سجلت الموازنة العامة للسعودية للعام المقبل 2022 التي أقرّها مجلس الوزراء مساء الأحد 12 ديسمبر (كانون الأول)، فائضاً مالياً قُدِّر بـ90 مليار ريال (23.99 مليار دولار)، إذ خُمّنت الإيرادات للعام المقبل بـ1540 مليار ريال (277.21 مليار دولار)، في حين بلغت المصاريف 955 مليار ريال (254.56 مليار دولار).
وأكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز عزم بلاده على الاستمرار في تنفيذ المبادرات والإصلاحات الاقتصادية لتحقيق أهداف رؤية 2030. وقال "إن الموازنة تؤكد حرصنا على حماية وتعزيز مكتسباتنا"، معلناً عن تجاوز الرياض للآثار الاقتصادية والمراحل الاستثنائية لجائحة كورونا.
رحلة التحول الاقتصادي
من جانبه، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن رحلة التحوّل الاقتصادي التي تتبنّاها الرياض مستمرة في تحقيق المنجزات والمستهدفات وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين. ولفت في تصريحات صحافية عقب الإعلان عن الموازنة إلى أن "النتائج والمؤشرات المالية والاقتصادية تؤكد أننا نتقدم بشكل إيجابي".
وأكد أن "التعافي الاقتصادي والمبادرات وسياسات الضبط المالي وتطوير إدارة المالية العامة وكفاءتها أسهمت في الاستمرار في خفض العجز في الموازنة، مع المحافظة على تحقيق المستهدفات الرئيسة للرؤية". ويُتوقّع أن يبلغ العجز عام 2021، نحو 2.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 11.2 في المئة عام 2020 المتأثر بالجائحة.
وقال ولي العهد السعودي "نتوقّع تحقيق فوائض مالية قد تتجاوز 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2022، بحيث ستُستخدم هذه الفوائض لزيادة الاحتياطيات الحكومية لمواجهة حاجات جائحة كورونا، وتقوية المركز المالي للبلاد، ورفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية".
3 تريليونات في 2030
كما نوّه بمستهدفات برنامج صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق أهداف الرؤية لكونه الذراع الاستثمارية المحلية والخارجية المساهمة في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، ومنها مساهمته في الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة المحتوى المحلي في استثماراته والشركات التابعة له بما يصل إلى 60 في المئة.
وأكد في ختام تصريحاته أن نجاح بلاده في التصدي للجائحة والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية يثبت قوة اقتصاد السعودية في مواجهة التحديات الطارئة، منوّهاً في الوقت ذاته إلى الدور الريادي التي تضطلع به الرياض في ما يتعلق باستقرار أسواق النفط وقيادة الحقبة الخضراء، لافتاً إلى أن "مبادرة السعودية الخضراء" و"مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، ترسمان توجه الرياض والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعهما في خريطة طريق ذات معالم واضحة وستسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية.
توقعات استمرار التعافي
وبالعودة إلى بيان الموازنة السعودية، توقعت الحكومة استمرار التعافي التدريجي في النشاط الاقتصادي العام المقبل، مع الحفاظ على المبادرات التي تم تنفيذها في الأعوام الماضية بحيث تعكس الإيرادات في الموازنة استمرار تحصيل الأثر الكامل للمبادرات المالية المنفذة، كما تتضمن التطوير المستمر في الإدارة الضريبية وتحسين عمليات التحصيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وستهدف الحكومة على المدى المتوسط إلى استمرار تقليل الاعتماد بشكل رئيس على الإيرادات النفطية وتحقيق مستهدفات رؤية 2030 عبر تنويع الاقتصاد وتنمية وتعزيز الإيرادات غير النفطية وضمان استدامتها.
إيرادات الضرائب
وأظهرت البيانات أنه من المتوقع أن تصل إيرادات الضرائب العام المقبل إلى 283 مليار ريال (75.5 مليار دولار) بانخفاض 4 في المئة، مقارنةً بالمتوقع تحصيله عام 2021.
ومن المقدَّر أن تتراجع إيرادات الضرائب على الدخل والأرباح والمكاسب الرأسمالية (منها ضريبة دخل الشركات والمنشآت الأجنبية وضريبة الاستقطاع لغير المقيمين) بنسبة 6 في المئة إلى 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار) نتيجة مبادرة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك المتمثلة في إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية خلال العام الحالي والتي أسهمت بتحفيز المكلفين بالسداد عن الفترات السابقة.
وبالنسبة إلى الضرائب على السلع والخدمات (منها ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية)، يُرجّح انخفاضها بنسبة 3.5 في المئة عن المتوقع في 2021، فيما من المرتقب أن تحقق الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية حوالى 18 مليار ريال (4.8 مليار دولار) بارتفاع 3.4 في المئة عن المتوقع تحصيله نهاية العام الحالي، مدفوعة باستمرار نمو الواردات العام المقبل.
فيما سيصل إجمالي الإيرادات الأخرى ومنها الزكاة إلى حوالى 26 مليار ريال (6.93 مليار دولار) العام المقبل بتراجع 12 في المئة، مقارنة بالمتوقع العام الحالي.
وبحسب بيانات وزارة المالية، ستبلغ الإيرادات الأخرى المتوقعة لعام 2022 والتي تشمل الإيرادات النفطية والأرباح من استثمارات الحكومة ومبيعات السلع والخدمات، إضافة إلى الجزاءات والغرامات، نحو 763 مليار ريال (203.5 مليار دولار) بارتفاع 20 في المئة.
النفقات العامة
وأظهر بيان الموازنة السعودية، انخفاض النفقات العامة خلال عام 2022 بنسبة 5.9 في المئة إلى 955 مليار ريال (254.9 مليار دولار)، قياساً على 1.015 تريليون ريال (271 مليار دولار) متوقعة لعام 2021.
وأشار البيان إلى أن موازنة 2022 تأتي لمواصلة جهود الحكومة في الإصلاحات الداعمة لتطوير إدارة المالية العامة وذلك بالتزامن مع تحقيق الانضباط المالي وتعزيز كفاءة الإنفاق للمحافظة على الأسقف المعتمدة للنفقات المعلنة مسبقاً.
وتابع البيان "يظهر التقدم في تنفيذ برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى وكذلك المشاريع الاستثمارية في مختلف القطاعات، منها الاستثمار بمعدلات مرتفعة في البنية التحتية الفترة الماضية. وعليه، من المقدّر أن تنخفض النفقات الرأسمالية عام 2022 بنسبة 18.2 في المئة مقارنة بالمتوقع لعام 2021 لتصل إلى حوالى 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار)".
وذكر البيان أن حجم المصاريف المقدّرة للعام الحالي ترتفع 2.6 في المئة عن تلك المقدّرة في مشروع الموازنة مطلع العام والبالغة 990 مليار ريال (264.33 مليار دولار).
فائض الموازنة
من المفترض أن يتم تحقيـق فوائـض فـي الموازنة عام 2022، بنحو 90 مليار ريال (24 مليار دولار)، بحيث ستُوجّه تلك الفوائض المحققة في الموازنة إلى تعزيز الاحتياطيات الحكومية ودعم الصناديق التنموية وصندوق الاستثمارات العامة، كما سيُنظر فـي إمكانية التعجيل بتنفيذ بعض البرامج والمشاريع الاستراتيجية ذات البعدَين الاقتصادي والاجتماعي.
وسيُناقش سداد جزء من الدين العام بحسب ظروف السوق، وذلك بهدف تعزيز القدرة على التعامل مع الأزمات من خلال تقوية المركز المالي للدولة، والتركيز على الاستثمار الذي يحقق النمو الاقتصادي المستدام.
الأداء المالي للعام الحالي
وبالنسبة إلى تطورات الأداء المالي عام 2021، أظهرت الموازنة تحقيق إجمالي إيرادات فعلية بقيمة 849 مليار ريال (226.4 مليار دولار) مقارنة بـ782 مليار ريال (208.5 مليار دولار) للعام الماضي، فيما يصل إجمالي الإيرادات المتوقعة إلى نحو 930 مليار ريال (248 مليار دولار) بارتفاع 19 في المئة، مقارنة بعام 2020 وبنسبة 9.6 في المئة مقارنة بالموازنة المعتمدة.
ويُعزى هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى تعافي النشاط الاقتصادي بعد الجائحة وزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة التي طُبّقت منذ يوليو (تموز) 2020، إضافة إلى التطورات التي شهدتها أسواق النفط، إذ وصل متوسط سعر البرميل إلى نحو 69.5 دولار حتى أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وإلى جانب المصاريف، فمن المتوقع أن يبلغ إجمالي المصاريف لعام 2021 نحو 1.015 تريليون ريال (270.7 مليار دولار)، بانخفاض 5.6 في المئة عن المصاريف الفعلية لعام 2020، وبزيادة بنحو 2.6 في المئة عن الموازنة المعتمدة.
وعلى الرغم من أن إجمالي النفقات المتوقعة للعام الحالي أعلى من الموازنة المعتمدة مقارنة بعام 2019، إلا أنه انخفض بنسبة 4.2 في المئة، وهذا يعكس نتيجة جهود الحكومة في رفع كفاءة الإنفاق.
وتعود الزيادة في إجمالي النفقات مقارنة بموازنة العام الحالي 2021 إلى عوامل عدة رئيسة، أهمها النفقات المتعلقة بفيروس كورونا التي تشمل زيادة ساعات العمل لبعض العاملين في قطاع الصحة بسبب سرعة تحصين السكان، وكذلك مصاريف شراء اللقاح وتوسيع توزيعه على مختلف الأعمار، إضافة إلى زيادة إيرادات الزكاة، بالتالي زيادة الدخل الزكوي، ونفقات الضمان الاجتماعي وكذلك زيادة الدعم الخارجي للدول والمنظمات الدولية، ما يعكس الدور الدولي المهم للسعودية في دعم الاقتصاد العالمي، إلى جانب زيادة في النفقات الرأسمالية لتسريع تنفيذ بعض المشاريع.
الناتج المحلي الإجمالي
وفي تقديرات أولية، توقعت وزارة المالية نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.9 في المئة في 2021. وأشارت الأرقام الأولية لعام 2022 إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 7.4 في المئة العام المقبل، مدفوعاً بارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي النفطي، إضافة إلى التحسن المتوقع في الناتج المحلي غير النفطي بافتراض استمرار التعافي التدريجي من آثار جائحة كورونا.
وفي تقديراتها ضمن بيان موازنة 2022، رجّحت الوزارة نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.5 في المئة في 2023، و4 في المئة في 2024.
وتضمنت توقعات الوزارة تسجيل معدل تضخم 3.3 في المئة للعام الحالي و1.3 في المئة في 2022، وأن يبلغ معدل التضخم 2 في المئة خلال 2023 و2024.