Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح خطط أردوغان للخروج من الأزمة الاقتصادية؟

وصول احتياطي الأصول الأجنبية إلى تحت الصفر ينذر بمخاطر

يشجع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المواطنين على هجر الدولار إلى العملة الوطنية (أ ف ب)

على الرغم من التحسن الطفيف في شهادات تأمين الدين التركي ضد الإفلاس لمدة خمسة أعوام (CDS) خلال الأسبوع الحالي، إلا أنها تظل في أعلى مستوياتها منذ 16 عشراً، كما ذكر تقرير لوكالة "بلومبيرغ". ويعني ذلك أن المستثمرين يُدفعون أكثر إلى تأمين أوراق الدين لديهم في حال تخلف تركيا عن السداد. وبحسب مؤشر "بلومبيرغ"، فإن سندات تبادل تأمين الدين لتركيا أعلى تكلفة من العراق الذي تصنفه مؤسسات مثل "موديز" و"ستاندرد أند بورز" بدرجتين أقل من التصنيف السيادي لتركيا.

وتنقل "بلومبيرغ" عن لوتز روماير، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة "كابيتولوم أسيت مانجمنت" ومقرها برلين، قوله عن خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتشجيع هجر الأتراك الدولار والتحول إلى الليرة، "ببساطة، تلك خطة غير قابلة للصمود... هي تحدٍّ جزئي من هروب رؤوس الأموال لدى المدخرين الأتراك فحسب. وسيظل هناك من لا يثقون بتلك البرامج ويفضلون الاحتفاظ بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة".

أما المحللون في قطاع أوراق الدين، فيرون أن تلك الخطوة ليست سوى إجراء بسيط متأخر جداً، كما يذكر تقرير "بلومبيرغ". وبالفعل، خسر المستثمرون في الدين التركي خلال عام 2021 ما نسبته 7.8 في المئة، مقارنة بمتوسط خسارة في بقية الأسواق الصاعدة حول العالم عند نسبة 2.9 في المئة. ويُعدّ هذا أسوأ أداء لسوق الدين التركي منذ عام 2013، بحسب مؤشر "بلومبيرغ" للديون السيادية.

وانعكس ذلك بوضوح على أداء البورصة التركية بشكل عام، التي فقدت خلال الأسبوع الحالي وحده نسبة 21 في المئة، في أسوأ أداء لها منذ يوليو (تموز) 2001.

احتياطي الأصول الأجنبية

على الرغم من أن البنك المركزي التركي لم يعلن رسمياً، خلال الأسبوع الحالي، عن تدخله في أسواق الصرف ببيع الدولار وشراء الليرة لدعم العملة الوطنية، إلا أن المصادر المصرفية في لندن تقدّر ضخ البنك المركزي التركي نحو 6.9 مليار دولار في الأيام الأولى من الأسبوع. وهو ما ساعد على ارتفاع سعر الليرة من أدنى مستوياتها مع إعلان الرئيس أردوغان عن خطط دعم العملة الوطنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطبقاً لحسابات "فاينانشال تايمز"، استناداً إلى الأرقام الرسمية للبنك المركزي التركي، انخفضت الاحتياطيات من العملة الأجنبية لدى البنك إلى ما دون الصفر لتصبح عند سالب 5.1- مليار دولار (حساب مدين) خلال الأسبوع الحالي. ووضعت الصحيفة تقديرات أقل لتدخل البنك يومي الاثنين والثلاثاء عند 5.9 مليار دولار تم ضخها في السوق لرفع سعر صرف الليرة.

وكان سعر العملة الوطنية وصل إلى 18.4 ليرة للدولار الاثنين، قبل أن ترتفع قيمتها بزيادة وصلت الأربعاء إلى نحو 50 في المئة. ويقدر محللون حجم تدخل البنك المركزي في السوق منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) بطرح الدولار وشراء الليرة بما بين 15 و17 مليار دولار. وتجاوز ما أنفقه البنك خلال عام 2021 أكثر من 100 مليار دولار، ما سبب الضغط الشديد على الأصول الأجنبية للبنك لتصبح دون الصفر.

وحذر محللون من أن برامج الادخار الجديدة التي أعلن عنها الرئيس أردوغان لتحفيز دعم المواطنين العملة الوطنية، تشكّل مخاطر عالية ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم. ويُتوقع أن يصل معدل التضخم إلى نسبة 30 في المئة، بينما هو حالياً، بحسب الأرقام الرسمية لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، عند 21 في المئة. ومن شأن ارتفاع معدلات التضخم أن تأكل من قيمة الأصول الأجنبية لتركيا.

وكانت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني خفّضت مطلع ديسمبر الحالي توقعاتها لتصنيف الدين السيادي التركي إلى "سلبية"، محذرة من أن استمرار تدخل البنك المركزي لدعم سعر صرف الليرة "يهدد بالإضرار أكثر في الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي المتدهورة أصلاً".

الادخار بالليرة

من غير الواضح إن كان ما أعلنه أردوغان سيحقق ما هو متوقع من دعم المواطنين الأتراك للعملة الوطنية أو لا. وتنقسم الخطة المعلنة إلى شقين: الأول وعد بحماية المدخرات بربطها بسعر الصرف على أن تعوض الخزانة التركية المودعين إذا زاد معدل الهبوط في سعر صرف الليرة عن سعر الفائدة على حساب الادخار. والشق الثاني، المدعوم من البنك المركزي، فيعرض حوافز مماثلة للمواطنين الذين يحوّلون مدخراتهم بالعملات الأجنبية إلى مدخرات بالليرة.

ونقلت "فاينانشال تايمز" عن مدير التصنيف السيادي في مؤسسة "ستاندرد أند بورز" ماكسيم ريبنيكوف، قوله "ليست هذه بالإجراءات المعتادة التي يمكن أن تجدها في أي بلد يعمل على استقرار عملته الوطنية... فمع دعم وتمويل الدولة (الخزانة العامة) والبنك المركزي للبرامج، واستناداً إلى تطورات سوق أسعار الصرف، يمكن أن تكون التكلفة باهظة".

المشكلة الأساسية هي عدم ثقة المواطنين الأتراك التقليدية  بالادخار المصرفي بشكل عام، وإن ادخروا فيكون بالعملات الأجنبية كالدولار واليورو. وبحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤولين في الحكومة، فإن هناك مليارات الدولارات من ادخار الأُسر لا تدخل النظام المصرفي، إنما يحتفظ بها الأتراك في بيوتهم، ومعظمها عبارة عن ذهب.

وبحسب أرقام القطاع المصرفي التركي الرسمية، فإن أكثر من 60 في المئة من مدخرات الأتراك فيه هي بالعملات الأجنبية. وتتطلب استفادة المودعين من البرامج التي أعلنتها الحكومة لدعم الليرة أن تظل المدخرات لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. وفي تلك الحالة، لا يُتوقع أن يغيّر كثيرون من حسابات ادخارهم لأن معظم المودعين يفضلون خيار إمكانية السحب من حساباتهم في أي وقت.

وبحسب بيانات القطاع المصرفي الرسمية، فإن نسبة 35 في المئة من الادخار في البنوك هي في حسابات لا تزيد على شهر. ويبلغ حجم الادخار بالعملة الوطنية في القطاع المصرفي نحو 98 مليار دولار (1.1 تريليون ليرة).

وتنقل "فاينانشال تايمز" عن أحد المصرفيين الأتراك سؤاله "لماذا نغامر بالتحول إلى دولار أردوغان، طالما يمكننا التمسك بدولار حقيقي؟". وتلك هي الحالة السائدة بين المواطنين، حتى الغالبية من مؤيدي حزب أردوغان الحاكم، العدالة والتنمية.