سد سائقو شاحنات وحافلات وغيرهم طرقاً رئيسة في العاصمة اللبنانية ومناطق أخرى، الخميس 13 يناير (كانون الثاني)، احتجاجاً على فشل السياسيين في معالجة أزمة اقتصادية خانقة هوت بالعملة المحلية ورفعت الأسعار لعنان السماء.
وغرقت الليرة اللبنانية في دوامة الهبوط منذ عام 2019، عندما انهار الاقتصاد تحت وطأة جبل من الديون. ومع هذا، فإن مجلس الوزراء الذي تشكّل في سبتمبر (أيلول) وتعهد البدء بإصلاح الاقتصاد، لم ينعقد منذ ثلاثة أشهر وسط جدال بين الفرقاء السياسيين حول مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر العاصمة في أغسطس (آب) 2020.
انهيار الليرة
وأهاب محمد المقداد (58 سنة) خلال تظاهرة بميدان رئيس في ضاحية ببيروت، بالجميع النزول إلى الشارع وقال، "إذا كانوا ينتظرون زعماءهم أو أحزابهم، فهم غير سائلين بهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع بينما كانت عشرات الشاحنات تعرقل المرور، "أريد أي مسؤول من المسؤولين، من رئيس الجمهورية إلى رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والوزراء، أن يحاول العيش ليوم واحد براتب هؤلاء العمال الفقراء".
وانهارت الليرة بعد أن كان التعامل فيها في المتاجر والبنوك بسعر 1500 ليرة للدولار الواحد، إلى أن تفجرت الأزمة في 2019. ويجري تداول العملة اليوم في السوق غير الرسمية بأكثر من 31 ألف ليرة للدولار الواحد.
ويصعب الآن أن يكفي راتب أسرة متوسطة الحال لإطعامها، بعدما كان دخلها مريحاً ذات يوم.
تدني قيمة الرواتب
وقال ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا إن ارتفاع سعر الصرف تسبب في مشكلات جمة. وأضاف، "وقفتنا اليوم تعبّر عن كل مواطن لبناني في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، ارتفاع الدولار هو سبب مشكلات كبيرة جداً، ارتفاع سعر الدولار جوّع المواطن اللبناني، جعل كل المواطنين فقراء، لم يعُد المواطن قادراً على تعبئة تنكة البنزين (20 ليتراً)، بسبب ارتفاع سعر الدولار لم تعُد الناس قادرة على شراء الخبز والمونة لمنزلها، إذاً إلى أين نحن ذاهبون؟".
ويؤيده الياس ساسين، أحد المحتجين، قائلاً "ارتفاع الدولار جعل راتبنا 25 دولاراً، لا خبز لا أكل وماء، لم يعُد بحوزتنا ثمن قنينة الماء، لدينا عائلات علينا تأمين معيشتها، ماذا نفعل نسرق؟ الدولة لا تنظر إلينا".
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي وانسداد الأفق السياسي، يسعى رئيس الجمهورية ميشال عون لدفع الفصائل الطائفية المتعددة إلى عقد مؤتمر حوار وطني، لكن طرحه لم ينَل حتى الآن سوى دعم بعض حلفائه المقربين. وقال بعض معارضي الاقتراح إن حواراً كهذا يجب أن ينتظر لما بعد الانتخابات النيابية المقررة في مايو (أيار).
سلامة يطالب بإبعاد قاضية من التحقيق معه
في غضون ذلك، قال حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الخميس، إن القاضية غادة عون التي تقود واحداً من التحقيقات العديدة بحقه، منحازة ضده ويجب إبعادها عن القضية، وذلك بعد أن أصدرت أمراً بحظر سفره هذا الأسبوع.
ويخضع سلامة، الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات على مدى ثلاثة عقود ترأس خلالها المصرف المركزي، لتحقيقات في لبنان وأربع دول أوروبية على الأقل، كما تخضع تصرفاته لتدقيق مشدد منذ الانهيار الاقتصادي في لبنان عام 2019.
وأصدرت القاضية عون، التي تترأس أحد التحقيقات في لبنان، أمراً بحظر سفر سلامة. وقال مصدر قضائي إن تحقيقها يتعلق بمزاعم تتراوح بين الاحتيال وإساءة التصرف في أموال عامة.
وقال سلامة في بيان إنه أظهر احترامه للقضاء من خلال المثول أمام قضاة في السابق، مضيفاً أن الهدف من الدعاوى المرفوعة ضده هو "تشويه صورتي أمام الرأي العام في لبنان والخارج". وتابع سلامة الذي يحظى بدعم عدد من كبار السياسيين، قائلاً إن القاضية استخدمت حسابها الشخصي على "تويتر"، "بشكل عدائي" ضده. كما انتقد جوانب أخرى من تعاملها مع القضية.
وأضاف في بيان أنه تقدم بطلب لإبعاد عون عن القضية، قائلاً إنه "بحسب أبسط القواعد القانونية، لا يمكن للقاضي أن يكون خصماً وحكماً في آن واحد".
وفي تعليقات نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام، رفضت القاضية انتقادات سلامة، قائلةً إن من حق الرأي العام أن يعرف عن "الملاحقات الجارية في القضايا المهمة".
وظل سلامة في منصبه حتى مع انهيار الاقتصاد تحت وطأة الديون الهائلة وانهيار العملة، مما دفع كثيراً من اللبنانيين إلى حافة الفقر.