Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توقيت زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر يفتح باب التأويل

الملفات الأمنية حاضرة بقوة بالنظر إلى دخول إسرائيل المنطقة ومحاولة تلطيف الأجواء مع المغرب

الرئيس الجزائري ونظيره الموريتاني بقصر الرئاسة في الجزائر (الاذاعة الجزائرية)

أخذت زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر التي امتدت على مدار ثلاثة أيام، حيزاً واسعاً من الاهتمام، لأنها جاءت في توقيت حساس تمرّ به منطقة شمال أفريقيا، الأمر الذي جعل القراءات تصفها بين اقتصادية ودبلوماسية وأمنية.

بعض الخفايا

كشف كل من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الموريتاني ولد الغزواني خلال مؤتمر صحافي مشترك، عن بعض خفايا الزيارة، إذ قال تبون، إن العلاقة التي تربط البلدين تضاعفت وتيرتها خلال الفترة القليلة الماضية، تحديداً بعد فتح المعبر الحدودي بينهما، مبرزاً أن علاقات التعاون المشترك بين الجزائر وموريتانيا استطاعت تحقيق عدد من المكاسب في مجالات عدة، "لكن هذه العلاقة ما زالت بحاجة إلى مزيد من الاتفاقيات التي من شأنها تذليل الصعاب التي تحول دون الوصول إلى التنمية المستدامة بين الطرفين والتي نتطلع إليها جميعاً".

وأوضح الرئيس الجزائري أن "المحادثات تركزت بشكل خاص على الوضع في ليبيا والساحل، إضافة إلى العمل العربي المشترك الذي حظي في محادثاتنا باهتمام خاص، لا سيما أن الجزائر ستحتضن قريباً القمة العربية التي نأمل أن تكون قمة جامعة وموحدة للصف العربي"، مردفاً أنه في ظل السياق الدولي المتأزم الذي تطبعه التهديدات والتحديات، "تطرقنا إلى أولوية توحيد جهودنا وتنسيق مواقفنا، وأود هنا أن أشير إلى تطابق وجهات النظر حول هذه القضايا وتوافق مواقفنا بشأنها".

من جانبه، أكد ولد الغزواني على "الثمار البناءة للزيارة التي يجريها للجزائر، التي سترقى بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوى الأخوّة والصداقة التي تربط بين الشعبين"، مشيراً إلى أن "الزيارة كانت فرصة لتناول القضايا الثنائية وأبرز القضايا الدولية والإقليمية التي تهم بلدينا".

وأوضح أن الزيارة "كانت مثمرة وبناءة جددنا خلالها عزمنا المشترك على مضاعفة الجهود من أجل الدفع بالتعاون بين بلدينا إلى مستويات أكثر تنوعاً، خدمة لشعبينا ومغربنا العربي الكبير وأمتنا الإسلامية".

الملف الجزائري- المغربي على الطاولة؟

تأتي زيارة الرئيس الموريتاني في وقت تعيش المنطقة أوضاعاً صعبة، إذ تعرف تونس انسداداً سياسياً يهدّد الشارع بالانفجار، كما تعرف ليبيا معركة انتخابية قد تفسد الاستقرار النسبي الذي تعرفه، إضافة إلى التوتر الحاصل في الساحل مع تصاعد الاعتداءات الإرهابية وتوسع دائرة الغضب الشعبي جراء الانقلابات المتكررة، وأخيراً الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب التي بلغت حد قطع العلاقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن مسؤولي البلدين لم يثيرا مختلف الملفات بشكل واضع وصريح ما عدا الإشارة إلى الساحل وليبيا، يجزم المتابعون بأن الملف الجزائري - المغربي كان على طاولة المحادثات، بخاصة أن الرئيس الموريتاني سبق وعرض وساطة لإعادة الأمور إلى نصابها، عشية انتقاله إلى الجزائر.

بين ضبط القضية الأمنية وزيارة اقتصادية

في السياق ذاته، يعتبر المحلل السياسي الموريتاني عبد الرحمن ودادي أن بلاده تُعدّ من أهم البوابات للمنتجات الجزائرية باتجاه أفريقيا، كونها آمنة، على عكس الحدود الجزائرية مع مالي المضطربة وغير الآمنة والتي تحول دون تبادل تجاري للجزائر مع أفريقيا، مشيراً إلى أن ضبط القضية الأمنية بين دول المنطقة يعتبر قضية مصيرية، وأبرز أنه من مصلحة موريتانيا أن يتم التقارب بين الجزائر والمغرب، معرباً عن تألم بلاده وشعوب منطقة المغرب العربي من الأزمة بين البلدين في ما وصفه بـ"التأجيج غير المفهوم لهذا الصراع". وختم أن نواكشوط تلتزم استراتيجية التوازن في علاقتها بين البلدين الجارين بحيث أصبحت ركيزة رئيسة لسياستها الخارجية.

في المقابل، ترى أستاذة العلاقات الدولية عابر نجوى أن زيارة الغزواني تأتي في إطار ترقية التعاون بين البلدين، وهو ما تجسّد في عدد الاتفاقيات التي وُقّعت، بحيث تبدو إرادة الدولتين ماضية في تجسيد خط الطريق الرابط بين الجزائر وموريتانيا بحثاً عن منفذ على المحيط الأطلسي، ومشاريع تحمل آفاقاً واعدة لفك العزلة عن عدد من دول الساحل، وأيضاً فتح مجال التبادل التجاري بين الجزائر ودول غرب أفريقيا، وربط أفريقيا بالقارة الأميركية بحيث تمثل موريتانيا نقطة عبور استراتيجي من شأنها دفع حركة التبادل التجاري بين القارتين.

ووصفت الزيارة بـ"الاقتصادية"، إلا أن الملفات الأمنية حاضرة بقوة بالنظر إلى دخول إسرائيل للمنطقة، كما يبقى ملف الصحراء الغربية من أهم الملفات المشتركة.

بين رفض الوساطة والتحركات الاستراتيجية

من جانبه، يقول الباحث المغربي المتخصص في الدراسات السياسية والدولية حفيظ الزهري إن زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر عادية، وتدخل في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين، مضيفاً أن مبادرة ولد الغزواني للوساطة ستفشل، نظراً إلى الرفض الجزائري المطلق للمفاوضات بين البلدين، موضحاً إمكانية أن تسهم هذه الزيارة في تلطيف أجواء التوتر بين الجانبين، وقد تليها زيارة أخرى إلى المغرب.

إلى ذلك، يبيّن أستاذ العلاقات الدولية سمير محرز أن الزيارة أخذت طابعاً دبلوماسياً واقتصادياً وأمنياً، بمعنى أن تنقّل الرئيس الموريتاني يندرج في إطار التحركات الاستراتيجية التي تبنّتها الدولة في2021، بخاصة بعد تعقد الوضع الأمني في ليبيا والساحل الأفريقي، والدبلوماسي مع الجارة المغرب، بالتالي كانت من بين أهم الاتفاقيات الموقعة تعزيز التبادلات التجارية بين البلدين وتأمين الطريق الرابط بين تندوف الجزائرية ونواكشوط الموريتانية، وصولاً إلى إمضاء اتفاقيات أمنية، بخاصة أن حدود البلدين تشترك مع الصحراء الغربية.

ويواصل محرز أن أهم فائدة استراتيجية بالنسبة إلى الجزائر من هذه الزيارة هي الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها من خلال بث مجموعة من النقاط التشاركية بين البلدين، لا سيما أن الطرف المغربي يسعى بكل ما يملك من آليات سياسية ودبلوماسية إلى التأثير على الجارة الموريتانية من أجل إفشال التعاون والتنسيق مع الجزائر.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي