Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... إعلام يتمسك بالولاء لـ "العصابة" ويرفض التحرر مع الحراك

"المواطنة تقتضي بأن يتجنّد الجميع... كلّ في مجال عمله لخدمة البلاد"

"يتعين على الإعلام أن يكون مرآة عاكسة للمطالب الفعلية والحقيقية للشعب الجزائري" (أ.ف.ب)

تحدث قائد الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح عن الإعلام للمرة الأولى منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط)، حين ندد في خطابه الأخير، بأولئك الذين يطيلون أمد الأزمة السياسية في البلاد من خلال نشر الإشاعات والأخبار المزيفة والأكاذيب عبر العديد من الوسائط الإعلامية، داعياً الصحافيين لأن يتجنّدوا في خدمة الجزائر، ما يكشف عن تذمر المؤسسة العسكرية من بعض وسائل الإعلام المحلية التي باتت أبواق "العصابة"، بفتح أبوابها ومنابرها للمرافعة ضد استقرار الجزائر ويدفعون إلى الانسداد الذي يهز أمن البلاد والعباد.

خيانة إعلامية؟

و"خوّن" قايد صالح جهات إعلامية سمحت لأطراف بالقيام بممارسات ضدّ إجراء حوار جاد وهادئ، وضد مناخ ملائم للتفاهم المتبادل، وقال "من يسعى إلى تعطيل مثل هذه المساعي الوطنية الخيّرة، هم أشخاص وأطراف تعمل بمنطق العصابة، وتسير في سياق أبواقها وأتباعها الهادفة دوماً نحو المزيد من التضليل"، وتابع أن ما يرمي إليه هؤلاء هو الوقوف أمام إيجاد أي مخرج للأزمة وتعطيل كل مسعى خيّر ووطني للحوار والتشاور بين مختلف الأطراف.

أضاف "إفشالاً لكل المساعي غير البنّاءة والمثبطة للعزائم، فإنه يتعيّن اليوم أن يمضي الشعب الجزائري برفقة جيشه، نحو رفع التحدّيات المعترضة كافة، وتقديم الولاء، كل الولاء للوطن من دون غيره"، وواصل أن "الولاء للوطن يقتضي بأن يتجنّد الجميع، كلّ في مجال عمله ونطاق مسؤولياته، لا سيما قطاع الإعلام بكل تفرعاته، لخدمة الجزائر".

مؤسسات إعلامية تخدم "العصابة"

وبحسب الدكتور ساعد ساعد، أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني بجامعة الملك خالد بالعاصمة السعودية الرياض، وفي اتصال مع "اندبندنت عربية"، فإن الإعلام الجزائري يشتغل وفق خلفياته السياسية الأيديولوجية وملاك المؤسسات، خصوصاً أن بعضهم محسوب على رجال أعمال سعيد بوتفليقة، بينما هناك مؤسسات إعلامية بقيت رهينة لملاكها، بالتالي يظهر في تغطيتها إما دفاعاً عنهم أمام القضاء، أو تشكيك لما يصدر من قرارات. وتابع أن الإعلام الجزائري يعيش لحظة صدمة، غير مصدق لما يجري حوله من تطورات، بخاصة في القضاء.

وواصل ساعد أن خطاب قايد صالح موجه إلى كل تشكيلات الإعلام، خصوصاً الحكومي، الذي لا يزال رهين المعالجة الإعلامية القديمة، بدليل أن رئيس الدولة الموقت عبد القادر بن صالح، أنهى مهام مدير التلفزيون الحكومي المحسوب على سعيد بوتفليقة، وإنهاء مهام مديرة وكالة النشر والإشهار، باعتبارها تمتلك الدعم المالي للمؤسسات الإعلامية، وقال إن دعوة قائد الأركان موجهة للقطاعين الحكومي والخاص على حد سواء.

الحراك حرر الجميع... والإعلام يرفض التحرر

وانتقد قايد صالح ضمنياً تعاطي وسائل الإعلام مع الحراك الشعبي، ومع مطالب الشعب حين قال، إنه "يتعين على الإعلام أن يكون مرآة عاكسة للمطالب الفعلية والحقيقية للشعب الجزائري، ومطالب بأن يكون لسان صدق لشعبه، يقول الحقيقة ويقوم بتبليغ مطالبه من دون تشويه أو تزييف أو استغلال أو تسخير لأغراض أخرى غير خدمة الوطن، فالمصالح المادية لا يمكنها إطلاقاً أن تكون بديلاً للوطن، فهي تزول ويبقى الوطن، وتبقى الجزائر"، وهو ما فهم على أنه رسائل إلى ملاك مؤسسات إعلامية بأن المؤسسة العسكرية على اطلاع وتمتلك المعلومات الكافية بخصوص من يقف وراء وسائل الإعلام التي أصبحت تقدم خدماتها لمن يمنحها المال.

وفي السياق ذاته، اعتبر الإعلامي محمد دلومي في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن الإعلام في الجزائر لا يزال رهين حقبة بوتفليقة، وجهاز الاستخبارات، لذلك فهو للأسف، متأخر عن الحراك، ولم يستطع الرقي بنفسه لمستوى طموح الشعب، مضيفاً أنه "لن نكون مبالغين إذا قلنا إن الحراك حرر جميع القطاعات، وحده الإعلام لا يزال يحنّ للعهد البائد ولم يتحرر من قبضة الأيديولوجيا والمصالح الضيقة، لدرجة أنه توجد قراءات عدة لخطاب أو كلمة يلقيها قائد الأركان. وأضاف أن كل وسيلة إعلامية يمكنها أن تفسر تصريحات قائد الجيش وفق اتجاهها وبما يخدم مصلحتها ومصلحة من يقف خلفها.

انحراف إعلامي خطير... "صالح" يحذر

ومن خلال التعاطي مع الأحداث منذ انطلاق الحراك، يقول دلومي "يمكننا ملاحظة أن وسائل الإعلام تفرقت في مواقفها بين داعم، وبالتالي السير مع مؤسسة الجيش، وبين مشكك، وبين إعلام لا يزال وفياً لأفراد العصابة، مشدداً على أن الإعلام الإلكتروني الذي فرض نفسه بقوة، بات يشهد انحرافاً خطيراً وتغليطاً كبيراً للرأي العام من بعض المواقع التي لها أجندات أيديولوجية، وتخدم جهات في النظام السابق، ما دفع بقائد الأركان إلى دعوة الإعلام لمساندة الحراك الشعبي، كما يمكن اعتبار حديثه تحذيراً من مغبة بث الإشاعات، والأخبار المضللة خدمة لأطراف مناوئة لمبادرات المؤسسة العسكرية وجهودها، ما قد يفتح ملفات فساد متعلقة بمديرين وصحافيين متورطين مع من وصفهم قائد الأركان بـ "العصابة".

عورات الإعلام الجزائري

من جهته، أشار الإعلامي علي شمام في تصريح لـ "اندبندنت عربية" إلى أن الحراك كشف عن عورات الإعلام الجزائري، وأهمها ولاءاته وخدمته لجهات معينة، بسطت نفوذها على القنوات الخاصة وجعلت منها أبواقاً لخدمة توجهاتها السياسية والمالية داخل النظام الذي قاد الجزائر مدة 20 سنة، ليرتبك بعد 22 فبراير، ولم يقدر على استيعاب الحدث التاريخي لأكثر من أسبوعين.

وقال إن جل وسائل الإعلام الجزائرية فقدت البوصلة مع البدايات الأولى للحراك "لأنها لم تعد تتلقى التوجيهات التي كانت تتلقاها من طرف القوى غير الدستورية وعلى رأسها سعيد بوتفليقة والجنرال توفيق وعثمان طرطاق، ووجدت نفسها مضطرة لإعلان الولاء لقيادة الأركان والانحياز إلى خياراته، وخلص إلى أنه يتضح من خلال خطاب قائد الأركان أن هناك نوعاً من غياب الثقة بين الطرفين.

المزيد من تحقيقات ومطولات