Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأزمة السياسية تقطع الإنترنت وتعطل قطاعات حيوية في السودان

قدّمت جمعية حماية المستهلك بالتنسيق مع "المحامون المتحدون" بلاغاً ضد شركات الاتصالات التي تقوم بتوفير الخدمة

عادت الاتصالات في اليوم الثالث للانقلاب في السودان واستمر انقطاع خدمة الإنترنت (حسن حامد)

دخل انقطاع خدمة الإنترنت في السودان أسبوعه الثاني منذ حجبها فجر 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تزامناً مع إعلان القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان حال الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء وإلغاء الشراكة مع قوى الحرية والتغيير.

وتسبب الانقطاع الكامل لكل أنواع التواصل، بما فيها المكالمات الصوتية، في عودة الناس إلى عصور خلت سعياً للحصول على المعلومات أو تمريرها، عبر الاعتماد على جهازي الراديو والتلفزيون الرسميين، فيما عرقل غياب الاتصالات والإنترنت على نحو كبير تدفق المعلومات بالنسبة إلى مراسلي القنوات والصحف والمواقع الإخبارية الخارجية.

وعادت الاتصالات بصورة كاملة في اليوم الثالث للانقلاب، واستمر انقطاع خدمة الإنترنت، لا سيما الإنترنت الخاص بالهواتف المحمولة وشبكات "واي فاي"، بينما عادت الخدمة بالنسبة إلى الشركات الكبيرة التي تعمل على نظام الكابلات الأرضية.

معركة قضائية

احتجاجاً على استمرار قطع خدمة الإنترنت، قدّمت الجمعية السودانية لحماية المستهلك، بالتنسيق مع "المحامون المتحدون"، بلاغاً ضد شركات الاتصالات الأربع العاملة في السودان التي تقوم بتوفير الخدمة.

وبحسب الأمين العام للجمعية ياسر ميرغني، كان من المنتظر أن تُبحث القضية المرفوعة أمام القاضي طارق عبد اللطيف محمد، في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لمناقشة طلب إرجاع الخدمة، فضلاً عن جلسة أخرى حُددت في 9 نوفمبر، تتعلق  بالرد على الدعوى المرفوعة ضد شركات الاتصالات المعنية.

ويوضح ميرغني أن المحكمة أجّلت النظر في قضية قطع الإنترنت إلى التاسعة من صباح الأحد 7 نوفمبر، مشيراً إلى أن الشركات اتفقت في تماهٍ غريب مع مَن قطع خدمة الإنترنيت، متعللة بحجة أن الوقت لم يكُن كافياً لتجهيز ردودها.

وقال ميرغني إن الجمعية انطلقت في دعواها من أن الوصول إلى الإنترنت حق كفلته الوثيقة الدستورية في المادة (57/2) التي نصت على أن لكل مواطن الحق في الوصول إلى الإنترنت من دون المساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة أو الإخلال بالقانون، مشيراً إلى أن هذه المادة لم تمسها الإجراءات التي اتخذها القائد العام للقوات المسلحة بتجميد بعض مواد الوثيقة الدستورية.

تعويضات منتظرة

يضيف ميرغني "الوصول إلى الإنترنت بات حقاً من حقوق الإنسان بموجب المواثيق الدولية، فضلاً عما أكدته الوثيقة الدستورية، وقد كفل القانون القومي لجمعية حماية المستهلك أن تنوب عنه في قضاياه"، مشيراً إلى أن هذه المرة الرابعة خلال العامين الماضيين التي يتم فيها حرمان المواطن السوداني من حقه في الوصول إلى الإنترنت، الأولى بعد فض اعتصام القيادة العامة ومرتان خلال امتحانات الشهادة للمرحلة الثانوية، وكلها شكّلت سوابق انتصر فيها القضاء السوداني لحق المواطن في الوصول إلى خدمة الإنترنت عبر جمعية حماية المستهلك".

وشدد الأمين العام لحماية المستهلك على أن الجمعية لن تكتفي بإصدار حكم عودة خدمة الإنترنت للمستهلكين كحق مكفول بالقوانين والمواثيق الدولية والدستور الوطني، بل ستذهب إلى أبعد من ذلك بإعداد عريضة تعويضات ضخمة وموجعة لمصلحة المستهلك، تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به جراء حرمانه غير القانوني أو المبرر من الخدمة وحفظ  الحقوق الكاملة للمستهلكين.

أضرار مزدوجة

في السياق ذاته، يلفت مهندس الكمبيوتر الرشيد أحمد إلى أن "قطاعات واسعة تعرّضت لخسائر فادحة بسبب انقطاع خدمة الإنترنت، وعلى رأسها شركات الاتصالات التي توفر الخدمة، إذ فقدت نتيجة لذلك دخلاً هائلاً يدرّه عليها استهلاك حزم خدمة الإنترنت بباقاتها المختلفة بالنسبة إلى المستهلكين من جمهور الهواتف الجوالة، فضلاً عن خسائر كبيرة تعرضت لها شركات المواصلات التي تعتمد كلياً في حركتها على التطبيقات الذكية، إذ توقفت خدماتها بل وخرجت من الخدمة تماماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويسأل أحمد أن انقطاع دخل خدمة الإنترنت عن شركات الاتصال نفسها لمدة يوم واحد يُعتبر مؤثراً جداً في اقتصاداتها، فما بالك مع انقطاع يدخل أسبوعه الثاني؟". ويتابع "هي بلا شك تتكبّد خسائر مادية ضخمة، فضلاً عن تأثر القطاعات الحيوية التي تعمل في مجالات ومعاملات ذات علاقة بالمواقع الإلكترونية كالسفر والسياحة والتعاقدات الخارجية، وكلها تحتكم لعلاقات تدار إلكترونياً وتتأثر بتعطّل أنشطتها وخدماتها"، مبيّناً أن "معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة تعتمد على خدمة واي فاي وليس على الخطوط الأرضية (الكابلات) التي تعمل بصورة جزئية".

ويوضح أحمد أن شركته بحكم عملها في مجال تكنولوجيا الحاسوب وتصميم المواقع الإلكترونية، تعتمد في جل معاملاتها ومراسلاتها الداخلية والخارجية على الإنترنت، وقد توقف العمل في الشركة بنسبة تقارب 95 في المئة بسبب انقطاع الخدمة التي لا نعرف متى ستعود، مما يبقي على مخاوف تكبّد مزيد من الخسائر".

ويكشف أن "الخطوط الأرضية للخدمة لا تعمل جميعها، مع استثناءات لتطبيقات البنوك وفق اتفاقيات بنظام تقنية الإذن المحدود، التي تعمل مع تشغيل خدمة البيانات في الهاتف، لكنها لا تعمل في وضع أوف لاين".

خسائر شخصية

على الصعيد ذاته، كشفت الدكتورة انتصار الحاج، المتخصصة في مجال الشبكات وتكنولوجيا الاتصالات في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا عن "تضرر قطاع التعليم، خصوصاً في ظل التعليم عن بعد، نتيجة انقطاع خدمة الإنترنت، إذ توقفت كل كورسات الأونلاين وكل ما يتبعها من امتحانات ومتابعات، إضافة إلى توقف الامتحانات والتقديم للوظائف والمعاينات التي تتم عن بعد وبالطريقة ذاتها، مما حرم كثيرين من المعاينات والامتحانات والتقديم".

تضيف أن فئة واسعة من قطاع الأعمال تأثر بدرجة واضحة، خصوصاً الأعمال المرتبطة بعلاقات عمل خارجية، إلى جانب توقف تطبيقات شركات المواصلات الخاصة وحركة التسويق الإلكتروني وإعلانات المواقع ذات الجمهور الواسع.

وتسأل عن حقوق الذين لديهم اشتراكات وخدمة مسبقة لمدة شهر لم يتمتعوا بها وانتهى أجلها الزمني من دون أن يستفيدوا منها، وهل سيتم تعويضهم عن خسارتهم بواسطة شركات الاتصال أم لا؟

المزيد من العالم العربي