Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر… علماء دين يؤيدون "المرحلة الانتقالية" والقطيعة مع الماضي

حيا البيان "المؤسسة العسكرية على صمودها لحماية الوطن ومرافقة الحراك الشعبي"

مسيرة الجمعة رقم 15 في العاصمة الجزائرية في 31 مايو (أ.ف.ب)

عمّق بيان صادر باسم علماء دين مسلمين، يدعمون اللجوء إلى مرحلة انتقالية في الجزائر، هوة الخلاف بين طرفين في الحراك، إذ يتشدد الأول في رفض "المرحلة الانتقالية" بذريعة أن الداعين إليها "منبوذون شعبياً"، في حين يدافع الطرف الثاني عن ضرورة العبور إلى هذه المرحلة لـ "إحداث قطيعة مع نظام الماضي".

أعلنت 16 شخصية من أبرز علماء وشيوخ الجزائر دعمها مرحلة إنتقالية في البلاد، بعدما بلغت "مرحلة من الخطورة والتأزم". وأطلق العلماء مبادرتهم عشية مسيرات وُصفت بالأكبر خلال شهر رمضان، في الجمعة رقم 15، منذ انطلق الحراك الشعبي.

وقال بيان العلماء، وبعضهم أعضاء في "جمعية العلماء المسلمين" إن "الوضعية  تتطلب التدخل العاجل والسلمي والتوافقي"، مبدين استعدادهم لبذل ما يطلب منهم من مساع حميدة للوصول إلى تحقيق وحدة الصف.

العلماء خاطبوا النخبة السياسيّة كي ترتقي إلى مستوى مطالب الحراك، في وجوب القطيعة مع ممارسات الماضي، بكل مفاسدها ومفسديها، وتقديم التضحيات بغية فتح صفحة جديدة نحو مستقبل أفضل.

وأكثر ما لفت في بيان العلماء، ومن بينهم الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، الدعوة إلى تفعيل "المادتين 7 و8 من الدستور وإسناد المرحلة الانتقالية إلى من يحظى بموافقة غالبية الشعب لتولي مسؤولية قيادة الوطن، نحو انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية".

وأهاب العلماء الموقعون على هذا النداء بمن سيتولى هذه المسؤولية أن "يعيّن حكومة من ذوي الكفاءات العليا وممن لم تثبت إدانتهم في أي فترة من فترات تاريخنا الوطني وتعيين لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات المقبلة وتنظيمها ومراقبتها، من البداية إلى النهاية وتنظيم ندوة حوار وطني شامل، لا تُقصي أحداً".

وحيا العلماء "المؤسسة العسكرية على صمودها لحماية الوطن ومرافقة الحراك الشعبي والمحافظة على أمنه وسلامته وتفهّم مطالبه وتطلعاته".

يُضاف بيان "العلماء المسلمين" إلى مبادرات كثيرة قادتها أحزاب سياسية تحاول إقناع المؤسسة العسكرية، التي ترفض حتى الآن اقتراح "المرحلة الانتقالية". ويرفض الداعون إلى "المرحلة الانتقالية" إجراء انتخابات في 4 يوليو (تموز) المقبل، باتت في حكم الملغاة، بانتظار صدور إعلان رسمي. كما يرفضون تمديد ولاية الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، التي تنتهي في 9 يوليو.

وكما كان متوقعاً، رحبت أحزاب من التيار الديمقراطي واليسار ببيان العلماء.

وقال الإعلامي محمد يعقوب إن "بيان علماء الجزائر لا يختلف في مضمونه عن خريطة الطريق التي اقترحها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للتمديد قبل رحيله. ندوة وفاق وطنية وحكومة كفاءات وشخصية توافقية، كل ذلك بهدف الذهاب إلى انتخابات رئاسية نزيهة".

أضاف يعقوب "حاول بيان العلماء أن يفصّل ثوباً على مقاس أحمد طالب الإبراهيمي من دون التجرؤ على التصريح باسمه، بينما الرجل حسم أمره وعاد إلينا قبل أيام ليقول إنه لن يعود. كما أن البيان المنادي بالمرحلة الانتقالية، وقعت عليه شخصيات كانت قبل أيام قد وقعت على بيان الجبهة الوطنية للحل الدستوري، الذي يرفض المرحلة الانتقالية".

وهذا ما يعني، وفق يعقوب، "غياب الرؤية والوعي السياسيَّيْن لدى العلماء، الذين كان ينبغي أن يتوقفوا عند حدود المطالبة بلم الشمل ونبذ الفرقة والشقاق، وأن ينشغلوا بالفتوى الدينية ولا يُجهدوا أنفسهم في الفتوى السياسية والدستورية، التي لها أهلها من المطلعين على خبايا الأمور والعارفين بمآلاتها".

"التأسيسي" أو "هيئة رئاسية"

يقود فكرة القطيعة مع النظام السابق، جوقة من الأحزاب الديمقراطية "التقدمية"، التي تطرحها في ثوب "مرحلة انتقالية". وظهرت إلى اليوم فكرتان لانتقال السلطة، تقوم الأولى على أساس "مجلس تأسيسي"، وهو مقترح يتبناه حزب العمال وجبهة القوى الاشتراكية.

وفكرة "التأسيسي" ليست وليدة اليوم بالنسبة إلى الحزبين. فالقوى الاشتراكية تطالب به منذ نصف قرن لـ "لإلغاء أخطاء السلطة في العام 1963"، أي بعد الاستقلال بعام واحد. أما حزب العمال، فيجمع التوقيعات منذ عامين على أمل رفع تقرير إلى الرئيس بوتفليقة. وعلى الرغم من مغادرة بوتفليقة وتغير الظروف السياسية، إلا أن حزب العمال يؤمن بأن الظرف بات أفضل لتجربة "الجمعية التأسيسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق نفسه، هناك تحالف حزبي، يقترح "مرحلة انتقالية" بناءً على "هيئة رئاسية" إما جماعية أو فردية، بعد استقالة مسؤولي المؤسسات الدستورية القائمة، ومن بينهم رئيسا الدولة والحكومة، على أن تُعيّن مجموعة أسماء على أساس التوافق أو شخصية واحدة لقيادة البلاد في مرحلة محددة زمنياً وبصلاحيات واسعة.

وتدعم هذا الاقتراح أحزاب ومنظمات حقوقية وناشطون سياسيون، وحتى جزء من الحراك، لا سيما في العاصمة. ويُعتبر التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من أبرز المدافعين عنه ومعه أعضاء حركة "مواطنة".

"الجيش" قبل جميع التنازلات إلا "الانتقالية"

ضمن السجالات القائمة بين طرفي الاقتراحين، يقول الرافضون لفكرة "الانتقالية" إن الداعين إليها هم "من دون إجماع عددي" وهم "أطراف تخشى فكرة الصندوق، لأنها من دون تمثيل، وهي تفضل منطق التعيين وذلك غير ممكن إلا بفترة انتقالية".

ويستند الرافضون لـ "الانتقالية" إلى خطابات لرئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح تؤيد الالتزام بالدستور وتقدم تنازلات محدودة ضمن خريطة طريق سياسية.

وتتشدد المؤسسة العسكرية بشكل كامل ضد فكرة "الانتقالية"، إذ يعتقد قادتها أنها فترة سياسية تعطي "الفرصة لأعداء الخارج قبل الداخل"، كما قد تفتح المجال، وفقها، لـ "فتح ملفات الهوية والديانة، وبالتالي المساس بالمواد الصماء في الدستور الجزائري". وهي مواد تشير إلى أن وحدة الجزائر لا تتجزأ، وأن الإسلام دين الدولة، وأن اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية، كما الأمازيغية، وأن العلم الوطني والنشيد الوطني من مكاسب ثورة أول نوفمبر (تشرين الثاني)، وهما غير قابلين للتغيير.

مسيرة الجمعة

غصت شوارع وسط الجزائر بالمتظاهرين وامتدت المسيرة الضخمة إلى عدة شوارع حول نقطة التجمع الأسبوعية، البريد المركزي. ومن المستحيل تقييم أعداد المتظاهرين في غياب الإحصاء الرسمي، لكن الحشود بدت ضخمة في العاصمة.

ورفع محتجون صور كمال الدين فخار الذي كان ينفذ إضراباً عن الطعام منذ حبسه احتياطيا في 31 مارس (آذار) الماضي بتهمة "الاعتداء على المؤسسات". وكان أمضى عامين في السجن بين 2015 و2017 بعد ادانته بـ "المساس بأمن الدولة"، وتوفي الثلثاء الماضي.

وسارت تظاهرات كبيرة في وهران وقسنطينة وعنابة، ثاني وثالث ورابع أكبر مدن البلاد.

ورفع المحتجون شعارات منها "لا انتخابات مع عصابة الحكم" و"لا حوار مع العصابة والنظام"، معبرين بذلك عن رفضهم لرموز نظام الرئيس بوتفليقة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي