Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسحراتي غزة يصدح بصوته للقدس والضفة الغربية

تمارس إسرائيل تضييقا على المنادي في رمضان وتصل عقوبته إلى السجن والغرامة العالية

حان الوقت، الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، وقف حازم الكتناني أمام المِرآة، ارتدى الزيّ المقدسي المخُصّص لعمل المسحراتي، وضع قبّعته الحمراء فوق رأسه، وتأكّد من أناقته، ثمّ حمل على كتفه طبلته ومضرابها الذي لا يُفارق يده، وبصوت خفيف نادى على ابنته الصغرى "لميس، هيّا... نوقظ الناس للسحور". 

يتجوّل المسحراتي حازم بشكل يومي في أزقة الأحياء القديمة في مدينة غزّة، يقرع الطبل، ويصدح بصوته بعباراتٍ من التراث الفلسطيني. ينشد الأهازيج لأجل القدس عاصمةً لفلسطين، ويغني لكل أسرة يمر بجانب منزلها، يطلب منها الاستيقاظ للسحور. 

لأجل القدس 

يحاول حازم أن يعيش وأهالي مدينة غزّة، أجواء شهر رمضان، يسعى للاستمتاع بأصوات المسحراتي الذي لم يغب عن شوارع المدينة في أيّ رمضانٍ مضى، ولكن هذا العام، يأخذ طابعاً مختلفاً، إذ يغني للقدس والضفة الغربية، فالطقوس الرمضانية في القطاع، لم تعد كما كانت، منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل في نهاية العام 2017. 

أجواء غزّة العتيقة باهتة والأضواء غادرت الحارات، بسبب الظروف التي يعيشها سكان القطاع، وكأحد أشكال التضامن مع مدينة القدس التي تعاني كثيراً. يقول حازم "لي أصدقاء في حارات المدينة المقدّسة، يخبرونني أنّ السلطات الإسرائيلية تمنعهم من القيام بدور المسحراتي، بذريعة أنّ قرع الطبول في الليل يزعج، وهذا السبب الذي يجعلني أخصص الأهازيج التي أغنيها في رمضان هذا العام للمدينة المقدسة".

مسحراتية القدس 

في الواقع، يعاني المسحراتيون في مدينة القدس من ضغوط كبيرة، فيتعرضون لبلاغات يومية من المستوطنين، تحت حجة أنّ قرع الطبول في أوقات الليل يسبب الإزعاج لهم. ما يدفع السلطات الإسرائيلية إلى سجنهم وتغريمهم مالياً في كثيرٍ من الأحيان. 

وبعد تتبع "اندبندنت عربية" ما يتعرض له المسحراتيون في القدس، وجدت أنّهم يُحتجزون لساعات طويلة، تصل إلى أيام في بعض الأحيان، ثم يُفرج عنهم إمّا بغرامة مالية قد تصل إلى 500 دولار أميركي، أو بالسجن لمدة 10 أيّام، أو بتحرير مخالفة بلدية له، ومن يُصِر على الخروج لتنبيه المقدسيين للسحور مرّة أخرى تضاعف له العقوبة.

أهازيج وفرحة أطفال 

"والله فداءً القدس الروح تروح، يا ترمب اسمعها رسالة، ولنتنياهو وصلها رسالة"، هذا ما يردده حازم في شوارع غزّة، وينسج من الكلمات المشابهة في مدح المدينة المقدسية، بسرعةٍ يمضي الوقت عليه، والأطفال يتجمعون حوله، لا استغراب منهم، ولكن تذكير بالقدس والقضية الوطنية. 

على هذه الحالة، يتجوّل برفقة ابنته الصغرى ورفاقه، في خمس حارات مختلفة، ينشدون في أزقتها من أجل القدس، كلماتهم المستوحاة من الأحداث على الساحة الفلسطينية، سواء ظروف قطاع غزّة أو التضييق على الضفة الغربية والقدس. 

ولا ينفك حازم يصدح باسم القدس والتذكير بأسماء شوارعها، يقول إنّه "متطوع منذ نحو 8 سنوات مسحراتياً في حارات مدينة غزّة، في كلّ عام يحلّ رمضان على القطاع ببهجة كبيرة، إلا هذا العام يأتي الشهر الفضيل وشعب فلسطين يمر في مأزقين، نكبة القدس وحصار غزّة". 

منذ العام 2016 والسلطات الإسرائيلية تمنع سكان قطاع غزّة من زيارة مدينة القدس والصلاة فيها خلال شهر رمضان المبارك، في حين أنّها تقدم بعض التسهيلات لسكان الضفة الغربية، ويعود سبب منع سكان غزّة، بحجة تهرّب بعض الأشخاص من العودة إلى القطاع، ومكوثهم في أراضي الضفة الغربية أو إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القدس والضفة الغربية 

المسحراتي حازم، البالغ من العمر 34 عاماً، استطاع تكوين فرقة من شخصين، وأطلق عليها اسم "مسحراتي القدس"، يستخدمان في إيقاظ الناس عند السحور، معدات بسيطة، طبول ومضاربها ودف، وفي الغالب هذه معدات بسيطة قديمة، ولكن تبقى ذات رونق خاص تُفرح نفوس الفلسطينيين. 

وليست القدس فحسب التي يتغنّى بها حازم، بل الضفة الغربية أيضاً، التي يتمنى زيارتها لو مرّة واحدة في حياته. يقول "الفلسطيني محروم من دخول أرضه، ولا يوجد في اليد حيلة، أغني للضفة وأتمنى الوحدة الوطنية بين الضفة وغزّة". وفي المتابعة الكلّ متضرر من الانقسام الفلسطيني، فقد ارتفعت معدّلات البطالة حتى 60 في المئة، وزاد الفقر حتى 45 في المئة. 

إلى جانب حازم، يتغنى المسحراتي سليم أبو فول بالقضايا الوطنية أيضاً، وينشد الأهازيج الشعبية في شوارع غزّة، وكلاهما يعمل بمبادرة فرديّة من دون مقابلٍ مادي أو احتضانٍ رسمي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات