Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حماس" تكرر في لبنان تجربة "فتح" بأخطائها والكوارث

السلاح الفلسطيني لم يعد له دور في لبنان بالمعنى الذي كان في ستينيات القرن الماضي

تشييع عنصر في حركة "حماس" في مخيم برج الشمالي جنوب لبنان (أ ف ب)

ليس أخطر من انفجار مستودع أسلحة لحركة "حماس" في مخيم البرج الشمالي قرب مدينة صور في جنوب لبنان سوى إطلاق النار على المشيعين وامتداد الانقسام الصراعي بين "فتح" و"حماس" من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. والأخطر منهما هو التذكير المدوي بأن لبنان أرض مستباحة بلا دولة ولا سيادة. فلا "حماس" الإخوانية التي ولدت في غزة بعدما ألغى لبنان "اتفاق القاهرة" كانت تحتاج إلى اتفاق مماثل لإقامة بنية تحتية عسكرية في المخيمات وسواها كما فعلت منظمة التحرير. ولا السلطة اللبنانية قادرة على تطبيق مقررات الحوار الوطني بالإجماع وقراري مجلس الأمن الدولي 1559و1701. في مقررات الحوار اتفاق على نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه داخلها من أجل ضبط الأمن. والقرار1559 يطلب نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. والقرار1701 يمنع وجود سلاح ومسلحين في منطقة عمليات القوات الدولية "اليونيفيل" الممتدة من نهر الليطاني إلى الحدود الدولية. 

كان يكفي "حماس" التفاهم مع "حزب الله" لإقامة البنية العسكرية في إطار الخطة التي يديرها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والمسماة "ترابط الجبهات" بين غزة والجنوب اللبناني والجولان السوري والعراق واليمن. والترجمة العملية للخطة هي فتح كل هذه الجبهات على إسرائيل في حال هجومها على إيران. أما الحرب على غزة والقصف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية في سوريا والأسلحة المرسلة إلى "حزب الله"، فلا قرار بالرد الواسع عليهما. وعندما يجاملنا خالد مشعل رئيس فروع "حماس" في الخارج خلال زيارته لبيروت بالحديث عن "الحرص على أن تكون المخيمات واحة من الأمن والسلام كما على السلم الأهلي في لبنان" وتكرار القول إن الفلسطينيين "ضيوف على لبنان"، فإنه يتجاهل ما حل باللبنانيين الذين صاروا "ضيوفاً في جمهورية الملالي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ذلك أن السلاح الفلسطيني لم يعد له دور في لبنان بالمعنى الذي كان في ستينيات القرن الماضي: ممارسة الكفاح المسلح لتحرير فلسطين انطلاقاً من الجنوب اللبناني. وهو دور أدى إلى حرب لبنان المدمرة ومفاخرة ياسر عرفات "أبو عمار" بأنه "حكم" لبنان، وذهاب صلاح خلف "أبو إياد" في الغلو إلى حد القول "إن الطريق إلى فلسطين يمر في جونية"، ثم إلى الاجتياح الإسرائيلي وإخراج منظمة التحرير وقادتها إلى تونس وعواصم أخرى بإشراف أميركي وفرنسي. وذات يوم رفع الراديكاليون الفلسطينيون شعار: "الطريق إلى فلسطين يمر في كل العواصم العربية وإسقاط أنظمتها وإقامة أنظمة ثورية". طريق في كل الاتجاهات باستثناء فلسطين. وحين عاد عرفات إلى طرابلس في الشمال اللبناني لإكمال الدور تولت سوريا بقيادة الرئيس حافظ الأسد إخراجه بالقوة. ثم كان "اتفاق أوسلو" بعد الانتفاضة الشعبية السلمية في الداخل.

وليس من أسرار الآلهة أن "حماس" تعمل لوراثة "فتح" والسلطة ومنظمة التحرير. لكن مشكلتها مزدوجة: فهي، أولاً، محكومة بواقع "اتفاق أوسلو" وإن كانت ترفضه في الخطاب، وما عادت رافضة لتسوية تسمح بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967، وإن بقيت ترفع شعار التحرير من البحر إلى النهر. وهي، ثانياً، تكرر بعد أكثر من نصف قرن تجربة "فتح" وبقية الفصائل بأخطائها وما قادت إليه من كوارث في الأردن ولبنان. حتى استسهال الكفاح المسلح بما كانت تفعله الفصائل وتسميه "عمليات القشرة" أي إطلاق صواريخ الكاتيوشا على إسرائيل من الجنوب، فإنه لم يعد ممكناً بوجود القوات الدولية والجيش اللبناني هناك. ولا هو ما يسمح به "حزب الله" الذي لديه حسابات مختلفة في "قواعد الاشتباك" مع إسرائيل. والصواريخ القليلة التي جرى إطلاقها من الجنوب خلال عملية "سيف القدس" في حرب غزة كانت مجرد تذكير رمزي بالتضامن. فضلاً عن أن السلاح في المخيمات لا يحميها من غارة إسرائيلية، لكنه قابل للاستخدام في الاشتباكات بين الفصائل. وقد رأينا استخدامه مراراً سواء في الخلافات داخل المخيمات أو في حوادث الاغتيالات. وما دامت "حماس" مع بقية المنظمات صارت مسلحة داخل فلسطين بعد "اتفاق أوسلو"، فإن المقاومة من الداخل بأشكال متعددة بينها التفاوض هي الخيار الطبيعي. ولا دور ولا معنى للسلاح الفلسطيني في الخارج. وهو أساساً ممنوع في مصر والأردن وسوريا، وليس له مكان إلا في البلد الأخير الباقي مما كانت تسمى "دول الطوق": لبنان الذي صار منصة للصواريخ الإيرانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل