يواجه مشروع ممر ثالث للطيران بمطار هيثرو، أكبر مطارات بريطانيا، معضلة جديدة تهدد المشروع بأكمله بعد الموافقة عليه عام 2018. ويراجع النواب في مجلس العموم (البرلمان البريطاني) حالياً نتائج دراسة جديدة أجرتها مؤسسة "نيو إيكونوميكس فاونديشن" خلصت إلى أن كلفة التخلص من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممر ثالث إضافي في المطار تضاعفت من نحو 67 مليار دولار (50 مليار جنيه إسترليني) وقت الموافقة على المشروع قبل ثلاث سنوات، إلى أكثر من 130 مليار دولار (نحو 100 مليار جنيه إسترليني) حالياً.
كان تقرير وزارة النقل عن سياسة المطارات العامة لعام 2018 قدر "الكلفة الكربونية" للممر الثالث بنحو نصف القيمة التي خلص إليها التقرير الأخير الذي قدم للنواب، والكلفة الكربونية هي الميزانية المطلوبة لمعادلة الانبعاثات الكربونية من استخدام الممر، سواء بالتقاط الكربون وتخزينه وإعادة تدويره أو الدفع مقابل "نقاط الكربون، لتتم معادلتها من أي جهة أخرى".
القيمة الكربونية
وكانت الحكومة البريطانية عدّلت طريقة حساب القيمة الكربونية لكي تصبح متسقة مع تعهدات بريطانيا الملزمة قانونياً بالوصول إلى صفر انبعاثات كربونية التي أقرت في عام 2019، وحسب التقرير، الذي ينظر فيه الآن النواب في لجنة توسيع مطار هيثرو، فإن تلك التعديلات التي أجرتها الحكومة البريطانية كان لها أثر واضح في ارتفاع تقديرات الكلفة الكربونية لمشروع الممر الثالث.
أضاف التقرير، "في وضع يتسم بحال طوارئ في ما يتعلق بالمناخ، فإن أي مشروع أو خطة ينتج عنها انبعاث غازات مسببة للاحتباس الحراري تصبح عالية الكلفة على المجتمع. فإما نعاني من خطر تبعات انهيار بيئي كبير أو أنه على جهة ما في مكان، أن تقوم بعملية تنظيف تلك الغازات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحين يلتزم بلد قانونياً، كما فعلت بريطانيا، بخفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر، فإن كل الخيارات المتاحة لخفض الانبعاثات من الأساس أو تخليص الغلاف الجوي من غازات الكربون تصبح مستخدمة بالفعل. ويستنتج التقرير أنه "بالتالي، فإن كلفة تنظيف الانبعاثات الجديدة أو معادلتها تزيد مع زيادة طموحاتنا".
القواعد الجديدة
واستنادا إلى القواعد الجديدة التي أصدرتها الحكومة البريطانية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي لحساب كلفة التخلص من الانبعاثات الكربونية، يقول تقرير المؤسسة، "توضح حساباتنا أنه بالنسبة لمطار هيثرو فإن كلفة القيمة الكربونية للانبعاثات الناتجة عن التوسعة المقترحة للمطار (ممر ثالث) في الفترة من 2025 إلى 2050 تضاعفت من نحو 50 مليار جنيه إسترليني إلى أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني باستخدام الحسابات الجديدة للحكومة".
ويغطي التقرير حساب الكلفة الكربونية لمشروعات التوسعة في ثمانية مطارات بريطانية، ويقدر التقرير أن تلك الكلفة تصل إلى نحو 99 مليار دولار (73.6 مليار جنيه إسترليني) في تلك الفترة المذكورة، ولن تحصل الحكومة سوى على نسبة ضئيلة من تلك الكلفة في شكل ضرائب ورسوم على قطاع الطياران في حدود أقل من 16 مليار دولار (11.8 مليار جنيه إسترليني)، أما الأكثر من 83 مليار دولار (نحو 62 مليار جنيه إسترليني) الباقية فتتحملها الحكومة، وتمثل تلك الكلفة حسب التقرير "دعماً هائلاً غير مباشر لصناعة ملوثة للبيئة وكلفة كبيرة، بيئية أو اقتصادية أو الإثنين معاً، لبقية المجتمع".
خطط الطيران المستقبلية
وتنقل صحيفة "الغارديان" عن عضو مجلس العموم النائب ديفيد سسموندز قوله، "يؤكد هذا التقرير على ضرورة الحصول على التفاصيل بشكل واضح ومحدد حين نقرر بشأن خطط الطيران المستقبلية ومراجعة أهداف الحكومة بالوصول إلى صفر انبعاثات، لا يمكننا التقليل من أهمية تبعات مشروعات كبرى كتوسعة مطار هيثرو، ولن تشكرنا الأجيال المقبلة على ترك آليات مالية معقدة لا تقدم أي شيء لصالح خدمة البيئة".
أما رئيس تحالف "لا لممر ثالث" بول ماغينيس فيقول، "ربما كما كان متوقعاً، فإن كلفة الكربون من توسعة مطار هيثرو تزيد بشكل هائل، حتى من قبل أن يطلقوا طائرات تضخ المزيد من غازات الاحتباس الحراري في أجوائنا. إن مسألة الغاء الحكومة مشروع توسعة هيثرو أصبح أكثر إلحاحاً الآن من ذي قبل". وكان اللورد ديبن، رئيس لجنة التغير المناخي، قال، الشهر الماضي، إنه "لا توجد أي مساحة لتوسعة مطارات الآن".
أهداف الانبعاثات
وتوصي اللجنة، التي تقدم المشورة للحكومة البريطانية حول التغيرات المناخية، بأنه "لا توسعة للطاقة الاستيعابية للمطارات البريطانية ما لم يصبح القطاع في وضع يثبت فيه أنه يحقق أهداف الانبعاثات المحددة له ويمكنه استيعاب انبعاثات إضافية".
وحسب "الغارديان"، علّق متحدث باسم مطار هيثرو على التقرير بالتأكيد على أن خفض الانبعاثات الكربونية من الطيران هو مبدأ أساس للمطار في خط التوسعة، مضيفاً، "لطالما أدركنا أنه علينا أن نثبت أن الممر الجديد يأتي متسقاً مع أهداف بريطانيا بالوصول إلى صفر انبعاثات. وإن كان تركيزنا حالياً هو على التعامل مع الوباء (كورونا) وتبعاته، فإننا ما زلنا نثق في أنه يمكننا التوسع مع الحفاظ على الأهداف المحددة (للانبعاثات)".