التقت مبعوثة للأمم المتحدة مع وزير الداخلية الأفغاني الجديد المدرج منذ سنوات على قائمة الولايات المتحدة لأبرز المتشددين الإسلاميين المطلوبين في العالم، وانضم حالياً إلى حكومة تسعى للتصدي لأزمة إنسانية.
وقال سهيل شاهين المتحدث باسم حركة "طالبان" في بيان على تويتر اليوم الخميس، إن الاجتماع بين ديبورا ليونز رئيسة بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، وسراج الدين حقاني ركز على المساعدات الإنسانية.
وأضاف أن حقاني "شدد على أن بوسع الأفراد التابعين للأمم المتحدة ممارسة عملهم من دون أي معوقات، وتقديم المساعدات الحيوية للشعب الأفغاني".
وكانت أفغانستان تواجه بالفعل الجفاف والفقر، غير أن الوضع تدهور منذ سيطرة "طالبان" على السلطة الشهر الماضي، مع تعطل المساعدات ورحيل عشرات الآلاف، ومن بينهم موظفون حكوميون وموظفو إغاثة، وانهيار أغلب النشاط الاقتصادي.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في مؤتمر دولي لمساعدة أفغانستان هذا الأسبوع من أن الأفغان "ربما يواجهون أكثر أوقاتهم خطورة".
وحقاني أحد أبرز المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) الأميركي، الذي يعرض مكافأة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
أوروبا: ليس أمامنا من خيار إلا التحاور
أوروبياً، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل، الثلاثاء، إن التكتل ليس أمامه خيار سوى التحاور مع حكام أفغانستان الجدد من حركة "طالبان" وإن بروكسل ستحاول التنسيق مع حكومات الدول الأعضاء لتنظيم وجود دبلوماسي في كابول.
وقل بوريل للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ "الأزمة الأفغانية لم تنته بعد... ولكي تكون لدينا أي فرصة للتأثير في الأحداث، فلا خيار أمامنا سوى التحاور مع طالبان".
وحدد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي شروطاً لمعاودة المساعدات الإنسانية والعلاقات الدبلوماسية مع "طالبان"، التي سيطرت على أفغانستان يوم 15 أغسطس (آب)، منها احترام حقوق الإنسان ولا سيما حقوق المرأة.
وقال بوريل "ربما يكون من المفارقة الحديث عن حقوق الإنسان لكن هذا ما يجب أن نطلبه منهم".
وأبلغ مشرعي الاتحاد الأوروبي بأن التكتل يجب أن يكون مستعداً لاحتمال محاولة الأفغان الوصول إلى أوروبا إذا سمحت "طالبان" للناس بالمغادرة، على رغم أنه قال إنه لا يتوقع أن تكون موجات الهجرة كبيرة مثلما كانت في 2015 بسبب الحرب الأهلية في سوريا.
وتخطط المفوضية الأوروبية للحصول على تمويل من حكومات الاتحاد الأوروبي والميزانية المشتركة التي تبلغ 300 مليون يورو (355 مليون دولار) هذا العام والعام المقبل لتمهيد الطريق لمعاودة توطين نحو 30 ألف أفغاني.
واشنطن أجلت 500 أفغاني من أوزبكستان
في المقابل، أعلنت الولايات المتّحدة أنّها أجلت حوالى 500 "عسكري ومدني" أفغاني من أوزبكستان، البلد المجاور لأفغانستان والذي قالت حكومته إنّه أصبح خالياً من اللاجئين الأفغان الذين فرّوا من حركة "طالبان".
وقال متحدّث باسم السفارة الأميركية في طشقند لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ الولايات المتّحدة أجلت من مطار ترميز (جنوب) بمساعدة الحكومة الأوزبكية 494 أفغانياً من "عسكريين ومدنيين".
وأضاف في اتصال هاتفي أن "عملية الإجلاء أُنجزت يومي 12 و13 سبتمبر (أيلول)".
من جهته قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأوزبكية يوسف كابوليانوف لشبكة "كون.أوز" الخاصة إنّ "جميع اللاجئين الأفغان غادروا أراضي أوزبكستان"، لكن من دون أن يحدّد عددهم. وكان مسؤول في السفارة الأميركية قال للوكالة في أغسطس (آب) الماضي إن حوالى 1500 أفغاني عبروا بشكل غير قانوني الحدود بين البلدين بعدما استولت حركة طالبان منتصف الشهر نفسه على مدينة مزار الشريف وبدأت زحفها نحو العاصمة كابول.
"طالبان" تحقق في مكاسب غير مشروعة
من جهة ثانية، تحقق "طالبان" في حسابات مسؤولين كبار في الحكومة الأفغانية السابقة بحثاً عن احتمال وجود مكاسب غير مشروعة، وفق ما ذكر مديرا مصرف الثلاثاء.
وقال مسؤول في "مصرف دا أفغانستان" المركزي الأفغاني فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن التحقيق قد يفضي إلى تجميد أصول وحسابات مسؤولين سابقين ووزراء ونواب.
وأكد مسؤول في مصرف خاص أن فريق "تدقيق" تابع لـ"طالبان" زار المكان للتحقق من حسابات بعض المسؤولين في الحكومة السابقة في 15 أغسطس بعد سيطرة "طالبان" على كابول.
وكان الفساد متفشياً في ظل حكومة الرئيس السابق أشرف غني، بالتالي، كان من الممكن تحويل عشرات الملايين من الدولارات من المساعدات من الخزانة العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واُتهم رئيس الدولة السابق بأخذ ملايين الدولارات معه عندما فر إلى أبو ظبي، وهو ما نفاه مراراً. ويأتي تحقيق النظام الجديد في المكاسب غير المشروعة المحتملة فيما تعاني البلاد من نقص في السيولة النقدية.
ولتجنب انهيار النظام المصرفي، يُسمح للأفغان بسحب ما يعادل 200 دولار فقط في الأسبوع للشخص الواحد.
وغالبية احتياطات البلاد موجودة في الولايات المتحدة التي تحجبها عن "طالبان"، في حين جمّد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي برامج إقراض البلاد.
وقال الحاكم السابق للمصرف المركزي الأفغاني أجمل أحمدي في تغريدة الأسبوع الماضي، إن الاحتياطات المجمدة تبلغ تسعة مليارات دولار.
بوش وكلينتون وأوباما يتحدون في مساعدة لاجئي أفغانستان
اتحد رؤساء الولايات المتحدة السابقون الجمهوري جورج دبليو بوش والديمقراطيان بيل كلينتون وباراك أوباما خلف جماعة جديدة تهدف لدعم لاجئي أفغانستان الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة بعد الانسحاب الأميركي من بلادهم.
وسيكون الزعماء السابقون وزوجاتهم جزءاً من ائتلاف (ويلكام يو أس)، وهو ائتلاف يضم جماعات تأييد ورجال أعمال أميركيين وقيادات أخرى.
وفي فعالية إعلامية، قال جون بريدغلاند المسؤول في إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش والذي يشارك في رئاسة هذا الجهد، إنه تم تدشين الجماعة يوم الثلاثاء بموقع إلكتروني يسهَل على الأميركيين التبرع أو استضافة أسرة لاجئين من خلال تطبيق (إير بي أن بي) لإيجار المنازل أو عبر أي سبيل مساعدة آخر.
وصل عشرات الآلاف من الأفغان للولايات المتحدة في إطار عملية إجلاء أميركية. وكان كثيرون منهم عرضة للخطر إن هم بقوا في أفغانستان بعد سيطرة حركة "طالبان" على مقاليد الأمور، وذلك بسبب عملهم مع القوات الأميركية والقوات المتحالفة معها أو مع وكالات أميركية أو دولية.
وقال بوش وزوجته لورا في بيان "وقف آلاف الأفغان معنا على الجبهة للدفع صوب عالم أكثر أماناً، وهم الآن يحتاجون مساعدتنا".
وتعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على تسكين ما يصل إلى 50 ألف لاجئ في قواعد عسكرية بالولايات المتحدة. ولا يزال آخرون في مراكز قائمة قرب مطارات أميركية هبطوا بها، كما أن هناك مزيداً من اللاجئين في منشآت بالولايات المتحدة أو عالقون في دول ثالثة.
برادر ينفي إصابته في اشتباك
وفي سياق متصل، ظهر نائب رئيس الوزراء الأفغاني عبد الغني برادر في مقابلة عبر الفيديو نشرت الأربعاء لينفي تقارير عن إصابته في اشتباك مع فصيل منافس لحركة "طالبان".
وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي ونشرها المكتب السياسي التابع للحركة في الدوحة على "تويتر"، "لا. هذا ليس صحيحاً. أنا بخير وبصحة جيدة... وسائل الإعلام تقول إن هناك خلافات داخلية. ليس هناك شيء بيننا هذا غير صحيح".
وظهر في الفيديو القصير جالساً على أريكة بجوار صحافي من محطة "آر تي إي" التلفزيونية الرسمية على ما يبدو.
وقال "ليس هناك ما يدعو للقلق".
وأصدر مسؤولون من "طالبان" تصريحات متكررة في الأيام الماضية تنفي إصابة برادر.
وجاء ذلك بعد تردد إشاعات لأيام عن أن أنصار لبرادر اشتبكوا مع أعضاء في "شبكة حقاني"، وهي مجموعة مرتبطة بـ"طالبان" وتتمركز قرب الحدود مع باكستان وألقيت عليها مسؤولية بعض أسوأ الهجمات الانتحارية خلال الحرب.
وبرادر من مؤسسي "طالبان"، وكان يعتبر خياراً مرجحاً ليرأس حكومة "طالبان"، ووقت تردد الإشاعات لم يكن قد شوهد علناً لبعض الوقت ولم يشارك في الوفد الوزاري الذي التقى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في كابول يوم الأحد.
وقال في المقابلة إنه كان في زيارة وقت وجود وزير الخارجية القطري ولم يتمكن من العودة منها في الوقت المناسب.
وأصدر أنس حقاني الشقيق الأصغر للقائم بأعمال وزير الداخلية سراج الدين حقاني، الأربعاء، بياناً على "تويتر" ينفي تقارير عن شقاق داخلي في الحركة.