Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

750 من "العصابة" تحاول العودة إلى البرلمان الجزائري

لا يمكن اتهام كثيرين منهم أو إدانتهم بسبب قوانين تكبح محاسبتهم قضائياً

جانب من افتتاح الرئيس الجزائري اللقاء الثالث بين الحكومة والولاة (موقع الإذاعة الجزائرية)

لا تزال "العصابة" (الوصف المحلي لأزلام النظام الجزائري السابق) تسعى إلى استعادة الحكم في الجزائر، إذ أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون محاولة 750 شخصاً من هؤلاء العودة إلى المشهد السياسي خلال الانتخابات البرلمانية الماضية، ما قد يشي بربط المشكلات التي تعيشها البلاد باستمرار نشاط جماعات النظام السابق.

حقيقة العراقيل "المفتعلة"

وجاءت تصريحات تبون خلال افتتاح لقاء "الحكومة – المحافظون" الثالث من نوعه، لتكشف عن حقيقة العراقيل المفتعلة التي طرحت تساؤلات عدة حول أسباب ظهورها المفاجئ، بشكل منع تحقيق نقلة نوعية في مختلف المجالات والقطاعات، وتحسين أوضاع المواطنين، إلى درجة أن الشارع أصبح يغلي على صفيح ساخن، بعد أن كشف الرئيس عن سعي بقايا العصابة إلى العودة لدواليب السلطة.
وأمر تبون المحافظين بمواصلة محاربة الفساد وجماعة المال الفاسد والتحلي باليقظة والحذر، وقال إن "750 شخصاً من بقايا العصابة حاولوا العودة خلال التشريعيات الماضية إلا أن أمرهم كُشف"، وأعلن خطة عميقة لدحض الفساد خلال المرحلة المقبلة عبر تعزيز الترسانة القانونية مع حماية الإطارات النظيفة.

تحرك وقلق سياسي

ولا يبدو أن محاربة الفساد تقلق السلطات والشارع بقدر ما يشغلهما استمرار تحرك بقايا العصابة، وهو ما كشف عنه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، حين أفاد بأن مقر الحزب تعرض لمحاولة اقتحام على يد بعض بقايا النظام السابق، "ومنهم من تلقى أموالاً مقابل ذلك ومنهم من يسعى إلى العودة للمشهد بعدما ضيع مزايا عدة بعد رحيل العصابة". وأضاف أن هؤلاء "حاولوا التأثير في الحزب بعدما فشلوا في جمع الأموال وترشيح أصدقائهم وأقاربهم، وهم يظنون بأن هذه الأساليب ما زالت تستعمل لأنهم بقايا العصابة الذين كانوا يتعاملون بالفساد ويتقاضون الأموال خلال المناسبات الانتخابية"، مشدداً على أن "دعاوى قضائية رفعت بحق المتورطين".
من جهته، تخوف رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري من تأثيرات موظفين أو مجموعات محسوبة على النظام السابق يوصفون بأنهم بقايا العصابة، والذين "قد يتلاعبون بنتائج الانتخابات بهدف تعطيل مسار الإصلاح السياسي في البلاد والعودة لمرحلة سابقة"، مضيفاً أن "العصابة ما زالت موجودة ويجب تكاتف الجهود للقضاء عليها".

إطالة عمر النظام السابق

وتعليقاً على محاولة بقايا العصابة التسلل إلى البرلمان، قال أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بريك الله حبيب، إن "هدف هذه الشخصيات من الترشح خلال الانتخابات البرلمانية هو إطالة عمر النظام السابق، واستغلال النفوذ من خلال المناصب العليا والسيادية في الدولة من أجل فرض منطق الغوغائية في التسيير والابقاء على سياسة تعطيل مصالح الشعب والصالح العام"، مشيراً إلى أن "التحقيقات والتحريات التي باشرتها مصالح الأمن قبيل الانتخابات البرلمانية كإجراء أولي نحو تصفية القوائم من الأسماء المشبوهة والمحسوبة على النظام الفاسد، أسفر عن عدد كبير فاق الـ 700 شخص تم رفض ملفاتهم لضلوعهم في أعمال منافية لقوانين الجمهورية الجزائرية"، وأضاف أن "هذه الشخصيات كانت تستهدف الوصول إلى قبة البرلمان لتمرير مخططاتها الفاسدة ومواصلة تنفيذ أجندات العصابة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إنقاذ مجالس التسيير المنتخبة

من جانب آخر، رأى الحقوقي حسان براهمي أن "اعتماد آلية إقصاء من لهم صلة بأوساط المال الفاسد من الترشح للانتخابات أسهم في إنقاذ مجالس التسيير المنتخبة من إمكان تكرار تلوثها بوباء العشريتين الماضيتين، حين كان المسير المنتخب يخضع في اتخاذ القرار لخدمة مصالح أصحاب رؤوس الأموال وليس لخدمة مصالح الذين انتخبوه، مما أدى إلى غياب التنمية الحقيقية وحلت محلها المشاريع الوهمية التي حولت مليارات الدولارات إلى جيوب الأولغارشيا المالية، وعليه فمن الطبيعي بعد القضاء على رؤوس هذه المافيا المالية السياسية المعروفة محلياً بالعصابة، أن يسعى ما تبقى منها إلى العودة لمراكزهم"، مشيراً إلى "احتمال نجاح عدد منهم في الوصول إلى البرلمان، وربما لا زال آخرون يمارسون مهماتهم، وهذا ما يفسر إصرار الرئيس تبون على استكمال مسار إعادة بناء كل مؤسسات الجمهورية".

ولفت براهمي إلى أن "يد القضاء لا يمكنها تطهير مؤسسات الدولة لوحدها، إذ إن كثيرين من بقايا العصابة لا يمكن اتهامهم أو إدانتهم بسبب قوانين تكبح محاسبتهم قضائياً، على اعتبار أن كل الترسانة التشريعية لمكافحة جرائم الفساد تم سنها في وقت العصابة بين عامي 2006 و2016". وأضاف، "لهذا أتوقع أن تستمر بقايا العصابة في محاولة استرجاع مراكزها المفقودة، وأن تستمر الدولة كذلك في منعهم من تحقيق هدفهم"، وختم بأن "معركة تطهير فساد 20 سنة لا يمكن أن تنتهي في سنتين".

محاربة الفساد مستمرة

وعلى الرغم من أن بقايا العصابة تثير قلق السلطة، إلا أن محاربة الفساد لا تزال مستمرة من دون هوادة وبصرامة وعزيمة كبيرتين، من أجل منع تكرار سيناريو النظام السابق، وهذا ما أكد عليه الرئيس الجزائري خلال لقاء "الحكومة – الولاة"، بقوله إن "سعينا الدؤوب لتعزيز الترسانة القانونية الخاصة بمحاربة الفساد وضمان الشفافية ونشر ثقافة التقويم والمساءلة مقترن بالحرص على الالتزام بحماية المسؤولين النزيهين". ودعا إلى توخي النجاعة والنتائج الميدانية كمؤشر ومعيار لتحقيق الأهداف المسطرة، مشيراً إلى المنشور الرئاسي الذي تم إبلاغه لكل من يهمهم الأمر، والذي مفاده أن الرسائل المجهولة لا تكون أساساً لبداية أي تحقيق، مضيفاً أن "من يريد التبليغ عن الفساد عليه التوجه إلى وسائل الإعلام، أما الرسائل المجهولة فهي سلاح ذو حدين وممنوع أن تؤخذ بعين الاعتبار".
وشدد تبون على أنه أعطى أوامر بأن "تكون التحريات مركزية ولا تقوم بها مصالح الأمن المحلية، كما ينبغي أن تتم بترخيص من سلطة الوصاية وتتم على أساس خروقات واضحة"، مبرزاً أن "الثقة موجودة في المسؤولين الحاليين، على اعتبار أن تعيينهم تم بعد تحريات أكدت أن سلك الولاة نظيف ولا مبرر للتخوف من المبادرة"، داعياً المسؤولين إلى "اليقظة للتصدي لترشح أصحاب المال الفاسد".

محاكمة محتملة للبعض

من جهة أخرى، رأى الاعلامي المهتم بالشأن السياسي ياسين محمدي أن "إقصاء 750 مرشحاً محسوباً على العصابة من الترشح للتشريعيات هو عدد معتبر يعكس سعي هؤلاء ومن يحركهم إلى العودة للواجهة عبر التسلل إلى البرلمان الذي يتيح امتيازات وحصانة تمنع ملاحقتهم قضائياً، بخاصة وأن إسقاط الحصانة يتطلب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان"، مضيفاً أنه "على الرغم من شكاوى السياسيين من التحقيقات الأولية حول المرشحين، إلا أن المعلومات الأخيرة أظهرت جدواها في التصدي للمخططات التي تطلقها العصابة السابقة التي يبدو أنها لن تستلم بسهولة".

وتابع محمدي أن "مصير هؤلاء بيد السلطات الأمنية والقضائية، فقد يتم محاكمة بعضهم بحال وجود إثباتات على صلتهم بالفاسدين الموجودين في السجون أو أنهم محركون بأموالهم، و في ما عدا ذلك سيقتصر الأمر على منعهم من الترشح لعلاقتهم بأوساط المال الفاسد وتأثيرهم سلباً في مجريات العمليات الانتخابية"، مبرزاً أنه "يستحيل على السلطة الحالية أن تصحح الخلل الذي حصل في الجزائر على مدى 20 سنة كاملة أو يزيد، لكن يجب أن تفعّل القانون وتحرك الركود الحاصل على كل المستويات حتى تحظى بثقة المواطن".

المزيد من العالم العربي