Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استغلال "النشاط التطوعي" للعمل من دون مقابل في السعودية

أسهم اختلاط المفاهيم في انخراط الشباب بأعمال لصالح شركات وأنشطة ربحية تحت مسمى الخدمة الاجتماعية

على الرغم من أن الأعمال التطوعية تعتبر من السمات الإيجابية للمجتمعات، فهي تسهم في خلق روح تعاونية بين أفراد المجتمع الواحد، فإنها تتطلب في الوقت ذاته من ممارسيها ثقافة ووعياً حول مفاهيمها، لحماية حقوقهم من الاستغلال.

إذ تستغل بعض الجهات الربحية مفهوم النشاط التطوعي، لاستقطاب موظفين دون مقابل تحت مسمى العمل التطوعي غير الربحي، والتي يرى فيها البعض استغلالاً لطاقات الشباب المتلهف للعمل الخيري. مما فتح باب الجدل بين معارض وآخر مؤيد، في حين أشار ناشطون في العمل التطوعي بالسعودية في حديثهم لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن غياب ثقافة التطوع هو من فتح باب استقبال الراغبين في تقديم أعمال خيرية للقيام بأعمال لا تندرج تحت مظلة هذا المفهوم.

ولفتوا إلى أهمية نشر الوعي بالعمل التطوعي منذ الصغر من خلال المؤسسات التعليمية والجمعيات والفرق التطوعية التي تعمل في هذا المجال. خصوصاً وأن كثيراً منهم ينجرف إلى هذه الأعمال رغبة في تطوير ذاته والحصول على خبرات يمكن أن تساعده في الحصول على وظيفة.

ثقافة التطوع

وحذر عضو جمعية سفراء التطوع خليل أبوتين من انجراف الشباب الملتحقين حديثاً بالعمل التطوعي إلى الانخراط في أعمال غير تطوعية دون عائد مادي، وقال "إن ثقافة العمل التطوعي في السعودية تشوبها مشاكل كثيرة، ولعل من أبرزها عدم الفهم الصحيح للتطوع الحقيقي، وهذه الإشكالية أسهمت في استغلال بعض الجهات الربحية لطاقات الشباب والتي تستعين بهم في عمليات تنظيم فعاليات غير تطوعية".

وأكد أن الأعمال التطوعية لا بد من أن تدرج تحت مظلة فريق أو جمعية رسمية تعمل مع الجهات الحكومية بهدف الخدمة المجتمعية.

 

واستدرك بالقول "إن ضعف الموارد المالية لكثير من الجمعيات والفرق التطوعية يسهم في تقليص أعمالها التطوعية، مما دفع بعض الشركات إلى استغلال هذه النقطة في استقطاب المتطوعين للعمل من دون أجر"، لافتاً إلى أنها لا تزال نقطة خلاف بين القائمين على الأعمال التطوعية ومسؤولي بعض الشركات الربحية.

وتتفق معه رنيم الحازمي، رئيسة فريق الطفولة التطوعي، بقولها "هناك من يستغل شغف وحب هذه الأعمال لجذب الراغبين في ممارسة العمل التطوعي للعمل في مجالات لا تندرج تحت هذا المسمى".

قلة الموارد المالية

وترى الحازمي أن قلة الموارد المالية لدى فرق التطوع، والرغبة في تقديم الخدمة المجتمعية، تجعل البعض يتوقف عن العمل. وهذا ما أشارت إليه عضو فريق تطوعي آخر، نجلاء حجازي بالقول "إن الفريق التطوعي الذي كنت أعمل فيه لا يندرج تحت مظلة رسمية، وأسهمت قلة الموارد المالية لفريقنا في تقلص مشاركتنا في الأعمال التطوعية بشكل كبير".

شهادة التطوعي

وفي الوقت الذي يقبل فيه الكثير على العمل في الخدمة المجتمعية التطوعية، بهدف مساعدة الآخر، يسعى آخرون للدخول في المجال للحصول على شهادة التطوع بهدف زيادة خبرته العملية، وهو الأمر الذي دفع عصام عبد الرحمن للعمل كمتطوع أثناء دراسته الجامعية، وقال "بدأت فكرة الدخول لمجال التطوعي لاستغلال وقت الفراغ في إجازة الصيف، والحصول على خبرات عملية في مجال تنظيم الفعاليات"، على الرغم من أنه نشاط يندرج تحت العمل الربحي لا التطوعي.

 

ورغبة عصام في إضافة خبرات تطوعية تضاف لسيرته الذاتية اصطدم بالواقع الوظيفي الذي لا يولي اهتماماً لتلك الخبرات لتعيين الشخص على شاغر وظيفي، وهذا ما دفع صالح السيف إلى إزالتها من سيرته عند تقديمه لإحدى الوظائف، وقال "بعد أن خضت مقابلات مع مسؤولي الموارد البشرية في عدد من الشركات لم يتطرق أحدهم إلى خبراتي في المجال التطوعي، الأمر الذي دفعني إلى إزالتها من سيرتي الذاتي والاكتفاء بالخبرات العملية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبه أكد حسين القطان، شريك أعمال الموارد البشرية في إحدى شركات مجموعة "الفطيم"، أن خبرات العمل التطوعي لا ينظر إليها في الغالب، خصوصاً إن كانت في مجال لا يتلاءم مع الوظيفة المتقدم عليها.

واستدرك بالقول "يتم احتساب خبرات العمل التطوعي في حالة واحدة، عندما تكون في ذات المجال الوظيفي الشاغر، إذ يتم احتسابها كخبرات عمل".

تاريخ العمل التطوعي

والعمل التطوعي معروف منذ الأزل، ولكن ظهر بشكله المؤسساتي في أميركا بعد تأسيس جمعية الصليب الأحمر التي كانت معنية بمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية، واليوم انتشر مفهوم العمل التطوعي في أرجاء العالم وتم إنشاء جمعيات دولية معنية به وأخرى على مستوى الدول يجمعها هدف واحد وهو تقديم المساعدة للآخر دون أجر.

وفي السعودية يعد التطوع المجتمعي سابقاً للتنظيم الحكومي، الذي بدأ بتأسيس وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية حالياً) في عام 1960ـ وقيامها بتنظيم صناديق البر الخيرية التي كانت موجودة قبل ذلك.

 

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة المتطوعين السعوديين (الذكور والإناث) للسكان السعوديين لمن أعمارهم 15 سنة فأكثر قد بلغت 16.8 في المئة، كما بلغ عدد المتطوعين في البلاد من الفئة العمرية أقل من 18 سنة 65 في المئة من إجمالي المتطوعين، و35 في المئة أكثر من 18 سنة، ومثلت النساء نحو 69 في المئة من المتطوعات، والرجال 31 في المئة، وتهدف رؤية السعودية 2030 للوصول إلى مليون متطوع في القطاع غير الربحي سنوياً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير