استيقظ العراقيون، صباح الأحد، السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري على وقع خبر محاولة اغتيال رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، ما شكّل منعطفاً كبيراً في مسار الأحداث السياسية والأمنية الساخنة التي يشهدها العراق منذ إجراء الانتخابات المبكرة في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، حيث تتهم الكتل الشيعية الخاسرة والمنضوية بالإطار التنسيقي (باستثناء التيار الصدري) بأن الانتخابات مزورة فضلاً عن التصعيد الذي شهده العراق من تظاهرات لأنصار القوى الخاسرة التي احتشدت على أبواب المنطقة الخضراء، مقرّ الحكومة والبعثات الدبلوماسية.
وعلى الرغم من دعوات الكاظمي إلى التهدئة وتغليب لغة الحوار بعد محاولة اغتياله بواسطة طائرتين مسيّرتين مفخّختين، اتسعت رقعة التنديد والاستنكار المحلي والدولي باستهداف الكاظمي، وأجبرت محاولة اغتياله القوى السياسية إلى تسريع مباحثاتها في تشكيل الحكومة خشية انزلاق البلاد إلى وضع أسوأ على الصعيدين الأمني والسياسي.
وتوعد رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، منفذي محاولة اغتياله، التي لم تتبناها أي جهة حتى اللحظة، مؤكداً أنه يعرفهم جيداً وسيكشفهم، وتواصل السلطات العراقية إجراء تحقيقاتها إلا أنها لم تعلن أي أمر رسمي حول ما توصلت إليه من نتائج.
وكشف المتحدث باسم الحكومة، حسن ناظم، عن أنه لا ينفي وجود "صبغة سياسية" في محاولة الاغتيال الفاشلة، ولفت إلى أن "العقل المدبّر لها قادم من الحقب المستبدة، ومن تلك التي عانى فيها العراق من السيطرة عليه عبر الاغتيالات والانقلابات والحديد والنار"، وأضاف المتحدث باسم مجلس الوزراء، ووزير الثقافة، أن "اللجنة التحقيقية تحاول أن تعثر وتلمّ بخيوط محاولة الاغتيال".
الأمور غامضة
وفي هذا الاطار، أكد الباحث السياسي نبيل جبار العلي أن "الأمور ما زالت غامضة للغاية، وتزامن استخدام العنف ضدّ الاحتجاجات للمعترضين على نتائج الانتخابات والمناهضين لسياسة رئيس الحكومة التي اُتهمت بمحاولة القمع الأخيرة للتظاهرات، وبين عملية استهداف منزل الكاظمي بالطائرات المسيّرة، كأنها لعبة مباراة النتيجة فيها 1 - 1 لكلا الفريقين"، وتابع، "لا يمكن الجزم حالياً حول الجهات التي تقف خلف الاستهداف الأخير لمنزل رئيس الوزراء خصوصاً أن الجميع استنكر وطالب بالتحقيق، أصابع الاتهام تتجه صوب القوى الشيعية المرتبطة بإيران التي خسرت جزءاً من مقاعدها في الانتخابات والتي تمتلك سلاحاً مشرعناً بقانون، في حين الأطراف نفسها تتهم أيادي خارجية أو حتى اتهامات مباشرة لرئاسة الحكومة وشخصية الكاظمي بتلفيق هذا الفعل لأسباب التهرب من المقاضاة بعد أحداث قمع التظاهرات الأخيرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى العلي أننا "في النهاية نحن أمام حصيلة من الأحداث التي تسهم بعملية تصاعد وتيرة الصراعات والاضطرابات عقب انتهاء الانتخابات الأخيرة، ولن يتم تشكيل الحكومة عبر تفاهمات داخلية إطلاقاً، بل إنها سوف تشكل بإرادات وتوجيهات خارجية للدول المتنفذة في المشهد العراقي".
سيناريوهات
وقال الباحث السياسي حارث حسن، "سيفضي التصعيد الراهن وما يرافقه من تهديدات ولعب على حافة الهاوية إلى سيناريو من اثنين، الأول، ركن نتائج الانتخابات والعودة لصفقة محاصصة جديدة تبقي على توازن القوى الراهن، وتنتج حكومة ضعيفة أخرى بلا برنامج سوى منع السفينة المتهالكة من الغرق، أو الذهاب بصراع الإرادات إلى مداه وعدم الرضوخ لضغوط الخاسرين، من أجل إنتاج معادلة جديدة تسمح بحكومة أكثر قوة وببرنامج أكثر وضوحاً".
وأوضح حسن أن "السيناريو الأول قد يكون الأرجح، وسيتم تبريره برغبة إيجاد حل للأزمة ومنع الحرب الداخلية وحفظ السلم الأهلي، لكن السيناريو الثاني، مع ما ينطوي عليه من خطورة وصراع قوة وإرادات، هو الذي يمكن أن يفضي إلى وضع يسمح بإمكان استقواء الدولة وفرصة لبداية جديدة".
عمل إرهابي
وعن استهداف رئيس مجلس الوزراء، وصف الخبير القانوني علي التميمي أن العمل إرهابي، وأضاف، "الوصف القانوني للجريمة التي استهدفت الكاظمي هو عمل إرهابي تنطبق عليه المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب 13 لسنة 2005، والتحقيق الجنائي سيكشف المتورطين، ويمكن للحكومة العراقية الاستعانة بالجانب الأميركي وفق المادة 27 من الاتفاقية العراقية الأميركية لسنة 2008 للمساعدة في كشف الجناة مع وجود الأجهزة المتطورة في محيط السفارة الأميركية". وتابع التميمي، "إذا كشف الجناة وأثبت التحقيق الجنائي تورطهم، سنكون أمام اعتقالات واسعة، وتدخل أميركي، أيضاً، إذا ثبت تورط دول خارجية في هذا الفعل، سنكون أمام عقوبات دولية تجاهها، خصوصاً أن مجلس الأمن الدولي دان هذه الجريمة".