Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القنابل اليدوية لغة الانتقام في مشاجرات السوريين

النزاع المسلح خلال عقد من الزمن ترك تأثيره برواج العنف حتى في حل الخلافات الاجتماعية

الضغوط الاجتماعية وتدني مستوى المعيشة جعل مستوى الجريمة يرتفع (اندبندنت عربية)

ضج الشارع السوري في الآونة الأخيرة من حالة فلتان غير مسبوقة باستخدام السلاح والذخائر الحية المنتشرة بين المدنيين، ما أسفر عنها من حوادث أليمة متكررة ومتشابهة في محافظات سورية عدة.

ما حدث في 23 سبتمبر (أيلول) على أسوار المحكمة في مدينة طرطوس في سوريا، كشف عن حالة الانفلات الحاصلة بعدما أقدم أحدهم على فتح قنبلة إثر خلاف عائلي مع أحد المحامين أدت إلى مقتل شخصين وإصابة تسعة أشخاص، وكشف المحامي العام، هيثم حرفوش أن التحقيقات أشارت إلى أن الحادث حصل إثر خلاف عائلي بين محام وصهره، وقد كان صهر المحامي يحمل قنبلة يدوية وبعد أن فتح صمام الأمان توجهت دوريات من عناصر الشرطة لإلقاء القبض عليه ومنعه من التفجير كما تدخل شقيق المحامي للإمساك بصهره ونزع القنبلة من يده إلا أن ذلك أدى إلى الانفجار ووفاة المحامي وشخص آخر وإصابة عدد من عناصر الشرطة

تنذر هذه الحادثة بلا شك بواقع أليم، وصل حدود الاستهتار وتجاوز التشريعات في تحد للقوانين حتى أمام عقر دار العدل، كما وتدق ناقوس خطر يتهدد المجتمع.

ومنذ ذلك الوقت وإلى اليوم تتواتر قصص انفجارات القنابل، وتتراوح شدة خطورتها، وباتت بعض الخلافات العائلية تصل نحو نهاية حاسمة ومآسٍ بلون الدم، فليس على الجاني سوى فتح صمام أداة النار تلك، ليحصد مزيداً من الأرواح.

وفي 29 سبتمبر الماضي استفاق السوريون على جريمة قتل مروعة بعدما قتل رجل زوجته برميه قنبلة أمام منزل عائلتها في ريف العاصمة دمشق، وجاء في بيان لوزارة الداخلية أن السبب يعود إلى خلاف عائلي بين القاتل وزوجته ووالدتها.

"الرمانة" قنبلة المجتمع 

وثمة اتساع في رقعة استخدام القنابل بشكل يومي، وعلى الرغم مما تحمله من أتراح صار الحديث عن "الرمانة" كما يطلق عليها عامة الناس مثاراً للتندر أثناء كل مشاجرة تحدث في الشارع، في تحفيز للمتشاجرين إلى إنهاء الخلاف بين اثنين بحض الأطراف على رمي قنبلة.

 "إننا نعيش حالة رعب مع انتشار السلاح والذخائر الحية بشكل واسع" هكذا يصف أحدهم الأوضاع، وهو مصاب بطلقٍ ناري طائش منذ خمس سنوات، ويضم صوته إلى أصوات تنادي بنزع السلاح من المدنيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتنامى لغة الانتقام في الشارع بعدما شهد أشرس المعارك خلال عقد من الزمن تركت في النتيجة ندبات سلبية حسب المتخصصة الاجتماعية، خلود العلبي في حديثها لـ "اندبندنت عربية" ولم تخفِ أثر النزاع المسلح بانتشار رقعة وحدة استخدام الأسلحة، لكنها تلفت النظر باتجاه تأثير ذلك على جيل الحرب الذي عاش هذه الفترة.

وترى أنه من الضروري إطلاق حملات واسعة للتوعية والإرشاد وتثقيف جيل كامل عاش مع أدوات الحرب وتعلم أنها الطريق الوحيد للفوز أو النصر من دون معرفة أن السلوك الصائب هو اتباع الطرق القانونية والمجتمعية أو الطرق السلوكية المثلى" وتردف، "لهذا فإنه مع أول اصطدام أو موقف يثير غضب هؤلاء يلجأون على الفور إلى هذه الطريقة الخارجة عن القانون وللأسف عبر المتفجرات إن كانت بحوزتهم، التي تخلف عقب تفجيرها أضراراً جسيمة".

التصفيات بالطرود 

اللافت انتشار طريقة الانتقام بأشكال مختلفة تشبه القنابل اليدوية، في النزاعات الاجتماعية، إلى طرق تعيدنا بالذاكرة إلى حروب النصف الثاني من القرن العشرين المنصرم، حيث راجت وقتها تصفيات الشخصيات عبر الطرود المفخخة.

وكشف أخيراً عن الفاعل في جريمة تصفية لطبيب في عيادته أفضت التحقيقات وقتها عن مقتله بطرد انفجر فيه حين فتحه على الفور، بعد متابعات لحيثيات الجريمة تبين أن المجرم أراد التخلص منه لأسباب اجتماعية بحتة تتعلق بأن الطبيب على وشك الزواج من الفتاة التي سعى المجرم للارتباط بها مراراً، وهي طريقة غير متبعة إلا من قبل خبراء بالمتفجرات.

صمام الأمان والضغط على الزناد

ويرى المحامي المتخصص بمحاكم الجنايات، إسماعيل زكريا حول هذه الظاهرة "إن صح وصفها بذلك" قد تفاقمت منذ 2015 وبلغت ذروتها في 2016 في قمة استعار المعارك في المدن السورية، وأضاف، "يحاكم الحائز أسلحة وذخائر من دون ترخيص في المحاكم العسكرية حصراً، وعقوبتها تصل للأشغال الشاقة المؤقتة لمجرد الحيازة، وفي حال استخدامها تصل للإعدام في حال حصول وفاة".

ويؤكد زكريا أنه غير مرخص على الإطلاق حيازة قنابل يدوية وبحسب المرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001 في الفصل الثاني حول حيازة الأسلحة وذخائرها، فقد حظرت المادة 10 من استعمالها (في المناطق السكنية، والتجمعات مثل الحفلات والمخيمات، والمناطق الصناعية والنفطية) ويعتقد أن الأمر يتطلب اليوم تنظيم التنقل وعدم السماح بانتشار السلاح والذخائر خارج نطاق الأمن الداخلي.

وتعتبر العلبي أن الضغوط الاجتماعية وتدني مستوى المعيشة جعل مستوى الجريمة يرتفع بجانب قضايا اجتماعية أخرى كارتفاع معدلات الطلاق والانتحار، وكشف موقع مؤشر الجريمة، نومبيو عن تصدر سوريا المرتبة الأولى عربياً والتاسعة عالمياً، بالتوازي مع ارتفاع في معدلات الفقر لمستوى 90 في المئة بحسب إحصاءات أممية، وكانت الحرب الشرسة منذ عام 2011 سبباً مباشراً في ذلك الانهيار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير