Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سؤال عن الخطوة التالية بشأن جيمس بوند

لا تكفي حوادث تغيير سطحي في العرق أو الجنس لمجرد تسجيل موقف. هل من طريقة أفضل لتحديث بوند من الذي أنجزه كريغ؟

لا يكفي وضع ممثل آخر بديلاً من دانييل كريغ (أسوشيتد برس)

* يتضمن المقال تفاصيل مهمّة تحرق حوادث فيلم "لا وقت للموت"*


لم يكن هوسنا بالسؤال عمن سيؤدي دور جميس بوند في فيلمه المقبل، يتعلّق يوماً بأي ممثل يمكنه أخذ سلسلة الأفلام معه إلى مرحلة تالية. لم يزد الأمر عن مجرّد منافسة للتأكد أيّ الممثلين البريطانيين هو فعلياً بريطاني أكثر من الآخرين. سمعنا جميعاً أسماء المرشّحين المتنافسين التي شملت توم هاردي وإدريس ألبا وجيمس نورتون ولوك إيفانز. أحياناً، يقترح أحدهم اسم امرأة (إميليا كلارك! سوران جونز!) زاعماً أن إسناد دور بوند إلى سيّدة تصرّف نسوي بحقّ. وتنحصر الصفة الوحيدة المطلوبة كي يتأهلن إلى الدور في أن يبدو مظهرهن مقبولاً بعض الشيء في بدلة الـ"توكسيدو" [التي يرتديها بوند تقليدياً]، ويستطعن التمييز بين المارتيني المخفوق أو المحرّك.

وأجد ذلك الأمر مزعجاً. في أغلب الأحيان، تكون تلك كلمات فارغة تركّز على الرهانات والإشاعات في مجال السينما، التي لا تعير اهتماماً للشكل الذي قد تخرج به شخصية بوند فعلياً حينما يؤديها توم هاردي أو إميليا كلارك.
يتمثّل أملي الوحيد في أنه مع إطلاق فيلم "لا وقت للموت"، آخر ظهور لدانييل كريغ، قد تتغير الأمور فعلياً. تلك فرصة لسلسلة أفلام بوند لكي تتوقف قليلاً وتفكّر بما تمثّله في الحقيقة ثم تخطو بثقة إلى المستقبل. لا يكفي وضع أي شخص في مكان كريغ ببساطة والتأمل خيراً. لقد وصلنا إلى منعطف. يجب أن يحدث شيء أساسي. إنه الأمل الذي تقدمه نهاية "لا وقت للموت" المزلزلة التي صوّرت ما كان يبدو مستحيلاً (حتّى الآن)، فقد مات بوند. ولا يمكن للآتي إلا أن يكون على هيئة الولادة مجدداً.
لست متأكدة كيف سيستقبل الجمهور وفاة بوند. لا بد أن البعض سيستخفّ بها، معتبراً أنها مجرد تكتيك صدمة من قبل المنتجين مايكل ج ويلسون وباربرا بروكولي، بمعنى كونها طريقة مضمونة في إشغال الناس ودفعهم إلى الحديث عنه في الوقت الذي بلغت المنافسة أشدّها بين الأفلام التجارية الضخمة. لكنني أعتقد أنّ في الأمر ناحية شعرية بعض الشيء.

لو وضعنا جانباً أفضل وأسوأ مراحل عهد كريغ (أليس من الأفضل أن ننسى ببساطة وجود فيلم "قفزة كمومية في العزاء" Quantum of Solace؟) أنجز الممثل ما لم ينجزه أسلافه ممن جسّدوا ذلك الدور. إذ بثّ روحاً في بوند، بل إنها روح كاملة لا تتحدد بمجرد حسّ الاستخفاف بالأمور والجو القاتم أو الخطر. وفي كل الأحاديث التي تدور حول موقع الشخصية التي ابتكرها الكاتب إيان فليمينغ، باعتبارها النفس الأخير للقوة الذكورية الإمبريالية في عالمنا الحديث، غالباً ما نستخفّ بمدى تصدّي أداء كريغ الشخصي لإرث الشخصية وتحديّه له.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إذ يتمثّل العبء الذي يحمله بوند وفق تجسيد كريغ لتلك الشخصية، بل إنه عبء محفور على جبينه، في إدراكه بأنه لن يقدر أبداً على الهروب من هوية العميل 007 لأنه لا يملك غيرها. إنه رجل تركه العالم وراءه، فصار قديماً بشكل دائم ولم يعد إلا من منطلق كونه سلاحاً حياً، أو "أداةً حادة"، بحسب تعبير "إم"، الشخصية التي تؤدي دورها جودي دنش. ولذا، يكتب الفشل دائماً لكل محاولاته للتقاعد أو رغبته في إيجاد الحب الحقيقي.

هل من طريقة أفضل في تحديث بوند مما أنجزه كريغ؟ لا أظن. إذ إن الاكتفاء بمجرد تغيير عرق تلك الشخصية أو جنسها لا لشيء سوى لتسجيل موقف، لن يضيف شيئاً إلى كل ما قيل عن بوند بالفعل. ويتمثل السبيل الوحيد كي تنأى السلسلة بنفسها تماماً عن ماضيها العنصري والمعادي للمرأة والعنصري في أن تنتهي إلى الأبد. وما زالت قادرة على كسب كثير من المال.
في المقابل، يعتقد جزء مني أن أفضل الطرق كي يتقدم بوند يتأتى من أن يصبح صانعو أفلامه أقل تأملاً وتفكيراً.

من الواضح أنّ ويلسون وبروكولي فكّرا كيف يمكن أن يظل لبوند مكان في عالم تهيمن عليه عوالم الأفلام المتعددة المعقدة المكونة من منتجات كـ"مارفل" و"دي سي" و"ستار وورز". لكن، جاء الحلّ عبر إعادة نسخ المقاربة فحسب بدل محاولة تقديم شيء مختلف للجمهور. بالتالي، تنبع أسوأ المبالغات في أفلام عهد كريغ من الاعتقاد بأنّه يجب التعامل مع كل فيلم باعتباره فصلاً واحداً في رواية أكبر، لمجرد أن يتسنّى لشخصية بلوفيلد التي يجسدها كريستوف والتز أن تدلي بخطاب عن كونها المسؤولة عن كل آلام بوند.
في ذلك الصدد، يتمثّل أكثر ما يقلقني في أن يتوغّل بوند المقبل في مقاربة "العالم السينمائي" لصناعة سلسلات الأفلام، فتكون وفاة بوند مجرّد مدخل إلى قصة قاسية ثانية حول بدايته. ولكن تخيلوا، مجرد تخيّل، لو قُدّم لنا شيء مختلف. ماذا لو صُنِعَ فيلم راقٍ فيه شبه سخرية ذاتية يركّز على حقبة تاريخية معيّنة؟ ماذا لو أبدلنا بوند المعذّب، بالممثل هنري غولدنغ في دور جاسوس جذاب ولكن متردّد، لا يريد سوى الاحتفال؟ إنها السلعة التي حددت وحدها نوعاً كاملاً. لماذا يُفرض على بوند الالتزام بقوانينه؟
يُعرض فيلم "لا وقت للموت" الآن في دور السينما.

© The Independent

المزيد من سينما