Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فات أوان إعادة هيكلة الديون المحلية والسيادية عالمياً؟

بيانات تكشف عن قفزة من مستوى 31 إلى 46 في المئة من إجمالي الأرصدة مع تداعيات الأزمة

قال صندوق النقد إن إعادة هيكلة الدين المحلي أداة يمكن أن تستخدمها الحكومات التي تواجه ضغوطاً مالية واقتصادية (أ ف ب)

كشفت بيانات حديثة عن قفزة في معدلات الديون العالمية، ومع تزايد مواطن الضعف المتعلقة بالاقتراض، وتزايد أرصدة الديون المحلية السيادية في الاقتصادات الناشئة والنامية، أصبحت الأسئلة المتعلقة بموعد وكيفية إعادة هيكلة هذه الديون أكثر حدة من أي وقت مضى.

والديون المحلية هي أداة يمكن أن تستخدمها الحكومات التي تواجه ضغوطاً مالية واقتصادية. وبسبب الجائحة التي ضربت العالم منذ بداية العام الماضي، لم تجد غالبية الحكومات سوى الاقتراض، لتمويل التوسع في الإنفاق العام على الرغم من موجة الإغلاقات والخسائر التي تكبّدتها أكبر اقتصادات العالم.

وعلى مدى العقدين الماضيين، شهدت اقتصادات الأسواق الناشئة النامية زيادة نصيبها من الديون المحلية السيادية أو المحلية، إذ قفزت من مستوى 31 إلى 46 في المئة من إجمالي الديون. بالتالي، فمن المرجح أن تلعب إعادة هيكلة الدين المحلي دوراً في حل أزمات الديون في المستقبل.

تجنب التكلفة المرتفعة

حتى الآن، ركز الكثير من العمل الأكاديمي وصندوق النقد الدولي بشأن مشاكل الديون السيادية على الآثار المترتبة على إعادة هيكلة الديون الخارجية السيادية، عن طريق تغيير شروط الدين مثل المبلغ المستحق أو فترة السداد من خلال المفاوضات مع أنواع مختلفة من الدائنين الخارجيين. لكن، إعادة هيكلة الديون الصادرة بموجب القانون المحلي مختلفة.

فمن ناحية، قد يكون من الأسهل إنجاز إعادة هيكلة الديون المحلية، حيث يمكن للسلطات، على سبيل المثال، أن تختار ببساطة تغيير شروط عقود الديون من خلال تغيير القانون المحلي. وقد يؤدي ذلك إلى تجنب بعض النتائج المكلفة المرتبطة بإعادة هيكلة الديون الخارجية، مثل فقدان الوصول إلى أسواق الديون الخارجية.

من ناحية أخرى، غالباً ما يحتفظ بالديون المحلية بالدرجة الأولى الدائنون المحليون الذين سيتكبدون خسائر. من خلال هذه القناة، يمكن أن تنتشر أزمة الديون السيادية بسهولة إلى البنوك المحلية وصناديق التقاعد والأسر وأجزاء أخرى من الاقتصاد المحلي. وهذا يمكن أن يضيف إلى الضائقة الاقتصادية التي جعلت إعادة هيكلة الديون ضرورية في المقام الأول.

وكان بنك الاستثمار الأميركي "جيه بي مورغان"، قد كشف في وقت سابق، عن أن ديون حكومات الأسواق الناشئة قفزت إلى مستويات قياسية مرتفعة في 2020، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع في العام المقبل، بينما يكافح صانعو السياسات لاستئناف النشاط الاقتصادي الذي عصفت به جائحة كورونا.

وقال محللو البنك في مذكرة إن الديون العامة للحكومات في 55 دولة نامية قفزت إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 59.0 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، وإن المستويات خارج الصين ارتفعت إلى 57.7 في المئة.

كما قفزت ديون القطاع الخاص في الأسواق الناشئة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 146.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لتقترب من المستوى الذي تشهده الأسواق المتقدمة، إذ يبلغ المتوسط 161 في المئة. ومع استبعاد الصين، ارتفعت النسبة الإجمالية لمستويات الدين في أرجاء الأسواق الناشئة إلى 89.9 في المئة.

وأشار إلى أن صدمة كورونا أدت إلى أكبر الزيادات السنوية في كل من ديون حكومات الأسواق الناشئة والقطاع الخاص كنسبة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأوضح أن الغالبية العظمى من الديون العامة والخاصة ما زالت محلية، إذ يشكل الدين المحلي 87 في المئة من الدين العام الحكومي و94 في المئة من ديون القطاع الخاص.

وتشير بيانات معهد التمويل الدولي إلى ارتفاع ديون الأسواق الناشئة إلى مستوى قياسي جديد عند 121 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام الحالي، إذ هرعت الحكومات إلى الاقتراض لدعم تعافيها من جائحة كورونا. وأشار إلى أن الرقم ارتفع ست نقاط مئوية في النصف الأول من العام، وهو ما جاء على خلفية الزيادة الكبيرة للدين الحكومي إلى 1.4 تريليون دولار في الربع الثاني.

هيكلة الدين المحلي

هل يمكن إعادة هيكلة ملف الديون المحلية عالمياً؟ ربما هذا السؤال هو الأهم، إذ إن المفتاح هو النظر في صافي الفائدة من إعادة هيكلة الدين المحلي. أي هل فوائد انخفاض عبء الديون تفوق التكاليف المالية والتكاليف الاقتصادية الأوسع لتحقيق تخفيف عبء الديون.

في تقرير حديث، كشف صندوق النقد الدولي عن أن قرار إعادة هيكلة الدين المحلي من عدمه هو دائماً من الاختصاصات السيادية وينطوي على مسؤولية الحد من الضرر والمساعدة في التخفيف من آثار إعادة الهيكلة على الاقتصاد المحلي. على سبيل المثال، لتجنب المساس بصلاحية النظام المالي المحلي، قد يُطلب من الحكومة إعادة رسملة بعض البنوك أو تجديد مدخرات المعاشات التقاعدية. وبالمثل، قد يتطلب ضمان استمرار عمل البنك المركزي دعماً مالياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسيحدد حساب صافي الفوائد ما إذا كان يجب أن يكون الدين المحلي جزءاً من إعادة الهيكلة، جنباً إلى جنب مع الدين الخارجي، أو على أساس مستقل. وللحصول على مشاركة واسعة من الدائنين في إعادة الهيكلة وتقليل احتمالية التقاضي المكلف يجب النظر إلى عملية إعادة الهيكلة على أنها عادلة وشفافة.

وسيعتمد نطاق المطالبات لإدراجها في أي إعادة هيكلة للديون المحلية -المحيط- بشكل عام على مقدار الإعفاء من الديون اللازم لاستعادة القدرة على تحمل الديون وصافي الفوائد التي يمكن الحصول عليها من كل نوع من المطالبات.

من حيث المبدأ، يمكن إدراج جميع التزامات الدين المحلي للحكومة. وقد يحاول بعض الدائنين استخدام نفوذهم السياسي لحماية أنفسهم من تقاسم الأعباء، بالتالي تحويل عبء التعديل إلى دائنين آخرين. لكن طرح الشبكة على نطاق واسع والاعتماد على الآليات الطوعية قد يساعدان في تعزيز المشاركة في إعادة الهيكلة من خلال تقليل الإعفاء المطلوب من كل مجموعة دائنة.

أيضاً، فإن الاستراتيجية التي تشرك الدائنين بشكل بناء وشفاف وتعتمد على الحوافز المستندة إلى السوق التي تقدم تبادل الديون كجزء من خطة اقتصادية كلية متسقة تعمل بشكل أفضل. ومن المهم أن نوضح بشكل مقنع كيف تتناسب إعادة الهيكلة مع الاستراتيجية الأوسع لمعالجة الأسباب التي أدت إلى ضغوط الديون السيادية لتأمين الدعم السياسي اللازم لعملية ناجحة تعيد القدرة على تحمل الديون.

توقع الضرر والتخفيف منه

يجب أن تكون إعادة هيكلة الدين المحلي مصممة لتوقع وتقليل وإدارة تأثيرها في النظام المالي المحلي، إذ تحتاج السلطات إلى اتخاذ تدابير تخفف من الخسائر بالنسبة إلى البنوك والمستثمرين من المؤسسات غير المصرفية والأسر وتقليل التداعيات. على سبيل المثال، يمكن الحد من التأثير على البنوك من خلال تمديد آجال الاستحقاق أو خفض سعر الفائدة، بدلاً من تقليل المبلغ الاسمي للمطالبات القائمة. ويجب التعرف على الخسائر في وقت مبكر، وقد تحتاج إلى إقرانها باستراتيجية لاستعادة احتياطيات رأس المال للبنوك.

وقد تكون هناك حاجة إلى دعم طارئ على مستوى النظام، يسمح للمؤسسات بتحويل الأصول غير السائلة إلى نقد لضمان عمل النظام المصرفي وتعزيز الثقة. في بعض الحالات، قد يتعين النظر في اتخاذ تدابير مؤقتة لإبطاء عمليات سحب الودائع المدفوعة بالذعر وتدفقات رأس المال الخارجة.

أيضاً، ينبغي للسلطات أن تقيم بعناية العواقب السلبية المحتملة لتعديل القانون المحلي من جانب واحد. ويمكن أن يؤدي إدراج واستخدام بنود العمل الجماعي في عقود الدين المحلي إلى زيادة اليقين القانوني والقدرة على التنبؤ، مما يوفر آلية إعادة هيكلة متفوقة محتملة مقارنة بتعديل مثل هذه الآلية بموجب القانون.

وقال صندوق النقد إن إعادة هيكلة الدين المحلي أداة يمكن أن تستخدمها الحكومات التي تواجه ضغوطاً مالية واقتصادية. لكي تكون ناجحة، يجب أن تكون مصممة جيداً، لتجنب إلحاق الضرر أكثر من النفع. ولضمان أن يتم ذلك بشكل صحيح في المرة الأولى، يجب أن تكون إعادة هيكلة الديون المحلية السيادية جزءاً من حزمة سياسات أوسع تعالج بفعالية المشكلات الكامنة ونقاط الضعف المتعلقة بالديون.

اقرأ المزيد