تواجه سوق السيارات في مصر أزمة عنيفة مع تفاقم ظاهرة "أوفر برايس"، بسبب قلة المعروض، وعدم تمكن الوكلاء والموزعين من توفير الطلب الكبير على السيارات الجديدة.
وبسبب نقص المعروض، أضاف بعض الوكلاء ما بين 10 إلى 70 ألف جنيه (637 إلى 4458 دولاراً) إلى سعر السيارة الأصلي في حال رغب العميل استلامها بشكل فوري، وإلا فعليه الانتظار في قائمة الحاجزين لمدة لا تقل عن أربعة أشهر. وقد تصل الزيادات إلى أعلى من هذه الأرقام على بعض الطرازات الفارهة التي يوجد عليها طلب كبير، مع ملاحظة اختفاء عديد من الموديلات التي أعلن وكلاؤها إيقاف الحجز بشكل رسمي لمدة ستة أشهر على الأقل.
يقول أشرف صميدة، صاحب معرض سيارات في القاهرة، إن الأزمة بدأت خلال الربع الأخير من العام الماضي، حيث بدأ المعروض من السيارات الجديدة يتناقص في السوق المصرية، وبدأت ظاهرة تأخر الاستلام تتفاقم إلى أن وصلت في بعض السيارات لأكثر من ستة أشهر.
وأوضح، في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن بعض الوكلاء وكبار الموزعين استغلوا أزمة نقص المعروض وفرضوا زيادات على أسعار السيارات بلغت في بعض الطرازات أكثر من 100 ألف جنيه (6369 دولاراً)، وذلك على السيارات التي يتجاوز سعرها الأساسي مليون جنيه (63694 دولاراً)، لتصل نسبة الزيادة إلى 10 في المئة، وهي ظاهرة تحدث للمرة الأولى في مصر.
تعديل قوائم الأسعار بسبب أزمة نقص الرقائق
وفق رابطة مصنعي السيارات في مصر، تعود ظاهرة "أوفر برايس" إلى أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي يعاني منها قطاع السيارات العالمي، وتسببت في انخفاض المعروض بشدة.
وكانت الأزمة بدأت عندما تراجعت معدلات إنتاج السيارات خلال عام 2020، جراء تفشي فيروس كورونا، إثر اتخاذ إدارات شركات السيارات الكبرى قرارات بإغلاق المصانع جزئياً وكلياً. وأرجعت وكالة "بلومبيرغ" هذه الأزمة إلى سوء تقدير من مصنعي الرقائق الإلكترونية خلال جائحة كورونا، بعدما توقع عديد من الشركات أن يقلص المستهلكون مشترياتهم بمرور الوقت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقالت الرابطة، إن نقص سفن الشحن البحري وزيادة رسوم الشحن بصورة مبالغ فيها، يعدان من أهم أسباب موجة زيادة الأسعار التي شهدتها سوق السيارات المصرية في بداية عام 2021. وذكرت أن مبيعات النصف الأول من العام الحالي كانت جيدة للغاية، بفضل مبيعات المبادرة الرئاسية لإحلال السيارات الجديدة التي تعمل بالغاز بالسيارات المتقادمة.
وتوقعت الرابطة، في بيان، تراجعاً في أسعار السيارات بداية من الربع الأول لعام 2022، مشيرة إلى أن التعامل مع الجائحة وانفراج أزمة الرقائق الإلكترونية واستقرار الشحن البحري، جميعها عوامل ستسهم في زيادة المعروض، وتراجع الأسعار أو استقرارها وعودتها إلى معدلاتها الطبيعية.
الأزمة تمتد إلى سوق السيارات المستعملة
وقال صميدة إن السوق تعاني في الوقت الحالي من نقص كبير في عدد السيارات الجديدة، حتى أن بعض المعارض ترفض البيع وتنتظر ارتفاعاً إضافياً في الأسعار، بخاصة أنه لا يوجد ما يلزمها البيع في أي وقت.
وأوضح أن أزمة نقص المعروض امتدت إلى سوق السيارات المستعملة، التي ارتفعت أسعارها بنسب كبيرة تتراوح بين 30 و40 في المئة خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى انفراج الأزمة في الوقت الحالي، بخاصة مع استمرار جائحة كورونا وظهور أزمة أسعار الغاز، ما يعني مزيداً من الصعوبات التي يواجهها القطاع، ومزيداً من ارتفاعات الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن المعارض التي تعمل في سوق السيارات المستعملة استغلت الأزمة وأضافت زيادات غير منطقية على الأسعار، ما أدى إلى تراجع حركة البيع والشراء بأكثر من 60 في المئة.
في المقابل، كشف مجلس معلومات سوق السيارات (أميك)، أن نقص المعروض من الآليات الجديدة في مصر محدود للغاية، ولا يرقى إلى اعتباره أزمة.
وأشار إلى أن معظم السيارات المتاحة في البلاد لا تعتمد على تكنولوجيات متطورة، ولذلك فإن تأثير النقص في الرقائق الإلكترونية ضئيل للغاية.
وذكر أن السيارات المنتجة في دول أوروبا وأميركا هي الأكثر تضرراً من أزمة الرقائق، بينما لم يرصد تراجعاً كبيراً في سوق السيارات التي يتم إنتاجها في اليابان وبعض دول آسيا الأخرى.
وقال إن الأزمة التي تشهدها السوق المصرية في الوقت الحالي تتمثل في المستوردين، حيث إن القيود التي تفرضها الشركات الأم على الوكيل وضريبة الأرباح تجعلان البعض منهم يحرضون الموزعين على رفع الأسعار لاقتسام الأرباح، في مخالفة للسعر الرسمي.
زيادة كبيرة في مبيعات النصف الأول
وكان "أميك" قد كشف أن المبيعات الإجمالية لسوق السيارات في مصر خلال أول سبعة أشهر من العام الحالي، بلغت نحو 161781 وحدة بزيادة 48.8 في المئة، مقارنة مع العام الماضي.
وأشار إلى ارتفاع مبيعات السيارات في البلاد بنسبة 53 في المئة خلال النصف الأول من عام 2021، لتصل إلى 138311 وحدة، مقابل نحو 90395 وحدة خلال الفترة المقابلة من العام الماضي، بزيادة بلغت نحو 47916 مركبة.
يأتي ذلك على الرغم من استمرار الركود بسبب المخاطر والتداعيات التي خلفتها جائحة كورونا على جميع القطاعات، ومن بينها قطاع التجزئة والمبيعات، فيما تسببت الإجراءات الاحترازية التي سبق أن طبقتها الحكومة المصرية في انخفاض الطلب على السيارات بشكل حاد.
وكشف المجلس عن ارتفاع مبيعات سيارات الركوب "الملاكي" بنسبة 63 في المئة، حيث ارتفع حجم مبيعاتها خلال النصف الأول من 2021 إلى نحو 101046 وحدة، مقابل نحو 62171 وحدة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة بلغت نحو 38875 وحدة.
كما ارتفعت مبيعات الشاحنات بمختلف فئاتها بنسبة 46 في المئة، لتسجل 25.4 ألف مركبة، مقارنة مع نحو 15.5 ألف في العام الماضي. في المقابل، انخفضت مبيعات قطاع الأتوبيسات بنحو 6.8 في المئة لتسجل 11.8 ألف، مقابل 12.6 ألف حافلة.