Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مباحثات المناخ فشلت مرات لا تعد ولا تحصى فكيف يمكنها أن تنجح؟

هل لا يزال بمقدورنا وضع حد للانبعاثات الكربونية وتجنب الكارثة؟

تتفق معظم الحكومات بشأن الأسباب العلمية الكامنة وراء الأزمة لكنها تختلف حول طريقة الحل (رويترز)

هل تتسم المعايير بالواقعية؟ وهل تعتبر الإجراءات المعمول بها كافية؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يكفي؟ تبقى أسئلة عدة بانتظار الإجابات حتى في أعقاب "كوب 26"، وهو الحدث الأكثر إثارة للجدل حول أزمة المناخ المتفاقمة.

تتفق معظم الحكومات بشأن الأسباب العلمية الكامنة وراء الأزمة بكل وجوهها، ولكنها تختلف في الوقت نفسه حول طريقة الحل وبخصوص من يجب أن يتعرض للمساءلة. صحيح أنه تم تحقيق تقدم  كبير، بيد أن دراسات شتى أثبتت أن المشكلة الحقيقية لا تزال بعيدة كل البعد عن أن تلقى الحل.

فما هو مدى نجاح الاتفاقات الدولية الأكثر أهمية في التاريخ لجهة معالجة قضية تغير المناخ؟

بروتوكول مونتريال – 1987

على الرغم من أن بروتوكول مونتريال لم يجرِ طرحه "كاتفاق" يتصل بأزمة المناخ في ذلك الحين، وإنما تم تقديمه بالأحرى كمعاهدة تركّز على الأضرار المتراكمة التي تتعرض لها طبقة الأوزون، فهو كان ناجحاً بمعنى أنه أصبح الأساس لتمهيد الطريق لدبلوماسية المستقبل للتعامل مع هذه القضية. مهدت هذه المعاهدة السبيل للدبلوماسية المستقبلية للخوض في هذا الموضوع، الأمر الذي يفسر الإشارة إليها في مباحثات المناخ كافة التي أجريت بعد إبرامها وحتى مؤتمر "كوب 26" الحالي.

وبالنسبة للفعالية المباشرة للمعاهدة نفسها، فإن دراسة حديثة حول ذلك بعنوان "نجاح بروتوكول مونتريال تُظهره مقارنة قياسات الأشعة فوق البنفسجية عالية الجودة مع حسابات، تجنبها العالم، من نموذجين كيميائيين- مناخيين"، توضح أن مستوى الإشعاع فوق البنفسجي يواصل الارتفاع بالتوازي مع الأضرار المتعلقة بطبقة الأوزون، حتى يومنا هذا.

ومع أن الدراسة تثبت أيضاً أن تأثيرات الأشعة فوق البنفسجية كانت ستحلّق  بشكل كبير، مع زيادة بنسبة 20 في المئة لكل 20-30 عاماً، وخصوصاً في مواقع خطوط العرض المتوسطة لو لم يتم إبرام الاتفاق التاريخي.

ومع ذلك، فقد نجح البروتوكول في إزالة ما يقرب من 99 في المئة من مركبات الكلوروفلوروكربونية (سي أف سيز)، إذ ساهمت كل دولة في العالم عملياً في الجهود الرامية إلى وضع حد لإنتاج المواد التي تلحق الأذى بالبيئة.

اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ  (UNFCCC)- 1992

كانت هذه هي الاتفاقية الأولى لمعالجة قضية تغير المناخ الملحة بشكل علني، من خلال إشراك 197 دولة معاً في التعامل مع القضية. وإذ أرسى أسس اجتماع سنوي، صار يُشار إليه في وقت لاحق باسم "كوب"، فإن هذا المؤتمر سمح بإنشاء كل من بروتوكول كيوتو (2005) واتفاق باريس (2015).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بروتوكول كيوتو – 2005

وتم افتتاح بروتوكول كيوتو للتوقيع عام 1998، بيد أنه لم يدخل حيز التطبيق حتى صادقت 55 جهة في الأقل على المعاهدة. وقد احتاج أيضاً إلى تعليل ما لا يقل عن 55 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون للدول المدرجة في الملحق الأول (المتقدمة). وإذ تم إيجاده لرصد التقدم الذي تشهده كل الدول المساهمة، إلى جانب خفض الانبعاثات بحوالى 5 في المئة، قد يكون من الصعب القول إن الاتفاق كان ناجحاً، ولا سيما أنه لم يؤثر في الدول المعنية، كما لم يقنعها لا هي ولا الدول التي تُعتبر المصادر الأساسية لانبعاثات الكربون، باتخاذ الإجراءات اللازمة.

اتفاق باريس – 2015

وحتى نكون منصفين، تجدر الإشارة إلى أنه قد يكون من السابق لأوانه الحكم بالفشل على اتفاق باريس عند تأمل التقدم الذي حققه. لقد كان الاتفاق المناخي الدولي الأكثر أهمية حتى الآن، والذي تبنى أهدافاً طموحة تطالب البلدان كلها أن تتعهد بتنفيذ مهمتها لخفض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير. وطبقاً لدراسة قامت بها "د.ل.أ بايبر" (وهي شركة قانونية)، كان اتفاق باريس  في الواقع، ناجحاً في بعض الجوانب، مثل التأثير على قرار التحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، خصوصاً في بلدان أكثر صعوبة، كما كانت الحال في دول كان اقتصادها يوماً يقوده النفط وحده، مثل السعودية. وقد أحرزت المملكة نجاحاً كبيراً، وأخذت الأمر على محمل الجد تماماً، إذ أعلنت أخيراً عن استراتيجية تحول شاملة نحو مستقبل أخضر.

غير أن الجهد الذي بذله عدد قليل من الدول لا يستطيع وحده أن يحلّ المشكلة إذا استمر البعض الآخر في تجاهل القضية. وكان نائب عميد كلية الشؤون الدولية والعامة في جامعة كولومبيا قد سعى، قبل وقت قصير من توقيع اتفاق باريس، إلى اختبار فرص نجاح الاتفاق. وكان سكوت باريت، وهو خبير اقتصادي متخصص في التعاون الدولي، قد صمم، جنباً إلى جنب مع أستريد دانينبيرغ، الباحثة في الاقتصاد السلوكي والبيئي في جامعة كاسل في ألمانيا، تجربة لوضع نموذج للسلوك الذي ستتبعه الدول المساهمة مع بعضها البعض للوصول إلى الهدف الطموح المشترك بموجب استراتيجية "التسمية والتشهير". وأظهرت الدراسة أن النجاح أو الفشل استند بشكل محض إلى تحقيق الهدف الجماعي، بصرف النظر عن مساهمة كل دولة على حدة.

ويدعي باريت أن بعض الذين وقعوا على اتفاق باريس يريدون ضمانة قبل الالتزام به قلباً وقالباً، بينما يوجه آخرون ممن هم في دائرة الضوء اللوم في وجهة أخرى، ما يؤدي إلى نتيجة مفادها أن الاتفاق محكوم عليه بالفشل. وقال "كانت هذه هي المشكلة برمتها منذ البداية". وأضاف "لقد أمضينا 30 عاماً من المفاوضات، تخللها بذل المزيد من الجهود الدبلوماسية حول هذا الأمر أكثر من أي شيء آخر في تاريخ العالم كله، وكانت الانبعاثات العالمية تتزايد على امتداد هذه السنوات".

أما وقد أصبحت (الانبعاثات) الموضوع الأكثر إلحاحاً هذه الأيام، فإن السؤال ذاته يبقى مطروحاً: هل يمكننا أن نمنعها، أم أننا قد تأخرنا كثيراً؟

اقرأ المزيد

المزيد من آراء