Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرشح المناهض للرق في موريتانيا: سأفوز في انتخابات 2019

يعتبر بيرام الداه أعبيد الأكثر إثارة للجدل في الاستحقاق الرئاسي المقبل في البلاد

المرشح إلى الانتخابات الرئاسية في موريتانيا بيرام الداه أعبيد (اندبندنت عربية)

بيرام الداه أعبيد أكثر المرشحين جدلاً إلى الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها موريتانيا قريباً. برلماني وحقوقي مناهض للرق منحدر من شريحة العبيد السابقين، زار السجن مرات عدة، بل وانتخب نائباً برلمانياً من داخله في آخر انتخابات تشريعية شهدتها البلاد في سبتمبر (أيلول) الماضي، ولقب في بعض الأوساط بـ "مانديلا موريتانيا". التقته "اندبندنت عربية" وأجرت معه حواراً تناول علاقته بالنظام والأرستقراطية التقليدية.

حصلت في انتخابات 2014 على حوالي 9 في المئة من أصوات الناخبين لتحتل المرتبة الثانية بعد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، علماً أن المعارضة قاطعت عام 2014، وهي اليوم تشارك في انتخابات يونيو (حزيران) المقبل من خلال شخصيات وازنة. ألا تخافون من أن يضعف ذلك حظوظكم هذه المرة؟

كان ترشحي عام 2014 مرتجلاً، والهدف منه كان جس نبض الساحة من دون التحضير إلى ذلك. أما ترشحي الآن فقد حضّرت له كما ينبغي، علماً أن مناصرينا لا يتأثرون بترشح ما تسمونه المعارضة. قوتنا الجماهيرية الضاربة تقلص كماً وكيفاً قواعد المعارضة والموالاة معاً. أنا واثق أنني سأفوز في انتخابات 2019.

يقول البعض إنك التقيت مرات بالرئيس محمد ولد عبد العزيز على الرغم من أنك تناصبه العداء علناً؟

لا أؤمن باجتثاث الأنظمة بالقوة، إنما أؤمن بالنضال السلمي والمفاوضات إذا اقتضت الضرورة وطلبها الطرف الآخر. وعندما تتاح فرصة النقاش مع أي خصم سأكون مستعداً لذلك، من دون أن أساوم حول مبادئي.

أما الذين يريدون المساس بنا لمجرد أننا ناقشنا طرفاً كنا وسنبقى أكبر معارضيه، فليسوا أكثر من أدوات تستخدمها الطغمة الحاكمة ومافيا الفساد، التي تناصبنا العداء، لأننا لم نركع خلال العقد الماضي، وواجهناهم فيه سواء كانوا في الموالاة أو في المعارضة، اللتين تمثلان، في الغالب، وجهين لعملة واحدة. هؤلاء عجزوا عن الوقوف أمام تلاحم الجماهير من حولنا، فلجأوا إلى هذه الأقاويل التي تستبطن التحامل علينا.

هل فعلاً كان النظام وراء تمويل حملتك للانتخابات الرئاسية عام 2014؟

لم تُمول حملتي عام 2014 من أي كان، بل إن السياسيين المفلسين يعرفون ما في أنفسهم ويسقطونه على الآخرين. المروجون لهذه الإشاعة من رؤساء أحزاب المعارضة، الذين ملأوا الدنيا بالتشدق بمقارعة النظام، أكثرهم يتسكع اليوم على أبوابه كي يرشحهم مرشح النظام محمد الغزواني الذي يريد عزيز أن يورثه السلطة. وهناك من بينهم من سبق أن رشحهم عزيز قبل انتخابات 2014، عندما قاد انقلابي 2005 و2008، وقبلوا منه الرشى، بينما ما زلنا نحن نعارضه بالأسلوب نفسه.

تعرف بانتقاداتك اللاذعة لشريحة العرب أصحاب البشرة الفاتحة (البيضان). ماذا ستقول لهم اليوم وأنت تطلب أصواتهم كمرشح؟

لقد وجهت انتقادات لاذعة إلى جميع مجرمي العبودية والعنصريين والمفسدين. وما زلت أحتفظ بالموقف نفسه منهم. لم يتغير شيء، فالأصوات أطلبها من جميع الموريتانيين، كما أنني أدافع عن كل المظلومين بما في ذلك البيضان، وأدعو الجميع إلى التصويت لي ولكن لا أتسول الأصوات، ولا أغير مبادئي كي أكسب ود أحد. والبيضان كعرق ليسوا هدفاً بالنسبة إلي، فالذين أستهدفهم هم المجرمون الاسترقاقيون، ولو أن أكثرهم من البيضان.

ماذا يعني تحالفك مع البعثيين؟ هل هو استنساخ لتجربة رئيس البرلمان الأسبق مسعود ولد بولخير مع الناصريين (وهو زعيم آخر من مجتمع العبيد السابقين)؟

لم أتحالف مع البعثيين، بل تحالفت مع حزب الصواب الموريتاني، الذي أنشئ عام 2004 على يد نخبة يجمعها مشروع مجتمع موريتاني.

لكن خلفيتهم الأيديولوجية بعثية...؟

لم يذكروا في بيانهم التأسيسي أنهم بعثيون ولم يكتبوها في وثائقهم. تحالفنا مع هذا الحزب جاء نتيجة منعنا من الترخيص لحزب ندخل من خلاله المعترك السياسي. ونحن بصفتنا دعاة سلام لن ننجرف إلى العنف سبيلاً إلى الاعتراف بنا، بالتالي سلكنا مسلك البحث عن حزب معترف به نمارس من خلاله حقنا في التعبير السياسي. ولا أرى في ذلك تكراراً لتجربة أحد.

قدت زنوج افريقيا إلى قرية إنال في الشمال الموريتاني للصلاة على أمواتهم قبل أعوام. كان ذلك بمثابة انتصار رمزي لقضيتهم، ما جعلك تحتل مكانة خاصة في قلوبهم. لكن نخبة هؤلاء تعتبر أن البعثيين كانوا وراء عمليات التنكيل بهم. كيف إذن تبرر لهم تحالفك مع التيار البعثي؟

ما قمت به في حق الأرامل والثكالى واليتامى والناجين من الإبادة التي طاولت زنوج افريقيا هو ما يمليه علي واجبي المتمثل بنصرة المظلوم وجبر أضرار التعسف. هذا ما أفعله لمصلحة أي موريتاني، بغض النظر عن لونه وعرقه وجنسه. أما من أسميتموهم نخبة هذا المجتمع، فلست مديناً لها بأي تبريرات. إنهم مرتزقة جندهم النظام في محاولة يائسة لتشويه صورتي وقطع حبل الوصل بيني وبين الدعم الجماهيري في الأوساط الزنجية. لكنني ما زلت قوياً ومحبوباً داخل هذه الأوساط.

يصفك البعض بـ "مانديلا موريتانيا" لكثرة ما دخلت إلى السجن، ولكونك تدافع عن شريحة سوداء في الغالب... هل ترى أن هذه المقارنة واردة؟

لا أدعي أنني بلغت قامة الزعيم مانديلا، كما لا أقبل أن أكون نسخة منه، لأن مانديلا لجأ إلى حمل السلاح من أجل تحرير شعبه، وقضى في السجن حوالى ثلاثة عقود، وهو يرفض التخلي عن الكفاح المسلح. أما أنا فلا أرى في العنف الثوري أي نتيجة تخدم المشروع الذي أتصوره. كما أنني، حتى اليوم، لم أمض في السجن ما أمضاه مانديلا. أما أوجه الشبه معه فهي أنني أهديت حياتي إلى حرية جميع أطياف شعبي.

السلطات الموريتانية تقول إنه لم يعد هناك وجود للرق. ما رأيكم؟

لو ألقيتم نظرة على تقارير المنظمات الدولية لرأيتم أن الرق لا يزال موجوداً في موريتانيا بشتى أشكاله. ولو لم يكن الرق موجوداً لما أصدرت موريتانيا، في كل سنة، قانوناً لمحاربة وتجريم العبودية، ولما أنشأت محاكم خاصة بجرائم الرق، ولما رخصت منظمات لمكافحة الرق... ليس منطقياً أن تصدر الدولة ترسانة من القوانين وتنشئ محاكم وتعترف بمنظمات لمكافحة ظاهرة غير موجودة على أرض الواقع.

يتهمك البعض بأنك تتاجر مع الغرب بقضية الرق. ما ردكم؟

المتاجرة والمؤامرة كلمتان مرتبطتان كلياً بقاموس الأنظمة الجائرة، التي تستخدمهما ضد كل من عارضها أو خالفها. فهي السيف المسلط، في العالم العربي والعالم الثالث، على كل من يستطيع أن يقول لا. وأنا واحد من هؤلاء.

هل حررت منظمتكم عبيداً؟ هل انتزعت فتوى صريحة تحرم ممارسة الرق؟

منظمتنا حققت الكثير، لأنها أشعلت انتفاضة العبيد في موريتانيا، وكسرت قيود الفكر والعقيدة التي كانت تكبل العبيد وتكبل الأسياد. لا شك أيضاً أنها كسرت التابوات بحرقها كتب النخاسة المشرعة للرق في بلادنا، فانتفض المسترقون وتعلموا منا أن قضية العبودية المصنفة في هذه الكتب بوصفها الركن السادس في الإسلام مجرد كذبة. لقد تمزقت العقدة على أيدينا وأصبح الكل يندد بظاهرة العبودية، وفرضنا إدانة بعض ممارسي الرق فسجنوا بسبب ضغطنا المتواصل.

أما بخصوص انتزاع فتوى من علماء البلاد، فنحن لا نعول على فتاوى أحد. أنا شخصياً أفتيت حين أحرقت كتب النخاسة التي يسمونها فقهاً مالكياً، ويدعون أنها مقدسة. إذن نحن لا نعول منهم على أي فتوى، بل إن الفتوى التي أصدرتها أنا عملياً بإحراق تلك الكتب هي المعتمدة لدينا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالعودة إلى حادثة الكتب التي ذكرت. الكل يعلم أنك، أحرقت بنفسك، في العام 2012، وأمام عدسات الكاميرا، مؤلفات من أمهات كتب المذهب المالكي الذي يعتنقه الموريتانيون… الآن، وبعد سنوات من ذلك الفعل، ما نتيجة إحراق الكتب الدينية؟ وهل تجاوز المجتمع صدمة إحراقك لها؟

لم يصدم المجتمع عندما أقدمت على حرق تلك الكتب أمام جمهور من المسلمين المناهضين للرق. لقد قمنا بأداء صلاة الجمعة التي تحرمها علينا تلك الكتب باعتبارنا عبيداً. وبعد الصلاة، أحرقتها فتظاهر ضدنا الاستعباديون الذين يفترون على الله ورسوله، ولعبوا في الشوارع أدواراً مسرحية توحي بأنهم مصدومون. لم أعبأ بتظاهراتهم لأنها عبارة عن عملية استخباراتية دبرها نظام مزوري الدين لمصالحهم الخاصة. هؤلاء هم من زوروا هذه الكذبة المتمثلة في كوننا، بإحراقنا الكتب، انتهكنا الدين. نحن في منظمتنا لا نعترف بقداسة هذه الكتب التي جعلت آباءنا وأمهاتنا عبيداً. نحن لا نعترف إلا بالقرآن الكريم والحديث الشريف.

مهما يكن، فاليوم أصبح الكل يتبنى حرق الكتب ولا يجد فيه كفراً ولا زندقة خلافاً لما تقوَّل به نظام الإقطاعية حينذاك. ولعله من الأهمية بمكان أن تعودوا إلى وثيقة نشرناها عام 2013 على هامش تخليدنا الذكرى الثانية لحرق الكتب، لتطلعوا على الحجج الدينية والتاريخية الكثيرة التي أسكتنا بها كل من عابوا علينا ذلك الفعل.

هل نجحت في مواجهة الأرستقراطيات المحلية؟ ألا تخاف من ردود فعلها؟

أنا لا أخاف ردود فعل أحد، لا من الأرستقراطيات الدينية ولا من الأرستقراطيات التاريخية. وسأواجه كل أرستقراطية تسول لها نفسها مواصلة العبث بحقوق البشر. سأواجههم هنا على أرض الوطن. لن أواجههم من المنفى أو عبر أسماء مستعارة. سأظل أواجههم من دون قناع على وجهي أو أفكاري حتى أقضي على الظلم.

كتب المدون محمد الشيخ ولد أمخيطير مقالاً عام 2014، مس به بنبي الأمة الإسلامية فتعرض للسجن والتكفير وطالب آلاف الموريتانيين بإعدامه. يأخذ عليكم البعض أنكم ساندتموه؟

ساندته لأن الشرع والقانون سانداه. فقد نصّا، عبر حكم قضائي، على أنه مرتد، وأن المرتد يستتاب، وإن تاب رفعت عنه العقوبة. ذلك ما حكم به القضاة. وبالتالي، فإن مواصلة سجنه ومحاولة قتله، بعد صدور هذا الحكم، تعدان جرماً.

ومن المعروف أن الشباب المنحدرين من الإقطاعية التقليدية، قالوا في الدين ما هو أشنع مما قال ولد أمخيطير، لكنهم لم يتعرضوا للسجن، ولم يتظاهر أحد ضدهم مطالباً بإعدامهم، لأنهم من أبناء الطبقات المهيمنة، بينما ينحدر ولد أمخيطير من طبقة الحدادين المهانة اجتماعياً. وأنا، بحكم تنشئتي، أعارض مثل هذا الكيل بمكيالين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي