Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فرنسا تبعث رسالة جديدة إلى تركيا "شرق المتوسط"

أعلنت باريس إرسال الفرقاطة "أوفيرني" إلى المنطقة وستبقى حتى يناير 2022

الفرقاطة الفرنسية "أوفيرني" في ميناء مدينة لارنكا القبرصية (أ ف ب)

أعلنت فرنسا، في رسالة جديدة إلى تركيا، عن إرسال الفرقاطة "أوفيرني" إلى شرق البحر المتوسط وستبقى حتى يناير (كانون الثاني) 2022، في مهمة تهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب وصف بول ميرفييو دو فينيو، قائد الفرقاطة الذي تحدث إلى الصحافيين في ميناء لارنكا بقبرص، الاثنين 8 نوفمبر (تشرين الثاني).

ويأتي نشر فرنسا الفرقاطة "أوفيرني"، التي يتكون طاقهما من 150 فرداً وهي مزودة بمعدات متطورة ومتخصصة في الحرب ضد الغواصات، في وقت تتزايد فيه التوترات في شرق المتوسط وسط تهديدات تركية متزايدة لعمليات التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية الحصرية لقبرص، إذ تزعم أنقرة حقوقاً في تلك المياه غير معترفة بحق قبرص كدولة جزرية بامتلاك منطقة اقتصادية خالصة تتخطى الحدود المعتادة البالغة 12 ميلاً بحرياً. وتقول أنقرة إن جزءاً كبيراً من تلك المياه إما يتداخل مع جرفها القاري وإما ينتمي إلى القبارصة الأتراك في الجزء الشمالي من الجزيرة.

ووفقاً لدو فينيو، فإن "أوفيرني" ستجمع المعلومات الاستخباراتية خلال فترة مهمتها في شرق المتوسط، من أجل "إظهار مدى أهمية احترام القانون الدولي خصوصاً حرية الملاحة" لفرنسا. وأضاف أن "هذا الانتشار يؤكد مدى أهمية هذا الجزء من البحر الأبيض المتوسط لفرنسا"، وكذلك "استعداد البلاد للمساهمة في استقرار هذه المنطقة الاستراتيجية".

وأشار قائد الفرقاطة الفرنسية إلى أن هذه هي المرة الثانية عشرة التي تزور فيها "أوفيرني" قبرص، والتي وصفها بأنها مفتاح دعم العمليات البحرية الفرنسية في المنطقة، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.

وأضاف "لا يمكن أن تكون هناك عمليات بحرية فعالة ومستدامة من دون دعم، وقبرص هي محورها". ما يعد رسالة واضحة إلى أنقرة في شأن العلاقة الوثيقة بين باريس ولارنكا، إذ تحرص فرنسا على إظهار وجودها في المنطقة لردع تركيا عن التدخل في عمليات الحفر البحرية التي تقوم بها شركة الطاقة الفرنسية "توتال" وشريكتها الإيطالية "إيني" العام المقبل في المياه قبالة الساحل الجنوبي لقبرص.

تقارب بين فرنسا وقبرص

وشركة "توتال" الفرنسية هي بين ثلاث شركات كبرى، وقعت عقوداً مع جمهورية قبرص للتنقيب في مياهها، جنباً إلى جنب مع "إيني" الإيطالية و"إكسون موبيل" الأميركية. وتشهد العلاقات بين قبرص وفرنسا منذ سنوات تقارباً على نحو متزايد. وتسمح قبرص للطائرات الفرنسية باستخدام قاعدتها الجوية العسكرية في الركن الجنوبي الشرقي من الدولة، كما تسمح للسفن الفرنسية باستخدام مينائها البحري الجنوبي. وفي السنوات الأخيرة، قامت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول برحلات متكررة إلى قبرص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسيطر تركيا على شمال قبرص منذ عام 1974 مدعية الدفاع عن القبارصة الأتراك الذين يقطنون في الثلث الشمالي من الجزيرة. وتتشكل الأغلبية السكانية لقبرص من القبارصة اليونانيين الذين يمثلون نحو 77 في المئة من السكان، والقبارصة الأتراك الذين يشكلون نحو 18 في المئة. وبدعم من تركيا التي تسيطر على الإدارة الشمالية، يسعى القبارصة الأتراك للانفصال وإعلان دولتهم. ولم يعترف بذلك المجتمع الدولي الذي تتكثف جهوده لتوحيد دولة قبرص في اتحاد ثنائي. وتظل تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف بإعلان استقلال القبارصة الأتراك، كما تحتفظ بأكثر من 35 ألف جندي هناك.

تمثل السيطرة التركية على الشطر الشمالي من قبرص ثغرة لمساعي أنقرة إلى اقتناص حصة من غاز شرق المتوسط. ففي مايو (أيار) 2019، زعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن سفن بلاده التي قامت بأعمال تنقيب "غير قانونية" عن الغاز في المياه القبرصية كانت تقوم بهذه الأعمال من أجل ما وصفه "حقوق أشقائه في جمهورية قبرص التركية". وسبق ذلك في فبراير (شباط) 2018، قيام سفن حربية تركية بمنع سفينة حفر استأجرتها شركة "إيني" من إجراء عمليات حفر استكشافية في المياه الواقعة جنوب شرق قبرص. ما استدعى تنديداً أوروبياً وأميركياً حيال التجاوزات التركية.

فرنسا تقود المواجهة

وقادت فرنسا الاتحاد الأوروبي في تحرك أفضى إلى فرض عقوبات ضد تركيا بسبب ممارساتها تجاه قبرص واليونان في شرق المتوسط. وخلال العامين الماضيين، بعثت فرنسا "رسائل تحذيرية" عدة إلى تركيا في هذا الصدد. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، أرسلت فرقاطة عسكريّة إلى المياه الإقليمية لقبرص، وفي أواخر يناير 2020، بعثت بفرقاطات إلى شرق البحر المتوسط.

ولاقت هذه الخطوات ترحيباً واسعاً من أثينا ولارنكا، في ظل تصاعد التوتر بشأن احتياطي الطاقة الإقليمي بتوقيع اتفاقية بين أنقرة وطرابلس، في نهاية عام 2019، لتعيين الحدود البحرية بين البلدين، تضرب عرض الحائط بسيادة اليونان وقبرص، بل بحقيقة أنه لا وجود لحدود مشتركة بين تركيا وليبيا، بحسب مراقبين.

وفي تعليقات سابقة لـ"اندبندنت عربية"، أوضح سايمون شوفيلد، الزميل لدى مركز أبحاث الأمن الإنساني في لندن، أن الفرنسيين "يواصلون توسيع التعاون البحري مع قبرص، ووقعوا اتفاقاً معها لتوسيع قاعدتها في ماري من أجل استيعاب سفن حربية أكبر. وإضافة إلى دعم الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي، هناك بُعد للطاقة في هذه الخطوة، إذ إن لدى شركة النفط الفرنسية (توتال) عمليات في المنطقة. مع ذلك، وبخلاف سياسات الطاقة، فإن لدى الفرنسيين اهتماماً طويل الأمد بالبحر الأبيض المتوسط كجزء من إرثهم الاستعماري، لأن هناك جاليات فرنسية كبيرة في بلاد الشام والساحل وشمال أفريقيا، التي يشعر الفرنسيون بالمسؤولية عنها".

وبالمثل، وطدت فرنسا علاقتها باليونان، وبشكل خاص على صعيد الدفاع، إذ وقعت باريس في سبتمبر (أيلول) الماضي، اتفاقية لبيع أثينا ثلاث فرقاطات من طراز "بيلارا"، في إطار "شراكة استراتيجية" بين البلدين للدفاع عن مصالحهما المشتركة في المتوسط، بحسب قول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وهي الاتفاقية التي أثارت غضب تركيا التي اعتبرت الصفقة تهديداً لاستقرار المنطقة، وقالت إنها موجهة ضدها.

وفي يناير الماضي، وقعت فرنسا واليونان أيضاً صفقة بقيمة 2.5 مليار يورو (ثلاثة مليارات دولار) لشراء 18 طائرة "رافال"، 12 مستعملة وست جديدة، في إطار برنامج تسلح في مواجهة تصاعد التوتر مع تركيا. وفي سبتمبر، أعلنت أثنيا عن خطط لشراء ست طائرات "رافال" إضافية. ما يرفع مجموع الطلبية إلى 24 طائرة.

وتقول المتخصصة في الشؤون السياسية، آنا كوكيدس بروكوبيو، إن الوجود البحري الفرنسي شرق المتوسط إشارة واضحة لتركيا، إذ يحتاج الرئيس الفرنسي إلى إبراز هذه القوة في المنطقة، لأن هذا جزء من سياسته الكاملة لتأسيس أو إعادة تأسيس فرنسا كقوة عظمى، التي لا تفرض قوتها في منطقة الشرق الأوسط فحسب، ولكن في أفريقيا أيضاً. وأضافت في تعليقاتها لـ"أسوشيتد برس"، "كان على طرف ما أن يتحرك ويملأ هذا الفراغ (في شرق البحر المتوسط). الآن تعمل فرنسا على التأكد ألا يكون هذا الطرف هو تركيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير