Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حلفاء إيران يرفضون نتائج الانتخابات العراقية ويلوحون بالسلاح

زيارة قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى بغداد بين النفي والتأكيد

بات النفوذ الإيراني في العراق يمر بأصعب فترة له منذ إسقاط نظام صدام حسين في عام 2003، بعد هزيمة حلفاء طهران في الانتخابات البرلمانية العراقية في رسالة واضحة على تراجع شعبيتها لدى الشارع الشيعي.

ويبدو أن استخدام العنف المفرط من قبل الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة الشيعية ضد المحتجين في أكتوبر (تشرين الثاني) عام 2019 وما بعدها، فضلاً عن الفشل في تحسين واقع الخدمات وتركيزه على قضايا إقليمية تهم إيران، كان تأثيره سلباً لدى جمهور هذه الجهات في مقاطعة الانتخابات وعدم التصويت.

التركيز على أولويات إيران

 لعل من الأسباب الأخرى لهذا التراجع الكبير لتحالف "الفتح" هو عدم تواصل قادته مع أنصاره خلال السنوات الثلاث، وعدم إيجاد حلول لهموم المجتمع العراقي المتعلقة بالخدمات، على الرغم من أنهم جزء مهم في الحكومة وترديدهم شعارات عدائية تجاه كثير من دول الجوار العراقي ودول المنطقة العربية انسجاماً مع التوجهات الخارجية لإيران.

وعلى العكس من هذا التوجه فإن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وتياره ركز بشكل كبير على القضايا المحلية في كل مدينة ذات غالبية شيعية، وكان تواصله مع الجمهور مستمراً، ورفع شعار سيادة العراق ورفض جميع التدخلات في الشأن العراقي، ومنها الإيرانية، وأكد مراراً على حصر السلاح بيد الدولة وعدم استخدام "شعار المقاومة" للإضرار بالعراق وجعله ساحة حرب إقليمية.

قوى صديقة 

وبعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بشكل شبه كامل واستحواذ الصدر على 73 مقعداً وحصول مرشحي "تشرين" والمستقلين على نحو 40 مقعداً، وتحالف "تقدم" بزعامة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على نحو 43 مقعداً قابلة للزيادة، بدت خارطة الفائزين في الانتخابات تربك الموقف الإيراني في كيفية التعامل معه، خصوصاً وأن هذه الجهات تريد علاقات جيدة مع المجتمع الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي ولا ترغب بأن تكون مجرد أداة في يد إيران أو غيرها من دول المنطقة، بحسب ما ذكرت في مواقفها الواضحة في شن السياسة الخارجية للعراق.

ولم تقف الأمور عند هذا الحد، فإن تحالف "الفتح" الذي يضم "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" وممثلين عن جماعات مسلحة شيعية حليفة لإيران حصل على 14 مقعداً في هزيمة مدوية بعد أن حصل في الانتخابات السابقة على 48 مقعداً، فضلاً عن عدم حصوله على مقعد واحد في مدينة النجف مركز التشييع في العالم فضلاً عن محافظات المثنى وذي قار.

زيارة قاآني

وفي ظل هذه التطورات تناقلت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، أنباء عن زيارة قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني إلى بغداد للضغط على الفائزين في الانتخابات لإعطاء دور مهم لتحالف "الفتح" في الحكومة الجديدة، إلا أن السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي نفى تواجد أي مسؤول إيراني في العراق حالياً، بالتزامن مع نفي عراقي لهذه الزيارة صدر عن مشرق عباس المستشار الصحافي لرئيس الوزراء العراقي.

لكن دبلوماسي غربي قال لوكالة "رويترز" إن إسماعيل قاآني كان في بغداد لحظة إعلان النتائج الأولية، ولا يزال يفتش في جعبته عن وسيلة للاحتفاظ بالسلطة في أيدي حلفاء طهران.

وأضاف الدبلوماسي الغربي "بحسب المعلومات المتوافرة لدينا، كان قاآني في اجتماع مع (أحزاب الجماعات الشيعية). سيبذلون قصارى جهدهم لمحاولة تشكيل أكبر كتلة (في البرلمان) على الرغم من الصعوبة الشديدة لإدراك هذا الهدف نظرا للقوة التي يتمتع بها الصدر".

وأكد مصدران إيرانيان اتصلت بهما "رويترز" وجوده. وقال قائد فصيل واحد على الأقل من الفصائل الموالية لإيران، إن الجماعات المسلحة جاهزة للجوء لسيناريو العنف إذا لزم الأمر لضمان بقاء نفوذها بعد ما يعتبرونها انتخابات مزورة.

وأضاف "سنستخدم الأطر القانونية الآن. وإذا لم ينجح ذلك سنخرج إلى الشوارع ونقوم بعمل الشيء نفسه الذي تعرضنا له خلال فترة الاحتجاجات - حرق مباني الأحزاب" الخاصة بأتباع الصدر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تهديد بالسلاح 

وفي السياق، اعتبر الكاتب والصحافي علي بيدر، تدني النتائج التي حصل عليها تحالف "الفتح" كان سببه الوعي الجماهيري ورغبة الشعب بالخلاص من السلاح. وقال البيدر إن "تحالف الفتح يتقهقر كثيراً، وذلك بسبب الوعي الذي تواجد كثيراً في وسط وجنوب العراق وكذلك احتجاجات أكتوبر، ورغبة الشعب بالخلاص وما حصل هو عقاب لمن يحمل السلاح"، مشيراً إلى وجود سلوكيات ارتكبتها تلك الجماعات والفصائل تتبع هذا التحالف جعلتها غير مرغوب ومرحب فيها داخل الشارع الشيعي.

ولوح كثير من الجماعات المسلحة أن هناك استهدافات سياسية قد تتعرض لها، وسوف تعترض على تلك النتائج بحسب البيدر الذي أشار إلى أن إيران لن تفرط بتلك الجماعات لتحقيقها أيدلوجياتها وطموحها ومواقفها داخل العراق وبرنامجها بشكل كامل في المنطقة.

وصعّد زعيم تحالف "الفتح" و"منظمة بدر" هادي العامري من لهجته الرافضة لنتائج الانتخابات، مؤكداً أن التحالف سيدافع عن أصوات مرشحيه بكل قوة.
كما عدّت كتائب "حزب الله" الموالية لإيران الانتخابات البرلمانية، أكبر عملية تحايل على الشعب العراقي في العصر الحديث، مشبهة إياها بالاستفتاءات التي كان يقيمها الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

لكن البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات في العراق ردت في بيان لها على من يرفض نتائج الانتخابات، مؤكدة عدم وجود تلاعب أو خروقات تذكر في الانتخابات العراقية.

إيران ستصعد

وتابع البيدر أن إيران سيكون لها ما وصفه بـ "موقف كبير"، وربما تضغط على المنظومة السياسية في العراق لتحقيق جزء من التوازن وإعادة الاعتبار لتلك الجماعات، وحتى منحها مناصب حكومية أكثر من حصتها من أجل ترضيتها وإلا ستتخذ أسلوب التصعيد الذي سيجد له بيئة خصبة في هذا التوقيت، لكونها تستغل عدم وجود برلمان وحكومة جديدة، مبيناً أن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، فضلاً عن أن الشارع العراقي غير مستقر، وكل تلك الأمور تستسغلها هذه الجماعات في هذه الفترة. 

حصر السلاح

ودعا زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر في كلمة له إلى "حصر السلاح بيد الدولة وعدم استخدامه من قبل من يدعون المقاومة"، مؤكدأ أنه منفتح في العلاقات الخارجية مع جميع الدول، وجميع السفارات مرحب فيها بشرط عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية.

ولفت البيدر أن خطاب الصدر رسالة وتحذير مباشر إلى الأطراف كافة من مغبة التدخل بأي شكل، بالتالي الصدر بدأ يلمس بعض الإشارات والتلميحات بأن حكومته المقبلة من ضمن كتلته النيابية لن تستقر ما لم يرض تلك الأطراف، مبيناً أن الخطاب يوضح خطورة المرحلة في الفترة المقبلة والاستعداد لأي خطر يعصف بالبلاد خلال تلك الفترة.

ورجح البيدر أن يقف الشارع العراقي مع الصدر على الرغم من وجود تقاطعات من بعضهم مع نهجه في سبيل مصلحة الوطن.

القبول بالنتيجة

بدوره قال مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، إن الشعب العراقي لم يعد يثق بهذه الأحزاب التي قادته إلى كثير من المشكلات، داعياً هذه الأحزاب إلى القبول بنتائج الانتخابات والاعتراف بالهزيمة.

وأضاف فيصل "أن هذه الأحزاب والتنظيمات الولائية أو الدعوية ليس لها أي أهداف أو برامج ولا تنظر بواقعية لموضوع الاحتجاجات التي عصفت بالعراق خلال السنوات الماضية، وفهمت بطريقة خاطئة من تلك الأحزاب، وتم اتهام المحتجين بأنهم عملاء".

وأشار إلى أن المقاعد التي حصلت عليها تلك الأحزاب هو أمر متوقع وكان متوقعاً أن يكون عدد مقاعدهم أقل من هذا العدد لعدم وثوق الشعب العراقي بهذه الأحزاب، داعياً إياها إلى الاعتراف بهزيمتها بدلاً من أن تهدد باللجوء للعنف وعليها دراسة الإسباب التي أدت إلى هزيمتها.

ودعا فيصل إيران إلى "مراجعة سياساتها في دعم الفصائل المسلحة، لا سيما وأن الشعب العراقي قد رفض هذا التدخل سابقاً في تظاهراته التي مزق خلالها صور المرشد الأعلى علي خامنئي، وأحرق القنصلية الإيرانية في النجف وكربلاء، مما يدل على رفضه السياسة الإيرانية".

المزيد من تقارير