Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أشكال حياة فضائية محتملة في سحب كوكب الزهرة

وجود غاز "الأمونيا" على ذلك الكوكب قد يعود إلى عنصر بيولوجي يجعل تلك الغيوم صالحة للعيش

يعتبر تلسكوب "جيمس ويب" المرصد الفضائي الأكثر طموحاً وقوة حتى الآن (يوتيوب)

يعتقد باحثون فلكيون أن السحب في كوكب "الزهرة"Venus  ربما تحتضن أشكالاً محتملة من الحياة مسؤولة عن إنتاج غاز "الأمونيا"، موضحين أنها "مختلفة تماماً عن كل شيء سبق أن رأيناه"، إذ يشير وجود ذلك الغاز عديم اللون [الأمونيا]، علماً أنه مركّب من النيتروجين والهيدروجين، ربما إلى تفاعلات كيماوية من شأنها أن تجعل كوكب الزهرة الذي يبعد عن الأرض47.34  مليون كيلومتر، صالحاً كموطن لأشكال من الحياة الفضائية.

على كوكبنا الأرض، يُنظر إلى "الأمونيا" باعتباره فضلات شائعة تفرزها الكائنات الحية المائية عموماً. ومنذ سبعينيات القرن العشرين، شكّل وجوده في الغلاف الجوي العلوي لكوكب الزهرة لغزاً بالنسبة إلى علماء الفلك، إذ يعتقدون أن إنتاجه لا ينبغي أن يُعزى إلى أي قوة معروفة في العالم.

في ذلك الصدد، يُعرف عن كوكب الزهرة نفسه أنه شديد الحرارة إلى حد يجعل فرضية وجود أي شكل من الحياة الفضائية هناك غير قابل للتصور أصلاً، وإذا كانت غيومه تحمل أي كائنات حيّة فستكون على الأرجح ميكروبات على شاكلة البكتيريا الموجودة على الأرض، حتى لو حازت تراكيب كيماوية مختلفة عن نظيرتها على كوكبنا، أو حتى على الكواكب السيارة المجاورة لنا من قبيل المريخ Mars.

مردّ ذلك إلى أن الحياة على المريخ تشبه على الأرجح نظيرتها الموجودة على الأرض، ما يمنح العلماء فكرة أوضح عما يمكن توقعه هناك. ولكن "الزهرة"، خلافاً لذلك، لا يشبه أي كوكب آخر في النظام الشمسي.

في دراسة جديدة، وضع باحثون من "جامعة كارديف" Cardiff University و"جامعة كامبريدج"Cambridge University  البريطانيتين، و"معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا" (MIT)، نماذج حاسوبية افتراضية عن مجموعة من العمليات الكيماوية بغرض تبيان أنه، إذا كان غاز "الأمونيا" موجوداً فعلاً على "الزهرة"، فإنه سيطلق سلسلة تفاعلات كيماوية من شأنها أن تعمل على "تحييد"neutralize  القطرات المجاورة من "حمض الكبريتيك" [تدمير خاصيتها الحمضية].

إذا حدث ذلك، فسيؤدي إلى تناقص حموضة السحب من 11- إلى صفر، علماً أنه وفق مقياس درجة الحموضة (مقياس "بي أتش"pH scale ) تُعتبر هذه الدرجة حمضية للغاية، لكنها تبقى عند مستوى تستطيع أشكال من الحياة أن تتحمّله. على كوكب الأرض، ثمة كائنات حية تنتج "الأمونيا" [علماً أنه غاز قلوي] من أجل "تحييد" بيئتها المشوبة بالتحديات.

"نعلم أن حياة يمكن أن تزدهر في بيئات حمضية على الأرض، لكن لا شيء يضاهي غيوم كوكب الزهرة في الحموضة العالية التي يُعتقد أنها تتميز بها. في المقابل، لو أن شيئاً ما يصنع الأمونيا في السحب، فسيؤدي ذلك إلى تحييد بعض القطرات، ما يجعلها أكثر ملاءمة للعيش"، بحسب الباحث المشارك في الدراسة الدكتور ويليام باينز، من "كلية الفيزياء والفلك" في "جامعة كارديف".

واستطراداً، ذهب العلماء إلى أبعد من ذلك، مشيرين إلى أن التفسير الأكثر قبولاً مفاده بأن "الأمونيا" يرجع إلى مصادر بيولوجية، وليس قوى طبيعية على شاكلة البرق أو انفجارات بركانية.

في ذلك الصدد، أشارت الباحثة المشاركة في الدراسة من قسم علوم الأرض والغلاف الجوي والكواكب (EAPS) في "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، البروفيسورة سارة سيغر إلى أن "غاز الأمونيا يجب ألّا يكون موجوداً على الزهرة. [بشكل أساسي]، ذلك أن الهيدروجين يشكّل أحد العناصر المكونة لهذا المركب الغازي [إلى جانب النيتروجين]، في حين أن المحيط المباشر للأمونيا [في سحب الزهرة] يحتوي نسبة ضئيلة جداً من هذا العنصر الكيماوي. وبصورة تلقائية، يُشتبه في أي غاز لا ينتمي إلى ظروف بيئته، بأن يكون من صنع كائنات حية".

طوال عقود من الزمن، بقي بعض البصمات الكيماوية في السحب من دون تفسير على غرار وجود الأوكسجين وجسيمات غير كروية ومستويات مفاجئة من بخار الماء وثاني أكسيد الكبريت. وفي أوقات سابقة، كان يُعتقد أنه يمكن تعليل تلك البصمات الكيماوية بوجود غبار، على اعتبار أن معادن انجرفت من سطح كوكب الزهرة ربما تكون قد شقت طريقها إلى الغيوم وتفاعلت مع حمض الكبريتيك. وعلى الرغم من ذلك، كانت المشكلة في أن صحة هذا الافتراض مرهونة بوجود كمية ضخمة جداً من الغبار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، إذا كانت كائنات حية تنتج "الأمونيا"، فإن ذلك التفاعل الكيماوي ينتج الأوكسجين بشكل طبيعي. من ثم، يذوب "الأمونيا" في الحمض، كي يتحول من شكل دائري سائل إلى "مزيج أشبه بالملح".

وفق الدكتور باينز، "ثمة تحديات عدة أخرى على أشكال الحياة أن تتغلب عليها إذا كانت ستعيش في غيوم كوكب الزهرة. كبداية، المياه معدومة تقريباً هناك، في حين أن كل أشكال الحياة التي نعرفها تحتاج إلى الماء من أجل البقاء. ولكن إذا كانت الحياة موجودة [على الزهرة]، فإن تحييد الحمض سيجعل الغيوم صالحة للعيش بدرجة أكبر قليلاً مما كنا نظن".

وفي ذلك الصدد، تبدو فرص وجود حياة على كوكب الزهرة ضئيلة جداً، بحسب الدكتور باينز الذي ما زالت تعتريه شكوك في أن هذه المسائل يمكن أن يفسرها وجود كائنات فضائية. ولكن، يمكن أن يتأتى ذلك من التفاوت الشاسع للحياة على كوكب الزهرة بالمقارنة مع نظيرتها على الأرض، إضافة إلى الإمكانية الضخمة لوجود حياة فضائية.

وأضاف الدكتور باينز، "أما وقد قلت ذلك، فإذا ما توافرت فرصة ضئيلة لوجود حياة هناك [على كوكب الزهرة]، سيكون ذلك اكتشافاً تغييرياً يستحق المتابعة فعلاً بوصفه إنجازاً تاريخياً".

في 2023، تنطلق بعثة "فينوس لايف فايندر" Venus Life Finder (حرفياً، مُكتشف الحياة على الزهرة) بغرض دراسة جزيئات السحب، لكن العثور على حياة فضائية سيستغرق وقتاً طويلاً، إذ إن إرسال الأجهزة إلى كوكب "الزهرة" خطوة صعبة ومكلفة، فيما يتمثل الهدف النهائي في استخراج عينة يُحتمل أنها تحتوي على أشكال حياة وجلبها إلى الأرض، حيث ستخضع لدراسة أوسع نطاقاً مقارنة بتحليلها عن بعد.

بالتالي، يتوقع الدكتور باينز أن تنفيذ هذه الدراسة وأخذ العينات سيتحققان قبل نهاية العقد الحالي، لكن سيحدث ذلك على الأرجح قبل 2040.

ليست هذه المرة الأولى التي يكشف فيها العثور على مادة كيماوية عن إشارات إلى وجود حياة محتملة خارج كوكب الأرض يحتضنها كوكب الزهرة. في العام الماضي، وجد علماء من "جامعة كارديف" أيضاً آثاراً لغاز "الفوسفين" النادر والسام في الغلاف الجوي لذلك الكوكب.

وعلى غرار "الأمونيا"، يُعتبر "الفوسفين" بصمة حيوية قوية. وحينما صدرت نتائج تلك الدراسة، ذكرت عالمة الفيزياء الفلكية من "المرصد الملكي" في "غرينيتش" إميلي درابيك ماوندر أن "إنتاج الفوسفين يحدث عن طريق نوع من العمليات الكيماوية أو الجيولوجية التي لا يعرف أحد بشأنها، أو ربما يُعزى ذلك إلى سبب بيولوجي". في المقابل، وضعت ثلاث دراسات لاحقة ذلك الافتراض على محك التساؤل، إذ لم يجرِ الكشف عن أي علامات للفوسفين في الغلاف الجوي للزهرة.

لم يصل البحث الأخير بعد إلى تلك المرحلة، بل اكتفى باقتراح تفسير يشرح تلك الظواهر الغريبة. في الحقيقة، لن يتوصل العلماء إلى حلول أكثر واقعية [عن مسألة وجود الأمونيا في سحب الزهرة] إلا بعد تنفيذ عمليات رصد إضافية بالتلسكوب الفضائي الراديوي.

© The Independent

المزيد من علوم