في المملكة المتحدة، يبدو أن المخاوف من فيروس كوفيد- 19 والأحوال المناخية تقود إلى طفرة كبيرة في عدد السكان الذين يستبدلون الفنادق بالقوارب لتمضية إجازاتهم.
خلال الصيف الماضي، وفيما تحظر جائحة كورونا الرحلات الجوية الدولية، اختارت عائلات بريطانية كثيرة المملكة المتحدة نفسها وجهة لها للاستمتاع بإجازاتها، بينما دخل البعض للمرة الأولى في حياتهم عالم الإبحار في رحلات استجمام على متن القوارب.
وفق ليزلي روبنسون، الرئيسة التنفيذية لمنطمة "بريتيش مارين" British Marine، التي تستضيف سنوياً "معرض ساوثهامبتون الدولي للقوارب"Southampton International Boat Show، تدرج المرافئ السياحية ومرافئ القوارب الصغيرة أشخاصاً على لوائح الانتظار للمرة الأولى منذ خمس سنوات، ويبدو الطلب على القوارب، الجديدة منها والمستعملة، "قوياً فعلياً وبالغ الارتفاع"، في الوقت الحاضر.
الحال أن كوفيد- 19 ترك أضراراً كبيرة على الصناعة البحرية الترفيهية، على غرار غالبية القطاعات، لكن الطفرة التي شهدها الاهتمام بالقوارب، أخيراً، و"التأثير (الإيجابي) للعطلات المحلية لسكان المملكة المتحدة" وفق تعبير روبنسون، يسهمان في تعافي هذا القطاع من الجائحة.
وفي تصريح أدلت به إلى "اندبندنت"، قالت روبنسون إن قطاع الترفيه البحري "كما أي قطاع آخر، تضررت عندما دخلنا جميعاً في الإغلاق (الحجر) في مارس (آذار) من عام 2020".
"جلي أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) ترك وقعه السلبي على صناعة الترفيه البحري، كما حدث بالنسبة إلى الصناعات الأخرى- مثلاً، يشتمل بعض المستندات الجديدة التي يتوجب ملؤها، في حال كنت ترغب في شراء قارب جديد في أوروبا حالياً، على إعفاء من الاضطرار إلى أن تتكبد دفعة ثانية من الضريبة على القيمة المضافة، ولكن هذا الوضع لن يدوم وقد يخلف ذلك آثار محتملة [على القطاع]، أضافت ليزلي روبنسون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"لكن في الواقع، أعتقد أن التأثير الأكبر في الوقت الحاضر يكمن في العواقب الناجمة عن كوفيد عموماً؛ التأثيرات التي نشهدها جميعاً في سلسلة الإمداد، واليد العاملة، والنقص في أعداد سائقي الشاحنات، ما يعني أنه من الصعب الحصول على مكونات سلسلة الإمداد فيما ينتشر كوفيد في البلاد الأخرى التي نستورد منها إمداداتنا"، وفق روبنسون.
"لذا فقد لحقت بنا خسائر بالغة"، تقول روبنسون، "ولكننا خلال صيف العام الماضي وصيف العام الحالي شهدنا طلباً من جانب الزبائن" على القوارب.
"في أواخر العام الماضي شكل وسيلة للخروج الآمن [من دون خطر الإصابة] ومرة أخرى العام الحالي وفي ظل التأثير الإيجابي لرحلات الاستجمام المحلي لسكان المملكة المتحدة، ساعد ذلك هذا القطاع على التعافي إلى حد ما فعلاً"، على ما جاء في كلمات الرئيسة التنفيذية لمنطمة "بريتيش مارين".
ليزلي روبنسون، التي حازت في الاحتفال بعيد ميلاد ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية "وسام الإمبراطورية البريطانية" برتبة ضابط عن خدماتها في قطاع الترفيه البحري، أضافت أن شركات تأجير قوارب العطلات شهدت زيادة كبيرة ومفاجئة في عمليات الحجز، ليس هذا الصيف فقط إنما صيف العام المقبل أيضاً.
وتضرب روبنسون مثلاً قائلة إن "واحدة من الشركات الأعضاء في المنظمة تعمل في تشغيل القوارب في قناة في ميدلاندز، وقد تبين أن 15 مرسى وأسطولاً كبيراً من القوارب المتوفرة للإيجار، على شاكلة كثير غيرها، محجوزة كلها حالياً في تلك القناة إلى ما يتجاوز عطلة نصف العام الدراسي ولتاريخ أبعد جداً في الموسم عن المعتاد".
"أجريت للتو حديثاً سريعاً (مع الشركة)، وسألت عن الحال بالنسبة إلى العام المقبل، ومقارنة مع الوضع المعتاد في فترة ما قبل الجائحة، تعتبر حجوزات القوارب لعام 2022 أكبر بثلاث مرات، علماً أنها ليست عبارة عن تأجيلات من العام الحالي، بل حجوزات جديدة فعلية"، وفق ما أوضحت روبنسون.
في سياق متصل، ذكرت "المجموعة الترفيهية أي بي سي" ABC Leisure Group، التي توفر قوارب ضيقة للإيجار في 15 مرسى داخلياً عبر إنجلترا واسكتلندا وويلز، إن إيراداتها ارتفعت بنسبة 26 في المئة مقارنة مع عام 2019.
وكشفت المؤسسة الخيرية "كانال ريفر ترست"Canal River Trust بدورها أن أرقامها لشهر أغسطس (آب) الماضي أظهرت أن استخدام الأهوسة ارتفع بنسبة 10 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وتجاوز أيضاً السنتين السابقتين لما قبل الجائحة، مع استخدام ما يصل إلى ثلث الأهوسة [الملاحية] تقريباً في عام 2018.
في جانب متصل، ذكرت "دريفترز ووترواي هوليدايز"Drifters Waterway Holidays، التي تضم تسع شركات لتأجير القوارب، من بينها "أي بي سي" و"بلاك برنس" Black Prince، إن تلك الشركات كافة قد شهدت عاماً قياسياً على الرغم من مرور الأسابيع الستة الأولى من الموسم من دون الاستفادة منها، بما في ذلك عيد الفصح.
وقالت المؤسسة، إن الغالبية العظمى من قوارب الشركات (التسع)، والتي تمثل النصف وأكثر قليلاً من سوق تأجير قوارب القناة، قد حجزت بالكامل طوال الصيف، ويبدو أن سبتمبر (أيلول) الحالي والعام المقبل 2022 مزدحمان [الحجوزات كبيرة] أيضاً.
تعتقد روبنسون أن هذا الاتجاه يمكن أن يستمر، إذ يكتشف مزيد من الناس الفوائد التي تجنيها الصحة العقلية والنفسية من الإبحار في مراكب على سطح الماء، من بينها الحد من القلق، فضلاً عن أنه خيار "صديق للبيئة عموماً".
وقالت في الصدد: "يخفف الناس سرعة قواربهم"، ويستكشفون السواحل "الرائعة" التي تتحلى بها المملكة المتحدة.
صحيح أن ركوب القوارب طالما كان هواية شعبية في بريطانيا، ولكن تقول رئيسة "بريتش مارين" إن أجيالاً أصغر سناً نسبياً وعدداً أكبر من العائلات يخوضون الآن هذا المجال.
كذلك تأمل في أن تكون نموذجاً يحتذى به وتشجع المزيد من النساء على المشاركة في هذا المجال للمساعدة في تحقيق توازن بين الجنسين، الذي كما تقول "يتغير تدريجياً، ولكنه لم يبلغ المستوى المطلوب".
وتستضيف "بريتش مارين"، الرابطة التجارية لقطاع الترفيه واليخوت الفاخرة والصناعات البحرية التجارية الصغيرة في المملكة المتحدة، "معرض ساوثهامبتون الدولي للقوارب" الذي يقام سنوياً ويرمي إلى جعل الإبحار وتمضية الوقت فوق الماء [الإبحار] في متناول الجميع، سواء على متن اليخوت أو قوارب الكاياك الأحادية الراكب أو ألواح التجديف.
هذا المعرض المائي، الذي ألغي العام الماضي بسبب جائحة "كورونا"، يتيح للزوار فرصة تجريب أشكال كثيرة متنوعة من القوارب والرياضات المائية.
واللافت أن المنظمين حالياً يخوضون السنة الثالثة من خطة مدتها خمس سنوات تستهدف جعل المعرض أكثر استدامة، وتشمل تخلي المشاركين في المعرض عن كافة القوارير البلاستيكية الأحادية الاستخدام، والاكتفاء باستعمال الأكواب والأطباق القابلة للتسميد، بينما وضعت نقاط للتزود بالماء حول الموقع لمن يرغبون في إعادة ملء قواريرهم القابلة لإعادة الاستخدام.
وفي عام 2019، أدى الحدث إلى تحويل وجهة 7.5 طن من القمامة بعيداً عن مكب النفايات بسبب الإجراءات المذكورة سابقاً، وهو هدف تأمل "بريتش مارين" في التغلب عليه هذا العام.
لمزيد من المعلومات وحجز التذاكر، زوروا الموقع الإلكتروني التالي: www.southamptonboatshow.com.
© The Independent