Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أوميكرون" تطيح بأسواق عيد الميلاد في الضفة الغربية

"قبلة المسيحيين" مهددة بالإفلاس إلغاء الحجوزات سبب انتكاسة جديدة لأصحاب المشاريع الصغيرة

قرار إغلاق الحدود والمطارات أمام السياحة الوافدة ألغى قرابة 500 حجز فندقي في بيت لحم (اندبندنت عربية)

على مقربة من ساحة كنيسة المهد، إحدى أهم كنائس المسيحيين في العالم، يقف هشام الأحمد (50 سنة) الذي احترف الإرشاد السياحي على مدار عقدين، مع مجموعة من الزوار، لا للحديث عن تاريخ مدينة بيت لحم ومواقعها المقدسة وأهميتها كما اعتاد لسنوات، بل لبيع مجموعة من الميداليات التذكارية البسيطة، وقبعات "بابا نويل" وبعض الزينة. 

إفلاس سياحي

حال الأحمد لا يختلف كثيراً عن حال مئات الأدلاء السياحيين الفلسطينيين في المدينة، الذين أصبحوا بلا عمل، ويبحثون عن أي وظيفة تؤمن لقمة عيش لأسرهم، فجائحة كورونا المستمرة منذ عامين تقريباً، ضربت مدينة بيت لحم في عمودها الاقتصادي، وأصبحت بمن فيها من مواطنين وتجار يعانون من إفلاس سياحي مستفحل، خصوصاً بعد أن أُلغيت كافة الحجوزات الأجنبية في فنادق المدينة فور إعلان إسرائيل في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، منع دخول الأجانب، بسبب السلالة الجديدة "أوميكرون".

رئيس بلدية بيت لحم أنطون سليمان يقول لـ"اندبندنت عربية" "بعد أن فرح السكان المحليون وأصحاب الفنادق والمشاغل والمطاعم بانفراجة قريبة وفتح الأسواق هذا العيد أمام السائحين الأجانب من كل دول العالم، أصيبوا بخيبة أمل وصدمة كبيرة، فمدينة بيت لحم كانت ولا تزال الأكثر تضرراً من بين كل المدن الفلسطينية، وذلك لاعتمادها بشكل كامل على السياحة الوافدة، حيث يعمل 80 في المئة من أهالي بيت لحم في القطاع السياحي بشكل مباشر وغير مباشر، وتزخر المدينة بمواقع أثرية وتاريخية تتركز عليها معظم برامج عشرات المكاتب السياحية".

وأضاف "70 فندقاً و100 متجر لبيع التحف الشرقية و400 مشغل لخشب الزيتون ومئات الأدلاء السياحيين أصبحوا بلا عمل، عدا عن المطاعم والشركات السياحية الأخرى التي تقدم الخدمات للقطاع السياحي، التي أغلقت أبوابها وانسحبت من هذا القطاع بعد أن أفلست".

 فيما أكد رئيس جمعية الفنادق العربية إلياس العرجا، أن قرار إغلاق الحدود والمطارات أمام  السياحة الوافدة ألغى قرابة 500 حجز فندقي لأجانب كانوا يأملون قضاء ليلة عيد الميلاد في مهد المسيح،  قائلاً "مع هذا القرار ستقتصر السياحة على الفلسطينيين من داخل إسرائيل والضفة الغربية فقط. القطاع الفندقي الذي يشكل 25 في المئة من الدخل السياحي في فلسطين أصبح في الحضيض، ما دفع عدداً من أصحاب تلك الفنادق وبسبب تراكم الديون والقروض البنكية إلى بيع جزء منها، وصرف مدخراتهم، وبيع استثماراتهم من أجل استمرارية العمل هذا العيد، لكن للأسف أطاحت المتحورة الجديدة بكل الآمال والطموحات وعدنا لنقطة الصفر".

 

أسواق فارغة

أشار تقرير مشترك قبل أسابيع للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة السياحة والآثار إلى أن خسائر قطاع السياحة الوافدة إلى الأراضي الفلسطينية خلال العام الماضي بلغ نحو 1.021 مليار دولار بعد تراجع إنفاقها بنسبة 68 في المئة مقارنة مع عام 2019.

ومع بداية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وفي محاولة منها لإنجاح السوق هذا العام، نظمت بلدية بيت لحم وبلدية رام لله وجمعيات مقدسية في القدس الشرقية، أسواقاً لعيد الميلاد استمرت عدة أيام، لمساعدة أصحاب الحرف والمنتجات على البيع وتعويض جزء من خسارتهم التي تكبدوها خلال الأعياد الماضية بسبب فيروس كورونا، إذ تشكل هذه الأسواق فرصة لأصحاب المشاريع الصغيرة، وخصوصاً من النساء والشباب، كي يقوموا بعرض منتجاتهم وتسويقها جماهيرياً، لكن المشاركين في تلك الأسواق والمعارض، أشاروا إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة للفلسطينيين ألقت بظلالها على الحركة الشرائية. جمعية الحرفيين العادلة في بيت لحم، والتي تضم 42 حرفياً ضمن مشاغل عائلية في التطريز والحفر على خشب الزيتون وفن السيراميك، اصطدمت بعدة عراقيل صعبت من قدرتها على تمكين وإنقاذ تلك المشاغل التي شارفت على الإغلاق.

سوزان ساحوري مديرة الجمعية تقول لـ"اندبندنت عربية": "الحرفيون الصغار والنساء والمشاغل العائلية التي تضم المئات، سُحقت بسبب الإغلاقات المتكررة وحالات الطوارئ، فهم لا يبيعون منتجاتهم إلا للمحال التجارية الكبيرة أو عبر عرضها على الإنترنت وتصديرها للخارج، ومن غير ذلك فهم من دون دخل بتاتاً. وارتفاع أسعار الشحن، أخيراً، في كل دول العالم سدد ضربة قاصمة لهم، لن يتمكنوا من تحملها، وللأسف الحكومة الفلسطينية لا تكترث لأمر أي حرفي على الإطلاق، ولم تقم بتعويضهم مالياً ولو بجزء قليل. إذا استمر إغلاق المطارات بسبب الأوبئة والأمراض والمتحورة الجديدة، فإن الحرف التقليدية التراثية ستزول لا محالة".

محاولات حكومية

وزارة السياحة والآثار الفلسطينية بحسب بياناتها الرسمية، أطلقت مشروعين بتمويل من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ لدعم القطاع السياحي، يستهدف الأول تدريب 1150 شخصاً ممن كانوا يعملون في السياحة قبل وأثناء الجائحة ومنحهم شهادة و400 دولار لمرة واحدة لكل مشارك يجتاز التدريب، فيما سيعمل المشروع الثاني على إعادة التوظيف مع دعم الأجور، واستهداف المنشآت السياحية التي ترغب في توظيف عاطلين عن العمل في منشآتها حسب شروط سهلة أعدها البرنامج، بحيث يتم تقديم حوافز مالية للعمال بواقع الحد الأدنى للأجور للأشهر الثلاثة الأولى، ونصف الحد الأدنى للأجور للشهرين الرابع والخامس، بهدف إعادة فتح المنشآت السياحية وتوظيف العاطلين عن العمل مع تقديم حوافز مالية لهم.

جريس قمصية الناطق باسم الوزارة يقول "الخسائر الاقتصادية في قطاع السياحة وصلت في فلسطين إلى 1.5 مليار دولار، وهذه الخسائر تضاعفت مع استمرار الإغلاقات، وفلسطين التي زارها 3.5 مليون سائح عام 2019، معظمهم قدموا إلى بيت لحم تعتمد على السياحة الوافدة من الخارج والسياحة المحلية اللتين توقفتا مع إعلان حالة الطوارئ في مارس (آذار) 2020، وأصبحت صفراً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف"محاولات إنعاش القطاع السياحي لا تزال جارية، لكن الإغلاقات المستمرة حول العالم وزيادة أعداد الإصابات بالمتحورة الجديدة، خصوصاً في داخل إسرائيل سيؤدي إلى إضعافها وربما فشلها".

خطوة خطوة

وفقاً لوزارة السياحة الإسرائيلية، عرفت إسرائيل في 2019 عاماً سياحياً استثنائياً، حيث استقبلت 4.55 مليون زائر مع عائدات بلغت 7.3 مليار دولار، أي 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. المدير العام لوزارة السياحة أمير هاليفي قال لوكالة الصحافة الفرنسية، "كانت صناعة السياحة تسير بسرعة تصاعدية وتوقفنا فجأة بسبب كوفيد-19، سوف يستغرق الأمر وقتاً طويلاً مرة أخرى. العملية تجري خطوة خطوة، لكنني آمل أن نتمكن كل شهر من تحسين الأرقام". 

وقدرت الخسائر في الاقتصاد الإسرائيلي عام 2021 بسبب توقف السياحة بحوالى ستة مليارات يورو، ويقول ديفيد تاكر المدير العام لجمعية فنادق القدس "لقد خسرنا حوالى مليون شيكل شهرياً (حوالى 323 ألف دولار) عن كل فندق مغلق وأكثر من ذلك عندما كان مفتوحاً ولا يستقبل أي شخص".

فيما أشار رئيس جمعية السياحة الوافدة طوني خشرم إلى "أن إعلان إسرائيل إغلاق مطاراتها بشكل مفاجئ واحتمالية التمديد بسبب أوميكرون، سيُهدد الموسم السياحي في القدس بالكامل، وسيجبر السائحين لاختيار وجهات سفر أخرى لقضاء عطلة عيد الميلاد بدلاً من انتظار فتح المطار وخسارة أموالهم. الواقع السياحي المقدسي يعاني من حالة شلل كبيرة بسبب غياب المرجعيات السياحية المهنية والمختصة، وارتباط حدودنا كفلسطينيين بالجانب الإسرائيلي يفرض علينا شروطاً وتعليمات علينا التقيد بها".

التوجس من تمديد إغلاق الحدود والمطارات في إسرائيل بسبب المتحورة الجديدة، أرخى بظلاله على قطاع السياحة الشتوية أيضاً، وأثر على حجوزات رأس السنة والسياحة الشتوية والعلاجية في إسرائيل، رغم أن التوقعات لعام 2021، رجحت استقبال 300 ألف سائح.

صاحب أحد المحال التجارية الشهيرة ببيع التحف الخشبية ديفيد طبش يقول "الموسم السياحي في الأراضي المقدسة يمتد من سبتمبر (أيلول) وحتى نهاية مارس، واقتصار دخول الزوار والسائحين على أيام قليلة لن ينقذ القطاع السياحي المنهار ولن يعوض الخسائر".

استراتيجية وطنية

يذكر أن إسرائيل أعلنت ولأول مرة تشخيص إصابات بـ"أوميكرون" من دون أن يُنسب إليها أي مصدر معروف للعدوى. جاء هذا بحسب ما نشرت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، وقالت وزارة الصحة الإسرائيلية، إن مجمل الإصابات بالمتحورة الجديدة حتى الآن وصلت إلى 55 حالة، 13 منهم لم يتم تطعيمهم.

في غضون ذلك، تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت مع الرؤساء التنفيذيين ورؤساء صناديق المرضى بهدف زيادة معدل التطعيم ضد كورونا قائلاً "استراتيجيتنا الوطنية في هذه المرحلة تتكون من قسمين، الأول وقف انتشار سلالة أوميكرون في إسرائيل قدر الإمكان، والثاني رفع مستوى مناعة المواطنين الإسرائيليين".

البروفيسور الإسرائيلي نحمان آش علق على تفشي "أوميكرون" وما سببه من ذعر وسط المسافرين بالقول لإذاعة غالي تساهال "نقوم كل يوم بجمع المزيد من المعلومات. من المحتمل أن نتمكن من العثور على صيغة لمقاومة اللقاح في غضون أسبوعين، وهناك احتمالات بأن المتحورة لا تستطيع الصمود بشكل كامل بوجه اللقاح. هناك احتمال أن يكون المرض أكثر اعتدالاً وسط المطعمين".

اقرأ المزيد