Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان والحكومة الليبيان يتسابقان لكسب التعاطف الشعبي بالمنح

اقتصاديون يحذرون من استنزاف خزائن الدولة بقرارات عشوائية

رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة (أ ف ب)

دخل مجلس النواب الليبي في طبرق والحكومة الموحدة في طرابلس في سباق محموم لكسب رضا الشارع، عبر صرف علاوات ومنح وقروض بمليارات الدنانير، في سياق المعركة السياسية المحتدمة بينهما، التي صنعت حالة من الانقسام والاصطفاف.

ومع رجحان كفة رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في كسب التعاطف والتأييد الشعبيين، قبل فترة وجيزة من التوجه إلى الانتخابات العامة، بصرف الكثير من المنح وزيادة المرتبات وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن، تحرك البرلمان لاتخاذ خطوات مماثلة وصرف منحاً أكبر مما فعل الدبيبة.

ووسط احتدام هذا التنافس الغريب، حذر محللون اقتصاديون من نتائج هذا الاستنزاف الحاد لخزائن الدولة، وآثاره المتوقعة في ارتفاع مستويات التضخم ومخزون البلاد من السيولة النقدية. 

منحة لكل عائلة

أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق أن "البرلمان أنهى إعداد مقترح لدعم الأسرة الليبية بمبلغ 50 ألف دينار ليبي (11 ألف دولار تقريباً) عن كل كتيب عائلة، وقدّمه إلى الجنة التشريعية لصياغته وعرضه على النواب لإقراره".

ورد عضو مجلس النواب زياد دغيم على المشككين في إمكانية تطبيق القرار، بسبب المبالغ الضخمة التي يتطلب صرفها من خزانة الدولة، بالقول إن "القانون يمكن تطبيقه شريطة أن يشمل إلغاء الدعم عن السلع والوقود".

واعتبر أن "هذا القرار سيسهم في تنشيط الاقتصاد وتنمية القطاع الخاص وإعادة توزيع الثروة وإنهاء تهريب الوقود والسلع، نهائياً وجذرياً".

وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من إطلاق الحكومة في طرابلس صندوق دعم الزواج، الذي قدّم منحاً لـ25 ألف شاب و25 ألف شابة من المقبلين على الزواج، بقيمة 40 ألف دينار (8 آلاف دولار تقريباً) بالمناصفة بين الطرفين.

وكلف القرار الخزانة العامة للدولة مليار ونصف مليار دينار ليبي (نحو 334 مليون دولار)، تُخصم من حصيلة الرسوم المفروضة على مبيعات النقد الأجنبي.

كما أعلنت الحكومة نيتها صرف 20 ألف دينار (4 آلاف دولار تقريباً)، لكل عائلة ليبية من إيرادات النفط، في وقت لاحق، وهو القرار الذي أصبح تنفيذه محل شك، بسبب تعارضه مع القرار الصادر عن البرلمان.

زيادة معدلات التضخم

من جانبه، شكك عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي في إمكانية تنفيذ القانون الخاص بالمنحة المالية البرلمانية، مشيراً إلى أنه "مقدم من عشرة نواب وسيحال إلى اللجنة التشريعية لدراسته، الأمر الذي يستغرق مدة طويلة، إذ ستجري الانتخابات ويتغير المجلس قبل إقراره".

واعتبر العرفي أن "مقترح القانون كان رد فعل من بعض النواب على قرارات الدبيبة الأخيرة"، قائلاً إن "الدول لا تُدار بردود الفعل، وهذا المقترح مناورة سياسية ليس إلا، وضربة استباقية لمقترح رئيس الحكومة، بحيث لا ينجح المقترحان، ولتقييد أيدي الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير".

وحذر من تداعيات هذه "القرارات العشوائية التي ستؤدي إلى تزايد التضخم والتي اتُّخذت لأغراض سياسية ليس إلا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، صرح عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، أن قرار البرلمان يأتي رداً على قرارات الحكومة، قائلاً إن "مجلس النواب أصدر عدداً من القوانين لصالح المواطن، ولكنها ظلت حبيسة أدراج الحكومة، قبل أن نتفاجأ بأن محافظ المصرف المركزي فتح خزائنه للحكومة من دون حسيب ولا رقيب".

وأشار إلى أنه "كان يأمل أن تكون الحكومة وضعت خطة لإنعاش اقتصاد الدولة، ولكنها تسير بعشوائية وتصرف أموالاً طائلة الغرض منها معروف، وهو الدعاية الانتخابية فقط".

وانتقد زميله في المجلس عبد الغني الفطيسي، مقترح البرلمان، قائلاً "لا يمكن تطبيقه من الناحية العملية، وليس من اختصاصات المجلس إصدار مثل هذه القرارات".

محاولة لكسب التعاطف الشعبي

ووصف القيادي في تنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا عبد الرزاق العرادي إحالة مجلس النواب مقترح دعم الأسرة الليبية إلى لجنته التشريعية، بـ"محاولة لكسب التعاطف الشعبي".

وقال في تغريدة على موقع "تويتر"، موجهاً حديثه إلى أعضاء مجلس النواب، "قرروا حتى مليون دينار لكل ليبي، لكن لن تزيد شعبيتكم قيد أنملة، الشعبية خطفها من فتح الخزائن أولاً".

أما المحلل السياسي محمد الجارح، فوصف ما يجري بـ"السباق بين مجلس النواب ورئيس الحكومة على إفلاس ليبيا".

ويتفق المحلل الاقتصادي ورجل الأعمال الليبي حسني بي مع الجارح حول المردود السلبي لهذه القرارات على اقتصاد البلاد، بقوله "للأسف نرى سباقاً لكسب الرأي العام وتحشيد الشعب من كل طرف ضد الآخر، وكأنها مباراة كرة قدم بين فريقين، والمواطن والوطن هما من يدفع الثمن".

ورأى أن "هذه القرارات ومستويات الصرف غير المدروسة، من منح وغيرها، في الوقت الذي تدرس لجان توحيد جداول المرتبات، هي قرارات وقوانين من دون أهداف ولا مؤشرات ولا رؤية قابلة للقياس والأداء".

وقال "للأسف يتبنّى كل من الدبيبة والبرلمان سياسات لكسب ولاء الشعب، متناسين بأن الموازنات العامة والإنفاق العام مصدرهما الأساس أموال الشعب ونفطه، الذي يمول 92 في المئة من الموازنة العامة للحكومة. في المقابل، عجزت الحكومات عن توفير الخدمات للشعب نفسه، الذي دفع المال لخدمات لا تتوافر أو رديئة، وهي الأوْلى بالتحسين قبل هذه القرارات العبثية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير