Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية يطرح أسئلة التحديث

63 فناناً وفنانة من 27 دولة والمشاركون الاجانب يطورون نظرتهم الى التراث

عمل للفنان الكندي ساسان ناسرينا (الخدمة الإعلامية)

يقول الناقد وأستاذ علم الجمال المغربي موليم العروسي إن العادة جرت في محيطنا الإسلامي على التعامل مع الفنون الإسلامية كتراث متحفي، ما يبقيها جامدة غير قابلة للتناول، وإذا ما تم التعامل معها أو أعيد إنتاجها فإنما يحدث  الامر بطريقة ميكانيكية تهدف فقط لمحاكاتها بأدوات أو مواد حديثة، وهذا غالباً ما كان يقلل من بريقها الذي يكمن فيه السر الذي عشنا كل العمر نبحث عنه ونبحث فيه. يرى العروسي أن الفنانين والمعماريين العالميين الذين استلهموا الفن الإسلامي في أعمالهم، دفعونا إلى اكتشاف ما يكمن في هذا الفن من ثراء بالغ قلما انتبهنا إليه، ربما لأننا نعيش، كما يقول، داخله، ويمثل بالنسبة لنا الحضن الذي تربينا فيه والذي نسكن إليه، كلما تفرقت بنا سبل الهوية، أو لأننا تغنينا به طويلاً ونسينا أن نطوره في أشكال إبداعية جديدة.

هذه الإشكالية التي يشير إليها الناقد المغربي مثلت دافعاً للعديد من الفنانين العرب المعاصرين لاكتشاف ما تنطوي عليه هذه الفنون من مسارات، وما تحمله من براح قابل للتطبيق مع الممارسات الفنية المعاصرة. وهو التوجه نفسه الذي يتبناه مهرجان الفنون الإسلامية الذي ترعاه إمارة الشارقة، والذي يسعى إلى لملمة شتات الأفكار والممارسات والتجارب الدولية التي تستلهم الفنون الإسلامية. انطلق مهرجان الفنون الإسلامية عام 1998 وهو يحتفل اليوم بدورته الرابعة والعشرين التي تستمر فعالياتها حتى 23 يناير(كانون الثاني) القادم تحت شعار "تدرجات".

مواكبة العصر

يُعد مهرجان الشارقة الدولي للفنون الإسلامية واحداً من أبرز المهرجانات الدولية المتخصصة، التي تلقي الضوء على ما تنطوي عليه الفنون الإسلامية من قدرة على مواكبة العصر، ما يعكس حيوية هذه الفنون وعمقها التعبيري كلغة فنية عالمية.

يحتضن المهرجان تجارب فنية دولية ضمن معارض فردية وجماعية، ويقام في مختلف مناطق الشارقة، ومنها: متحف الشارقة للفنون وبيت الحكمة وساحة الخط، الشرقية والوسطى، وغيرها من الأماكن الأخرى.

يطرح المهرجان هذا العام شعار "تدرجات" كمفهوم تقييمي يمكن الاسترشاد به لصياغة الأعمال المشاركة، وهي كلمة مفتاحية تحمل دلالات متعددة، إذ تشير في جانب منها إلى التفاصيل والعناصر التي تشكل بنية الأشياء، والتي لم تكن تتحقق إلا بالتدريج عبر تنامي مكوناتها المختلفة. يمكن مقاربة هذا الشعار كذلك في سياق تنامي المعارف والخبرات الجمالية والموضوعية وسبل تأصيلها والتعبير عنها، والذي يفضي بنا أيضاً إلى استخداماته في الفنون الإسلامية التي تحاكي مفهوم المطلق واللانهائي، وتجسد الوحدة في التنوع والإيقاع، والانسجام في التدرجات اللونية التي لا حصر لها.

يشمل المهرجان هذا العام عدداً من الفعاليات، بين معارض وورش فنية ومحاضرات، تنظم بالتعاون مع جهات مختلفة، بينها اتحاد المصورين العرب وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية وغيرهما. يشارك في المهرجان هذا العام 63 فناناً وفنانة من 27 دولة تتصدرها الإمارات بستة عشر فناناً وفنانة، وخلافاً للمشاركات العربية المكثفة، يساهم فنانون آخرون من إسبانيا وفرنسا والهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وتركيا والدنمارك وكندا وهونغ كونغ وألمانيا وصربيا وليتوانيا.

"وصف التدرج"

بين الأعمال المعروضة يطالعنا عمل الفنان الإماراتي عبد الله الملا وهو مهندس معماري ومصمم درس فنون العمارة والتصميم في الولايات المتحدة. يقدم الملا عمله تحت عنوان "وصف التدرج" ويمثل مجسماً على شكل هرمي يتكون من وحدات متعددة كل منها يتخذ الشكل نفسه. العمل مستلهم من العمارة الإسلامية، ويعتمد على المصفوفة الهندسية التي تتدرج في نهاية المطاف إلى تشكيل ما يعرف في الفنون الإسلامية بالـ "مقرنصات".

أما الفنانة الإماراتية أماليا بالجافلة فتقدم عملها تحت عنوان "الضوء اللامتناهي" وهو مجسم لشجرة مضيئة ملونة بالدرجات الفيروزية وتشي بفكرة الارتقاء والتسامي. ومن سلطنة عمان تطالعنا الفنانة روان المحروقي بعمل تحت عنوان "محاولات" وهو عبارة عن مجسم مكون من طبقات لونية مختلفة تشكلت بفعل تراكم أبسطة الصلاة بعضها فوق بعض، وهو يعكس فلسفة الصلاة وما تنطوي عليه من علاقة روحية ومشاعر. ومن تونس يقدم الفنان عبد الله عكار عمله تحت عنوان "هو" وعمد خلاله إلى نقش كلمة "هو" بالخط الكوفي، بأحجام مختلفة على عدد من القضبان المعدنية المعلقة في سقف القاعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بين الأعمال المشاركة بدا لافتاً ما قدمه الفنانون الأجانب من أعمال إبداعية مستلهمة من الفن الإسلامي، والتفاتهم إلى ما يميزه، كالشفافية والرهافة والضوء. من إسبانيا قدم الفنان خوسيه كارلوس غارسيا عمله تحت عنوان "أسوار القلاع القديمة" وهو عبارة عن مجموعة من اللوحات الزخرفية وظف خلالها الفنان القيم الجمالية للزخارف الإسلامية التقليدية بأسلوب عصري. ومن الهند قدمت الفنانة سيمرين ميهرا عملها تحت عنوان "بيئة متاحة" وهو مكون من لوحتين كبيريتين استخدمت الفنانة في تشكيلها الزخارف الإسلامية أيضاً.

ومن كندا يطالعنا الفنان ساسان ناسرنيا بتجربته الفريدة مع الخط العربي، التي تستند إلى رحلة بحث مستمر ومتواصل لإيجاد طرق مختلفة لإنشاء أشكال الحروف عبر تفكيك قواعد الخط التقليدية. أما الفنان الليتواني زيلفيناس كانديناس فيعرض عمله تحت عنوان "الضوء والجاذبية" وهو مكون من وحدات صغيرة من المعدن البراق تم تشكيلها على شكل معلقات يتخللها الضوء فيغير من هيئتها مع الحركة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة