Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الديون العالمية تتفاقم لأعلى مستوى قياسي

اقتصادات دول الخليج مستقرة بدعم من احتياطياتها القوية رغم تقلبات أسعار النفط

تشير البيانات والأرقام الرسمية إلى أن دول العالم ربما تكون على موعد مع صدمة كبيرة خلال العام الحالي، فيما تشير أصابع الاتهام إلى أزمة الديون التي تتفاقم، سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى الشركات، وأيضاً على مستوى الأسر والأفراد.

بيانات معهد التمويل الدولي تشير إلى ارتفاع إجمالي الديون في العالم إلى أكثر من ثلاثة أمثال إجمالي حجم الناتج المحلي للاقتصاد العالمي.

ووصل إجمالي الديون العالمية خلال الربع الثالث من العام الماضي إلى 244 تريليون دولار بزيادة نسبتها 12% عن 2016.

ويعني هذا وصول معدل الدين العالمي إلى 318% من إجمالي الناتج المحلي لدول العالم، وهو ما يقل عن مستواه في الربع الثالث من 2016 حيث كان 320%.

وأظهرت البيانات زيادة طفيفة في ديون الدول المتقدمة، بما في ذلك ديون الشركات والحكومات والأسر، لكن الزيادة الأكبر كانت في الأسواق الصاعدة، والتي قال محللون اقتصاديون إنها كانت الهاجس الأكبر، وبخاصة مع حجم الديون المستحقة السداد خلال 2019.

وبلغ إجمالي الديون الاستهلاكية في العالم خلال الربع الثالث من العام الماضي 46 تريليون دولار بزيادة نسبتها 30% عن مستواه في 2016. وقد زادت الديون الاستهلاكية في الأسواق الصاعدة بسرعة أكبر، حيث كانت الصين مصدر الجزء الأكبر من الزيادة.

وأشار معهد التمويل الدولي إلى نمو القروض الاستهلاكية في العديد من الدول الصاعدة، ومنها جمهورية التشيك والهند والمكسيك وكوريا الجنوبية وماليزيا وشيلي، بأكثر من 20% مقارنة بمستواه في 2016.

3 مشكلات اقتصادية تهدد العالم

فيما تشير دراسة حديثة أعدها باحث اقتصادي تحت عنوان "لماذا تتوسع دول الشرق الأوسط في استخدام أدوات الدين؟"، إلى أن هناك ثلاث مشكلات رئيسة يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي، أولاها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، التي اندلعت بسبب قيام الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على مجموعة متنوعة من واردات بلاده من الصين، وقيام الصين بالمثل.

تأتي مشكلة الديون التي ارتفعت معدلاتها إلى مستويات قياسية في الدول المتقدمة في المركز الثاني بعد الحرب التجارية، وأصبحت هذه الديون سبباً في تزايد مخاوف عدم الاستقرار المالي في الدول الصاعدة، وما يزيد من خطرها تنامي مكوّن آخر ضمن مكونات الديون، وهو ديون الشركات التي تضاعفت خلال العقد الأخير، لتصل إلى 66 تريليون دولار في الوقت الحالي.

أما ثالثة المشكلات فتتمثل في أزمة التضخم، حيث أنه في الوقت الذي يجب فيه على الحكومات زيادة الإنفاق وتخفيض أسعار الفائدة من أجل تحفيز الاقتصاد، إلا أنها مطالَبة في الوقت نفسه بمحاصرة التضخم الآخذ في الارتفاع، وهو ما لا يتسنى لها إلا بفعل ما هو معاكس لمتطلبات تحفيز الاقتصاد، أو بمعنى آخر تقليص الإنفاق ورفع أسعار الفائدة.

هذه الخيارات متاحة لدول الشرق الأوسط

وعلى الرغم من المخاوف المثارة بشأن فرص النمو الاقتصادي العالمي عام 2019، بسبب هذه المشكلات الثلاث، فلا يزال لدى حكومات منطقة الشرق الأوسط خيارات وهوامش أوسع للمناورة. ولعل قوة أوضاع المالية العامة هي أحد أهم نقاط تميز اقتصاداتها.

وهناك بالطبع جوانب أخرى تميز هذه الاقتصادات، وتُوسّع خيارات الحكومات في التعامل مع تلك التحديات، وتترك أثراً إيجابياً على أدائها، فما هي هذه الجوانب؟ وكيف تستغلها الحكومات بما يخدم اقتصاداتها ويجنبها المشكلات في عام 2019؟

وتشير البيانات والأرقام الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أن نسبة الديون الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ نحو 102.8% في الاقتصادات المتقدمة، في المقابل تساوي نحو 50.4% في الدول الصاعدة والنامية، وتزداد لدى بعض هذه المجموعة الأخيرة مخاطر التخلف عن سداد الديون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلا أن الديون الحكومية لم تتجاوز 25.9% من الناتج في اقتصادات الشرق الأوسط حتى عام 2014. وعلى الرغم من ارتفاعها في السنوات التالية، بفعل تراجع أسعار النفط، فإنها لم تتجاوز 44.7% في عام 2018، لتحافظ دول المنطقة على موقعها، باحتفاظها بأقل نسب ديون حكومية إلى الناتج بين مجموعات الدول محل المقارنة.

تحركات لاستثمار انخفاض نسبة الدين الحكومي

وأوضحت الدراسة أن الفترة الماضية شهدت تحركات حثيثة من قبل دول منطقة الشرق الأوسط، لاستثمار ميزة انخفاض نسبة الدين الحكومي إلى الناتج، عبر التوسع في إصدار السندات والصكوك وغيرها من أدوات الدين، ولا سيما الموجهة للأسواق الخارجية، من أجل استثمار خيار الاستدانة لتلبية احتياجات التمويل المتزايدة باقتصاداتها.

مؤسسة "فيش" لإدارة الأصول قدرت إجمالي إصدارات الصكوك والسندات بالعملات الأجنبية في دول المنطقة بنحو 84 مليار دولار في عام 2018.

وتوقعت المؤسسة تجاوز قيمة الإصدارات هذا المستوى في عام 2019. وشهد شهر يناير (كانون الثاني) الماضي بالفعل إصدارات بقيمة 9.1 مليار دولار في دول مجلس التعاون الخليجي ما يُجسد المشهد لبقية العام.

وتشير هذه المعطيات إلى أن اللجوء إلى إصدار السندات والصكوك وغيرها من أدوات الدين يمثل خيارا مفضلاً لدى حكومات دول المنطقة في الوقت الراهن، وسيظل كذلك في المستقبل. وهذا الأمر يعد منطقيّاً من الناحية الاقتصادية، من جوانب عدة، أولها: تمتع دول المنطقة بأقل نسبة دين حكومي إلى الناتج.

ويتمثل ثانيها في الإقبال الشديد على أدوات الدين المصدرة من دول المنطقة في الأسواق العالمية، وهذا ما اتضح من خلال الطلب الكبير على الإصدارات التي تمت خلال الفترة الماضية، والتي بلغت نسبة تغطية الاكتتاب بها معدل مرتين ونصف تقريباً، وهو الأمر الذي يعود إلى أن هذه الأدوات مثلت ملاذاً آمناً في وقت شهد اضطراباً بالسوق العالمية لأدوات الدين في عام 2018، ولا سيما في ظل التصنيفات الائتمانية الجيدة لأدوات الدين الحكومي بالمنطقة ككل، مقارنة بتصنيفات أدوات الدين بالاقتصادات الناشئة الأخرى.

دول التعاون الخليجي تمتلك هذه الميزات الاسثتنائية

يُضاف إلى هذه الاعتبارات، وفق ما ذكرته وكالة "فيتش" لإدارة الأصول، أن القوام الأهم والأكبر من حيث الحجم في اقتصادات دول المنطقة، والمتمثل في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي، يتمتع بمزايا إضافية، تساعد على تعزيز فرص لجوئها إلى أدوات الدين، أولها انخفاض مخاطر التعثر المالي، نظراً لامتلاكها احتياطيات حكومية كبيرة، برغم تقلبات أسعار النفط في الفترة الأخيرة.

وثانيها التطور الإيجابي والنضج الحادث بأسواق سندات هذه الدول. ويمثل إدراج سندات دول المجلس، ضمن مؤشر "جي بي مورغان" اعتباراً من 31 يناير (كانون الثاني) 2019، دليلاً على ذلك، وعاملاً إيجابياً، يُحفّز المستثمرين حول العالم للتوسع في التعامل في هذه السندات أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد