرضها العزلة الاجتماعية وضعف المشاركة، وما ارتبط معها من زيادة الخوف والقلق عند التواجد مع الآخرين ومشاركتهم الأنشطة وضعف المهارات الاجتماعية، وزاد القلق والخوف لدى الأطفال من مشاركة الآخرين والتفاعل معهم". 

وتابع، "مع العودة المفاجئة للطلاب، لا بد أن نتوقع أن هناك أطفال ستكون لديهم رغبة في اكتشاف عالم المدرسة والتقاء أصدقائهم الذين لم يروهم طوال فترة دراستهم، وبعضهم سيعانون قلقاً وخوفاً من العودة للفصول الدراسية ومقابلة معلميهم وزملائهم".

المزيد من تقارير