Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تمدد "طالبان" يهدد الاستثمارات الهندية ويؤجل النفوذ الصيني في أفغانستان

العملة المحلية تنخفض إلى مستوى قياسي والقائم بأعمال البنك المركزي يغادر البلاد ولا شحنات دولارية 

نما الاقتصاد الأفغاني منذ الغزو الأميركي في العام 2001 (أ ف ب)

تهدد سيطرة حركة "طالبان" على أفغانستان ما قيمته 3 مليارات دولار من الاستثمارات الهندية في البلاد. وتراقب الهند بقلق شديد ما يحدث مع عودة "طالبان" إلى الحكم في كابول، وكيف ستنعكس العودة غير المحمودة للعلاقات الهندية - الأفغانية، التي كانت شهدت تقارباً كبيراً في السنوات القليلة الماضية.

ربما للقلق الهندي ما يبرره، وخصوصاً أن "طالبان" ترتبط بعلاقات قوية مع باكستان وبعض الأحزاب المتشددة فيها، ناهيك عن الاهتمام المتزايد للصين في أفغانستان، وقد كشفت عنه وسائل الإعلام العالمية في الأيام الماضية عندما تحدثت عن لقاء مسؤول صيني مع أحد قادة "طالبان" من دون تحديد هوية الرجلين، مما يعكس رغبة الصين في تثبيت قدم لها في أفغانستان، خصوصاً بعد رحيل الخصم، الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وعلى رأسهم بريطانيا.

الصين تبرر اهتمامها المتزايد بأفغانستان لاستكمال خريطة الحزام والطريق من البوابة الأفغانية الغنية بالثروات الطبيعية والمعدنية، والتي يسيل لها اللعاب الصيني.

وتشعر الهند بأن عودة "طالبان" إلى حكم أفغانستان يجعلها محاصرة بين خصمين شرسين هما الصين وباكستان، وتربطها بكل منهما علاقات متوترة سياسياً وعسكرياً، مما يرفع وتيرة التهديدات التي تواجهها الهند.

قيمة جيوسياسية

هناك أيضاً القيمة الجيوسياسية لأفغانستان، والتي لا تقل عن قيمة جزيرة تايوان، فحول أفغانستان هناك أكبر ثلاثة منافسين جيوسياسيين للولايات المتحدة، الصين وروسيا وإيران، إضافة إلى ذلك تعد أفغانستان معقلاً للأيديولوجيا المعادية للولايات المتحدة. وانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان ليس لأنها غير مهمة، ولكن لأن الوجود الأميركي أصبح مكلفاً للغاية بالنسبة إلى واشنطن.

تخلي واشنطن عن نظام كابول صدم البعض بشكل خاص في آسيا، بما في ذلك جزيرة تايوان، وهي المنطقة الأكثر اعتماداً على حماية الولايات المتحدة. وقد دفعت سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي (دي بي بي) في الجزيرة تايوان إلى المضي قدماً في هذا المسار غير الطبيعي، بحسب "غلوبال تايمز".

لقد شهد الوضع في أفغانستان فجأة تغيراً جذرياً بعد أن تخلت الولايات المتحدة عن البلاد، وغادرت واشنطن لتوها على الرغم من تدهور الوضع في كابول، والسؤال هو هل هذا شكل مصير تايوان في المستقبل؟ 

البنك الدولي يرسم صورة قاتمة للاقتصاد الافغاني

اقتصادياً، رسم البنك الدولي صورة مقلقة للاقتصاد الأفغاني بعد سيطرة "طالبان" على البلاد، إذ قال البنك أن الآفاق الاقتصادية لأفغانستان تبدو أكثر خطورة، والمساعدة المالية في المستقبل تترنح تحت سحابة من عدم اليقين.

وتمتلك أفغانستان موارد معدنية كبيرة، لكن الوضع السياسي عرقل استغلالها، وتظهر أرقام البنك الدولي أن مساعدات التنمية كانت تعادل 22 في المئة من الدخل القومي الإجمالي (وهو ليس الناتج المحلي الإجمالي نفسه ولكنه قريب منه)، وهذا رقم مرتفع لكنه أقل بكثير من نسبة 49 في المئة التي أبلغ عنها البنك الدولي قبل 10 سنوات.

والآن أصبحت تدفقات المساعدات هذه تحت سحابة من عدم اليقين العميق. وقال وزير الخارجية الألماني هايك ماس لقناة "زد دي إف" الأسبوع الماضي، "لن نعطي سنتاً آخر إذا ما سيطرت طالبان على البلاد وطبقت الشريعة".

ومن المؤكد أن الجهات المانحة الأخرى للمساعدات ستراقب التطورات عن كثب.

ويلات الفساد

تتضح الهشاشة التي يشير إليها البنك الدولي من خلال المستويات المرتفعة للغاية للإنفاق على الأمن قبل سيطرة "طالبان"، والذي يمثل 29 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بمتوسط ​​ثلاثة في المئة للبلدان منخفضة الدخل بحسب "بي بي سي".

كما أن الأمن والمشاكل الحادة مع الفساد وراء مشكلة أخرى مستمرة في أفغانستان، وهي تدفق الاستثمار الأجنبي الضعيف للغاية في الأعمال التجارية.

وطبقاً لبيانات الأمم المتحدة، لم تكن هناك إعلانات في العامين الماضيين عن استثمارات جديدة تشمل شركات أجنبية تنشئ عمليات من الصفر. ومنذ العام 2014 كان هناك ما مجموعه أربع شركات أبدت اهتماماً بالاستثمار في أفغانستان.

ولاستيعاب بلدين آخرين من منطقة جنوب آسيا، كلاهما لديه عدد سكان أقل إلى حد ما، تمكنت نيبال من إدارة 10 أضعاف وسريلانكا 50 مرة من الاستثمارات خلال الفترة نفسها.

هبوط قياسي لعملة الأفغاني

غادر القائم بأعمال محافظ البنك المركزي الأفغاني البلاد، بحسب "بلومبيرغ"، مع سيطرة "طالبان" على العاصمة كابول، في حين دفع الاضطراب السياسي المتزايد عملة البلاد إلى مستوى قياسي منخفض. وهبط الأفغاني 1.7 في المئة الثلاثاء إلى 83.5013 للدولار في اليوم الرابع من سيطرة "طالبان" على البلاد، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. وتم إبلاغ البنك المركزي أنه لن يكون هناك مزيد من الشحنات بالدولار يوم الجمعة.

وكتب القائم بأعمال محافظ البنك أجمل أحمدي على "تويتر"، إنه تم إبلاغ البنك المركزي أنه لن يكون هناك مزيد من الشحنات الدولارية يوم الجمعة، ما حدّ من قدرته على توفير العملة وأدى إلى مزيد من الذعر. وصعد عقبها أحمدي على متن طائرة عسكرية في المطار حيث حاول الآلاف من الأفغان المغادرة.

انخفاض السندات الدولارية المستحقة لباكستان

امتدت الاضطرابات في أفغانستان إلى الأسواق في باكستان. وانخفضت السندات السيادية الدولارية المستحقة لباكستان في 2031 بمقدار 1.8 سنت يوم الإثنين، وهو أكبر انخفاض منذ أن قامت الحكومة بتسعير الأوراق النقدية في مارس (آذار). وكانت السندات الدولارية الباكستانية أكبر الخاسرين في آسيا يوم الإثنين وفقاً لمؤشر "بلومبيرغ باركليز". وارتفعت الأوراق النقدية 0.2 سنت على الدولار يوم الثلاثاء إلى 100.5 سنت.

اقتصاد الأفيون

ويصف البنك الدولي القطاع الخاص في أفغانستان بأنه ضيق، فيما تتركز العمالة في الزراعة المنخفضة الإنتاجية حيث تحصل 60 في المئة من الأسر على بعض الدخل من الزراعة.

وتمتلك البلاد اقتصاداً غير مشروع كبير، فهناك تعدين غير قانوني، وبالطبع إنتاج الأفيون والأنشطة ذات الصلة مثل التهريب. في حين بقيت تجارة المخدرات مصدر دخل مهم لـ "طالبان" خلال الـ 20 عاماً الماضية على الرغم من الوجود الأميركي والغربي في البلاد.

الثروة المعدنية

وكان الاقتصاد الأفغاني نما منذ الغزو الأميركي في العام 2001. في حين أن الأرقام الخاصة بأفغانستان غير موثوقة، لكن ما تظهره وفقاً للبنك الدولي هو متوسط ​​نمو سنوي يزيد على تسعة في المئة خلال السنوات العشر منذ العام 2003.

بعد ذلك، تباطأ النمو الاقتصادي للبلاد (وهو ما قد يعكس انخفاض مستويات المساعدة) إلى معدل متوسط ​​قدره 2.5 في المئة بين عامي 2015 و2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتمتلك البلاد موارد طبيعية كبيرة من شأنها في سياق أمن أفضل وفساد أقل، أن تكون جذابة للأعمال التجارية الدولية.

وهناك أنواع عدة من المعادن متوفرة بكميات كبيرة، بما في ذلك النحاس والكوبالت والفحم وخام الحديد. وهناك النفط والغاز والأحجار الكريمة.

وهناك الليثيوم، المعدن الذي يستخدم في بطاريات الأجهزة المحمولة والسيارات الكهربائية، وسيكون التطبيق الأخير مهماً بشكل خاص لأن صناعة السيارات تقوم بالانتقال إلى أشكال النقل الخالية من الكربون.

في عام 2010 قال جنرال أميركي كبير لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الإمكانات المعدنية لأفغانستان كانت "مذهلة" مع "كثير من الأشياء بالطبع".

وذكرت الصحيفة أن مذكرة داخلية في وزارة الدفاع الأميركية قدّرت أن البلاد يمكن أن تصبح "مركزاً لليثيوم في العالم"، ومع ذلك فإن هذه الإمكانات غير المشكوك فيها ليست على وشك أن تُستغل، ولم ير الشعب الأفغاني سوى القليل منها، ولم تستغل كما يجب.

القوى الأجنبية

كانت هناك تقارير كثيرة تفيد بأن الصين حريصة على أن يكون لها موطئ قدم في أفغانستان، ويبدو أن علاقاتها مع "طالبان" أفضل من تلك التي تتمتع بها القوى الغربية، لذلك قد يكون لبكين امتياز.

وقد فازت الشركات الصينية بعقود لتطوير عمليات في النحاس والنفط، لكن القليل تحقق على الأرض. ومن المتوقع أن تكون الصين مهتمة. ويبدو أن الفرص كبيرة للغاية حيث المسافة بين البلدين قصيرة.

لكن أي وكالة صينية رسمية أو شركة تريد أن تكون واثقة من النجاح، لذلك ستتردد في الالتزام ببناء مشاريع والاستثمار في أفغانستان، ما لم تشعر بأنه سيتم احتواء مشكلات الأمن والفساد بشكل كافٍ للتمكن من استخراج كميات جديرة بالاهتمام من هذه السلع الصناعية.

وسيكون السؤال الرئيس لأي مستثمر محتمل صعب المراس من الصين أو من أي مكان آخر في العالم هو إذا ما كان من المرجح أن تكون "طالبان" أكثر قدرة من الحكومة الأفغانية السابقة على خلق البيئة المناسبة.

في المستقبل القريب، هناك قدر كبير من عدم اليقين في شأن الاستقرار المالي في ظل حشود الناس التي تحاول سحب أموالها من البنوك لهجر البلاد على عجل هرباً من "طالبان"، ربما من دون رجعة.

"طالبان" تعد البنوك والمستثمرين بالحماية

وأفادت وكالة الأنباء الإسلامية الأفغانية التي تتخذ من باكستان مقراً لها وهو ما نقلته "بي بي سي"، بأن متحدث باسم "طالبان" قدم تأكيدات لأصحاب البنوك والصيارفة والتجار وأصحاب المتاجر بأن حياتهم وممتلكاتهم ستُحمى.

حتى إن هناك تساؤلات عن السلامة الجسدية للعاملين في الشركات المالية، وهو أمر مروع، فهذه الشركات بحاجة إلى أن تكون واثقة من أن النظام المالي في أفغانستان سيعمل، وثمة حاجة إلى أن يشعر العملاء بأمان أموالهم، وهذا لن يحدث بسرعة بحسب المراقبين.