Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفض الحكومة تعريفنا الاسلاموفوبيا هو لحظة مفصلية لحزب المحافظين

ثمة حاجة ملحة للتحرك لوقف سمّ يتسرب إلى جميع أرجاء بلدنا. ويمكننا أن نبدأ بقبول التعريف الذي يسمح لنا فهمه

يقدم ساسة غربيون صوراً عملية عن التصدي لظاهرة الإسلاموفوبيا، فيما يغرق آخرون في تشابكاتها (أ.ف.ب.)

تعد الإسلاموفوبيا مشكلة حقيقية ومتعاظمة في بريطانيا. وفي أسوأ حالاتها، تؤدي إلى الموت. وقد قتل محمد سليم في برمنغهام ومحسن أحمد من "روثرهام" في هجمات إرهابية كان دافعها هو الإسلاموفوبيا. وخلال شهر رمضان 2017، اندفع دارين أوسبورن، وهو شخص متطرف بسبب تشبعه أفكار أقصى اليمين، بشاحنته وسط مجموعة من المصلين المسلمين الذين خرجوا لتوّهم من المسجد في شمال لندن، ما أدّى إلى مقتل الرجل المسن مكرم علي.

على الطرف الآخر من المقياس نفسه، تعتبر الاعتداءات اليومية والشتائم أموراً اعتياديّة بالنسبة لعديد من أفراد الجالية المسلمة البريطانية التي يناهز عددها 3 ملايين مسلم. وثمة حاجة ملحة للتحرك لوقف سُمِّ الإسلاموفوبيا الذي يكتسح جميع أرجاء البلاد. ويمكننا بدء العمل بقبول التعريف الذي يسمح لنا فهمها.

اقترحت "المجموعة البرلمانية المشتركة بين جميع الأحزاب" المعنية بالمسلمين البريطانيين، التي أتولى رئاستها مع العضو البرلماني العمالي ويس ستيرينغ، التعريف التالي، "الإسلاموفوبيا متجذرة في العنصرية، وهي شكل من أشكال العنصرية بستهدف كل ما يعبّر عن الانتماء للإسلام أو ما يُتصور أنه يعبر عن الانتماء للإسلام." وقد تبنّت جميع الأحزاب السياسية (بما فيها حزب المحافظين الأسكتلندي) هذا التعريف، باستثناء الحزبين "الديموقراطي الوحدوي" و"القومي المحافظ".

وتبعاً لذلك، رفضت الحكومة تعريفنا للإسلاموفوبيا. ولئن كان ذلك أمراً جيداً لروث دافيدسون، فإنه ليس كذلك لتريزا ماي.

حصل التعريف على تأييد 750 منظمة ومؤسّسة إسلامية ودعم ما يزيد عن 80 شخصية أكاديمية.  لذلك ليس من المفاجئ أن يعتبر رفض "الحزب القومي المحافظ" التوقيع عليه، دليلاً إضافياً على أن الحزب له "مشكلة" مع المسلمين.

وعلى مدى ستة أشهر، وكجزء من المشاورات الموسّعة حول الموضوع، استمعت "المجموعة البرلمانية المشتركة بين جميع الأحزاب" إلى أكاديميين وبرلمانيين ومحامين وفئات مجتمعية، ومجموعات الدفاع عن الضحايا، و(قد يكونوا الأهم) أفراد من المسلمين البريطانيين. لقد دفعنا تصميمنا على صياغة تعريف للإسلاموفوبيا انطلاقاً من تجارب المسلمين، إلى عقد جلسات استماع إلى الشهادات في قلب الجاليات المسلمة في مانشستر وشفيلد وبرمنغهام ولندن.

كان الاستماع لتجارب المسلمين البريطانيين وآخرين ينظر إليهم على أنهم مسلمين، مثيراً للدهشة. لقد جرى التقليل من حجم الإسلاموفوبيا، وقد سمعنا مباشرة من ضحايا الإسلاموفوبيا، الصيغ المتعددة التي تتجلى بها الإسلاموفوبيا والأضرار التي تلحقها بالأفراد والجماعات.

وثمة قبول متزايد للاسلاموفوبيا يتجاوز عناوين الأخبار المثيرة للقلق، مثل ما حدث في مارس 2018 عندما حاولت مجموعة متطرفة تنتمي إلى أقصى اليمين تنظيم "يوم لمعاقبة مسلم". وقد نوقش الموضوع في البرلمان وناشدتُ فيكتوريا أتكينز وزيرة الدولة فى الداخلية البريطانية "بأنه آن الأوان لوضع تعريف مناسب للإسلاموفوبيا". وكان جوابها نيابة عن الحكومة هو "لا نقبل الحاجة إلى تعريف نهائي".

وبعد انقضاء سنة من ذلك، سمعنا اليوم أن الحكومة ستكلف مستشارين تعريف الإسلاموفوبيا للمسلمين البريطانيين، وقد أعفيناهم سلفاً من متاعب كثيره عبر التشاور مع الجاليات المسلمة وحصلنا على تأييد واسع لتعريفنا.

وتعريفنا بُنِيَ على إطار من تعريف معاداة السامية الذي صاغه "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست"، مع أمثلة تسترشد بتعريف معاداة السامية مِنْ قِبَل ذلك التحالف.

في 16 مايو/آيار، شارك نواب من جميع الأحزاب الممثلة في مجلس العموم في نقاش حول تعريفنا الإسلاموفوبيا وتأثيراتها على الجاليات البريطانية المسلمة.

ويبقى أن نرى إذا ما كان أحد الزملاء سيطرح الانتقادات التي تروج منذ مدة لتعريفنا للاسلاموفوبيا. وهناك زعم بأن التعريف "يكبّل حرية التعبير" أو أنه قد يسمح "بسن قوانين التجذيف عبر باب خلفي". ومثل تلك الادعاءات هي أبعد ما تكون عن الحقيقة.

ويمكن لنا أن نفترض أن نقّادنا لم يقرؤوا تقريرنا أو أساؤوا فهمه. لقد كنا عنيدين في دفاعنا على حرية التعبير والنقاش الصارم. لا يستثني التعريف نقد وإدانة الديانة الإسلامية وتعاليمها وتفاسيرها كلها أو جزء منها.

تعلمنا كلنا جيداً من فضيحة معاداة السامية التي هزت "حزب العمال" أن رؤى الضحايا وجماعاتهم يجب ألا تُهمّش أبداً، بل على العكس يجب احترامها ومعانقتها على الدوام.

ويحق لـ"المجموعة البرلمانية المشتركة بين جميع الأحزاب" المعنية بالمسلمين البريطانيين أن تفتخر بأنها أجرت المشاورات وأنها أثارت نقاشاً إيجابياً ومفعماً بالحيوية لوضع تعريف للإسلاموفوبيا نال تأييد عموم الجالية المسلمة.

وما على الحكومة إلا أن تتبناه، وبعدها يجب أن تعمل على اجتثاث الاسلاموفوبيا من بريطانيا، وأفضل ما يمكن أن يفعلوه هو الشروع في اجتثاثه من داخل حزب المحافظين نفسه.

 

© The Independent

المزيد من آراء