Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصين تستعد لمواجهة الحرب التجارية وسط توقعات بخسائر عنيفة

استمرار التوتر بين واشنطن وبكين يثير المخاوف من تراجع النمو العالمي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الصيني شي جين بينغ (رويترز)

في الوقت الذي تستعر فيه الخلافات بين واشنطن وبكين بما ينذر بدخول مرحلة جديدة من الحرب التجارية، تستعد الصين لفترة صعبة يغلب عليها تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ تلهب السلطات المشاعر الوطنية بأفلام عن الحرب الكورية وأغنية انتشرت بشكل واسع عن النزاع التجاري ومقالات تندد بواشنطن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحول النزاع التجاري إلى حرب كلامية منذ أدرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب مجموعة "هواوي"، عملاق صناعة الاتصالات الصينية، على القائمة السوداء الأسبوع الماضي على خلفية القلق بشأن إمكانية استخدام بكين لمعدات "هواوي" في أعمال تجسس.

وجاءت الخطوة التي تحظر على الشركات الأميركية تقديم التكنولوجيا التي تحتاجها "هواوي" في وقت لا يزال على الطرفين استئناف المفاوضات التجارية بعدما تبادلا فرض زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية.

وجاء في تعليق نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"، الرسمية، أنه بات لدى الصين الآن "فهما أعمق" "لتقلبات" الولايات المتحدة وأنها تستعد للقتال بروح "المسيرة الطويلة".

وهي إشارة إلى حدث تاريخي كرّس زعامة ماوتسي تونغ خلال الحرب الأهلية الصينية عندما تراجع جيش التحرير الشعبي وناشطون في الحزب الشيوعي في مسيرة لمدة عام بين 1934 و1935 للإفلات من الجيش الثوري.

بكين تستعد لمسيرة طويلة وجديدة

وعكس مقال الوكالة موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ المتشدد عندما دعا هذا الأسبوع للاستعداد لـ"مسيرة طويلة جديدة" في استذكار لاستراتيجية الانسحاب الأسطورية التي نفذها الثوريون الشيوعيون في ثلاثينيات القرن الماضي قبل أن يعاودوا تجميع صفوفهم ويحققوا النصر عام 1949.

وحذّر شي المسؤولين المحليين من "التداعيات المعقدة وطويلة الأمد" للتأثيرات الخارجية.

وقال كبير الباحثين لدى مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية، جانغ يانشينغ، في مؤتمر نظمته الحكومة قبل أيام، إن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم "تمرّان بمرحلة طويلة من النزاع غير العقلاني".

وأضاف أنهما "في خضم هذه العملية وخطوة بخطوة ستفهمان بعضهما البعض وتقاومان بعضهما البعض للتعاون معا" في نهاية المطاف.

وترك الرئيس الأميركي ترمب الباب مفتوحا للمصالحة إذ قد يلتقي الرئيس شي على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان الشهر المقبل.

لكن وسائل الإعلام الصينية صعّدت لهجة خطابها.

ووصف مقال في "شينخوا" الخميس الحكومة الأميركية بأنها "أنانية ومتغطرسة". وقال إن "الولايات المتحدة تتحدى القواعد الدولية وتتخلى عن اتفاقيات التعاون وتعزف على وتر أميركا أولا والتميّز والاستثناء الأميركيين".

التلفزيون الرسمي يبث أفلاماً عن الحرب الكورية

ومنذ رفع ترمب الرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار في منتصف مايو (أيار)، تنشر صحيفة الشعب اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي عموداً يومياً تحت وسم "جرس إنذار" لتفــــنيد حجة ترمب بأن صعود الصين يتسبب في خسائر للأميركيين.

وبث التلفزيون الرسمي على ستة أيام متتالية منذ 16 مايو (أيار) أفلاما عن الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي تثير المشاعر المعادية للولايات المتحدة، لتذكير الجماهير بالفترة التي وصلت فيها الحرب الباردة إلى عتبة الصين عندما قاتلت إلى جانب كوريا الشمالية ضد قوات الأمم المتحدة بقيادة واشنطن التي كانت تدافع عن الشطر الجنوبي.

وفي هذه الأثناء، انتشرت هذا الأسبوع أغنية تحمل اسم "الحرب التجارية" كتبها مسؤول حكومي صيني سابق تتعهد بإلحاق هزيمة كبرى بالولايات المتحدة في هذا النزاع، قبل أن تحذفها منصات التواصل الاجتماعي الشعبية "وي تشات" و"ويبو" لانتهاكها القواعد المرتبطة بالمضمون. وتستخدم الأغنية لحنا من فيلم دعائي شهير ضد اليابان من حقبة الحرب.

وقال كاتب الأغنية تشاو لينغتيان في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، إن "الأمة الصينية تواجه تهديدا خطيرا الآن يشبه الأوقات الصعبة التي تطرق إليها الفيلم".

وأضاف: "أريد أن أستغل هذه الأغنية لإيقاظ الحشود. علينا أن نتحد كشخص واحد من أجل التنمية والقتال".

وأعرب مستخدمو الإنترنت الصينيون عن دعمهم لشركة "هواوي" بعد تهديد ترمب بتركيع الشركة، وهو ما ينظر إليه بشكل واسع على أنه محاولة للقضاء على طموحات الصين في مجال التكنولوجيا المتطورة.

دعوات صينية لمقاطعة الشركات الأميركية

وكانت مقابلة جرت الأسبوع الماضي مع مؤسس المجموعة العملاقة "هواوي"، رين زينغفي، بين الموضوعات الأكثر تداولاً على "ويبو" -- النظير الصيني لـ"تويتر".

وقال مئات المعلقين إنهم لن يتخلوا عن الشركة بينما دعا البعض لمقاطعة هواتف "آيفون".

لكن آخرين اعتبروا أن فكرة مقاطعة "آيفون" "مجرد وطنيات زائفة"، بعدما قال رين نفسه إن عائلته تستخدم منتجات شركة "آبل" الأميركية.

وقال مدير قسم الدراسات الأميركية في جامعة "رينمين" شي ينهونغ إن "محاولات الولايات المتحدة إيذاء هواوي هي مجرد تكتيك للتأخير، لن يؤدي إلى طريق مسدود".

لكن سيكون على قطاع التكنولوجيا الصيني تحضير نفسه لفترة صعبة يتوقع أن تطول، إذ إنه يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الأميركية.

وقال إن "الباب الأميركي يغلق وتبقى الصين من دون خطة بديلة".

خسائر اقتصادية صعبة

في الوقت نفسه، قدّر تحليل اقتصادي خسائر الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة بنحو 600 مليار دولار.

وأضاف التحليل، الذي نشرته وكالة "بلومبيرغ"، أن هذه التكلفة سوف يتحملها العالم بأسره عندما يتراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي 0.6% العام المقبل.

وأوضح أن الصراع التجاري الصيني الأميركي دخل مرحلة خطرة، إذ ترتفع التعريفات الجمركية، ولا تزال هناك تهديدات أخرى متوقعة من الجانبين.

وكان الأمل في تحقيق نمو اقتصاد عالمي متواضع في الربع الأول من العام الجاري يتوقف على التوصل إلى هدنة بين بكين وواشنطن، لكن هذا لم يحدث. والمفترض أن تطال التعريفات الجمركية بنسبة 25% سلعاً صينية بقيمة 250 مليار دولار، واستدعى ذلك انتقاماً صينياً يجري منذ عامين.

تباطؤ معدلات النمو العالمي

أما منظمة التعاون الاقتصادي فقد توقعت في تقرير حديث أن تسهم التوترات التجارية الحالية في تباطؤ الاقتصاد العالمي لينمو 3.2% خلال العام الحالي مقارنة بمعدل نمو 3.5% العام الماضي.

ورجحت المنظمة أن يعود الاقتصاد العالمي ليحقق معدل نمو 3.4% في العام المقبل.

وقال التقرير إن استمرار العلاقات التجارية العالمية في التدهور سينخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.7% في 2021.

فيما قدر موقع "بيزنس إنسايدر" هذه النسبة بما يقرب من 600 مليار دولار.

وبحسب التقرير فإن "التوقعات للاقتصاد العالمي لا تزال ضعيفة، وهناك العديد من المخاطر التي تلقي بظلالها عليه".

وذكر التقرير أن توقعات النمو المتواضعة مشروطة بعدم تصاعد التوترات التجارية، والتي تمتد عبر الأميركيتين وآسيا وأوروبا.

وحسب التقرير، فإن تجدد التوترات بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يزيل أكثر من 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العامين أو الثلاثة المقبلة.

ومنذ صيف العام الماضي تصاعدت حدة الحرب التجارية بين أميركا والصين بعد أن فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الصين، ثم عاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بزيادة الرسوم المفروضة على السلع الصينية، وهو ما دفع الصين لاتخاذ إجراءات مماثلة.

خطر يهدد اقتصاد العالم

ووصفت كريستين لاغارد، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بأنها قد تكون عامل خطر في أفق الاقتصاد العالمي إذا لم تتم تسويتها.

وأوضح التقرير أنه بالنظر للأمام، لا تؤذي التوترات التجارية التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي على المدى القصير فحسب، بل أيضا تمتد للتوقعات المستقبلية على المدى المتوسط.

ودعا التقرير الحكومات لاتخاذ إجراءات حكومية عاجلة لتنشيط النمو.

وأضاف أن الاقتصاد العالمي كان يتوسع بشكل متزامن منذ أقل من عامين، لكن التحديات التي تواجه العلاقات التجارية القائمة والنظام التجاري المتعدد الأطرف القائم على القواعد، أخرج النمو العالمي عن طريقه، من خلال إثارة عدم اليقين الذي يحبط الاستثمار والتجارة.

وتوقع التقرير أن يضعف نمو التجارة هذا العام إلى نحو 2%، وهو أضعف معدل منذ الأزمة المالية العالمية، مشيراً إلى أن ضعف نمو التجارة تتوقف سرعته في حال استطاع نمو الإنتاج العالمي أن يرتد من وتيرته الحالية الضعيفة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد