Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"هيئة تحرير الشام" تقتفي أثر "طالبان" لنيل الاعتراف الدولي

رصدت الدراسة تغيرات مهمة تهدف إلى إزالة الهيئة من قائمة الإرهاب

أوردت الدراسة لمحة تاريخية عن "هيئة تحرير الشام" التي كانت تحمل اسم "جبهة النصرة" (أ ف ب)

أظهرت دراسة أجرتها نجوان سليمان الباحثة الأولى في جامعة جورج تاون في واشنطن، ونشرها موقع مؤسسة "كارنيغي"، أن حصر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) جهودها وعملياتها بداخل سوريا، ومحاربتها للحركات التابعة لتنظيمَي "داعش" و"القاعدة"، عوامل تشير إلى تغيرات مهمة تهدف إلى الاعتراف بها وحذفها من قائمة الإرهاب.

نموذج "طالبان"

وأوردت الدراسة أنه في 15 سبتمبر (أيلول) الماضي قدم عبد الرحيم عطون- الشرعي العام لهيئة تحرير الشام، محاضرةً بعنوان "الجهاد والمقاومة في العالم الإسلامي: طالبان نموذجاً"، نظمتها "حكومة الإنقاذ" المدعومة من "هيئة تحرير الشام" بمدينة إدلب. وظهر الرجل الثاني في هيئة تحرير الشام، بعد أبي محمد الجولاني، رئيس الهيئة، خلال المحاضرة بمظهر مختلف تماماً، "وركز على نقاط التشابه بين طالبان والهيئة، والتغيرات التي حدثت في الحركة أهمها تبنيها للجهاد المحلي داخل سوريا ورغبتها في التواصل مع الدول".

من العالمية إلى المحلية

وأوردت الدراسة لمحة تاريخية عن "هيئة تحرير الشام" التي كانت تحمل اسم "جبهة النصرة" وبدأت في التشكل كفرع لتنظيم "داعش" التابع لـ"القاعدة" في العراق مع نهاية عام 2011. ولكن بحلول منتصف 2013 انفصلت "النصرة" عن تنظيم الدولة في العراق، وأعلنت بيعتها لأيمن الظواهري أمير تنظيم "القاعدة". وفي عام 2016 أعلن الجولاني انفصال الجبهة عن "القاعدة" كلياً، وغير اسم الجبهة لتصبح "جبهة فتح الشام". وفي عام 2017 اندمجت الجبهة مع بعض الفصائل المسلحة وشكلت "هيئة تحرير الشام". وصاحب هذه التحولات التنظيمية تحولات في منهجية الحركة ووسائل عملها. أهمها عدم تبنيها العمل خارج الأراضي السورية، وبالتالي تبني "الجهاد المحلي" والقطيعة مع منهج تنظيم "القاعدة" القائم على "الجهاد العالمي". كما عملت الهيئة على القضاء، أو على الأقل إضعاف، الحركات المسلحة المنافسة لها، حيث سيطرت على إدلب بشكل كبير مع بداية عام 2019، وعلى معبر باب الهوى مع تركيا، والذي يُعد المعبر الاستراتيجي الأهم لإدخال البضائع والمساعدات لإدلب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


البراغماتية والرسائل الموجهة 

ورأت الدراسة أنه "من أهم التحولات البراغماتية التي أجرتها هيئة فتح الشام هي تشكيل حكومة الإنقاذ لإدارة الشؤون المدنية في إدلب، وإنشاء ذراع سياسية للحركة، والدخول في اتصالات ومفاوضات مع تركيا وقبول- بل وحماية- نقاط المراقبة المقررة وفقاً لمحادثات الأستانة بين تركيا وروسيا وإيران. ودخلت الهيئة في صراع مفتوح مع ما تبقى من تنظيم الدولة في إدلب. وما يثير الاهتمام، هو قيامها بإضعاف "حركة حراس الدين" التابعة لتنظيم "القاعدة" واعتقال بعض قياداتها. وحالياً قامت الهيئة بمهاجمة الحركات التي يقودها مهاجرون غير سوريين مثل "جند الشام وطلبت منهم مغادرة إدلب. ومن الواضح أن القيادة البراغماتية لهيئة تحرير الشام تبنت نموذجاً مختلفاً، وتسعى من خلال أعمالها وتصريحاتها الإعلامية إلى رسم صورة للحركة باعتبارها حركة سورية ثورية محلية، لا تتبع لتنظيمات متشددة خارجية، ولا تشكل خطراً على الدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة- وفق ما صرح عطون. وفي هذا الصدد تربط قيادتها بين نموذج حركة "طالبان" كحركة مسلحة محلية- ونجاحها في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة- وهيئة تحرير الشام باعتبار الأخيرة حركة شبيهة في سوريا، تعمل على إنهاء التنظيمات المتشددة، وسورنة المجال العسكري في إدلب. في الواقع، التغيرات التي حدثت للهيئة عائدة إلى عوامل عدة، فإضافةً إلى تعلمها من تجارب الحركات الإسلامية المسلحة وأهمها حركة "طالبان"، وبراغماتية قيادتها، تُعد استراتيجية العصا والجزرة التي اتبعتها تركيا عاملاً مهماً، حيث استطاعت تركيا دفع الهيئة إلى تغيير موقفها من قضايا شائكة عدة، أهمها قرارات الأستانة. على الجانب الآخر لم تتعاطَ الولايات المتحدة مع الرسائل المباشرة التي أرسلها الجولاني، والتي أبدى فيها عدم تشكيل الهيئة خطراً على الولايات المتحدة.

قائمة الإرهاب

واعتبرت الدراسة أن "تحول الهيئة إلى الجهاد المحلي، وقصر عملياتها داخل سوريا، وتشكيلها حكومة مدنية، وتعاطيها مع قرارات الأستانة، ومحاربتها للحركات التابعة لتنظيم الدولة والقاعدة والمهاجرين في سوريا، تشير إلى تغيرات مهمة تهدف إلى الاعتراف بها وإزالتها من قائمة الإرهاب. وفي ضوء سيطرتها على محافظة إدلب، التي يسكنها أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مدني، فإن أي عملية عسكرية شاملة من جهة النظام السوري وحلفائه على إدلب ستؤدي إلى كارثة إنسانية، قد تنتج موجة غير مسبوقة من اللاجئين لا يمكن لتركيا تحملها. لذا قد يكون من المناسب التفكير بشكل مختلف لمنع كارثة كهذه، واتباع استراتيجية العصا والجزرة من كافة الدول مع الهيئة، في سبيل دفعها نحو قبول مجموعة إجراءات من شأنها احترام حقوق الأقليات وعمل منظمات المجتمع المدني في إدلب، في مقابل التوسع في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين في إدلب وفتح مفاوضات مباشرة مع الهيئة".

المزيد من دوليات