Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الأزمة الكبرى" في الأرجنتين... شبح لم يسقط بمرور الزمن

تركت الاضطرابات الاجتماعية اللاحقة ندوباً ما زالت آثارها ظاهرة

وصلت نسبة الفقر في الأرجنتين إلى 40 في المئة (أ ف ب)

اجتمع ازدهار زائف، ودَينٌ متعاظم، ثم سنوات من التقشف قبل 20 سنة، للتسبب في واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ الأرجنتين، وتركت الاضطرابات الاجتماعية اللاحقة ندوباً ما زالت آثارها ظاهرة.

كانت المشاهد درامية... أشخاص يهشمون واجهات مصارف، وآخرون ينهبون متاجر، ومتظاهرون يسقطون برصاص الشرطة، ورئيس يهرب بطائرة هليكوبتر.
في عام 2001، كان الأرجنتينيون ما زالوا يؤمنون بمعدل التحويل "واحد مقابل واحد" بين البيزو والدولار الأميركي، الذي تم تبنيه خلال عهد الرئيس البيروني المحافظ كارلوس منعم (1989-1999) للسيطرة على التضخم.
واستمرت التجربة عقداً قبل الانهيار. كان ذلك في وقت كانت فيه دول أميركا اللاتينية تنطلق نحو الأسواق المفتوحة النيوليبرالية والخصخصة والديون الثقيلة.
 
انهيار الصناعة المحلية
 
كانت الطبقات الوسطى تشتري سلعاً مستوردة بعملة البيزو المبالغ في قيمتها، لكن الصناعة المحلية انهارت، ونما عجز الميزانية، وتتالت خطط التقشف، وفقد المستثمرون الثقة.
وأدّى ذلك إلى هروب رؤوس الأموال وأزمة نقدية، ما دفع بالدولة في ديسمبر (كانون الأول) 2001 إلى التحرك لمنع انهيار النظام المصرفي. فأمرت الحكومة بتجميد الودائع المصرفية وتحديد السحوب النقدية بـ250 بيزو في الأسبوع.
وفيما أصبح يعرف باسم "كوراليتو" (مهد الأطفال) ثار غضب عديد من الأرجنتينيين، بينما جاع آخرون. وازدادت الاحتجاجات وعمليات النهب، ليعلن الرئيس فرناندو دي لا روا حالة حصار، في خطوة ذكّرت المواطنين بسنوات الديكتاتورية، وصبّت الزيت على النار.
وفي ليلة 19 ديسمبر، توجه الآلاف إلى ساحة بلازا دي مايو، حيث يقبع البرلمان، وبدأوا القرع على الأواني في احتجاج غاضب لم تُهدّئه حتى استقالة وزير المال. ورددت الحشود: "عليهم الرحيل جميعهم".
وشكّل ذلك الشرارة التي أطلقت العنان للشرطة لتفريق المتظاهرين بعنف، ما أدّى إلى مقتل 40 شخصاً، وإصابة المئات في كل أنحاء البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مساء 20 ديسمبر، استقال دي لا روا، وفرّ من القصر الرئاسي بهليكوبتر. واستمر خلفه أدولفو رودريغيز سا، أسبوعاً فقط في السلطة، لكن كان لديه الوقت لإصدار أكبر تخلف عن السداد في التاريخ: 100 مليار دولار.

شاهد عديد من الأرجنتينيين مدخراتهم تتبخر، فاستذكر الممثل ريكاردو دارين باكياً كيف بقيت والدته الراحلة "حتى أيامها الأخيرة، تسألني عما إذا كانت هناك فرصة لاسترداد الأموال التي خسرتها في المصرف عام 2001".
في النهاية، قرر أن يكذب عليها، وأخبرها بأن "المحامين يتابعون القضية، وهم يقولون إن ذلك ممكن. لو رأيتم اللمعة في عينيها".
وجدت دراسة رائدة في طب القلب أنه في الفترة من أبريل (نيسان) 1999 إلى ديسمبر 2002، كان هناك 20 ألف حالة توقف قلبية قاتلة في الأرجنتين أكثر من العادة، ويعود ذلك جزئياً إلى الإجهاد، لكن أيضاً بسبب تدهور النظام الصحي.
 
ذاكرة دموية مؤلمة
 
وقال المؤرخ فيليبي بينيا لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه بعد عشرين عاماً، هناك "ذاكرة دموية مؤلمة". وأضاف، "الخوف من الاضطراب الاجتماعي، ومن فقدان المدخرات. إنه شبح يظهر مجدداً في وقت الأزمات، في المواقف الحساسة. ليس بالضرورة من الناحية العقلانية، لكن من الناحية العاطفية".
في عام 2001، شعر الأرجنتينيون بأنهم "أيتام، وتخلت عنهم الدولة والأحزاب والمصارف"، لكنهم في ذلك الوقت اتّحدوا وتوّلوا زمام الأمور بأنفسهم، فنظموا "تعاونيات مساعدة ومطابخ حساء في الأحياء واجتماعات عامة لإيجاد حلول للمشكلات اليومية".
وأضاف بينيا، أن ذلك كان بداية إعادة إعمار "مستقلة".
بدأ التعافي بانخفاض مؤلم لقيمة العملة وإعادة هيكلة ضخمة للديون، تم التفاوض عليها خلال عهد الرئيس البيروني نيستور كيرشنر (2003-2007).
وفي بلد وصلت فيه نسبة الفقر إلى 40 في المئة، يبقى شك كبير حول أي شيء متعلق بالديون. وتقشعر أبدان الأرجنتينيين بمجرد ذكر كلمات مثل "التخلف عن السداد"، أو "التصحيح"، بخاصة منذ أن رتّب الرئيس السابق ماوريسيو ماكري قرضاً بقيمة 44 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي في عام 2018.
وقال بينيا، "السياق الدولي في عام 2021 مختلف، مثل موقف صندوق النقد الدولي"، ولكن حتى في حين يصر الرئيس الحالي ألبرتو فرنانديز على أن "تصحيحات الأرجنتين صارت من الماضي" في محاولته إعادة التفاوض بشأن ديون صندوق النقد الدولي، يبقى المواطنون متوترين.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تسبب خبر كاذب يفيد بأن الحكومة تعد "كوراليتو" جديداً، في سحب مئات الملايين من الدولارات من المصارف في غضون أيام.
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات